(ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) اصدارة جديدة في معرض الخرطوم الاسبوع القادم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-11-2024, 10:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-15-2018, 06:09 AM

صلاح أبو زيد
<aصلاح أبو زيد
تاريخ التسجيل: 01-29-2011
مجموع المشاركات: 1434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا (Re: صلاح أبو زيد)

    جزء من ترجمة الفصل الاول لرواية أبسالوم أبسالوم لويليام فوكنر

    يتميز أسلوب الروائي الامريكي ويليام فوكنر. بالجمل الطويلة المعقدة التي وإن بدت للقاري ء مربكة إلا إن متعة القراءة لحد الدهشة يتعذر الحصول عليها في غيابها. وغياب الصور المركبة التي تزخر بها رواياته والكلمات ذات المعنى المزدوج ، وقعت في حب فوكنر من أيام الدراسة الجامعية حين كان يسوقنا أستاذنا الدكتور محمد أحمد محمود بأسلوبه الساحر والآسر عبر أحداث قصة زهرة لأجل السيدة إيميلي، في ما يلي محاولة أولية مني لترجمة رواية أبشالوم أبشالوم التي هي امتداد لأعماله الروائية الملحمية الرائعة عن الجنوب وأهله ، تفككه واضمحلاله.
    -1-

    من بُعيد السَّاعة الثّانية وحتى غروب شَمس ذلك الأصيل الطَّويل، والصَّامت والحار والمضجر من شهر سبتمبر، ظلا جالسين في الغرفة التي كانت الآنسة كولدفيلد تُصِرُّ على أن تُسَمِّيها مكتبًا؛ لأنَّ أباها قد سَمَّاها كذلك — غرفةٌ حارةٌ وخانقةٌ ذات شيشٍ مغلقٍ إغلاقًا محكمًا منذ ثلاثة وأربعين صيفًا؛ لأنَّ أحدهم، عندما كانت طفلة، رأى أنَّ الضُّوء وتيار الهواء يجلبان الحرارة، وأنَّ العتمة الدَّائمة أدعى للبرودة. تصبح تلك الغرفة، حين تكون الشَّمس في أوج سطوعها، على ذلك الجانب من البيت، مضاءةً بشرائط شبكيَّة صفراء محمَّلة بجزئيات الغبار، التي كان كونتن يعتقد أنَّها نتف من الطِّلاء القديم والجاف، التي طارت للداخل من على الشِّيش المتقشر كأنَّ ريحًا قد سفعتها.
    على تعريشةٍ خشبيَّةٍ أمام إحدى النَّوافذ ثمة نبتة وستاريا أزهرت مرَّتين في ذلك الصَّيف، وعليها كانت تحُطُّ عصافير الدُّورِي بين فينة وأخرى في أسراب عشوائيَّة، محدثة أصواتًا قويةً، حادةً وجافةً قبل أن تطير بعيدًا: وفي مواجهة كونتن جلست الآنسة كولدفيلد تتشح ثيابًا سوداء سرمديَّة، لا أحد يعرف إن كانت ترتديها حدادًا على أختٍ، أو أبٍ أو لا زوجٍ، على كرسي مرتفع جدًا حتى إنَّ ساقيها كانتا تتدليان مستقيمتين، ومُتَصَلِّبتين، كأنَّ عظام ساقيها وكاحليها كانت من حديدٍ، متحررتان من الأرضيَّة وعليهما ذلك الانفعال الخائر الذي تتسم به أرجل الأطفال. كانت تتحدَّث بنبرةٍ حادةٍ متحفظةٍ، ودهِشةٍ حتى تراجع الإصغاء وتبلبلت حاسة السَّمع من تلقاء نفسها، وتَجَلَّى موضوع إحباطها الهامد منذ أمدٍ بعيدٍ، واهنًا ومع ذلك لا يقهر، كأنَّما التَّكرار المريع قد استحضره، هادئًا ومسالمًا، من طيات الغبار المثابر والخامل والطَّاغي .
    لم يهمد صوتها بل تلاشى فحسب. وتبقت هناك الظُّلمة النَّتنة التي تشبَّعتْ بالرائحة الحلوة لنبتة الوستاريا التي أزهرت مرَّتين على الجدار الخارجي، تتكثف وتزداد كثافة لتعرضها لشمس سبتمبر الحارقة السَّاطعة، وعلى أفنانها تحلُّ عصافير الدُّورِي برفرفتها الصَّاخبة، الكئيبة التي تشبه فرقعة عصا لدنة يُلَوِّح بها صبي متبطل؛ والرَّائحة النَّتنة لإهاب أنثى استعصم طويلًا بالعُذْريَّة، وفي غضون ذلك كان الوجه المُصْفَرّ والشَّاحب يتأمَّله، من فوق المثلث الباهت لأشرطة الزِّينة التي تحلِّي جيدها ورسغيها، من على الكرسي المرتفع الذي بدت فيه كطفلةٍ مصلوبةٍ؛ لم يسكن الصَّوت ولكنَّه كان يتلاشى على فترات جيئة وذهابًا كخيط ماءٍ يجري من ضفةٍ رمليَّةٍ جافةٍ لأخرى، والشَّبح الغارق في تَأَمُّل مذعنٍ مبهمٍ، لكأنَّ هذا الصَّوت هو ما سحره حتى لا يكون له، مثل آخرين أوفر حظًّا، مأوى. من زَوْبَعَةٍ صامتةٍ ظهر بغتةً (إنسان — جواد — عفريت) على مسرحٍ وديعٍ ومحتشمٍ كلوحة ألوانٍ مائيةٍ تمنح جائزةً في مسابقةٍ مدرسيَّةٍ، من ملابسه، ومن شعره ولحيته كانت تنبعث رائحةٌ كبريتيةٌ كريهةٌ وطفيفةٌ، وخلفه احتشدت زمرته المكونة من زنوجٍ همجيين كوحوشٍ لم تروض بعد ترويضًا تامًا لتقف منتصبةً على قدمين كالبشر، في وضعيةٍ همجيَّةٍ ومطمئنةٍ، وفي وسطهم كان المهندس المعماري الفرنسي يرسف في الأصفاد بمظهره القاسي، والمنهك، الرَّث. ظلَّ الفارس الملتحي، رافعًا راحة يده، جامدًا على صهوة جواده؛ ومن خلفه احتشد السُّود الهمجيون والمهندس المعماري الأسير هادئين، وهم يحملون في مفارقةٍ سلميةٍ الجوارف والمعاول والفؤوس ليستولوا على الأرض بدون إراقة دماء. خُيِّلَ إلى كونتن، في خضم يقظته المديدة، أنَّه يشاهدهم يستولون بغتةً على مائة ميل مربع من الأرض السَّاكنة والمدهوشة، ويشيِّدون غصبًا بيتًا وحدائقَ متناسقةً من الفراغ الأخرس، ويلقونها كما تلقى أوارق لعب على طاولةٍ، تحت راحة اليد المرفوعة الجامدة والبابويَّة، مشيدين سُتْبن هندرد، شيء من قبيل لتكن هناك سُتْبن هندرد على غِرار العبارة الكائنة منذ الأزل: ليكن هناك نور. وإذ بسمعه قد أصلح ذات بينه وخُيِّلَ إليه أنَّه يصغى إلى شخصين منفصلين يحملان اسم كونتن: كونتن كمبسن الذي يعد نفسه للدراسة بجامعة هارفارد من الجنوب القصي الميت منذ سنة 1865 والمأهول بأشباح مهذارة ومرتبكة، مصغيًا، وعليه أن يصغي، لشبح من هذه الأشباح، الذي أبى أن يرقد بسلام منذ زمنٍ بعيدٍ قبل الآخرين، ليخبره عن الأيَّام الخالية للأشباح؛ وكونتن الذي كان حدثًا غيرآهل لنيل حظوة أن يكون شبحًا، ومع ذلك عليه أن يكون واحدًا منها؛ لأنَّه ولد وشبَّ في الجنوب القصي مثلها —- كان الشَّخصان المنفصلان اللذان يحملان اسم كونتن حينئذٍ يتحادثان في الصَّمت الطَّويل المقفر، بدون لغة على هذا النَّحو: يبدو أنَّ هذا العفريت — كان اسمه سُتْبن ( الكولونيل سُتْبن) —- الكولونيل سُتْبن، قد هبط من العدم على حين غرةٍ على الأرض مصطحبًا زمرة من الزُّنُوج الغرباء وامتلك مزرعة — (وانتزع غصبًا مزرعة، قالت الآنسة روزا كولدفيلد) —- انتزع غصبًا، وتَزوَّج أختها أيلين وانجب منها صبيًا وبنتًا، كلاهما — ( أنجبهما كلاهما بلا عاطفة، قالت الآنسة روزا كولدفيلد) —- بلا عاطفة.
    كانا سيصبحان جوهرتي فخاره وسنده وسلواه في شيخوخته، ولكنَّه —— (لكنَّه حطمهما أو شيء من هذا القبيل أو أنَّهما حطماه أو شيء من هذا القبيل ومات) —- ومات. دون أن يأسف لموته أحد، قالت الآنسة روزا كولدفيلد (خلافها هي) أجل خلافها هي ( وكونتن كمبسن) أجل وكونتن كمبسن.




















                  

العنوان الكاتب Date
(ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) اصدارة جديدة في معرض الخرطوم الاسبوع القادم صلاح أبو زيد10-14-18, 04:58 AM
  Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا osama elkhawad10-14-18, 05:32 AM
    Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا صلاح أبو زيد10-14-18, 06:37 AM
      Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا صلاح أبو زيد10-14-18, 03:40 PM
        Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا صلاح أبو زيد10-14-18, 04:38 PM
          Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا صلاح أبو زيد10-14-18, 06:07 PM
            Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا صلاح أبو زيد10-14-18, 10:32 PM
              Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا صلاح أبو زيد10-15-18, 06:09 AM
                Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا osama elkhawad10-19-18, 01:24 AM
                  Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا أبوبكر عباس10-19-18, 03:36 AM
                    Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا صلاح أبو زيد10-20-18, 02:42 PM
                      Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا صلاح أبو زيد10-20-18, 03:58 PM
                        Re: (ما تبقّى من عطر حَمِيدة على أوراق الشجر) ا صلاح أبو زيد10-21-18, 04:54 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de