|
Re: أسئلة زي الرصاص و إجابات كذلك: آخر حوار مع (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
هل ما زلت تعتقد أن على العرب أن يتجرعوا الحداثة كما تجرعتها أمم قبلهم؟ وماذا لو كان ثمن تجرعها قاسيا: أعني من قبيل توليد نقائضها! ألا تزدهر الأصولية في سياق التحديث واللَّبْرلة والعولمة؟
– الحداثة واقع اجتماعي معيش، لا مقولة للتحبيذ أو التفنيد. تظل المعارضة للحداثة في كل الأحوال لفظية.
ما يهم المؤرخ، وأكثر منه رجل الدولة والمسؤول السياسي، هو كيفية التعامل مع هذا الواقع الجاثم. يقول البعض: الحداثة هي صورة من صور الاستعمار، استعمار روحي بدلا من أن يكون ماديا فقط. طيّب، كيف تعامل الوطنيون مع استعمار الأجساد؟ هل قالوا لا قيمة له، لا وجود له، نعيش على هامشه ولا نلتفت إليه؟ لو فعلوا ذلك لكانوا اليوم في وضعية هنود أميركا. هل كان يجدي في مدافعة الاستعمار النفي والتجاهل أم التعرف إليه، التعمق في ماهيته ثم تجريده من بعض وجوه نفوذه؟
لقد تجسدت الوطنية في التكيف مع الاستعمار سياسيا وفكريا وسلوكيا عندما اقتنع الجميع أن لا جدوى من المقاومة العسكرية وفي الانكفاء على النفس. الحداثة مثل الاستعمار، حالة قائمة، إما مفروضة ومرفوضة قولا وعقائديا، وإما معترف بها متحكم فيها. والأصولية لا تمنع ولا تمانع، إنما هي انعكاس باهت لأصولية رافقت كل أطوار الحداثة في الغرب. هذه هي الحقيقة المرة.
نرى اليوم صراعا بين تيارين أحدهما يريد أن يتحكم في الحداثة حتى يستطيع أن يوجهها توجيها مفيدا للمجتمع، والآخر يتظاهر بالرفض والممانعة، فيترك الحداثة تسير في صالح الغير. الكل يخشى المواجهة فتترك الساحة للتيار الأكثر تعلقا بالماضي. يقل الحسم ويعمّ التردد والتردد دائما خسارة.
قدمت ثلاثة كتب عن المرأة هي: ريا وسكينة والبرنسيسة والأفندي ومأساة مدام فهمي، لماذا كل هذا الاهتمام بحواء؟
– هذه الكتب جزء من مشروع التأريخ الاجتماعي لمصر وهو مشروع يعتمد على ما أسميه “حكايات من دفتر الوطن” حيث أقوم بإعادة بناء وقائع تاريخية ذات طابع اجتماعي، وأعرض الحقائق الموضوعية بأسلوب أدبي درامي.
“ريا وسكينة” تحول إلى مسلسل تلفزيوني كتب السيناريو الخاص به مصطفى محرم وعرض منذ ثلاثة أعوام على الشاشة ويحاول أن يقدم السيرة الحقيقية لهاتين الشخصيتين اللتين برزتا على ساحة الأحداث في الفترة من 1918 حتى 1920، واجتذبتا الاهتمام العام بسبب جرائم القتل البشعة التي نسبت إليهما.
والكتاب يصحح المعلومات التي أشيعت عنهما إذ لم يحدث أنهما كانتا تمارسان القتل بأيديهما كما ظهر في أفلام السينما وبعض المسرحيات، حيث كان دورهما يقتصر على استدراج الضحايا ومعظمهن من النساء البغايا، ويتولى عملية القتل أربعة رجال ولم يحدث أن قامت واحدة منهما بعملية قتل، بل العكس هو الصحيح. فقد كانت “ريا” جبانة، وعندما تبدأ عمليات القتل تهرب إلى الغرفة الأخرى، بينما كانت “سكينة” امرأة تفتقد القدرة على ممارسة أي شكل من أشكال العنف وتشرب الخمر حرصا على أن تكون في حالة ثمالة.
أما كتاب “مأساة مدام فهمي” فيتناول قصة غرام فاجع بين مليونير مصري شاب في الثالثة والعشرين من العمر تعرّف إلى امرأة فرنسية تكبره بعشر سنوات، وقع في غرامها في ظل مناخ كان سائدا بالمجتمع المصري في بدايات القرن العشرين، حيث بعض الشباب المصري يحتك من خلال بعثات دراسية بنساء أوروبيات..
بدأت الحداثة في الغرب بتحقيق نص التوراة والإنجيل، ثم مؤلفات أرسطو وأفلاطون، وسائر مؤلفي اليونان واللاتين، وهذا العمل لا يزال مستمرا إلى اليوم
المرأة الفرنسية سبق لها الزواج والحب أكثر من مرة واستخدمت بعض الألاعيب للإيقاع به، فتزوجها بعد إعلان إسلامها وعاد بها إلى مصر وأنشأ لها قصرا فخما للغاية لا يزال قائما حتى اليوم وهو القصر المعروف باسم “قصر عائشة فهمي” الموجود أمام فندق الماريوت في مدخل جزيرة الزمالك ولم تستمر حياتهما الزوجية سوى سبعة أشهر، فوجئت خلالها الزوجة بأن زوجها يتصرف معها بطريقة وصفتها فيما بعد بـ”الطريقة الشرقية”، حيث منعها من الخروج من المنزل إلا في صحبة تابع له.
وكان الزوج متأثرا بالتقاليد الاجتماعية السائدة في مصر آنذاك، وظلت الأمور تزداد تعقيدا بينهما حتى سافرا إلى لندن في صيف عام 1923 وفي فندق سافوي وأثناء مشاجرة بينهما هناك أطلقت عليه ثلاث رصاصات وخر صريعا.
أما الكتاب الثالث “البرنسيسة والأفندي” فيتناول علاقة الحب التي نشأت بين البرنسيسة فتحية، صغرى شقيقات الملك فاروق، وشاب مصري قبطي كان يعمل سكرتيرا ثالثا في القنصلية المصرية بمارسيليا وهي علاقة انتهت بإسلام الزوج وزواجه منها.
والكتاب يعالج فكرة زواج الأرستقراطيين ممن هم أقل منهم حسبا ونسبا، وكذلك زواج أصحاب الديانات المختلفة، وفكرة شغف العوام والصعاليك بالتلصص على الحياة الخاصة للذين يحكمونهم.
لماذا يكون زواج المثقفين على سطح صفيح ساخن؟
– لا يمكن التعميم في هذا الأمر، ولكن هناك ظاهرة لافتة حدثت في السنوات الأخيرة، وهي أن الجيل الجديد من الشباب المشتغل بالعمل العام أصبحت فكرة الطلاق بالنسبة له عملية سهلة للغاية على عكس جيلنا الذي كانت وما زالت قيمة الزواج والأسرة راسخة لديه والحفاظ على الحياة الأسرية مهم أيّا كانت المضايقات حرصا على مستقبل الأولاد.
أنت متزوج من الكاتبة الصحافية والناشطة السياسية أمينة النقاش، ألا تخشى أن تتحول العلاقة داخل المنزل إلى ورشة عمل ثقافية؟
– العلاقة بين الرجل والمرأة تمر بمراحل مختلفة طبقا للفترة العمرية، ففي البداية تكون الجاذبية هي أساس العلاقة، ثم بمرور الوقت تتحول إلى نوع من الاعتياد ولكي تستمر مؤسسة الزواج لابد أن تكون هناك اهتمامات مشتركة بين الزوجين مثل النقد والسينما والموسيقى وأشياء اخرى تخلق مساحات للحفاظ على الحياة الزوجية. وعلى المستوى الشخصي عندما أتعرض لأي مخاطر صحية أو مصادرة لحريتي أجد أمامي إنسانة رائعة تساندني وتحمل عني العبء ولا يضيرني أن أبدو أمامها في حالة من الضعف الإنساني.
كيف تصف علاقتك بالمرأة عموما؟
– علاقتي بالمرأة لا تختلف عن علاقة جيلي بها سواء في مصر والعالم العربي. لقد نشأنا في أسر تنتمي إلى الطبقة الوسطى الصغيرة وكانت المرأة المصرية آنذاك تلعب دورا محوريا في حياة عائلتها على عكس الشائع في الأعمال الدرامية من تهميشها حيث كانت هي أساس الأسرة ومصدر تماسكها. وإذا كانت حواء قد ظهرت في رواية بين القصرين لنجيب محفوظ خانعة لا قرار لها، نجدها في مذكرات الأديب الراحل يحيى حقي خليها على الله مصدرا للمهابة ويخضع لقرارها أعتى الرجال.
أخيرا.. من هو الشاعر الذي يحرضك على قراءة أعماله؟
– أحمد عبد المعطي حجازي، وصلاح عبد الصبور، ومن شعراء العامية صلاح جاهين والأبنودي وسيد حجاب وفؤاد حداد وأحمد فؤاد نجم.
|
|
|
|
|
|
|
|
|