|
Re: أبو العلاء المعري( رسالة الغفران) : و اكتشا (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
منقول: ((أقتباس عن الدكتور علي شلق))
الرسالة كثيرة الاستطراد, ولعل الجاحظ الذي وسم أدبه بالتنقل من موضوع إلى آخر, ثم العودة إلى ما بدأ, قد دمغ باستطرادته الأدب العربي، وأعدى صاحبنا المعري,
وربما استطراد المعري لسبب آخر هو اللهو، والعبث بابن القارح، أو أنه لسعة اطلاعه فاض كما فاض الجاحظ. إلى جانب ذلك كان المعري مسرفا إسرافا متجاوزا في العمية اللغوية, والجري في مضمار الغريب كأنه يكتب لخاصته كما يزعم الدكتور طه حسين, أو أنه لم يشأ أن يطلع الناس، وعامتهم على آرائه, ومنازع فكره, لكن هذا الغريب النادر أظهر لنا أبا العلاء واسع الاطلاع إلى حد لم نألفه عند سواه على الغريب والنادر في اللغة وانه أحيى ألفاظ كانت مواتاً, مستوفيا قواعد اللغة, والشاذ فيها, متصرفا بالاشتقاق, والتوليد تعرف الخبير المستطيل، حتى صح للعلامة عبد الله العلايلي يميزه بأنه صاحب فلسفة لغوية خاصة, مما أدى به إلى اعتبار الحروف كالأرقام ذات دلالات رمزية جنحت به إلى السيمائية, أو ما يسمى بالفيثاغورية أو الهرمسية, وكل ذلك مذهب من مذاهب الباطنية التي وصم المعري, وفصل ذلك العلالي في كتيبه عنه ((المعري ذلك المجهول)) كما شهر من قبل جابر بن حيان.
وفي رسالة الغفران علم كثير, بالشعر وروايته، ونقده، ومقابلاته, وبالتاريخ, وبالأماكن، والافراد، والقرآن وتفسيره, وروايته، والحديث ومختلف شؤونه, واللغة كل ما يتصل بها, والتفات حصيف إلى الفرق, والأديان, وما خفي من حياة الأفراد العظماء، فجاءالمعري ينبش, ويكشف ,أو يصحح أو يفضح.
قذف المعري إلى الدنيا, واصطدم, فلم يهو إلى مخافي العفاء, أو ينطو صفحة ممحوة السطور, بل أخذ يـتأمل، ثم يتحدى, ليتخذ موقفا من الجسد بالتحكم فيه, ودوزنة مطالبه كما شاءت إرادته, وحدد موقفا من النفس, فلجمها, ونسق منازعها, ممهدا إلى موقف كلي من المجتمع , والإنسان والكون.
لم يكن ملتفاً في قوقعة الترصد, والمواربة كابن المقفع, ولا عابثا لاهيا على سطوح المجتمع كالجاحظ, أو سوفسطائيا كأصحاب المقامات ,أو زخرفيا كأبن العميد، ولا ظلا كأبي حيان التوحيدي, بل كان بناء في هدمه, مسؤولا عن الإنسان والكون، متحدثا إلى هذا الإنسان بلغة الذي يرى المصير, ويعي الله، ويشمل بنظره لعبة الخلق, والوجود, والعدم، والكبرى.
هنا لابد من سؤال: أليس أبو العلاء رائد الوجودية الحقيقي, قبل مارتن هايدغر وكير كجرد, وسارتر، وكلوديل ؟ وهل تغيب مثل كلوديل, وهيدجر, أو جف مثل كيركجرد وسارتر؟ كان شاعرا أو فنان _ كان فيلسوف بلغ دائرة الصدر _ كان صوفيا بضميره...
|
|
|
|
|
|