|
|
 Re: عصاتنا البشربوا الدّكاي مع الصديق سديد ال (Re: Hassan Farah)
|
حبيبنا عبدالله عثمان .. لقد أثرت الذكريات
والتحية للحبيب الجميل دائماً حسن فرح ..
شكراً للاحباب هذا البوست فرصة لندعم العم قوقل ببعض المعلومات عن الدكاي ..
من كتاباتي عن البوقانا .. وليالي السمر بالدكاي
جلسات البوقانا ( الدكاي )
البوقانا .. كانت موجودة في الجزر بعد انحسارها في المناطق الاخرى .. لأن الجزر عبارة عن حاضنات مغلقة لا يدخلها الا سكانها ولذلك كانت محتفظة بالتقاليد والعادات النوبية المندثرة في المساحات المفتوحة .. لقد عايشت البوقانا بكل تفاصيلها الدقيقة .. مجموعة أهل القرية ( أسكليه / كولييه ) كلهم اهل طبعاً .. يجتمعون في بيت يكون بعيد عن المنازل قليلاً ولو أن هذه الخاصية من الصعب وجودها في الجزر لأن الساقية محدودة المساحة بالزراعة والنخيل .. وذروة البوقانا كانت في ليالي الصيف .. وخاصة أيام عطلة السنوية للمزارع .. وهي عطلة اجبارية ما بين نهاية الصيف وبداية الموسم الشتوي .. والغريب ان مسمى هذه الاجازة لدى الترابلة كانت بلغة العربية ( جاد الحال ) او الهال بالنوبية .. وكانت تمتد لمدة شهرين تقريباً من نهاية الفيضان حتى وبالشهور القبطية من شهر مسرى .. الى بداية ( كيهك ) في الشتاء .. في هذه الفترة تجد مزارع بملابس نظيفة ومزاج رايق وليس لديه الكثير من العمل إلا رعاية الحيوانات فقط لأن الزراعة خطرة في هذه الفترة خوفاً من الفيضان .. ولكن كان بعض ( صمد الساقية ) يزرعون المكادة في الجزر الخصبة مثل جزيرتنا ارتقاشا حيث يستوي المحصول في حدود (خمسين يوم وأكثر قليلاً ) .. ولكن هذه الممارسة لم تكن محببة للتربالة لأن المثل يقول بالدنقلاوية ( توربر جللين اوللير نيويه) .. وهو كلام بليغ ويقصد به ( التربال ليس لديه راحة إلا في ضل الشغل ) .. وفي هذه الاجازة السنوية الاجبارية تسمع اصوات الطنابير وجلسات الانس والسمر والبعض يذهب الى صيانة سقف البيوت وإنزال القصب المخزن لغذاء الابقار والحمير .. وايضاً هي الفترة التي تتزين فيها زوجة المزارع تسرح الضفاير وتسدلها على صدرها ولا بأس من بعض المكياج البلدي من الكحل وقليل من الدلكة وبالنوبية ( بوكريه ) وهذه الممارسة لا تتم إلا في حالة ان تكون هناك ولادة او زواج لأن الزينة بدون مناسبة كانت تدخل ضمن ( العيب ) وكان أكثر المناسبات في تلك الايام .. حتى الاجازات السنوية للعاملين من اهلنا في المدن كانت في هذه الفترة من يوليو الى اكتوبر .. واجازة المدارس .. الاجازة الصيفية الطويلة لمدة ثلاثة اشهر في نفس الفترة .. هؤلاء الانجليز المستعمرين كانوا يعرفون العمق الثقافي والمجتمعي في المنطقة ولم يكن عملهم عشوائياً لان الاجازة كان تغطي موسم جمع التمر والفيضان والحر القائظ ..
أما ليالي القرية او الساقية ( أسكليه / كولييه ) فكانت تضج بمجموعات (البوقانا ) والمشروب المتداول في البوقانا هو ( الدكاي ) ولا يتم تناول الخمر ( عرقي التمر ) أطلاقاً في البوقانا لأن الاصل في البوقانا هو التواصل الاجتماعي والاسري وقضاء وقت للتواصل ، ولأن (عرقي التمر) له مضاعفات زائدة عن الحاجة ويجعل بعض شاربيه خارج السياق ويجلب المشاكل والخطأ فلا يجوز في قانون البوقانا تداوله ولأن مرتادي البوقانا من كل المستويات حتى كبار القوم والبعض كان يعتبر ( العرقي ) حرام قاطع ولكن الدكاي أخفف ضرراً بحكم التجربة والممارسة والتجريب وإعمال العقل كان من المرتكزات المهمة في المجتمع النوبي .. فقط المباح كان الدكاي لأن الدكاي مفعوله خيف وسكره نبيل وتأثيره على العقل لا يخرج من نطاق الفرحة والبهجة .. ربما لأن عرقي التمر فيه نوع من التخمير الزائد ثم التقطير .. والدكاي نسبة التخمير فيه وسط مع جمال طعمه ورائحته مقبوله وغير منفره ولا تفوح كما رائحة العرقي .. والدكاي كان سهل الصناعة .. ويتوقف طعم الدكاي وجودته على نوع التمر المستخدم وكلما كان طعم تمر ألذ كان المنتج أفضل ولا يستخدم البركاوي اوابتاموده او القنديلة .. كان هناك نوع خاص من التمر هو المفضل لهذه الصناعة وهو نوع غير مرغوب فيه للتسويق او الأكل وحباته سوداء اللون ( اوسميدان ) وتكون نخلة واحدة في الساقية لا يهتم بها أحد وما تعصف منه الريح لا يأكله البشر فقط البهائم ودائماً ما يتم عمل زريبة البهائم تحت ظل هذه النخلة .. ومحصولها وفير جداً وعلى درجة عالية حلاوة الطعم .. وبعد الغلي في الماء الساخن حتى تكون حبات التمر بدون أي طعم يخزن في ( كوبيه ) وهو زير فخاري تم الاستغناء عنه من ضمن منظومة تبريد الماء لأن الازيار ( فوكيه بالمحسية / قالو/ فووكا بدنقلاوية ) عندما تتقادم عمرها تحدث انسدادت لكل المسامات ولا تبرد الماء بفعل تراكم الاملاح وبعدها ينقل الزير الى مهمات أخرى كتخزين (البقوليات ، لوبيا وترمس ..الخ ) وتستخدم بعضها في مهمة الدكاي والنبيذ . ويتم يتفريغ الدكاي في ( كوبيه ) ويكفي تخزينه في الصيف لمدة ( خمسة ايام ) ليتخمر تماماً .. وفي مكان البوقانا .. يتم جلب ( كوبيه ) ووضعه في منصف المجلس ثم يتم تصفية الدكاي من باقي التمر ( موشوق ) وفي بمصفى يسمى (أسكور) في مواعين كبيرة ثم يتم توزيعه على الحضور بمواعين اصغر تسمى ( دناد ) او القرعة بالعربية ، ويقوم الأصغر سناً من الموجودين بهذه المهمة
ومرتادي البوقانا كانوا من كل الطبقات والمستويات في القرية ، ويتم فيها المجادعة ومجاراة البعض بالشعر ( كلكيه ) والمعروف أن اشهر المعلقات النوبية تأتي في هذا السياق وهي القصيدة التي أرخت للكثير من العادات النوبية ( سرقدن دكاي ) ، وفي هذا التنافس الشعري يتم تداول الابيات التي تتناول القيم الانسانية السلمية وليس هناك دعوات للقتال او الحرب او التغول لأن الفروسية لدى أهلنا في المجتمع الزراعي هو كفاية الانتاج ورعاية الاسرة واشاعة القيم الانسانية وعدم الظلم ومساعدة الضعيف والتشجيع على الفزع والنفير والتحفيز الى العمل العام .. الخ .. وهذه الثقافة اتت بعد أن كان النوبة محاربين اشداء طوال التاريخ القديم وقد ذهبت جيوشهم حتى اورشليم ومعاركهم مع الفتح الاسلامي ، ألى ان تطور العقل الجمعي نحو السلمية والأمن المجتمعي الذي يعتمد على الانتاج والكافية في مجال ضروريات الحياة ثم الرفاهية النسبية بعد ذلك ، ولم يتم هذا بقانون وضعي او لوائح مكتوبة لذلك بل الضباط لذلك هو (قانون) العيب الذي يلازم مرتكب الجريمة ويزروا وزره الاخرين من العائلة حتى ما بعد أحفاده ( هذا بحث آخر) .. لذا فإن مقياس الفروسية ليس بالخيل والليل والسلاح والانتقام .. الخ ، بل بمدى مشاركة الانسان في تأمين الحياة الأفضل
فسوف اورد مثال للكلكية بالدنقلاوية والمحسية :
كسر دول اوقجي دول كرمو
سلام دول اوقجي دول كري
(جر الازار بطراً وتكبير العمة والمظهر الجميل لا يرفع من قيمة الرجل .. ولكن القاء السلام بصوت مرتفع دليل الكرم الرجولة هو الذي يرفع من قيمة الرجل ومكانته )
ومثال بالمحسية وفي نفس المضمون :
( كبا نيل كومبونقمونا .. كسوما جابيل جونودقمونا ) ، وهذه حكمة في غاية البلاغة (ليس الأكل والشراب بكثرة من العوامل التي تجلب السعادة والصحة .. ولا كثرة المسح والمكياج والتزين هي التي تظهر آثار النعمة في الانسان )
وتجد هنا مكارم الاخلاق والانسانية والدعوة السلوك العدلي ، ولا تجد السيف والقهر والقوة ( ربما لهذه المفردات مكانة في المجتمع الرعوي الذي يختلف عن المجتمع الزراعي – وكما يقال الانسان أبن بيئته ) ..
التربالية بحكم طول الممارسة أدى الى تطور العقل الجمعي نحو السلمية والأمن المجتمعي الذي يعتمد على الانتاج والكافية في مجال ضروريات الحياة ثم الرفاهية النسبية بعد ذلك ، ولم يتم هذا بقانون وضعي او لوائح مكتوبة بل الضباط لذلك هو (قانون) العيب الذي يلازم مرتكب الجريمة ويزروا وزره الاخرين من العائلة حتى ما بعد أحفاده..
|
|
 
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
| عصاتنا البشربوا الدّكاي مع الصديق سديد الرأي: في أمر مكاجرة الشايقية للمهدية (ملفوح) | عبدالله عثمان | 03-08-18, 12:25 PM |
| Re: عصاتنا البشربوا الدّكاي مع الصديق سديد ال | عبدالله عثمان | 03-08-18, 12:28 PM |
| Re: عصاتنا البشربوا الدّكاي مع الصديق سديد ال | علي عبدالوهاب عثمان | 03-08-18, 01:03 PM |
| Re: عصاتنا البشربوا الدّكاي مع الصديق سديد ال | علي محمد الفكي | 03-08-18, 03:09 PM |
| Re: عصاتنا البشربوا الدّكاي مع الصديق سديد ال | علي عبدالوهاب عثمان | 03-08-18, 05:36 PM |
| Re: عصاتنا البشربوا الدّكاي مع الصديق سديد ال | عبدالله عثمان | 03-08-18, 05:52 PM |
| Re: عصاتنا البشربوا الدّكاي مع الصديق سديد ال | جلالدونا | 03-08-18, 05:59 PM |
| Re: عصاتنا البشربوا الدّكاي مع الصديق سديد ال | Asim Fageary | 03-09-18, 06:40 AM |
| Re: عصاتنا البشربوا الدّكاي مع الصديق سديد ال | Hassan Farah | 03-10-18, 08:50 AM |
| Re: عصاتنا البشربوا الدّكاي مع الصديق سديد ال | علي عبدالوهاب عثمان | 03-11-18, 06:53 PM |
| Re: عصاتنا البشربوا الدّكاي مع الصديق سديد ال | MOHAMMED ELSHEIKH | 03-11-18, 07:38 PM |
| Re: عصاتنا البشربوا الدّكاي مع الصديق سديد ال | عبدالله عثمان | 03-11-18, 08:30 PM |
| Re: عصاتنا البشربوا الدّكاي مع الصديق سديد ال | عبدالله عثمان | 03-12-18, 09:13 AM |
|
| |
علي عبدالوهاب عثمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست