عزيزي السنجك
تحية وسلاما
إن كانت دعوتي لمهيرة بالاعتذار عن سوء فهم يمكن أن تصلحه حتى لا يغدو سوء قصد تزعجك فإني سأبذل جهدي هنا كي أبين لك أن التشويه من غير قصد يوجب الاعتذار، ولكنه لا يفرضه، فإنه قد ورد بأن "سوء الخلق ذنب لا يغتفر وسوء الظن خطيئة تفوح"، وطالما اعتدى أناس على الفكرة الجمهورية بالتشويه، وقد بلغ ذلك أن قتلوا صاحبها..
على كل حال لقد أحسنت بأن أرجعتنا إلى الحوار من جديد..
قولك:
Quote: هنالك اختلاف آخر في الطريقة التي يتلقى بها المتلقي ، ففي الدين تجده إما يؤمن أو لا يؤمن. بينما في الفلسفة الأمر يختلف، وذلك لان القبول والرفض أو التعديل مرهون بمراجعة الاستدلالات المنطقية التي ينتقل بها الفيلسوف من جزء إلى آخر، وكذلك هو مرتبط بقدرة ما يقدمه الفيلسوف من تفسير لما نراه في الكون. أم اذا كنتم تعتبرون ما يقوله الاستاذ دينا فهذا شي آخر. |
في البداية أؤكد لك بأنني أعتبر أن ما يقوله الأستاذ محمود هو دين.
مرحلة الإيمان في الدين قريبة من البداية، وهي ترقى بصاحبها إلى مرتبة الإحسان، ثم تدخل به مراحل اليقين وهو العلم الذي لا يكاد يكون فيه شك. إذن قولك:
Quote: ففي الدين تجده إما يؤمن أو لا يؤمن |
يقف عند درجة معينة من الدين وهي التي تسبق مرحلة العلم أو اليقين.. كيف يكون اليقين؟ لقد حكى عنه ربنا سبحانه وتعالى في قصة سيدنا إبراهيم عندما طلب من الله أن يريه كيف يحيي الموتى، مع أنه مؤمن بما قاله له الله بمقدرته على إحياء الموتى.
"وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى؟ قال: أولم تؤمن؟ قال: بلى، ولكن ليطمئن قلبي.. قال: فخذ أربعة من الطير ثم اجعل على كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم"
ولعلك تعرف القصة التي رآها سيدنا إبراهيم بعينيه تحدث أمامه عندما رجع كل جسد من الطيور إلى رأسه وعادت الحياة إلى الطيور الأربعة.. هذه المعرفة تفوق الإيمان وتسمى باليقين، ولذلك فقد وصف الله سبحانه وتعالى سيدنا إبراهيم بهذه الكلمة عندما قال:
"وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين"
الفلسفة لا تقبل مثل هذه المعرفة، فإن العقل لا يفهمها إلا إذا جربها، وهذا هو السبب الذي دعاني لأقول لك هناك بأن الدين يتجاوز الفلسفة..
ولكن قول الأستاذ محمود في مسألة الحرية الفردية النسبية والمطلقة ليست فلسفة وإنما هي معرفة بسيطة توصل لها الإنسان عبر التجربة البشرية.. وقد قامت عليها الأعراف البدائية، وكذلك شرائع الأديان المختلفة، وجوهرها هو أن كل حر مسئول حتى يظهر أنه غير أهل للحرية فتصادر منه.. وهذه مسائل لا يجب أن نختلف عليها.. فما دام هناك قانون دستوري ومسئولية فلا خوف من ممارسة الحرية.. الخطأ سيحدث من الأفراد، من غير أدنى شك، ولكن الإنسان يفترض أن يتعلم من أخطائه..
ومن هنا فإني لا أجد بدا من أن أستغرب قولك:
Quote: واظن ان الاخوة الجمهوريون يتفقون معى هنا، الاخ عليمو دعنى اقف عند عبارة (بشــرط ألا يتعـدى على القانون أو على حريات الأخـرين). ارى فيها عباءة كبيرة فضفاضة يمكن أن تحتوى الكثير جدا، ويمكن لاى مسلم ولا اقل مؤمنا ان يرفضها، ليس فحسب بل يحاربها شكلا ومضمونا، وذلك لمرجعيته الدينية. |
فالأستاذ محمود لا يتحدث عن أي قانون، وإنما عن القانون الدستوري، الذي يوفق بين حاجة الفرد إلى الحرية وحاجة الجماعة إلى العدالة الإجتماعية وإلى الأمن.. ولا أفهم لماذا يرفض المسلم مثل هذه الحرية..
وعلى كل حال فإن ما دعا له الأستاذ بعيد اليوم عن التطبيق، ولكن لن يكون للإسلام فرصة أن يكون محترما في العالم إلا إذا قدم على هذا الأساس.. أما رفض الأشياء المعقولة ومحاربتها فهو حاصل من كثير من المسلمين اليوم، ولكنه لن يقودهم إلى أي خير.. ولا أجد عبرة بقولك عن عبارات الحرية بأنها
Quote: مثل هذه العبارات، تعتبر رؤى فلسفية قائمة على طرح مصدره إنسان من البشر و قد تكون صادقة ونافعة و قد تكون باطلة لا تنفع أحدا. |
لأن هذه أعراف بشرية صالحة، ولا تعوق أغراض الدين، وجماع أغراض الدين كرامة الإنسان. بل إن الله تعالى قد أمرنا بأن نأخذ الأعراف الصالحة ونطرح الأعراف الطالحة.. قال تعالى:
"خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين"
وقال تعالى:
"كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، وتؤمنون بالله، ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم، منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون"
كل هذا الأخذ بالمعروف أو العرف مشروط بأن يكون عرفا طيبا، ولا شك أن كثير من الأعراف الطيبة منشأها من البشر.. "علم الإنسان ما لم يعلم" وهذا التطور الصالح من ضمن ما علّمه الله لبني البشر، فإن الله هو المدبر لهذا الكون بحيوانه ونباته وإنسانه وأفلاكه.
قولك:
Quote: عزيزى عليمو والأخوان ياسر الشريف، حيدر بدوى والاخ مارد لماذا الاخوة الجمهوريون دائما يبدأون من حيث انتهى الأستاذ محمود محمد طه؟؟. اين بنائهم الخاص لدعم فكره، حتى لا يعدم مرتين. وها انتم من دون ان تدرون تعدمون فى لغة الحوار والبناء الفكري بقولكم على الأخت مهيرة ان تعتذر !!!. |
أن أبدأ من حيث انتهى الأستاذ محمود شرف لا أستطيع أن أزعم بأني أفعله.. أين أنا من الأستاذ محمود؟؟ لقد واجه سلطة غاشمة وقال كلمة الحق في وجه سلطان جائر وقضاة جهلة وعلماء سوء وواجه مقصلة الجلاد مبتسما.. أما أنا فأعيش لاجئا خارج وطني، وقصارى ما أفعله الآن هو محاولة تعريف الناس به وبفكره عسى أن نستطيع جميعا كمثقفين أن نتبين مواقع أقدامنا.. ولكن قل لي لماذا تظن بأن مقتله يعني إعدام فكره؟؟ وكيف يمكن أن يعدم الأستاذ مرتين؟؟ لم أفهم هذا..
أنا لست صاحب سلطة على الدكتورة مهيرة، ولا أستطيع أن أفرض عليها أن تعتذر ولكني نصحتها بأن تفعل ذلك إن كانت تريد لصورتها أن تظل مشرقة في ذهني كما كانت يوما ما، ولكن إذا رفضت فذاك شأنها.. وحسب علمي لم تقم إدارة البورد بفصلها، ولا اشترطت عليها أن تتقدم باعتذار عن سوء التخريج في ذلك الفهم، وقمت أنا بتصحيحها فيه، ولكنها اختارت أن تبتعد بنفسها، فلا أرى وجها لتوجيه اللوم لي في ذلك!! وعليه لا أرى موجبا لتقديم سؤالك التالي لي،وقد تكون اطلعت على ثنائها على شخصي الضعيف في خطابها للأخ بكري..:
Quote: الآن لدى سؤال لكم جميعا حتى نكون جميعا فى ريزم واحد وتعوا ان طلب الاعتذار يسئ إلى الأستاذ نفسه ومبادئه. |
ولا أرى أن مجرد النصيحة لها بالاعتذار يسيء إلى الأستاذ أو مبادئه..
والآن إلى آخر اسئلتك أخي السنجك:
Quote: ما هي مرجعية الأستاذ محمود محمد طه؟؟؟ أين تدرجون أقوله و اطروحاته الفكرية؟؟ |
الأستاذ محمود دعا إلى بعث الدين، إلى بعث لا إله إلا الله.. وقد كانت مرجعيته القرآن وطريق النبي محمد.. وقد قال أن هناك أمران مقترنان هما القرآن وحياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهما السر في أمرين مقترنين وهما شهادة "لا إله إلا الله محمد رسول الله"
هذه باختصار هي مرجعيته.. وموقفي الخاص منها تترجمه لي الآية الكريمة من خواتيم آل عمران في قوله تعالى:
"ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا.. ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار.. ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد"
وقد تستطيع أنت وغيرك أن تتاكدوا من ذلك بأنفسكم بتمحيص كتبه، وأرجو أن أفيدكم بأنه قد قال في صدر كتابه
"محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد":
بتقليد محمد
تتوحد الأمة
ويتجدد دينها
الإهداء:
إلى الراغبين في الله وهم يعلمون ،
والراغبين عن الله وهم لا يعلمون ..
فما من الله بد ..
الكتاب كله يمكن أن ينزل من هذا الموقع ويطبع لأنه في شكل ويرد دوكيومينت
http://www.alfikra.org/books/bk009.htm
وأرجو لك التوفيق أخي الحبيب السنجك
ولو راجعت بوست حمزة سليمان فستجدني أهديت مهيرة معه هدية حلوة أرجو أن تراها وتسمعها..
ولك وافر تقديري واحترامي
فإن لك في قلبي موقعا خاصا هو السبب وراء الوقت الذي اقتطعته الآن من فم الأسد لأسطر لك هذه الكلمات
أخوك المخلص
ياسر
(عدل بواسطة Yasir Elsharif on 01-25-2003, 01:50 PM)