رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-17-2024, 10:13 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2002م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-30-2003, 12:01 PM

almulaomar
<aalmulaomar
تاريخ التسجيل: 07-08-2002
مجموع المشاركات: 6485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان

    إضطرتني الظروف ذات مساء من مساءات الخرطوم أن أستقل عربة تاكسي ، وشاءت ذات الظروف أن تكون عربة التاكسي متهالكة فعل بها الزمان ما لم تفعله هجمات الحادي عشر من أيلول بأمريكا حتى أن هناك إشاعة سرت مفادها أن أمريكا العظمي بصدد إلغاء الرقم أحد عشر من الحساب والتاريخ والجغرافيا بحيث يكون الرقم الذي يلي عشرة إثناء عشر ، وعربة التكسي هذه التي تشكو الإهمال والقزارة الأمر الذي لن تستطع معه جميع نظريات علم الهندسة الميكانيكية والوراثية حتى من إعادة بعض مما أفسده الدهر شأنها شأن معظم التكاسي في بلادي وكالعهد بها كانت عربة التاكسي تسير ببطء حتى يخيل للناظر أنها بالكاد مدردقه والمعلوم أن قوة ماكينة العربة في جميع أنحاء الدنيا تقاس بالحصان أما في بلادي فإن الآلة الحدباء التي أقلتني فيبدو أن ماكينتها هذا إن كان لها ماكينة تقاس بأبي القدح أو أبو الدرداق.
    كان سائق العظمة عفواً سائق التاكسي كالعهد بجميع سائقي التاكسيات والحلاقين في جميع أنحاء العالم ثرثاراً كثير الكلام والشكوى من الزمان وتقلباته ، ينتقل بين مختلف الموضوعات في خفة ورشاقة مجسداً بانوراما واقعية رائعة فبرغم ضجري من ثرثته فوق النيل عند عبور الكوبري وسلحفائية عربته وأهمية عامل الوقت وحسابات المسافة والزمن والسرعة والأخيرة لم يكن لها وجود أصلاً في تلك الليلة الظلماء خاصة وأنني فضلت عربته على كثير من سبل المواصلات الأخرى تفضلا كسباً للوقت لا قتلاً له وإهداراً لدمه وبالتالي حرقاً لدمي .
    من عمق تلك المعاناة والهرجلة والبرجلة في الحس والشعور والإدراك واللاوعي واللات والعزي كان حديث السائق ذو شجون إستمتعت به كثيراً وخفف بعضاً مما فعله هو وعربته بي لا الزمن من توتر وقلق ، بدأ حديثه بالحال والواقع والذي كان ، تحدث عن الإقتصاد وتدهوره والسياسة وتهور ممارسيها والرياضة ومستوى تمثيلنا في الداخل والخارج والفن الذي أصبح مطية من لا مطية له ، طال حديثه الأخلاق والمجتمع وقساوة الحياة والحرب الأهلية والأحوال الجوية وتلوث البيئة والخطوط السودانية والصحة العامة والخاصة والبطالة تحدث عن المشردين والنازحين والمغتربين والمهجرين قسراً أدلى بدلوه في البترول وعائداته وأثر ذلك على المجتمع ناقش الإغتراب وإفرازاته السلبية على سلوكيات المجتمع مع فقدان دول المهجر لعوامل الجذب التي كانت ، تحدث عن الروابط الأسرية وإنفراط عقدها في العقد الأخير من الزمان ، طال حديثه التعليم والأحزاب والعرس الجماعي وعرس الشهيد وعرس الزين ، لم يسلم من تعليقاته الساخرة كل ما مر به من إنسان وحيوان وجماد ، شتم أصحاب اللواري وسب أصحاب الكارو ولعن أصحاب الركشات الذين طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد وضايقوا أصحاب التاكسيات في رزقهم المحدود بحدود المغترب وحال دول الإغتراب فالمغترب المروق عندو عربيه والمغترب الماعندو عربية بركب ركشة أو حافله إبتسم لإحدى الراكبات وهي في محطة الحافلات ونظر نظرة ملؤها المكر والدهاء مضيفاً إلى ثرثته حديث إفك وقذف لمحصنة غافلة مردداً تلقاها مشرورة والله الزمن ده البنات عيونن بقن أقوى من عين الأسد ، وواصل إسفافه هذا وفجأة هوت عربته في حفرة وسط الظلط توقف معها محرك العربية ونزل ثم نظر وعبس وبسر وقال بعد أن أعاد تشغيل ماكينته بعد أربع محاولات تكللت الأخيرة بالنجاح بالله دي بلد دي ، ده شارع ظلط ده ولا أم الحفر وبالله العربية كيف ما تبوظ في بلد شوارعها نصها مكسر ونصها محفر ، إنت عارف يا ود العم البلد دي إنتهت ، قول لي كيف؟ وقبل أن أقول له ، واصل حديثه الأقباط أول ما يطعلوا من البلد أعرف إنو إقتصاد البلد إنتهي ديل يا ود عمي زي الفيران والطيور بتحس وتشعر بالزلزال ومخاطر الزلزال عشان كده بيفروا بي جلودهم وهسع عليك الله شايف ليك قبطي هنا ولا أضان حمره كلهم باعوا حاجاتهم وفرتقوا ، وفي أثناء حديثه الإجباري هذا أستل كيس التمباك من بين جنبات عربته المتهالكة وبعد أن ظبط سفته فتح باب عربته المتهالك وبصق في عرض الطريق ضارباً بكل ما ساقه من قيم وإحترام لحق الطريق عرض الحائط وفي خضم حديثه اللانهائي ومعاناتي لاحت في الأفق محطة وصولي فتنفست الصعداء وحمدت الله كثيراً على سلامة وصولي حتى قبل بلوغي المكان المنشود مما يعني عملياً إنعتاقي من تلكم المحاضرة المجانية الإجبارية الواقعية المرهقة حد إحتمال الصبر ، دسست يدي في جيبي وأخرجت مبلغا يفوق المبلغ المتعارف عليه بسبب عدم حيازتي للفكة تبسم صاحبي في مكر ودهاء وعاجلني بنظرة دامت للحظات خلتها ساعات طالت تلك النظرة التي لم أفهم معناها إلا بعد فوات الأوان وبعد أن بدأت أبلها في عين صاحبي إنقلب رأساً على عقب وإستبدال إبتسامته الماكرة بتكشيرة وأخذ يتتمتم بكلمات بين السر والجهر ودون ذلك ليخرج لي بعض الدنانير المتسخة بعد جهد جهيد نزلت شاكراً ومودعاً فأكتفي صاحبي بأن بصق سفته ولوى بوزه وبوز عربته المتهالكة مختفياً في زحام الركشات والحافلات والعربات وأرتال البشر خلال زحفهم المهيب اللانهائي في شوارع العاصمة ورغم ذلك وصلت في الزمن الضائع متمشرط الهدمين حافي القدمين يملؤني عطر العرق.








                  

العنوان الكاتب Date
رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان almulaomar01-30-03, 12:01 PM
  Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان albagir altahir01-30-03, 03:16 PM
    Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان almulaomar02-01-03, 06:36 AM
  Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان willeim andrea01-30-03, 04:42 PM
    Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان almulaomar02-01-03, 06:23 AM
  Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان بت قضيم01-30-03, 05:12 PM
    Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان ALHALAWI02-01-03, 06:44 AM
      Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان almulaomar02-01-03, 02:06 PM
    Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان almulaomar02-01-03, 08:11 AM
  Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان Ahlalawad02-01-03, 06:43 AM
    Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان ابوحراز02-01-03, 09:07 AM
      Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان almulaomar02-01-03, 09:57 AM
    Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان almulaomar02-01-03, 03:03 PM
  Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان Ahlalawad02-01-03, 10:03 AM
    Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان almulaomar02-01-03, 10:14 AM
      Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان almulaomar02-02-03, 10:44 AM
  Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان Ahlalawad02-02-03, 12:42 PM
    Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان almulaomar02-02-03, 02:06 PM
  Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان Ahlalawad02-03-03, 06:02 AM
    Re: رحلتي من الخرطوم إلى أمدرمان almulaomar02-03-03, 06:45 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de