سجين خارج القفص

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-25-2024, 05:46 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2002م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-05-2003, 04:02 PM

رانيا مامون

تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سجين خارج القفص



    ذهبتُ إليه لأطفىء شوق ستة أشهر لم نلتقِ خلالها .. لم أخطط للزيارة بل دفعنى الشوق وحرّكنى الحنين.
    دخلت عليه، وجدته منطفئاً .. حزيناً .. عيناهُ صامتتان، لم تقولا لى شيئاً .. لم تقولا لى أنهما إشتاقتانى .. لم تداعبانى .. لم تحتضنانى كعادتهما .. نما شعر رأسه وأطلق للحيتهُ العنان .. لم يكن أنيقاً كعهدى به .. هالنى ما رأيت وأفزعنى، دأهمته بالسؤال
    - ما بكَ ..؟
    - لا شىء .. لا تقلقى .
    - وكيف لى أن لا أفعل ..؟
    - ...................
    - أتعرف كيف تبدو لى الآن ..؟
    - كيف أبدو ؟
    - كأنك عائدٌ للتو من قبرك ..؟
    إبتسم وصمت .. هرب منى بإبعاد عينيه وحوّل إهتمامه لمن كان معه ..
    داعبنى الفضول وفتك بى القلق، مابه ؟ ما باله الفتى ؟ ماذا أصابه ؟ أهو مريض ؟ أضايقته رؤيتى ؟ أهو غاضبٌ أو عاتبُ علىّ ؟ لم أهتدِ إلى إجابة ولم أركن إلى ترجيح إحتمال دون سواه . تمنيتُ اللحظة التى يخرجُ فيها زائره وبدأت حركاتى تتسم بالعصبية.. بدأت أُكثر من الحركة والقيام وعند جلوسى لا تهدأ قدمى من النقر على الأرضِ بمقدمة الحذاء ..
    تَنقلتْ عيناى فى زوايا المكتب الواسع، أربع أجهزة كمبيوتر وملحقاتهم موضوعة بنظام على مناضد بيضاء .. ستائر زرقاء منسدلة على الحوائط، لوحة قرآنية جميلة هى آية الكرسى مخطوطة بالذهبى على أرضية سوداء فى مواجهة الباب، مشمع أرضى مرسومٌ عليه دوائر متداخلة من الأزرق الداكن والرُمادى، ساعة حائطية أنيقة ، لقد أصبح المكتب أجمل بكثير منذُ أن رأيته آخر مرة قبل إكتمال تأسيسه ..
    إلتفت إليه ومازال يتحدث إلى زائره، لقد كان مميزاً علمياً طوال سنوات دراستنا واسمه يترأس لوائح النتائج فى كل الفصول الدارسية .. تنبأ له الكل بالنحاج عملياً وتمنوا له التوفيق .
    أتذكر حماسه وهو يحكى لى عن خططه للمكتب وكيف سيجعله أكبر مكتب برمجة وتصميم فى المدينة وأنه سيستقدمنى معه عندما يزدحم المكتب بالعمل والعملاء ..
    - أنا متأكد أن الشركات ستتزاحم هنا لعمل برامج لها، حينها ستتركين كل عمل لديك وتأتين هنا، ولن أقبل أى عذر؛ بل لن أمكنك من الإعتذار، سأحضرك بالقوة .
    ضحكت حينها وشاركته الحلم بل ذهبنا معه بعيداً ورأينا الدنيا أكثر جمالاً .
    لم يكن المكتب ملكاً له إنما إفتتحه ويديره وانتظر أن يفتح له آفاقاً أكثر إتساعاً وأكثر إخضراراً ..
    يشركنى فى كل ما يخصه وأدق دقائقه .. لسنا بالأحبة ولسنا أصدقاء فقط؛ كنا أعمق ورابطنا أكبر وأقوى .. قد تمرُ شهوراً دون أن نلتقى، خلالها يحملُ كل منا الآخر ويصطحبه معه فى كل خطوة يخطوها وكل لحظة يعيشها وعندما نلتقى نُفرغ شوق الأيام كلها ونمتلىء من بعضنا حد الشبع ..
    أتعبنى بروده هذا إلتفت إليه وقلتُ غير عابئة بزائره المودِّع
    - هييييي أنت؛ ألم تشتاق إلىّ ..؟
    - يكاد أن يقتلنى .
    قلت بغيظ :
    - واضح؛ وواضح أيضاً أنك لم تشعر بمؤامرته هذه إلا بعد خروج ضيفك
    - أعذرينى فأنا لست أنا اليوم ..
    - لقد شعرت بهذا وسالتك ولم تجبنى .. قل لى ما بك ..؟
    - ..........
    أخفض رأسه ولم يجبنى
    - لم أعتاد صمتك هذا .. ألا ترغب فى إخبارى ؟
    - أحتاجُ إليكِ .. لقد إتصلت بكِ هذا الصباح ولكن هاتفك كان معطلاً .. بصدق أحتاجك وأحتاج الحديث معك .
    صمت برهة وواصل
    - لقد تعبتُ .. تعبت من كل شىء من حظى العاثر .. من بلدى .. من عملى .. من بيتى.. من حياتى .. من نفسى . تعبت وأريد أن أهرب .. أهربُ بعيداً ولا أجد السبيل .. أنا سجين .. مقيد، أريد الإنفلات .. التحرر .. الإنطلاق ، لم أطرق باباً وفُتح لى على الإطلاق، كل الأبواب موصدة وكل الطرق مقفلة وكل الممرات واضعة على مداخلها إشارة حمراء خُط فيها : ممنوع العبور ، وهناك من يعبرون تصورى ..؟ هناك من يعبرون ودون عناء فالعبور لم يُمنع إلا عنى وعن أمثالى .. حتى هنا؛ فى هذا المكان الأنيق لم أستطع تحقيق حلمى .. لم تتزاحم الشركات كما حلمت ولم يمتلىء المكتب بالعملاء لتساعدينى كما حلمنا معاً .. أحسُ أحيانا أننى أريد تحطيم أى شىء وأحياناً بالظلم وأحياناً بالفشل .
    - لا .. أنت لستُ فاشلاً . لقد أنفقت جهداً هنا لا يستطيعه غيرك .. أنت تفعل ما هو متاحُ لك أن تفعله
    علا صوته وإحتد
    - وما هو المتاح .. ليس هناك ما هو متاحٌ على الإطلاق .. العمل فى مؤسسة لها قدرها دون شهادات خبرة؛ غير متاح .. السفر خارج البلاد لى؛ غير متاح .. العمل فى القطاع الخاص كما أفعل الآن هو كما ترى شحيح بل يكاد يكون غير متاحاً .. مواصلة دراساتى العليا؛ لا أملك نفقتها .. نفق العمر ولم أنجز شيئاً .. أمى واخوتى لا أستطيع تحقيق أمانيهم ولا بد ان أملهم قد خاب فىّ .. أنتِ .. أنا ماذا فعلت لكِ ولى .. حتى الموت لا أستطيع أن أموت .. ليتنى مُت .. ليتنى
    أكمل جملته الأخيرة وبكى .. بكل الألم بكى ، كانت المرة الأولى التى أرى فيها .. رجلاً يبكى دموعاً لاهبة .. يبكى دماً .. يبكى قهراً .. يبكى عمراً نفق
    آمنتُ طوال حياتى أن دموع الرجل عزيزة عليه، ضنينٌ بها ، لا يهدرها إلا عندما لا يملك سواها .. لقد تجذّر ألمه ونما حتى خرج تعبيراً صادقاً مالحاً .. نظرت إليه طويلاً لم أدرِ لحظتها ما علىّ فعله .. سالت نفسى : ماذا تفعل الأنثى عندما يبكى الرجل ..؟ لم أتوقع يوماً أن أرى دموعه .. لم أتوقع أن ألمس ضعفه هكذا، كثيرة هى أوقات حزنه وكثيراً ما يقاسمنى وجعه ولكنها المرة الأولى التى يمزقنى فيها ضعفه .. شعرت بدفق من الحنان .. شعرت بالأُمومة تجاهه، لم أطلب منه أن يكف عن البكاء .. لم اقل له يجب أن تتماسك وأنك أكبر من هذا .. لم أنصحه بأى نصيحة .. لم أستطع أن أقول له أية كلمة من هذه الكلمات التى نقولها ظانين أننا نواسى بها الغير ونمسح بها أحزانهم .. لم أستطع قول كلمة وحدة أمام دموعه .. عجزت عن النطق .. لم يساعدن لسانى على إحراج أية كلمة .. لم أستطع وأنا أرى دموعه وأتذوق ملوحتها سوى ان أضمه إلى صدرى وأبكى معه فى صمت ودون كلمات








                  

العنوان الكاتب Date
سجين خارج القفص رانيا مامون01-05-03, 04:02 PM
  Re: سجين خارج القفص sharnobi01-05-03, 04:15 PM
  Re: سجين خارج القفص adel alsaed01-05-03, 04:23 PM
  Re: سجين خارج القفص azza01-05-03, 04:31 PM
  Re: سجين خارج القفص نادر01-05-03, 05:09 PM
  Re: سجين خارج القفص SUKARA01-05-03, 08:00 PM
  Re: سجين خارج القفص أبكر آدم إسماعيل01-05-03, 09:49 PM
    Re: سجين خارج القفص أبنوسة01-06-03, 09:59 AM
      Re: سجين خارج القفص مهاجر01-06-03, 10:46 AM
  Re: سجين خارج القفص رانيا مامون01-06-03, 10:47 AM
  Re: سجين خارج القفص رانيا مامون01-06-03, 02:00 PM
  Re: سجين خارج القفص solara01-06-03, 06:19 PM
  Re: سجين خارج القفص layon01-06-03, 06:38 PM
    Re: سجين خارج القفص Ishraga Mustafa01-06-03, 11:11 PM
      Re: سجين خارج القفص degna01-07-03, 06:02 AM
      Re: سجين خارج القفص degna01-07-03, 06:04 AM
  Re: سجين خارج القفص رانيا مامون01-07-03, 02:14 PM
  Re: سجين خارج القفص أحمد أمين01-07-03, 04:12 PM
    Re: سجين خارج القفص Mandela01-08-03, 08:26 PM
      Re: سجين خارج القفص هدهد02-23-03, 08:48 PM
  Re: سجين خارج القفص zumrawi02-24-03, 03:56 AM
    Re: سجين خارج القفص الجندرية02-26-03, 07:24 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de