|
|
 Re: فِيْ بَلَدِيْ يَا حَبَوْب (Re: دفع الله ود الأصيل)
|
{2}
ستنبت الأرض قمحاً ووعدا وتمنى كما قال ود المكى وسيكون لهذا الشعب القادم من رحم
المعاناة وفحش الكيل وسوء بضاعته سيكون له شأن وأى شأن ليتهم فقط يقرؤون التاريخ.
و لكن دعونا نختلف معك حول جزئية " ليتهم يقرأون التاريخ". فما ينقصنا أعمق
بكثير من مجرد التفاتة نحو كان أبي. و إنما نحنو بأمس حاجة لمن يعترف بحتمية
الكف عن نافلة قولنا " كان أبي ، و لنكتفي بمنطقية القول: "ها أنا ذا"
¶ و لعل أرق ما راق لي مما قرأت و سمعت عن ثقافة الاعتراف ثم
الاعتذار لغيرنا عن تخلفنا عن ركب الأمم التي تصبو للعيش و لو بنصف كرامة.
¶ الاعتذار قيمةٌ جليلةٌ من قيم الأدبِ و الأخلاق، و أسلوبٌ راقٍ في التعاملِ الحضاريِّ بين النّاس،
لا يتوفَّرُ إلاّ في شخصيّةٍ ناضجة متّزنةٍ، و بلا عقد، بالاعتذارِ يزيدُ قدرُ المرءِ لا ينقص كما يعتقدُ
بعضُ الحمقى، و يعلو لا ينخفض كما يحسبُ بعضُ المتزمّتينَ . إنّما المعضلةُ التي نعانيها في
مجتمعاتنا هي ندرةُ الإعتذار، و الإجحافِ في حقِّ هذه القيمةِ الرفيعة، والاستخفاف بقدرها..!!
∆ ذهب أستاذ في زيارة لليابان لإلقاء محاضرة في عيون "الأدب العربي" و استقل كبسولة
" قطار الطلقة "الذي تفوق سرعته ال طلق الناري، ما بين طوكيو و كيوتو.
[][][] يقـــــــــــول : في كل مرة أزور اليابان أعاهد نفسي علي ألا أعود ثانية إلي بلاد الشمس
المشرقة لما بها من تقدم و نظافة ونظام وأدب جمّ يصيب كل نشمي بالأسى والغثيان ،و كلها بالطبع
سفاسف عفى عليها الدهر ولا وقت لدينا. و ما إن وقفت علي رصيف القطار، وكنت أستعد لركوب القطار.
¶ كانت تذكرتي تشير إلي موقع مقعدي بالعربة الخضراء و أشار إلي مرافقي الياباني أن أقف في المكان المخصص
على الرصيف لباب عربتي ، وفي الموعد المحدد بجزء من الثانية وصل القطار وجاء باب العربة(999) مثلا، في مكاني
تمامن مع فارق بضعة مليمترات من حيث أقف. وأردت أن أعبر عن حنقي من ذاك الانضباط الزائد عن حده، فقلت له
مداعبا ً ،: ما هذا؟ إن باب العربة الخضراء جاء علي يميني بعدة مليمترات و ليس أمامي تماماً، كيف يسمح بتلك الفوضى؟!
¶ لكن الشاب الياباني لم يفهم دعابتي الثقيلة و كست وجهه حمرة الخجل، وأخذ يتأسف لما حدث،
مؤكدا أن هذا لا يحدث إلا نادرا، و وعدني بأنه سيخطر المسؤولين حتي لا يتكرر ذلك ثانية،
¶ فقلت له: أرجو ذلك، فمثل هذا التسيب يسيء إلي بلادكم أبلغ إساءة. ووضحكت في وجهه حتي
أخفف من حدة الموقف الذي انقلب بسرعة لم أتوقعها إلي( قول فصل و ما هو بالهزل)؛ و جاملني
متبسماً مع انحناءة طفيفة؛ لكنه ظل طوال الرحلة يذهب و يجيء في القطار و يتحدث مع بعض
العاملين، الذين كانوا يأتون معه إلي مقعدي، ليعتذروا لي عما حدث.
¶ و لدى وصولنا إلى كيوتو و وجدت مدير المحطة ينتظرني بجلالة قدره علي الرصيف،
ليقدم لي هو الآخر اعتذاره عن مضايقتي و مؤكدا أنه سوف يفتح تحقيقاً في الحادثة.
¶ وخشيت أن تستمر تلك الاعتذارات طوال فترة وجودي باليابان فتفسد علي رحلتي،
فصارحت مرافقي بأنني لم أكن أقصد إلا المزاح و أكدت له أنني لا أبالي علي الإطلاق
إن وقفت العربة الخضراء أمامي تماماً، أو حتى على دماغي، و رجوته ألا يسمعني
أحد في الفترة المتبقية لي هناك أية اعتذارات بهذا الخصوص.
¶ و فغر مرافقي الياباني فاه في دهشة و هو يقول: لماذا؟ قلت: لأن تلك مسألة عادية جداً
بمقاييسنا، و هي يمكن أن تحدث في أرقى بيوتات السلطة ! قال: و لكن ليس عندكم هنا.
¶ و أما عندنا ما إن يصل القطار حتي نتدافع أعمانا شايل المكسر.
و الركوب كما الخراف فوق روسين الناس.حالة تصيب بإحباط.
¶ فهل الاعتذار لابتعاد البوابة بضعة مليمترات أمر مشروع أم مبالغ فيه ؟. و لكن
ما هي الحدود المنطقية لكي يعتذر المسؤول، ثم هل يجدي الاعتذار نفعاً من أساسه؟!
و قبل ذلك كله هل هو عيب أن نخطئ أصلاً أم ترانا معصومون؟ لماذا يعتذر مسؤولوهم
هناك و لماذا يستقيلون إذا اخفقوا؟! و ماذا يا ترى يصنع الياباني لو افترصا عبقة
أن الأمر أكبر من ذلك. لا بد أنه سوف ينتحر أولا ثم بعتذر!!
¶أخيرا، أنا أعتذر بدوري ، لوجع الوش بعصفي الذهني الممل، لمن
لم يعجبه الموضوع ؛ و من يروق لهم منتظر منكم تعليقاً و لو بأيقونة.
. [][][][]
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
دفع الله ود الأصيل
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست