|
المرنيسي..هذه المرأة تدهشني
|
كعادته كان يهديني كتابا يختار الصفحة الأخيرة يرسم مشاعره بحروف أنيقة ...إلى أن وصلني كتاب من القطع الصغير بعنوان "الحريم السياسي""كتب على صفحته الأخيرة ... عبارة "وهاهي إمرأة أخرى تدهشني" فقرأتهاوقرأت ذلك الكتاب وقرأته وقرأته ومازلت أقرأ هذه المرأة بنفس الدهشة ...وأدعوكم لقراءتها ============================================================ نساء على أجنحة الحلم وتشريح العالم المغلق . ويبدو لنا أن هذا التوضيح يزيد الأمور التباسا اكثر مما يجليها، لأن النص يتخطّى التبسيط الذي تؤكده تلك الفقرة. في الواقع ان كتاب "نساء على اجنحة الحلم"يمثل احدى اكثر الرؤى عمقا وتشريحا للعالم المغلق الذي تعيش فيه المرأة العربية،قصدتُ بالعالم المغلق ذلك الكيان المقصى والمهمّش الذي دارت حوله نصوص ادبية رغبوية شغلت باثارة الشهوات الحبيسة،لكنها اخفقت في تمثيل التراتب الثقافي فيه، ولم تجروء على الدخول في تفاصيله النفسية،وفي كشف نمط العلاقات السائدة فيه،وفي تأشير العلاقة المتكسّرة بينه وبين العالم الخارجي الذي يحتل الرجل المركز الأساسي فيه.وبالطبع لايمكن لكتاب توثيقي ان يؤدي هذه المهمة، فعالم الحريم مجاز رمزي كثيف لايعبّر عنه بلغة وصفية،كونه قد غادر بفعل الزمن حقيقته الموضوعية واصبح موضوعا مشبعا بتقاطع الرؤى الأيدلوجية المتنازعة التي تصدر عن منظورين ثقافيين متعارضين: احدهمامشغول بالحفاظ على الهوية الثقافية بمعناها التقليدي،والآخر مسكون بهاجس التغيير. الأول يريد تغييرا في الدرجة لعالم الحريم،والثاني يريد تغييرا في النوع،الأول يريد اعادة صياغة لذلك العالم بما يطابق التهميش الثابت لدور المرأة،والثاني يسعى الى الغاء هذا المفهوم من اساسه.والمشكلة تتفجّر بعد كل هذا،فالتيار الأول يريد تكييف دور المرأة بما يوافق تعليمات "الماضي"والثاني يريد اعادة دمج المرأة في الوسط الإجتماعي استجابة لتعليمات "الآخر".وبالنسبة للتيارين فالمقصود بذلك التعليمات الثقافية التي تفرض حضورها بالتعلّم والمعايشة والإدعاء المزدوج لكل من الحفاظ على التقاليد والإندراج بعالم التحديث.والمثير بكل ماتتضمنه هذه الكلمة من معنى ان كل هذه الرؤى والمواقف تتقاطع في وعي الطفلة الصغيرة"فاطمة". والحق فان النص يفجّر مشكلات اعمق، فالطفلة التي تحبو في عالم الحريم منقسمة على ذاتها بين الأستجابة لرغبات الأم الحالمة بان تكون ابنتها منفكّة من قيود الحريم،ومتخطّية لأسواره وبين الإمتثال لروادع "لللاالطام" التي تتعهد دروس التربية الدينية،وتزرع في قلب الطفلة فكرة مؤداها: ان كل خرق لسياج الحريم انما هو خرق لسياج الدين.لكن النص يثير الى ذلك مشكلة اجرائية،فمن الواضح ان "فاطمة المرنيسي"تسقط وعيها اللاحق بوصفها احدى العاملات في مجال قضايا المرأة على طفولتها المبكرة، لتجعل من تلك الطفولة مجالا لمناقشة هذا الموضوع البالغ الأهمية،لكنها تصرّح في الكتاب بان تلك الطفولة مختلفة عمّا ارتسم في صفحاته"لو حاولت ان احكي لكم طفولتي لما استطعتم إتمام الفقرتين الأوليين لأن طفولتي كانت مملة الى حد كبير-25" ولايمكن تخطّي كل هذا الاّ اذا تحررت القراءة النقدية من شرط المطابقة بين " فاطمة المرنيسي"و"فاطمة" الشخصية الرئيسة في الكتاب، وهو تحرر يهدف الى مطابقة من نوع آخر،ففاطمة الصغيرة طفلة الحريم انما هي قناع لفاطمة المرنيسي التي تنوء بوعي ناقد يشرّح الإكراهات التي شوهت وضعيّة المرأة في الثقافة العربية- الإسلامية قديما وحديثا. وقضية الإكراهات التي تعرّضت لها المرأة موضوع يشكّل مركز الجهد الفكـــري الذي انتجته "فاطمة المرنيسي" وشغلها مدة طويلة. ففي كتابها المثير فكرياً ( الخوف من الحداثة : الاسلام والديمقراطية ) طوّرت حفرياتها في الجانب المغيّب من وعي الثقافة العربية، وهو؛ المرأة بوصفها كائناً وفاعلاً اجتماعياً. وفتحت كوّة الى العالم الذي جرى تناسيه، وطُمر في طيّات معقّدة من الاحتيال على الذات، طيّات متكسّرة تعفّنت زواياها بسبب العتمة الدائمة، حيث لاحضور للزمن، وسعيٌ متقصّد للنسيان الذي يأخذ شكل الإختزال والاستبعاد
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
المرنيسي..هذه المرأة تدهشني | أبنوسة | 08-14-02, 10:58 PM |
Re: المرنيسي..هذه المرأة تدهشني | أبنوسة | 08-14-02, 11:03 PM |
Re: المرنيسي..هذه المرأة تدهشني | أبنوسة | 08-15-02, 11:41 AM |
Re: المرنيسي..هذه المرأة تدهشني | أبنوسة | 08-15-02, 11:42 AM |
Re: المرنيسي..هذه المرأة تدهشني | elnadeif | 08-15-02, 07:35 PM |
Re: المرنيسي..هذه المرأة تدهشني | masarat | 08-16-02, 01:35 AM |
Re: المرنيسي..هذه المرأة تدهشني | مارد | 08-16-02, 04:43 AM |
Re: المرنيسي..هذه المرأة تدهشني | أبنوسة | 08-16-02, 10:31 AM |
Re: المرنيسي..هذه المرأة تدهشني | nadus2000 | 08-21-02, 06:30 PM |
Re: المرنيسي..هذه المرأة تدهشني | مارد | 08-21-02, 10:04 PM |
Re: المرنيسي..هذه المرأة تدهشني | هدهد | 03-04-03, 11:31 AM |
Re: المرنيسي..هذه المرأة تدهشني | zumrawi | 03-04-03, 08:31 PM |
Re: المرنيسي..هذه المرأة تدهشني | Abdel Aati | 03-04-03, 10:48 PM |
|
|
|