مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقليمية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-03-2024, 02:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2002م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-20-2003, 06:16 AM

WadalBalad
<aWadalBalad
تاريخ التسجيل: 12-20-2002
مجموع المشاركات: 737

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل (Re: WadalBalad)

    صباح الخير أيهاالإخوة الكرام

    قبل أن أرد على مقال الأخ عادل عبدالعاطى القيم أود أن تشاركونى فى قراءة مقال آخر ذا تحليل عميق لما يحدث فى دارفور منشور الآن بموقع سودانايل الفتية

    وسأعود لاحقاً لنواصل


    ++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++


    مؤشرات لفهم بنية الأزمة السياسية في غرب السودان

    د. محمد سليمان
    [email protected]


    لعل ما يندي له الجبين السياسي في السودان خجلاً هو إماطة اللثام دوماً عن مناقشة قضايانا وأزماتنا الفكرية منها والسياسية والإجتماعية بكل شفافية ومسؤلية أخلاقية، بل نحاول دوماً قولبتها وقنبلتها حتى تتوائم وتتسق مع ما يسمي بمنظومة الخطاب السياسي السائد، بل تعمل في بعض الأحايين على تكنيك ما يسمى بأدوات (الجراحات البيضاء) لتضميد الجراح وذلك لأجل المعالجة القسرية، علماً أن جميعها لا يغوص في عمق القضية الإشكالية.... ما دفعني الي ذلك هو الوصف الحكومي الرسمي البرغماتي والرمادي للأزمة، وبالتالي نرى المشهد باهتاً لا يتسم بالمعقولية إن كانت سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية للأحداث الدائرة حالياً في الجزء الغربي من السودان (دارفور) والتي وصفت وقت إذن بإعتبارها "شتات من الناس لا يجمع بينهم رابط طبيعي"، أظن أنه وصفاً مختزلاً ومخل، لتفسير واقع مخل يفسر نفسه بنفسه. وبالطبع هذا الإخلال له مبرراته وأسبابه ومرجعياته - وإبتناء على ما سبق – قد أتفق مع التصور القائل بأن الأزمة في دارفور (إقليم غرب السودان) هو يمثل الوجه الآخر للأزمة في جنوب السودان بل عموم السودان، فضلا على إنها جزءاً من تداعيات بروتوكول مشاكوس وكارن بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان والقائم على فلسفة القسمة عوض رد المظالم، والذي هو الأجدر لضمان ديمومة وإستمرارية الوطن في حدوده المتعارف عليها، وهذا أظنه مسعى يسعى إليه كل سياسي ووطني غيور، وهو ما حدى بي أن أطرح عدة إستفهامات من موقعي كسياسي ووطني حول ثقافة الحروب والتطاحن والإقتتال التي استشرت وعمت كل أرجاء كيان السودان دون نهاية أو توقف منذ الإستقلال، سيما في جنوبه وشرقه وغربه، الشئ الذى جعل من الأخير ينفجر كالبركان الثائر على الفوضى التي عمت ربوعه فلا حسيب ولا رقيب ولا آبه بما يدور بالاقليم من أحداث متكررة للنهب المسلح والتطورات الخطيرة التي آلت ليها الصراعات القبلية والسياسات الخاطئة لبعض المسؤولين: فالتساؤلات أولها هو ما مرد هذه الحروب الطاحنة والمستمرة منذ أواسط السبعينيات في هذا الجزء المعزول من ضروب الحياة في السودان، وعلى ماذا تنسحب طبيعة هذه الحروب ومرجعيتها، والتي سرعان ما تنتهى بين طرفين إلا وتطفو على السطح بين أطراف أخري، وكيف يمكن تفسير إنفراط عقد الأمن في هذا الإقليم لدرجة غير مسبوقة مع الإستقرار النسبي لأجزاء أخرى من السودان بإستثناء الجنوب؟

    دارفور وويلات التاريخ

    المعروف أن إقليم دارفور الكبرى بحدوده الجغرافية الحالية وحتى وقت قريب كان كياناً مستقلاً له عملة وعلم يستظل تحته ذهاء النصف قرن دون إنقطاع، وكان يدير شئون دارفور نخبة من السلاطين يحكمون تحت ظل حكومة فدرالية يحكم فيها زعماء القبائل مناطقهم فيما عرف لاحقاً بالإدارة الأهلية وكانت لهذه الفدراليات استقلالها التام حتى سقطت في يد الحكومة التركية المصرية بقيادة الزبير باشا. دام الحكم التركي المصري بدارفور تسع سنوات وجد خلالها مقاومة ثورية عنيفة، فقد كون أمراء دارفور والأعيان حكومات ظل من زعماء القبائل وكبار الأعيان أوكل اليها مسؤلية قيادة جيش دارفور الموحد لمقاومة الجيش التركي المصري فأشتعلت نار الثورات بدارفورمنها ثورة السلطان هارون بجبل مره والتي أزعجت حكومة الخرطوم فوصل غردون باشا للفاشر عام 1877 لحسمها، وثورة مادبو بالضعين، وثورة البقارة بقيادة قبيلة البني هلبا، وتواترت الثورات الى أن جاء خبر تباشير الثورة المهدية فسارع جميع زعماء العشائر بدارفور لمبايعة المهدي ومناصرته ضد قوى الإستعمار الي أن سقط الحكم التركي المصري في 1883. هذه الثورات أكدت للمستعمر أن دارفور ستظل بؤرة للفتن والصراعات وإنها لن تحكم إلا بأبنائها، وقد إقترح غوردون لاحقاً ضم دارفور للمستعمرات الفرنسية أو إعادتها للأسر التي حكمتها قبل العهد التركى المصري. عاد زعماء القبائل لدارفور وبدأوا نشر الدعوة المهدية فولدت العلاقة التاريخية بين (الأنصارية) ودارفور، وقد تأصلت هذه العلاقه منذ ذلك الحين الى يومناهذا.

    لم يدم إستقلال دارفور طويلا حيث سقطت مجددا تحت حكم المهدية عام 1884 وهو الآخر وجد مقاومة عنيفة من قبائل دارفور فقامت حكومات ظل برئاسة أمراء الفور وثورات عدة ضد المهدية أشهرها ثورة أبو جميزة التي إستطاعت توحيد جهود قبائل دارفور والتنسيق بينها لمقاومة جيش الأنصار حتى سقوط المهدية في 1898 وعندها أعلن إستقلال دارفور فعاد السلطان علي دينار الذي كان قائداً عسكرياً بجيش المهدية بعد معركة كررى ليحكم دارفور في حين سيطرت حكومة الحكم الثنائى على باقي أجزاء السودان. وعند إندلاع الحرب العالمية الأولى كانت تركيا تمثل مركزية الخلافة الإسلامية (آل عثمان) وقد أيدت تركيا ألمانيا وإيطاليا في حربها ضد جيش التحالف، وقد أيد السلطان علي دينار تركيا بصفتها مركز خلافة المسلمين وهذا ما أغضب حاكم عام السودان لوقوف السلطان علي دينار الي جانب دول المحور، وقد أدى ذلك لعداء بين دارفور والسلطة المركزية بالسودان كان نتيجته معركة برنجية (منطقه حدودية شمال الفاشر) التي اطاحت بسلطنة دارفور وتم ضمها رسميا للسودان في 1/1/1917.

    أخمد الحكم الثنائي الثورات لفترة قصيرة ولكن في 1921 دبت روح الثورة مجدداً وعلي الرغم من معاناة القبائل والضغوط التي تعرضوا لها من قبل المستعمر الإ أن غليان الثورة في صدورهم كان أشد وأعظم من هذه الضغوط فقامت ثورة السحيني التي حررت مدينة نيالا وقتلت مفتش المركز وكل جنوده، إلى أن تم إخمادها وقدم السحيني وجنوده لمحكمة عسكرية، فحكم عليه ورفاقه بالإعدام شنقاً ونفذ الحكم في وسط سوق نيالا. بعد موت السحيني لم تمت الثورة بل رفع رايتها ثوار قبائل الإقليم فأزعجوا مضاجع الحكم الثنائي بالغارات والإضرابات وحرق العلم البريطاني إلى أن نادى عبدالحمن دبكة بإستقلال السودان من مدينة عدالغنم (عد الفرسان حالياً وتقع جنوب دارفور) وسجل بذلك سبق تاريخي فريد فكرمته جميع الأحزاب بهذا السبق وفوضته بأن يقدم قرار الإستقلال من داخل البرلمان.

    وكما هو معلوم تأثرت دارفور بالثقافة الإسلامية قبل دخول المستعمر فأنشأت المدارس والخلاوي ودور العلم وأرسلت أبنائها للأزهر والقيروان منذ منتصف القرن السابع عشر وقد خصص رواق دارفور بالأزهر منذ ذلك العهد، كما كانت هناك نهضة ثقافية وفكرية وسياسية وإجتماعية نجم عنها تلاحم قبائل دارفور وتكونت روابط علمية وثقافية وقد إزدهرت مدارس دارفور بفعل البعثات الطلابية من داخل الإقليم والدول والممالك المجاورة.وبذلك كانت دارفورتمثل مناره حضارية وثقافية في العلم والفقه والتدين. الإ أن سطوة المستعمر والثورات المضاضة للإطاحة به فضلا عن التمرد الدائم بدارفور كان له الأثر الواضح في تراجع الإقليم وتخلفه تنموياً وثقافياً وتعليما،ً فقد كانت الحكومات المتعاقبة منهمكة في كسر شوكة القبائل وفرض سلطانها، وقد صنفت دارفور خصما ومتمرداً على المركز، وحتى حديثاً عوقب أهل دارفور وحمّلوا المسؤلية عن معاناة الشعب إبان فترة خليفة المهدي عبدالله التعايشي (أحد أبناء دارفور)، وقد وضع ذلك عبئاً ثقيلا على دارفور فأبعدت وعزلت عن كل مظاهر السيادة الوطنية فتحطمت نظمها التعليمية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية، ولم تتمكن حكومات السودان المتعاقبه منذ الاستقلال من استعاده التوازن والعدالة والمساواة وإزالة التهميش السياسى والتنموى. لم تهتم الانظمه الوطنية المتوالية على حكم السودان بالأوضاع التاريخية والخلفية الثورية التحررية لشعب دارفور بل إعتقدت أن دارفور هى مركز معارضتها لذلك كانت ترسم سياستها ضد تطوير الإقليم فلم تقم بإنشاء المدارس الجديثة أو المستشفيات أو الطرق فظل إقليم دارفور متخلفاً عن باقي السودان، ويظهر ذلك جلياً عندما تمت سودنة الوظائف حيث لم يشغل أي من أبناء دارفور وظيفة إدارية او فنية أو سيادية خلال فترة السودنة.

    دارفور وويلات الماضي /الحاضر

    إن المتأمل لتضاريس المشهد الإجتماعي والسياسي لدارفور يدرك أن القبيلة (الولاءت التحتية) تشكل الدعامة الأساسية التي يقوم عليها المجتمع وتحكم بموجبها كل العلاقات والتوازنات السياسية، والتركيبة القبلية في دارفور معقدة ومتشابكة لكنها على الرغم من تعدد القبائل والأعراق والبطون بقيت منظمة بطريقة تدعو للدهشة والإستغراب، فبرغم وجود حوالي 170 قبيلة بدارفور، لكل منها دار وكيان إدارى مستقل، الإ أن هذا المجتمع المكون من رعاة ومزارعين تمكن من العيش في سلام ووئام ونسق قيم إجتماعي سياسي لعدة قرون، فقبل تكوين مملكة دارفور التي حكمها الداجو والتنجر والفور(قبائل كبيرة متواجدة بالإقليم)، كانت هناك سلطنات صغيرة متفرقة في ربوع دارفور. فالاوضاع الأمنية بدئت تتدهور منذ أواسط السبعينات بأحداث الحروبات القبلية والتي كانت نتاج مباشر لحل الإدارة اللأهلية بإعتبارها "أحد بؤر الرجعية والتخلف وينبغي التخلص منها فوراً" حسب منظور نظام مايو البكر، وهكذا ودون تشريح للمسألة أو مراعاة لخصوصية هذه الإدارة بإعتبارها رافد أساسي ومكون لبنية السلطة تاريخيا بهذا الجزء من السودان، تم إلغائها وحل محلها قانون مجالس الحكم الشعبى المحلى، صاحب ذلك موجة الجفاف والتصحر التي إجتاحت الساحل الإفريقي في السبعينات وقد أثر الجفاف على القبائل بشمال دارفور مما أدى إلى هجرات كبيرة ونزوح الي جنوب وغرب ووسط دارفور وقد نقلت هذه القبائل معها عاداتها وتقاليدها وثقافاتها الى مجموعات قبلية تختلف عنها مما أحدث صراعاً ثقافياً سرعان ما تطور إلي صراع مسلح. لم تصاحب هذه الهجرات دراسات أو إجراءات تنظيمية لغياب الدولة وحل الإدارة الأهلية فإزدادت النعرات بين القبائل الوافدة والمستقرة خاصة على مصادر المياه والكلأ لشح الامطار التي تكررت في الثمانينات وأضحت الهجرة هي الملاذ الوحيد لقبائل الشمال. في ذات الوقت تأججت نار الحرب الأهلية في دولة تشاد المجاورة وأدت عمليات الكر والفر الى دخول مجموعات كبيرة لدارفور وبرفقتها أحدث أنواع الأسلحة، كما لدخول ليبيا ونظام الخرطوم في ذلك الوقت في محور التوازنات الإستراتيجية أدى الى تسارع الأحداث فتطورت المشاحنات الي صراعات دموية خاصة حول جبل مرة حيث أدى الصراع الى قتل وجرح عدد كبير من الأهالي وحرق المزارع والقرى، ولما كانت الحكومة عاجزة عن غطاء الفجوة الغذائية ورافضة إعلان المجاعة أدى تواتر الأحداث وفقر المواطنين والعطالة والجفاف ووفرة السلاح الي إنهيار الأوضاع الأمنية وتفشي ظاهرة النهب المسلح.

    كانت لهذه الأحداث آثارها السالبة في الإستقرار الإجتماعي والسياسي لمواطني الإقليم وبظهور الإنتفاضة وبعدها بعام الحكومة الديمقراطية إستغلت الأحزاب الأوضاع الأمنية فسارعت في الأخذ بتلابيب القبائل لتضرب بعضها ببعض من أجل مكاسب سياسية بسيطة، فبدئت بتسليح بعض القبائل وتكوين مليشيات قبلية فأدى هذا إلى شرخ حقيقي في النسيج الإجتماعى والقبلى لتصبح سياسة التهميش وفرق تسد وجهان لعملة واحدة أدتا الى ظهور المنحى العنصرى في الصراع، وهذه النقطة بالغة الأهمية إذ أن التعامل مع القبيلة في دارفور له خطورته وجديته الأمر الذي لم تتمكن حكومات المركز والقائمين على أمرها التعامل معها بالدقة والإتزان فتم إنتهاج سياسات فوقية أدت إلي كوارث إجتماعية وتعقيدات تمثلت في رفع شعارات المظالم والإغفال المتمثلة في محدودية اللإستقرار السياسي والبناء الإقتصادي وخلو الإقليم من مشاريع التنمية والطرق المعبدة لربطه بالمركز، لفأفرز هذا التهميش والإغفال عدة حركات منادية بالتوزيع العادل للسلطة والثروة ونادت بتطبيق نظام فدرالي يعطي الإقليم حق حكم نفسه وإرساء دعائم الإستقرار في ربوعه، وللإشارة عقب ثورة اكتوبر 1964 تكونت منظمة سوني وجبهة نهضة دارفور. ولم تتعلم حكومة مايو من تجارب الماضي بتطبيقها قانون الحكم الإقليمي بصورة مشوهة فعينت الطيب المرضي حاكماً لإقليم دارفور مما أدى لثورة عارمة تحدى فيها شعب دارفور نظام مايو الأمر الذي حدا بمايو للتراجع وتعيين دريج حاكماً للإقليم، وأدت التطورات اللاحقة الي حركة (داؤد بولاد) 1991، فقد تجاهلت الإنقاذ التدهور الامنى بدرافور رغم وعدها بحسمه وسارعت في إذكاء روح القبلية وتهميش دور أبناء دارفور رغم وجودهم في قيادة الجبهة الإسلامية فأعاد ذلك ترسبات الماضي والغبن الدفين والإحساس النفسي بالتهميش فتمرد بولاد (ويذكر ان بولاد احد ابناء الغرب ومن قادة التنظيم الإسلاموي الحاكم في الخرطوم)، ولكن تمكنت الإنقاذ من إستغلال الخلافات القبلية والإشاعات الدينية والعرقية فأجهض التمرد فى مهده وتم القبض على بولاد وحوكم ورفاقه بالإعدام.

    راهنية الأزمة

    بالنظر للمشهد الثاني لما يدور بدارفور فقد إستغلت الإنقاذ الخلافات القبلية والدين والعرق والهوية لتحقيق مكاسب سياسية، على غرار الخلفية التاريخية و(فوبيا معارضة) اللسلطة المركزية (ونشير في هذا الصدد ان بولاد ابن التنظيم والذي تمرد علي التنظيم بثورة مسلحة في الغرب العام 1991 قام مواطنو الاقليم بالامساك به وتسليمه للسلطة التي أعدمته)، لذلك توجهت نحو دارفور لحسمها كبؤرة شغب، فكانت اولى مهامها ضرب الولاءات التحتيه للمجتمع حتى يسهل تفكيكه فاعتمدت سياسه الاستقطاب والتصفيه، وبدأت بخلخلة الاداره الاهليه فخلقت نظارات وعموديات ومشايخ جديده، وابتدعت لقب الامير بغرب دارفور ومنحته صلاحيات أوسع من تلك الممنوحة للإدارة الأهلية السابقة، ولتمكين أمرها وسلطانها جندت شريحة جديدة في ساحة الصراع القبلي صار لها أثرها الواضح داخل بطون القبيلة هي فئة المتعلمين، وتفصيل ذلك أن هذه الشريحة تتولى اليوم قيادة القبيلة على جميع المستويات اللإدارية والعسكرية والسياسية، وإنعكس ذلك على الصراع القبلي، فقد تأزم وأُخرج عن كونه صراع على الموارد الطبيعية،وما يطلق عليه ثنائية المزارعين والرعاة، فقد شهد عهد الإنقاذ نمواً متزايداً للنعرات الدينية والقبلية والعرقية، وبدورها كونت القبائل مليشيات وزودتها بالسلاح وأغرت أبنائها بالعاصمة من حملة الشهادات العليا من أكادميين وعلماء باللعبة السياسيةالقبلية فدفعهم نظام الإنقاذ للخوض مع الآخرين في الشأن القبلي، فأضحى أمر القبيلة اكثر تعقيداً لما لهذه الفئة من دور فعال في حياة المجتمع، لتصبح الخدمة المدنية أداة للتناحر القبلي والسياسي.

    لقد كان ومازال هاجس التنمية والسلام يؤرق أبناء دارفور، فقد أجمع المشاركين في مؤتمر الهيئة الشعبية لتنمية دارفور بالفاشر، عاصمة اقليم دارفور الكبرى والذي عقد مؤخراً، بأن البعد السياسي للتمرد بدارفور لا يمكن تجاهله ولا يمكن حله عن طريق القهر السياسي والعنف المسلح، ورغم ما تبديه آلية بسط الأمن من محاولات لحسم الأمر عسكرياً تبقى مشكلة تصفية الإدارة الإهلية غير المدروسة وغياب التنمية والمشاكل الحدودية وتسييس القبائل أعمق مما تحاول الحكومة عمله، ما يحدث الان فى دارفور ليس انفلات أمنى عابر أو سخط جماهيرى أو أزمه سياسيه يمكن معالجتها بالطريقة السودانية لمعالجة الأمور (بالقطاعي = التقسيط). لقد كان للمرارات القديمة والتجاهل والتهميش أثره في نفوس أبناء دارفور، وفى ظل التحولات السياسية المرتقبة ودخول جبال النوبة والأنقسنا وأبيي كمناطق مهمشة إلى جانب الحركة الشعبية في محادثات مباشرة لنيل حقوقهم، وخضوع المركز لمن يحمل السلاح قادت عدة مجموعات من ابناء دارفور محموله بدوافع جهوية ووطنية في آن التمرد الحالي، وكعهد الحكومة في مثل هذه الأحداث وصمتهم بشتات من الناس لا يجمع بينهم رابط طبيعى،كما أشرت اليه في مستهل الموضوع وتعاملت مع القضيةالإشكالية على أساس سياسة التهميش والشتات وفرق تسد وكأن الأمر حرب قبلية تحسم عبر الوسطاء التقليديين وأعيان القبيلة، فأوفدت في هذا الضمار البروفسر ابوالقاسم سيف الدين على رأس جماعة للتفاوض مع جيش وحركة تحريرالسودان التي يقودها المحامي عبد الواحد، والوزير اللواء التجاني آدم الطاهر للتحاور مع متمري وادي هور(كرنوى)، أما الفرسان فقد أوفد إليهم وفد برئاسة الناظر محمد يعقوب. وبهذا الأسلوب إختارت الحكومة ما يمكن أن يوصف بالحلول المؤقتة وتناست أن هذا التمرد يختلف في مضمونه وجوهره عن الصراعات القبلية المعهودة، فالأمر له أبعاد ووجوه إقتصادية وإجتماعية وسياسية وتراكمات ماضي معفر بالتجاهل والتهميش أدى بأبناء دارفور لحالة من اليأس إنطلق على أثرها السخط الشعبي والذي جمع ولأول مرة منذ سقوط السلطان علي دينار كل قبائل دارفور بشتى الوانها وأعراقها في بوتقة واحدة، ولذلك كان الأحرى بحكومة الإنقاد أن تنظر لجزور المشكلة وتحاول علاجها من بعد سياسي وإجتماعي وإقتصادي برفع المظالم والتوزيع العادل للسلطة والثروة.

    آفاق الحلول

    وعليه لا يجوز أن يؤدي ما يحدث بدارفور حالياً الي خلط الأوراق والتغاضي عن الأسباب الرئيسية التي أدت الى تصعيد حدة التوتر وظهور بوادر عمل مسلح ضد حكومة الخرطوم، فالمعارضة المسلحة بأقليم دارفور أكبر أقاليم السودان وأكثرها كثافة سكانية وأغناها بموارده الطبيعية وثروته الحيوانية وإن كانت تحمل عدة مسميات لكنها تصب جميعها في وعاء التهميش المؤسس ورفع شعارات المظالم المتمثلة في خلو الأقليم من المشاريع التنموية وضعف الخدمات من صحة وتعليم وصحة بيئة وعدم إشراك أبناء الأقليم في السلطة حتى في مناطقهم والأقتسام العادل لثروات السودان، وأن القضية ليست محصورة في حركة تمرد مسلحة قام بها على حد قول الفريق إبرهيم سليمان حاكم ولاية شمال دارفور "أنصاف متعلمين لا يمثلون الإ أنفسهم"، وإن كانت هذه النتائج بالغة الأهمية بأعتبار أن الأنظمة المتوالية على حكم السودان لم تلبي الإحتياجات والحقوق المشروعة لمواطنى هذا الإقليم فأضحى كل ساكنيه أنصاف متعلمين، الإ أن الدلائل تشير إلى أن الخارطة السياسية الدارفورية قد تغيرت وذلك أن إنسان دارفور بدأ ينظر الي واقعه بدلاً من التبعية المطلقة للطائفية الدينية أو السياسية التقليدية. في هذا الإطار ينبغي التأكد اولاً ان التحول الديمقراطي وآفاق السلام الدائم في السودان سيمر لا محالة عبر كل بوابات السودان المقصية فعلاً من المشهد الإجتماعي والسياسي واالثقافي والإقتصادي والديني، واعتقد دارفور تمثل جزء من فلسفة التهميش - وعليه ومن هذا المشهد- هل يعي نظام الإنقاذ هذه التداعيات ويعمل لتحقيق بعضاً منها من خلال ما يدور الآن في مشاكوس وكارن وذلك بإشراك القوى السياسية السودانية جميعها لتحقيق التحول ديمقراطي وإقتسام عادل للسلطة والثروة وإتاحة الحريات الأساسية وإقامة نظام فدرالي تتم بموجبه مشاركة حقيقية لأبناء الإقليم في السلطة اللإقليمية والمركزية وتنتفي بموجبه سياسة تصدير الحكام. وعلى الحكومة إن كانت جادة في حل مشكل السودان ( كما افادت الأنباء عن استعداد المؤتمر الوطني لبحث قضايا دارفور ضمن الحل الشامل لمشكل السودان) أن تنادي ومن خلال محادثات السلام الجارية الي مؤتمر دستورى قومي يشارك فيه كل أبناء السودان بنسب عادلة بما فيهم ممثلوا التمرد الحالي بدارفور وإلا فسيواصل متمردو دارفور وغيرهم من المهمشين حمل السلاح من أجل تحقيق حقوقهم المشروعة كما فعل إخوانهم في الجنوب، إذن القضية في السودان ليست هي مشكلة شمال وجنوب فحسب إنما تتعداها لتشمل أزمة الحكم، فإشكالية الحكم، والسودان يكون أو لا يكون، تدور حول ما يجري الأن في مشاكوس وكارن، ومحادثات المناطق الثلاث. هناك إتفاق سيتم توقيعه لإقتسام الحكم والثروة بين الحركة الشعبية والمناطق الثلاث والحكومة،!!.. وهناك غالبية أهل السودان من المقهورين والمهمشين الذين سيظلوا تحت رحمة هذا الإتفاق الملزم للجميع من دون أن تصلهم الخدمات والتنمية والمشاركة الحقيقية في حكم أنفسهم. وبهذا المفهوم لن يكون هناك سلام حقيقي في السودان دون إشراك جميع القوى السياسية لمعالجة مشاكل السودان معاً.

    د. محمد سليمان آدم
    عضو اللجنة العليا للتحالف الفدرالي الديمقراطي السوداني








                  

العنوان الكاتب Date
مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقليمية WadalBalad03-15-03, 05:36 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل نصار03-15-03, 06:15 PM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل Abdel Aati03-15-03, 09:56 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل WadalBalad03-16-03, 00:10 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل WadalBalad03-16-03, 05:59 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل WadalBalad03-16-03, 05:53 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل hasan_603-17-03, 05:02 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل hasan_603-17-03, 05:23 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل Alsawi03-17-03, 09:28 AM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل Abdel Aati03-17-03, 10:13 AM
      Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل Abdel Aati03-17-03, 10:16 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل adil amin03-17-03, 01:30 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل WadalBalad03-17-03, 03:11 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل WadalBalad03-17-03, 03:16 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل WadalBalad03-18-03, 01:37 AM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل degna03-18-03, 03:03 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل WadalBalad03-19-03, 06:49 AM
  مرحبا نحو سودان جديد (8) الاحزاب السودانية في الميزان -الاحزاب الاقليمية abumonzer03-19-03, 09:47 AM
    Re: مرحبا نحو سودان جديد (8) الاحزاب السودانية في الميزان -الاحزاب الاقليمي Abdel Aati03-19-03, 08:35 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل WadalBalad03-20-03, 06:16 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل WadalBalad03-20-03, 03:56 PM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل Haydar Badawi Sadig03-20-03, 04:51 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل WadalBalad03-21-03, 06:02 AM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل Abdel Aati03-21-03, 10:33 AM
  SLM/SLA web site Abdel Aati03-21-03, 08:54 PM
    Re: SLM/SLA web site Haydar Badawi Sadig03-22-03, 05:52 AM
      Re: SLM/SLA web site Abdel Aati03-22-03, 02:02 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل WadalBalad03-22-03, 05:35 PM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل WadalBalad03-28-03, 05:39 AM
    Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل manubia03-28-03, 06:20 AM
  Re: مرحبا, نحو سودان جديد: (8) الأحزاب السودانية فى الميزان - الأحزاب الإقل WadalBalad03-29-03, 01:30 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de