المعرفة والقوة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-08-2024, 05:33 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2002م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-21-2003, 09:07 PM

Elsadiq
<aElsadiq
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 1657

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المعرفة والقوة


    تبرعم الامبراطورية الامريكية ومصير العراق

    كمال ابو ديب

    (1)

    قد يكون سليما، وقد لا يكون، ان يقال: ان كل ثورة معرفية ضخمة في التاريخ ادت الي تشكل حركة استعمارية شاسعة، وكانت ذات مكون اقتصادي مادي بارز.
    بين القرن الأول والقرن الحادي والعشرين للميلاد حدثت عدة ثورات من هذا النمط. اعظمها اثرا الثورة العربية الاسلامية، وثورة المعرفة الجغرافية، والثورة العلمية ـ الصناعية، والثورة العلمية التقنوية الالكترونية والحيواتية (المتعلقة بعلوم الحياة ـ البيولوجيا) التي نعيش في خضمها الآن. عن الثورة الأولي بزغت حركة التوسع العربي في التاريخ، والاستعمار العربي للعالم، وتكوين الامبراطورية العربية، وعن الثانية والثالثة ولدت حركة الاستعمار الاوروبي الغربي، من اسبانيا والبرتغال الي فرنسا وبريطانيا وتكونت الامبراطوريات الاوروبية وخاصة البريطانية.
    وتولد الثورة الرابعة الآن المد الامريكي الجامح وتشعر ببداية تكوين امبراطورية امريكية. اما الحركات الاستعمارية الاخري فقد كانت اقل جذرية واقصر مدي مكانيا او زمانيا، ولم تتوفر لها الشروط المعرفية والاقتصادية نفسها فلم تترك الآثار العميقة المماثلة.
    ويلاحظ في ذلك كله الانتقال بخط واضح من الشرق الي الغرب، من آسيا الي اوروبا ثم امريكا، ومن حوض بحر الي آخر: الاحمر ـ الهندي ـ فالمتوسط، الي الاطلسي ثم باتجاه الهادي.
    وكل مد امبراطوري اتخذ شكلا فيزيائيا واضحا: توسع جغرافي، وانتشار بشري عبر بقاع مختلفة ومتعددة من العالم، قريبة وقصية. وكان كل توسع من هذا النمط ذا فرعين متكاملين. انتشار لقوة عسكرية، وفيض سكاني من اهل المركز القوي باتجاه الاقاليم المحتلة واليها. انتشر العرب في العالم عسكريا وسكانيا، واستوطنوا البقاع التي احتلوها وتناسلوا فيها، واختلطوا بأهلها ثم اصبحوا السكان الاصليين للعديد منها، وانحسروا عن بعضها. وانتشر الاوروبيون عسكريا وسكانيا، واستوطنوا البقاع التي احتلوها وتناسلوا فيها، وصاروا السكان الاصليين لبعضها فيما ظلوا اقليات حاكمة في بعضها الآخر، ثم انحسروا عنها. وما يميز المد الامريكي هو انه توسع عسكري خالص. ولا يرافق هذا التوسع العسكري فيض بشري سكاني استيطاني. لذلك لم تتشكل حتي الآن امبراطورية امريكية بالمعني التقليدي للكلمة، (وقد يقول قائل ان هناك امبراطورية امريكية قائمة بالفعل لكنها شكل جديد مختلف من اشكال الامبراطورية يعيد تحديد دلالات المفهوم والصلح. غير انني شخصيا لا أري هذا الرأي)، بل طغت هيمنة عسكرية ونفوذ سياسي واستغلال اقتصادي للمناطق المحتلة عسكريا كمصادر للمواد الخام وكأسواق استهلاكية للبضائع الامريكية بما فيها انتاج المصانع العسكرية وكتحصينات بعيدة عن المركز الامريكي تعتبرها الولايات المتحدة ثغورا ضرورية لحماية نفسها ممن تعتبرهم اعداء لها.
    الحضور الامريكي في العالم، بهذا المعني، حضور علي ساق واحد. كان وما يزال لكن أتراه يبقي كذلك؟

    (2)

    تشعر سياسات الولايات المتحدة منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، ومع وصول جورج بوش الصغير الي الحكم خاصة، بأنها تطمح الي تركيب الساق الثانية لنفسها ولتحويل حضورها في العالم الي حضور امبراطوري تقليدي. وقد اعلن علي ذلك انهيار الاتحاد السوفييتي وانكماش قوة روسيا ونفوذها، وتحول اوروبا الشرقية الي حليف امريكي، واطروحات صامويل هنتنغتن حول صدام الحضارات الحتمي (التي تشكلت السياسة الامريكية في ضوئها وانطلاقا منها في تقديري)، ووهم تحول الاسلام (ايا كان معني هذا المصطلح) الي قوة عالمية مناوئة لامريكا، وبداية صعود الصين الي مرتبة القوة العظمي، وعوامل اخري بينها الموجة التي اسموها العولمة، وبزوغ الولايات المتحدة بوصفها القوة العظمي عسكريا واقتصاديا.
    وامريكا في ذلك تسلك سلوك كل قوة عظمي في التاريخ تنشر شباك قوتها مديدة فوق العالم وتقبض عليه في اغلال اسرها لامتصاص دمائه والتغذي بها. وكان اول تعبير مباشر عن هذا التوجه الجديد احتلال افغانستان ماديا بدلا من القصف الجوي لها، كما كان قد حدث في يوغسلافيا مثلا. وهو احتلال كنت قد اقترحت انه سيتم منذ الهجوم الجوي علي امريكا في 11 ايلول (سبتمبر) المشهور وقلت انها ردة الفعل الامريكية المتوقعة لن تكون ردة فعل بحق، ولن تتخذ شكل ضربة عسكرية من مدي بعيد، بل ستكون فعل تنفيذ لخطة مبيتة، معدة سلفا، ومرسومة بعناية وهو ما حدث فعلا. فالوجود الامريكي في افغانستان احتلال بالمعني التقليدي الخالص للكلمة وسيدوم طويلا لاسباب ودوافع عديدة اهمها مواجهة الصين الصاعدة في عقر دارها، لا من مكامن الصواريخ في الولايات المتحدة، والسيطرة علي مصادر النفط الجديدة ووراثة الاتحاد السوفييتي في جمهوريات آسيا، ثم مجابهة روسيا التي ستلملم اعضاءها المتناثرة ذات يوم، والتحسب للهند وباكستان وقوتهما، ثم ـ وذلك ما سيثير الاستنكار من قبل ا لكثيرين ـ البقاء في موقع نفوذ قوي بازاء الحركات الاسلامية في آسيا كلها للتأكد من القدرة علي الافادة منها ومنع تحولها الي عدو للولايات المتحدة. وانا شخصيا لا اؤمن بأن امريكا تعتبر المد الديني بأي من اشكاله والاسلامي بينها، مناوئا لها بل تري فيه حليفا طبيعيا تستطيع دائما استثماره لصالحها، رغم ما يبدو الآن من تحول اطراف قليلة من الحركات الاسلامية الي عدو لامريكا لاسباب مرحلية واقليمية خالصة.
    لاحظ مثلا ان امريكا تدعم المعارضة العراقية بما في ذلك الحركة الاسلامية ضمنها، وتدعم حركة الشيشان.

    (3)

    في هذا السياق الذي رسمته بوسعنا ان نقرأ ما يحدث الآن بازاء العراق. ان التوجه الامريكي الجديد يقضي باحتلال العراق فيزيائيا والبقاء فيه، لا بمجرد اسقاط صدام حسين ونظامه، فامريكا نفذت حرب العراق الأولي، وكان احتلال الكويت احدي حلقاتها، كما كانت قد شجعت العراق علي محاربة ايران، لاحتلال منطقة الخليج العربي فيزيائيا. وقد فعلت ذلك في جزء كبير من المنطقة. ويبقي العراق لتكتمل السيطرة جغرافيا علي المنطقة بأكملها. واظن ان السؤال الذي يواجه الادارة الامريكية الآن هو: هل ومتي تحتل العراق؟ السؤال ليس: هل تسقط نظام صدام حسين او لا تسقطه. ويبدو لي ان امريكا لم تتخذ قرارا حاسما بازاء السؤال الذي صنعته، وان سياستها متخبطة، مترددة، وان ما يصدر عنها بلسان جورج بوش المتعتع قعقعة سلاح لا خطة لحرب. هناك اتجاه يدعو الي احتلال العراق، واتجاه يدعو الي الاكتفاء بما تم احتلاله من مواقع حتي الآن في المنطقة وابقاء القوة العسكرية الامريكية مهيمنة، وابقاء نظام صدام حسين ليكون دائما مصدرا للتوتر في المنطقة وتشتيت البلدان العربية ومسوغا كامنا يتطلب توسيع الحضور الامريكي في الخليج عسكريا ويبرره امام العالم وبعض العرب ويسمح لامريكا بمتابعة ابتزاز دول المنطقة خصوصا ببيعها اكداس السلاح الامريكي المتجدد سنة بعد سنة. وكذلك من اجل ترسيخ الرسالة الدائمة لامريكا، وهي انها سيدة القوة في العالم ودولته العظمي.
    بيد ان الضعف الامريكي الحقيقي في مسار صنع الامبراطورية الجديدة يكمن في ان الاحتلال العسكري الامريكي لا يرافقه احتلال بشري سكاني استيطاني. فالامريكيون فيما يبدو قادرون علي النزوح للعمل المؤقت في مناطق النفوذ الامريكي كشركات وعمال ومشغلي اجهزة وباحثين عن المخدرات ومبشرين ومتصدقين. لكنهم عاجزون عن النزوح الاستيطاني الدائم. وقد يعود ذلك الي عقدة في تكوينهم النفسي تاريخيا، فهم اصلا نازحون مهاجرون من العالم القديم حديثو العهد بالرحيل. وقد ترفض ذاكرة العرق نزوحا جديدا بسبب قلق النزوح القديم الاصلي. لذلك لن يرافق احتلال العراق عسكريا ـ اذا حدث ـ نزوح سكاني استيطاني امريكي. وسيبقي احتلالا عسكريا خالصا يعتمد علي ايصال فئات محلية الي الحكم لتعمل تحت السيطرة الامريكية وتحول العراق الي مصدر للمواد الخام (وابرزها النفط) والي سوق جديدة للصادرات الامريكية وسوق عمل هائلة للشركات الامريكية في مرحلة اعادة البناء التي لا بد ان تتلو التدمير الآتي، كما تحوله الي قاعدة قوية لمناوأة ايران كلما دعت الحاجة الي ذلك، ولمواجهة القوي التي تعادي الولايات المتحدة.
    وفي هذا المفصل تدخل بريطانيا اللعبة لدوافع تخص مصالحها فقط. وفيما يظن الكثيرون ان سياسة بريطانيا تقوم علي ولاء شخصي من قبل توني بلير للامريكيين، فانني اعتقد ان السياسة البريطانية ذكية، خبيثة بالطريقة الانكليزية التقليدية، وان بلير ذكي، خبيث، بطريقة جامعته (وجامعتي) اكسفورد التي تتمتع في وجه طاغ من وجوهها بدرجة عالية من الباطنية والخبث والقدرة علي الطعن في الظهر بيد ترتدي قفازا حريريا، ان بلير يري الفرصة سانحة لاستثمار الانتصارات الامريكية في العالم بالتحالف مع امريكا وللافادة من المكاسب السياسية والاقتصادية الناجمة عن نفوذ سياسي جديد في العالم (واوروبا) بعد ان خبا مجد بريطانيا العظمي، وتأمين مصادر النفط (سينفد نفط بحر الشمال خلال عقدين قادمين)، وايجاد اسواق دائمة للشركات البريطانية، وكل ذلك بثمن بخس جدا بعض الخطابات وبضع طائرات وبضعة جنود وقبول شيء من المعارضة الداخلية والاوروبية، فالامريكيون هم الذين يحاربون، وبلير يعرف معرفة تامة انه ليس ثمة من خطر عسكري حقيقي او خسارة محتملة لبلده او عساكره. اما الموقف البديل، اي معارضة امريكا، فسيجعله واحدا من عشرات مثل المانيا وفرنسا، ولن يؤدي الي مكسب واحد لبريطانيا.

    (4)

    يبقي السؤال: هل ستحتل امريكا العراق؟ والآن ام بعد زمن؟ وهل الحرب واقعة قريبا، ام ان ذلك لم يئن اوانه بعد، وقد لا يئن.
    في التكهن مجازفة. مع ذلك سأجازف، ارجح ان المرحلة الراهنة لن تشهد حربا امريكية ضد العراق، وان ما يحدث الآن قعقعة لارهاب صدام حسين شخصيا ومن حوله بوهم انه قد يقرر التنازل والهرب او بوهم ان يحدث انفجار في الداخل في هيئة انقلاب عسكري تدعمه امريكا، وقعقعة لترسيخ الهيمنة الامريكية والارادة الامريكية علي المنطقة، وتأكيد هيمنة امريكا علي السياسة العالمية، وجزء من اعداد بعيد المدي للمستقبل، لم يكتمل تصور الامريكيين لخطوطه بعد، وبين خطوطه مصير العائلة الحاكمة في السعودية. هل يعمل الامريكيون علي اسقاطها الان ام يؤجلون ذلك الي خمس سنوات قادمة. اما العمل العسكري الفعلي فليس وشيكا، وقد لا يحدث لزمن، وقد لا يحدث فالمصالح الامريكية الراهنة في العالم وفي المنطقة العربية مؤمنة تماما دون حرب، ولا خشية عليها. ومصالح اسرائيل آمنة تماما ولا خشية عليها. وامريكا لا تشعر بعد بأنها تستطيع خلق عراق جديد تكون فيه قادرة علي خلق استقرار ملائم لها بين الفئات المتصارعة الكثيرة فيه. ولا تضمن ان تكون نتائج التشظي العرقي، والديني، والطائفي الناجمة عن الحرب قابلة للتسوية لصالح امريكا، وامريكا تعمل في هدي نظريات الخبراء والباحثين المختصين بأمور الشرق الاوسط والعالم العربي، بقدر ما تعمل في هدي جاسوسية السي. اي. ايه وهؤلاء الخبراء وبينهم عرب ـ يبالغون في تأكيد اهمية الانتماءات المذهبية والطائفية والدينية في العالم العربي كله ويرون ان سقوط الحكم المركزي في بغداد سيؤدي الي انشطار الي شيعة وسنة واكراد وعرب وغير ذلك، ولن يبقي العراق موحدا جغرافيا وسياسيا والسياسة الامريكية في هدي ذلك تخشي من انضمام شيعة العراق الي شيعة السعودية وشيعة ايران، كما تخشي من استقلال كردي سيؤدي الي مزيد من المتاعب لتركيا بسبب اكرادها. وهكذا دواليك كذلك لا تضمن امريكا مقدرتها علي معالجة مضاعفات تمزيق العراق علي الاوضاع في ايران وسورية خاصة.
    غير ان امريكا، رغم ذلك كله، ستمضي في القعقعة الراهنة وتكديس العتاد والعساكر. الي ان يبدو لها انها من اجل ان تركب لنفسها الساق الثانية للامبراطورية، ينبغي ان تحتل العراق فعلا وتمركز فيه آلافا من عساكرها وتغري الافا من مدنييها بالذهاب للعمل فيه، الي امد مؤقت لكنه طويل طويل.
    تري متي تحين الساعة؟ وهل تحين؟


    بروفيسور في جامعة لندن


    http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=2003\01\01-21\s...le=المعرفة%20والقوة:









                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de