ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم نربح شئ بمغادرة اليهود للسودان، ولكن هل خسرنا بمغادرتهم؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-27-2024, 08:29 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-06-2018, 09:45 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم (Re: Yasir Elsharif)

    تصرف جزء من ترجمة بروف بدرالدين حامد الهاشمي عن مقال البروفيسور روبرت كرامر عن أحد الشخصيات اليهودية في السودان، نشر في العدد التاسع والأربعين من "المجلة الكندية للدراسات الأفريقية Canadian Journal of African Studies" الصادرة عام 2015م.


    وبدأت أوضاع اليهود في السودان تسوء بصورة متسارعة عقب قيام دولة إسرائيل في عام 1948م، وساءت أكثر عقب وصول عبد الناصر لسدة الحكم في مصر في 1954م،... فبدأت أفواج عائلات اليهود تخرج من مصر والسودان بلا عودة. وشمل ذلك نعيمة وايثير وسليمان بيومي. وهاجر غالب اليهود إلى أوروبا والولايات المتحدة، بينما فضل قليل منهم الذهاب لإسرائيل. ولم يبق من تلك العائلة في السودان سوى داؤود وزوجه اليقرا وأطفاله السبعة، إذ كان داؤود قد وعد والده بأن يدفن إلى جنبه بمقابر اليهود بأم درمان، وكان يشعر شعورا قويا بأنه ينتمي للسودان، ولذا آثر البقاء فيه واستمر في أداء أدوار مهمة في حيوات أناس كثر في مجتمع "المسالمة"، مما منحه اللقب الشرفي "شيخ الحارة". وكان يحس بواجبه في رعاية "المعبد اليهودي" لسنوات طويلة قبل أن يتناقص عدد اليهود إلى أقل من عشرة، وهو العدد الأدنى المطلوب لقراءة التوراة. وأخيرا توفي في داره الذي كانت تملكه الجالية اليهودية.

    وفاة بسيوني

    في صباح اليوم التالي لوفاته كفن داؤود بسيوني تحضيرا لدفنه. وذكر أفراد من العائلة أن فقيدهم كفن في ثوب (سرتي)، وهو عادة من ثياب الزفاف قديما. وقيل إن ذلك الثوب الذي كفن فيه داؤود كان هو ثوب زفاف والدته، منى (ذكر الكاتب في الهامش أن مثل ذلك الثوب سمي على مدينة في الهند هي سورات Surat، وذكر أيضا أن الرحالة الأسكتلندي جيمس بروس زار سنار في عام 1771م ورأى فيها قماش السرتي، والذي كان يأتي من الهند عبر ميناء سواكن. المترجم). ذهب المشيعون بجثمان داؤود بسيوني إلى المقبرة اليهودية، بينما بقيت نساء العائلة في الدار بحسب التقاليد السودانية، وتقاليد اليهودية (السفاردية) أيضا. ووضع جثمان بسيوني في قبره ووجهه يتجه نحو الشرق (في هذه الحالة كان المقصود هو جهة القدس).
    وعاد أهل بسيوني لداره لتلقي العزاء من الأصدقاء السودانيين ورجال ونساء الجاليات الأجنبية من الأرمن والسوريين والأغاريق، إضافة لشخصين من اليهود الذين بقوا بالسودان. استمر العزاء لأربعين يوما، بحسب التقليد السوداني، وخالفت عائلة داؤود بسيوني بذلك التقليد اليهودي الذي يقضي بأن تكون أيام العزاء سبعة أيام لا تزيد (يسمى العزاء عند اليهود شيفاShiva ). وأتى للعزاء رتل كبير من المعزين السودانيين من عائلة منى الممتدة، منهم نساء (مشلخات) يرتدين أثوابا سودانية تقليدية ملونة. قرأ الرجال الفاتحة على روح الفقيد، بينما تعالت أصوات النساء بالعويل مع نساء عائلة بسيوني. وبقيت بدار بسيوني طوال أيام العزاء الأربعين هلالة بنت آدم سليمان (خادم بسيوني السابق). أتت كما قالت لتعزي في أخيها داؤود. وأتى للعزاء كذلك أفراد من وجهاء ومثقفي العائلات الكبيرة كان منهم سيد اسحق محمد الخليفة شريف (أحد أحفاد المهدي) ومحمد داؤود الخليفة (أحد أحفاد الخليفة عبد الله). أتى هؤلاء للعزاء في نجل رجل مهم في المهدية.
    وبعد انقضاء فترة "الأربعين"، كما كان يسميها أفراد عائلة بسيوني، نهض هؤلاء من المراتب الملقاة على الأرض التي كانوا يجلسون عليها أثناء أيام الحداد، واغتسلوا وتعطروا، وتلوا صلوات يهودية (كاديش kaddish) تقال عادة على روح الميت. وقاموا بتحضير طعام إفطار خاص فيه كثير من أطايب الأطعمة. وفي صباح اليوم التالي قامت نساء العائلة بزيارة قبر بسيوني للمرة الأولى ورتلن الكاديش مرة أخرى، ووزعن بعض الأطعمة على كل من كان موجودا بالمقبرة، وتركن بعضها مع بسكويت وحلوى ملفوفة في أوراق ملونة على القبر، ونثرن الماء على ترابه.
    بعد ذلك عادت حياة العائلة بالتدريج إلى طبيعتها. وبعد مرور عام على وفاته هاجر أفراد عائلة بسيوني الذين بقوا في الخرطوم (أرملة بسيوني وولديها) إلى أوروبا بصورة نهائية. وبذا أسدل الستار على حياة أقدم عائلة يهودية في السودان.

    وفي تلك الفترة توفي داؤود بسيوني، وهاجر آخر أفراد عائلته نهائيا لأوروبا. ثم أتى عهد الرئيس الحالي (عمر البشير) بانقلاب عسكري إسلامي (تعقدت خلاله قومية اسلامية مقيتة: الكاتب) هي ما دعت لتذكر داؤود بسيوني ك "أحمد داؤود بسيوني" في الإذاعة السودانية، وكأن الشُمول (inclusivity) والقبول بالآخر والتَوْفِيقِيَّة (syncretism) الذي تميزت به تلك العائلة، وهويتها المتفردة لم يعودوا مقبولين أو قابلين للحياة في البلاد.
    لعل تعريف السودان بأنه قطر "عربي" و"مسلم" كان سيثير، بلا ريب، استغراب الأقباط المسيحيين الذين أقاموا بكردفان في القرن التاسع عشر. فعقب مرور ما لا يزيد عن خمسين عاما من وصولهم من مصر للاستقرار في مدن مثل الأبيض وبارا بدأ هؤلاء يعدون أنفسهم "سودانيين". وسجل التاجر القبطي يوسف ميخائيل في مذكراته بأنه ورفاقه كانوا في عام 1875م، وهم تلاميذ بمدرسة الأبيض، يستمتعون بإزعاج مدرس مصري جديد قدم لتوه من بلاده. وأضاف بالقول: "لم نكن نخاف منه لأنه مصري وجبان". وارتعب المدرس المصري من ذلك الاستقبال العدائي وقال بأنه رجل أجنبي لا علم له بأخلاق أولاد السودان وسلوكهم! (ذكر الكاتب أنه اِسْتَقى تلك المعلومة من رسالة دكتوراه لصالح محمد نور عن مذكرات يوسف ميخائيل من جامعة لندن، عام 1962م. وعمل المرحوم الدكتور نور أستاذا للتاريخ بكلية الآدب في جامعة الخرطوم. المترجم). وكان يوسف ميخائيل يشير لأفراد مجتمعه من الأقباط بأنهم "أهل الوطن" قبل زمن طويل من انضمام غالب هؤلاء لأنصار المهدي. وكان يشار لسكان المسالمة بأم درمان في عهد المهدية – بحسب الظرف والحال - بأنهم “مسالمة" أو "أنصار" أو "أهل أم درمان". وكان ذلك إحساسا باكرا بهوية وطنية ناشئة.
    لقد كانت الهوية تعتمد دوما على الموقع (situational) في السودان (أي "أرض السود" أو بلاد السودان" بحسب تسمية الجغرافيين العرب في القرون الوسطى). وتداخلت بطرق ومستويات متباينة عوامل اللون والعرق والقبيلة واللغة والموقع والدين والمهنة في تحديد تلك الهوية. وجعلت تلك العوامل الهوية في السودان ديناميكية الطابع، وسمحت حدودها الاجتماعية المسامية / السميمة (porous) لكثير من الناس بالانتماء لها. فقد جاءت للسودان عائلة يهودية أصلها من فلسطين والأناضول، وصاهرت عائلات من شمال السودان، وعاشت وازدهرت في ذلك البلد (رغم تعرضها في أوقات قليلة لبعض المخاطر). وأحست تلك العائلة بقبول الآخرين في البلاد بهم كسودانيين، وجسد كل فرد فيها - في كثير من النواحي - معنى أن يكون المرء سودانيا في ذلك البلد المترامي الأطراف. غير أن هذا الوضع قد تغير، وغدا السودان مستعدا لهجر نصفه "الأفريقي" وطرحه بعيدا، ولم يعد بالطبع متوقعا أن يسع أو يحتضن عائلة معقدة التكوين كعائلة بسيوني.




















                  

العنوان الكاتب Date
ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم نربح شئ بمغادرة اليهود للسودان، ولكن هل خسرنا بمغادرتهم؟ Ali Alkanzi04-06-18, 08:50 AM
  Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Yasir Elsharif04-06-18, 08:54 AM
    Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Ali Alkanzi04-06-18, 09:05 AM
      Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم عبدالله عثمان04-06-18, 09:17 AM
      Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Yasir Elsharif04-06-18, 09:21 AM
        Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم عبدالله عثمان04-06-18, 09:25 AM
          Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Ali Alkanzi04-06-18, 09:32 AM
          Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Yasir Elsharif04-06-18, 09:36 AM
            Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم عبدالله عثمان04-06-18, 09:45 AM
              Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Yasir Elsharif04-06-18, 09:56 AM
              Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Ali Alkanzi04-06-18, 09:56 AM
            Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Ali Alkanzi04-06-18, 09:53 AM
              Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Ali Alkanzi04-06-18, 10:07 AM
                Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Ali Alkanzi04-06-18, 04:30 PM
                  Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم mohamed osman bakry04-06-18, 04:52 PM
                    Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Ali Alkanzi04-06-18, 05:29 PM
                      Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Ali Alkanzi04-07-18, 09:29 AM
                        Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Yasir Elsharif04-07-18, 11:06 AM
                          Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم دفع الله ود الأصيل04-07-18, 12:46 PM
                            Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Ali Alkanzi04-07-18, 02:58 PM
                              Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Ali Alkanzi04-07-18, 03:09 PM
                                Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Ali Alkanzi04-07-18, 05:25 PM
                                  Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Yasir Elsharif04-07-18, 06:43 PM
                                    Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Ali Alkanzi04-07-18, 06:58 PM
                                      Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم دفع الله ود الأصيل04-08-18, 07:15 AM
                                      Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Yasir Elsharif04-08-18, 07:44 AM
                                        Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Ali Alkanzi04-08-18, 08:49 AM
                                          Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Ali Alkanzi04-08-18, 08:55 AM
                                        Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم عبدالله عثمان04-08-18, 08:55 AM
                                          Re: ذاكرة اليهود في امدرمان، بالتأكيد أننا لم Yasir Elsharif04-08-18, 09:18 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de