النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-25-2024, 12:39 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2002م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-28-2002, 12:10 PM

أبنوسة
<aأبنوسة
تاريخ التسجيل: 03-15-2002
مجموع المشاركات: 977

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي

    ما احاول القيام به هنا هو التقرب، بايجاز شديد، من ثلاثة مفاهيم، هي على التوالي: النسوية، والكتابة النسوية، والنقد النسوي. فهذه المفاهيم، وبخلاف ما يبدو للوهلة الاولى، ليست بديهية او واضحة بذاتها، ولا هي محل اتفاق عام حتى بين النسويين انفسهم، بل خاصة بين النسويين انفسهم.


    ولأن مصطلح النسوية الشائع الان في ثقافتنا العربية هو المقابل العربي للكلمة الاجنبية Feminism، فإنني اجد من الضروري ان نلتفت قليلاً الى هذه الكلمة الاجنبية وما يرتبط بها من كلمات اخرى لابد من ايجاد مقابلاتها العربية الدقيقة والمميزة. وما نلاحظه هو ان كلمة Feminism (التي سنقابلها بالعربية بكلمة نسوية) ترتبط في اللغة الانجليزية بكلمتين اخريين هما Female (التي سنقابلها في العربية بكلمة انثى) وFeminine (التي سنقابلها بكلمة انثوي) وذلك في الوقت الذي تتميز فيه كل كلمة من هذه الكلمات عن بعضها بعضاً على الرغم من ترابطها وتداخلها.


    ففي المعاجم الانجليزية الشائعة، والتي تعكس على مستوى اللغة ما هو سائد من ثقافة بطريركية، نجد ان كلمة Female انثى هي صفة واسم في الوقت ذاته. فهي تشير كصفة الى انتماء الموصوف الى الجنس القادر على انجاب الاطفال او وضع البيوض، كما تشير كاسم الى شخص او حيوان ينتمي الى هذا الجنس. اما كلمة Feminin انثوي، فهي صفة تشير الى التمتع بصفات ينظر اليها على انها مطابقة للنساء (كاللطف والرقة والعذوبة..الخ) واخيراً فإن كلمة Feminism تشير الى مذهب يدافع عن النساء وحقوقهن وضرورة ان تكون لديهن فرص مساوية لفرص الرجال.


    هذا في المعاجم الشائعة، اما لدى انصار النسوية فنجد اصراراً مماثلاً، بل اشد على التمييز بين هذه المفاهيم. وهو اصرار يبلغ في بعض الاحيان حد القول: ان بيان الاختلاف بين هذه المفردات قد يكون كافياً لجلاء القضايا الاساسية النظرية والسياسية في النسوية. وبحسب هذا الرأي فإن كلمة Female انثى تشير الى العناصر البيولوجية البحتة التي تميز النساء جنسياً عن الرجال، فهي تشير اذن الى البيولوجيا والطبيعة. اما كلمة Feminine انثوي فتستعمل للاشارة الى ما تفرضه المبادئ الثقافية والاجتماعية البطريركية من انماط الجنس والسلوك، فهي تشير إذن الى الثقافة، بمعنى مجموعة الصفات المحددة ثقافياً واجتماعياً وتاريخياً والمفروضة على النساء ككل بوصفها جوهرهن الطبيعي وعلى العكس من ذلك، فإن انصار النسوية اما ان يحاولوا نقض الصفات السابقة وتبيان ان النساء يتمتعن بصفات غير هذه الصفات التي يخصهم بها المجتمع البطريركي، واما ان يرفضوا هذا التعريف للانثوي جملة وتفصيلاً ليروا في الانثوي موقعاً اجتماعياً هو ذاك الذي يهشمه النظام البطريركي بدل ان يروا فيه مجموعة من الصفات المحددة اجتماعياً وثقافياً سواء كانت سلبية او ايجابية. وذلك في محاولة للفرار من مخاطر الاعتقاد بوجود جوهر معين، بيولوجي او ثقافي، يسم النساء جميعاً. واخيراً، فإن كلمة Feminism نسوية تشير الى قضية سياسية تتعلق بحرية المرأة الجديدة التي بزغت اواخر الستينيات من القرن العشرين.


    وباختصار، فإنه اذا كان الصراع بين النسويين والمجتمع البطريركي يدور حول نفي الجوهر البيولوجي للنساء، اي حول نقض محاولة المجتمع البطريركي مطابقة الانثوي مع الانثىFeminine مع (Female وتبيان ان الانثوي هو بناء ثقافي واجتماعي ليس معطى طبيعياً، فإن الخلاف بين النسويين انفسهم يدور حول مفهوم الانثوي ذاته (Feminine)، حيث السؤال الاساسي الذي يشق النسويين الى معسكرين كبيرين هو: هل يشكل الانثوي، الذي هو بناء ثقافي، جوهراً ثقافياً للنساء ام ان الامر يدور حول نقد كل جوهر ثابت، سواء كان بيولوجياً ام ثقافياً؟ فاضطهاد النساء، شأنه شأن العنصرية ليس بالضرورة ان يبقى مرتكزاً على البيولوجيا، بل بمقدوره ان يرتكز على الثقافة ما ان يقال ان مجموعة الصفات الثقافية والاجتماعية التي يتميز بها هذا العرق او هذا الجنس ثابتة، تتعدى المراحل التاريخية ولا تخضع للتاريخ. وكما تتحول العنصرية من البيولوجيا الى الثقافة كذلك يتحول التمييز بين الجنسين مثل هذا التحول. وهذا ما يجب الانتباه اليه اشد الانتباه. وهو ما ساحاول الالتفات اليه من خلال السؤال ما النسوية وما الكتابة والنقد النسويين، حيث يتركز الامر الاساسي حول النظر الى الانثوي والانوثة، وما اذا كانت جوهراً بيولوجياً او ثقافياً ثابتاً ام لا، وحيث الاجابة على ذلك هي التي تفصل النسويين عن القيم البطريركية من جهة وعن بعضهم بعضاً من جهة اخرى.


    ما النسوية؟ يمكن فهم النسوية على انها حركة اجتماعية ونظرية تتبادلان التأثير واحدثهما في الاخرى وتعنيان كلتاهما بازدهار النساء وتحررهن. فالنسوية، بمعنى الحركة الاجتماعية، هي ظاهرة اجتماعية تاريخية فحيثما كانت الاوضاع الاجتماعية قامعة للنساء، ولطالما كانت كذلك بالطبع، كان ثمة ايضاً ميول بين النساء للمقاومة، بل ومحاولات لاعادة بناء العالم على نحو مغاير. ففي بعض الازمنة والامكنة تصاعدت هذه الميول لتنضوي في حركات، اي في نسق من الأفعال والممارسات الواعية التي تنظر الى نفسها على أنها قوة موجهة لنقد تلك الاوضاع الاجتماعية وتغييرها. اما النسوية، بمعنى النظرية، فهي منظومات من المفاهيم والافتراضات والتحليلات التي تصف اوضاع النساء وتجاربهن وتقف على اسبابها وتقدم رؤى ووجهات نظر تتعلق بكيفية تحسين هذه الاوضاع أو تغييرها.


    والحق ان من الممكن الكلام على نسويات او نظريات نسوية كثيرة، فهناك من هذه النظريات ما يتجاوز في عدده عدد التيارات الفكرية والسياسية والنقدية التي ترتكز اليها هذه النظريات (كالليبرالية، والماركسية، والوجودية، والماركسية الوجودية، والتحليل النفسي، والماركسية الفريدوية، والبنيوية، والماركسية البينوية، والتفكيك، والتفكيك الماركسي، والمثلية، والزنجية وما بعد الكولونيالية.. الخ).


    وهذا ما شكك بعض النسويين انفسهم في السنوات الاخيرة بامكانية الكلام عن مصطلح محدد ومتسق هو النسوية، لذلك ان تعدد هذه النظريات بخلق انطباعا مفاده الا سبيل الى وضع اليد على مبدأ أو مذهب او منهج او رؤية تشترك بها هذه النظريات جميعا، وبالمقابل، فان ثمة من يقارب الامر بطريقة ترى ان من غير الضروري ان نحدد مذهبا مشتركا بين النسويات المختلفة، او ان نحاول ايجاد مصطلحات لها المعاني ذاتها لديها جميعا. حيث يمكن للمرء أن يتكلم من داخل منطق نسوية معينة ثم يرصد، ومن هناك، ابعاد الائتلاف والاختلاف مع النسويات الاخرى. خاصة ان الحوار المتبادل بينها جميعا قد كان له الى الآن فوائد جمة على الرغم من الاختلاف الجذري الشديد بعض الاحيان.


    وما يمكن ان نلاحظه لدى القيام بمثل هذا الاجراء هو ان نوعا من الاتفاق بين جميع النسويات على ان ثمة ضروبا منتظمة من الظلم وعدم المساواة، عبر التاريخ ولدى جميع الثقافات، تخضع لها النساء، وذلك على الرغم من اختلاف الاسماء والمصطلحات التي تطلق على هذا النوع من اللا مساواة. (سيطرة الرجال ـ الجنسانية ـ اللا مساواة القائمة على الهوية الجنسية ـ التمييز الجنسي ـ الاضطهاد الجنسي ـ الجنسية الغيرية ـ النظام التراتبي القائم على الجنس والهوية الجنسية ـ كراهية النساء المنظمة ـ تشكيل النساء كطبقة مستغلة ـ البطريركية بوصفها ديانة كونية ـ تسيد الرجال.. الخ).


    ما الكتابة النسوية


    ثمة مقولة شائعة هي مقولة «كتابة النساء». وعلى الرغم من انه كان هنالك على الدوام نساء كاتبات، الا ان هذه المقولة لم تعد مقولة ادبية مميزة، وحقل دراسة محترماً، بل وسوقا للنشر مربحة، الا مع النسوية الحديثة، وخاصة مع ظهور النقد الادبي النسوي، غير ان ذلك كله لم يخرج هذه المقولة من كونها محل خلاف شديد، فمن منظور عملي: هل تنتمي جميع النصوص المكتوبة من قبل نساء الى هذه المقولة، لمجرد ان كتابها من جنس النساء؟ ام ان على «كتابة النساء» ان تكون معنية بـ «قضايا النساء»، او حتى ان تكون تسوية كيما تضمها هذه المقولة؟ ومن منظور جمالي: هل هناك ما هو مشترك في كتابة النساء من حيث الثيمات، والاساليب ومختلف الصناعات والتقنيات الاخرى؟ واذا ما كان الامر كذلك، هل يمكن الكلام على جماليات انثوية، او حتى جماليات نسوية مميزة؟ ومن منظور سياسي: الا تؤدي معاملة الكتاب النساء على نحو مستقل ومنفصل عن الثقافة السائدة الى خطر عزل كتابة النساء في جيتو من جنس واحد، الامر الذي قد يدفع الى تجاهلها واضعاف اثرها؟ ومن منظور فلسفي، فان السؤال الخطير هو: هل هناك صفة جوهرية ثابتة ما ـ بيولوجية او ثقافية ـ تحدد كتابة النساء وتميزها، بصرف النظر عن اختلافاتهن الاجتماعية والسياسية، الامر الذي يجعل من مقولة النساء او من مقولة الانوثة جوهرا متعاليا على التاريخ والاجتماع، وهو مما يعكس القول ان «الانوثة ليست انتاجاً بيولوجياً او طبيعيا وليست مسلمة أو بداهة، بل نتاج ثقافي وتاريخي؟


    لقد افترض كثير من النسويين ان مجرد وصف تجارب المرأة النمطية هو فعل نسوي تحرري. واعتقدوا ان التجربة الانثوية هو جوهر الكتابة النسوية والجماليات النسوية والسياسة النسوية، غير ان نسويين اخرين رأوا غير هذا الرأي، فمع ان مثل هذا الامر صحيح من ناحية معينة، اذ ان النظام البطريركي يحاول دوما اسكات المرأة وكبت تجاربها، مما جعل مجرد وضعها محط الانظار استراتيجية هامة ضد البطريركية، الا انه ليس صحيحا من ناحية اخرى، حيث يمكن اظهار تجارب المرأة بطرائق شتى منها ما يكرس دونيتها واضطهادها ومنها ما يفعل عكس ذلك. ذلك ان تجربة المرأة يمكن ان تخضع، حتى من قبل النساء انفسهن، لتفسيرات سياسية متنازعة ولطرائق تناول ادبية متباينة ومتفاوتة، مما يجعل الايمان بأن تجربة الانوثة هي حافز لتحليل نسوي دليل سذاجة وجهل سياسي ونظري وابداعي. فالتجربة المشتركة لا تكفل بالضرورة قيام تصور نظري وحركي مشترك. والنسوية باعتبارها نظرية وحركة اجتماعية واعية لا يمكن ان تكون مجرد انعكاس او نتاج لتجربة النساء. كما ان الكتابة النسوية التي تبقى عند مستوى التجربة هي في خطر من ان تغرق في /أو ان ترتد الى نزعة جوهرانية تحيل الانوثة الى جوهر ثقافي ان لم يكن بيولوجيا.


    ولعل من الضروري، على هذا الاساس، ان نفرق بين ضروب الكتابة و(الفن) التي تنتجها النساء بما يحترم هذه الاعتراضات جميعا ويفرق بين نسوية واخرى، وبين كتابة نسوية واخرى، وبين نقد نسوي واخر. ومن اجل هذا التفريق فاننا ندعو بـ «الكتابة النسائية» او «كتابة النساء» كل كتابة تكتبها امرأة سواء عنيت بقضية المرأة والانوثة والنسوية ام لم تعن، بدءا بروايات عبير المكتوبة من قبل نساء، مرورا ببكائيات النساء وخواطرهن التي قد يعن على بالهن تسميتها قصصا وروايات وصولا الى اروع الاعمال الابداعية سواء على صعيد اشكالها او مضامينها. وهذا يعني ان الكتابة الانثوية التي تركز على التجارب النمطية للنساء وكذلك الكتابة النسوية يمكن ان تكون «كتابة نساء» (وهي كذلك في اغلب الاحيان لان غالبية من يكتبون كتابات انثوية او نسوية هم من النساء) لكن العكس ليس صحيحا بالضرورة اي ان كتابة النساء قد لا تكون انثوية ولا نسوية. كما ندعو «كتابة انثوية» كل كتابة ترتكز على وصف وتناول التجارب النموذجية للمرأة، او كل كتابة همشها وقمعها واسكتها النظام الاجتماعي ـ اللغوي السائد مما يتعلق بتجربة الانوثة. ومعنى هذا ان الكتابة الانثوية قد تكون نسوية وقد لا تكون. وذلك لاننا نميز «الكتابة النسوية» بأنها كل كتابة تتخذ موقفا واضحا ضد البطريركية والتمييز الجنسي، لا على مستوى الوعي والمضامين وحسب، وإنما على مستوى تثوير الاشكال والادوات الفنية ايضا، فهذه الاشكال والادوات هي عدة الادب والفن في السبر والاستكشاف والارتقاء بالمضامين.


    ما النقد النسوي؟ ما النظرية الادبية النسوية؟ ظهرت النظرية الادبية النسوية، باسمها هذا، من تداخل حركتين متزامنتين انما منفصلتين. اولاهما حركة النساء التي عمت معظم ارجاء العالم في ستينيات القرن العشرين، وثانيتهما هي الحركة المعروفة باسم «ما بعد البنيوية» ويمكن القول، بوجه عام، ان هذه النظرية الادبية هي شكل نقدي من اشكال المعرفة يحلل الاشكال والممارسات الادبية وخطابات النقد الادبي والنظرية الادبية من حيث الدور الذي تلعبه في تعزيز او تفكيك التراتيبات القائمة على اساس الجنس والهوية الجنسية، وربما في علاقة كل ذلك بالطبقة والعرق والقومية.. غير ان هذه النظرية لم تنتشر الا في الثمانينيات من القرن العشرين، اما قبل ذلك فكانت تدعى بالنقد الادبي النسوي. ويمكن التفريق بين الاثنين بالقول ان النقد الادبي النسوي هو ممارسة بحثية تعنى بالتحليل الدقيق والمحكم للنصوص الادبية من وجهة نظر نسوية، في حين ان النظرية الادبية النسوية تتجاوز ذلك الى المكنونات السياسية والفلسفية التي ينطوي عليها كل خطاب من حيث موقفه من قضية المرأة وتحررها، بما في ذلك مراجعتها لمفهوم الادب ذاته.


    ولقد مر النقد النسوي بمراحل متتالية ومتداخلة. ففي بداياته ركز هذاالنقد على الكشف عن كراهية النساء في الممارسات الادبية. ورصد الصورة المتكررة للنساء في الادب بوصفهن ملائكة او مسوخ شيطانية، الامر الذي انطوى على اساءة ادبية للنساء في ادب الذكور الكلاسيكي والشعبي على حد سواء، فضلا عما كان قائما من استبعاد النساء من التاريخ الادبي. ومن الكتب الاساسية في هذه المرحلة كتاب كيت ميليت «السياسات الجنسية» 1970.


    اما المرحلة الثانية، فكان عنوانها الاساسي هو اكتشاف ان للنساء ادبهن الخاص المترابط تاريخيا وانشائيا، بالاضافة الى اهميته الفنية، ولقد ادى التركيز على كتابة النساء كميدان خاص للبحث الى استعادة واسعة واعادة قراءة للأدب الذي وضعته نساء من مختلف القوميات ومن مختلف الفترات التاريخية بغية الكشف عن الاستمرارية والتماثل في كتابة النساء. وهكذا ومنذ عام 1979 توسعت هذه الدراسات، حتى غدونا امام سرد من التاريخ الادبي النسائي الذي يصف المراحل التطورية لكتابة النساء خلال اكثر من ثلاثة قرون، من مرحلة التقليد مرورا بمرحلة الاحتجاج وصولا الى تجديد الذات. وقد حاول هذا السرد ان يحدد الروابط التي تربط ادب النساء على اختلاف المراحل التاريخية وعلى اختلاف الاوطان، سواء من خلال الصور المتكررة او الافكار او الحبكات، مما قيل انه ينشأ جميعا عن التجربة الانثوية الاجتماعية والنفسية والجمالية في الثقافات التي يحكمها الذكور.


    ومن اهم الكتب في هذه الفترة كتاب «أدبهن الخاص» 1977 لإيلين شوولتر، وكتاب «المجنونة في العلبة» 1979 لساندر جيلر وسوزان جوبار. ففي كتابها «ادبهن الخاص»، حاولت ايلين شوولتر، ومن منطلق ليبرالي انسانوي، ان تعيد بناء نوع من التراث او التقليد في ادب النساء. وفي مقالتها «نحو شعرية انثوية» 1981 دافعت عن مصطلح الـ gynocritics، ومعناه دراسة كتابة النساء وابداعهن من منظور التجربة والثقافة الانثويتين، واعتبار ذلك بمثابة الاساس للنقد النسوي.


    غير ان الانتقادات سرعان ما ظهرت وهذا ما شكل المرحلة الثالثة من النقد والنظرية النسويتين. ويمكن القول بأن الانتقادات التي وجهت لايلين شوولتر خاصة قد جاءت من ثلاثة مصادر، اولها هو الناقدات النسويات الماركسيات. وثانيها هو الناقدات ما بعد البنيويات، وثالثها هو الناقدات الزنجيات. ولقد فرض هذا النقد اعادة تقويم كبرى للميراث النسوي للسبعينيات وللإنسانوية الليبرالية التي شكلت اساسا له. ويمكن تلخيص هذا النقد بالقول بضرورة دراسة الروابط بين الهوية الجنسية وعلم الاجتماع والادب بدلا من التركيز الحصري على كتابة النساء والمخاطرة بخلق غيتو نسائي. ذلك ان اقامة النقد النسوي على كتابة النساء فيه مخاطرة بتعزيز قناعة مفادها ان للمرأة هوية جوهرية قائمة على تجربتها وتتعالى على اختلافات الثقافة والعرق والطبقة.. الخ. ومن الناقدات المهمات في هذه المرحلة ثمة ميرا جيلان، ولوسي ايرجاري، وجوليا كريستيفا، وهيلين سيكسو، وتوريل موي، فضلا عما برز منذ اواخر الثمانينيات من النقد النسوي ما بعد الكولونيالي (غاياتاري سبيفاك خاصة) الذي ينظر في علاقة الامبريالية بقضية النساء، والنقد النسوي المثلي (ايف سيدجويك، مثلا).


    ومن الواضح هنا ايضا ان الذي ميز بين الناقدات النسويات، بالاضافة الى اختلاف مناهجهن ومنطلقاتهن، هو الخلاف على «الانوثة» وما اذا كانت جوهرا ثقافيا ثابتا، سواءاً كان سلبيا ام ايجابيا فالناقدات الجديدات رأين ان على النقد النسوي ألا يكتفي بمجرد الاهتمام بالهوية الجنسية وتجربة الانوثة في الادب. ذلك ان مهمة الناقدات النسويات وواضعات النظرية النسوية هي الكشف عن الآلية التي تتم بها هيمنة الرجال على النساء، وعن الآلية التي تتشكل بها الايديولوجيا البطريركية وعلاقتها بمفهوم القوة والسلطة. ولذا يكون النقد النسوي نوعا خاصا من الخطاب السياسي، هو تطبيق نقدي ونظري يلتزم بالصراع ضد البطريركية والتمييز الجنسي، وليس مجرد اهتمام بالأنوثة. وعلى هذا الاساس فإن مجرد كون الناقد انثى لا يضمن استخدام المنهج النسوي. فاختيار الكثير من الناقدات ان يكتبن عن الكاتبات هو اختيار سياسي حاسم ولا شك غير انه ليس تعريفا للنقد النسوي. فوحدة هذا الاخير لا تتحقق من خلال موضوعه، وإنما من خلال وجهة نظره السياسية.


    والحق ان وجهة النظر السابقة هي وجهة نظر النسويات الماركسيات بصورة اساسية اما الناقدات ما بعد البنيويات، وخاصة كريستيفا، فقد مضين بتفكيك مفهوم «الانوثة» الى الحد الذي يمكن ان يهدد بمحو الذات، ويهدد تاليا قيام اي تضامن بين الذوات النسائية. وهكذا فإن الامر الاساسي في النسوية، وفي الادب والنقد النسويين، يمضي من رفض مفهوم الانوثة بوصفه جوهرا بيولوجيا الى تكريس مفهوم الانوثة بوصفه جوهرا ثقافيا، الى رفض هذا الجوهر وتفكيكه، الى الاختلاف على الحد الذي ينبغي ان يصل اليه هذا التفكيك، مما يؤثر في جميع الاحوال على سياسات الحركة النسوية واستراتيجياتها اشد التأثير.








                  

العنوان الكاتب Date
النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي أبنوسة06-28-02, 12:10 PM
  Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي Abdel Aati06-28-02, 01:52 PM
    Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي أبنوسة09-14-02, 10:51 PM
  Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي zumrawi09-14-02, 11:49 PM
  Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي zumrawi09-18-02, 09:56 PM
    Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي أبنوسة04-04-03, 08:46 AM
  Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي الجندرية04-04-03, 09:02 PM
    Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي Abdel Aati04-04-03, 10:39 PM
  Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي bent-elassied04-05-03, 06:08 PM
    Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي Ishraga Mustafa04-05-03, 07:34 PM
  Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي zumrawi04-05-03, 07:30 PM
    Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي sympatico04-05-03, 10:14 PM
      Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي أبنوسة04-06-03, 05:39 AM
        Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي هدهد04-06-03, 06:25 AM
          Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي أبنوسة04-06-03, 10:29 AM
            Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي Eima04-06-03, 03:29 PM
              Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي Abdel Aati04-07-03, 04:19 AM
                Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي الجندرية04-09-03, 10:06 AM
                  Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي أبو ساندرا04-09-03, 11:42 AM
                    Re: النسوية، الكتابة النسوية، النقد النسوي Abdel Aati04-10-03, 03:46 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de