عثمان ميرغنى : بلاغ إلى مدير عام الشرطة..!! December 28, 2017 (التيار)
حديث المدينة
بلاغ إلى مدير عام الشرطة..!!
عثمان ميرغنى
شكوى غريبة وصلتني أمس؛ شاب تزوج يوم 13 ديسمبر 2017 الماضي، أي قبل حوالي أسبوعين.. وانتقل مع عروسه إلى شقة مفروشة في أركويت “البلابل”..
بعد أسبوع وحوالي الساعة الثامنة مساءً بينما كان الشاب يستعد للخروج للتنزه مع عروسته، سمع طرقاً شديداً ومزعجاً بل مرعباً على باب الشقة، فتح الشاب الباب وكاد يصعق، بضعة رجال اقتحموا الشقة بعد أن أزاحوه من طريقهم بمنتهى العنف.. في تلك اللحظة كانت عروسته في الصالة الأخرى بملابس البيت.. اتجه الرجال نحو الصالة الأخرى فأمسك بهم الشاب لكن أحدهم دفعه بعيداً بكل قوة وواصلوا طريقهم.. العروس الشابة صرختْ من هول المفاجأة عندما رأت الرجال يحيطون بها.. كان مشهداً لا يتوقعه أحد، ولن يصدقه أحد من هول الإثارة.. حتى تلك اللحظة لا يعلم الشاب وعروسته هل هما في قبضة عصابة اقتحمت الشقة أم في قبضة القانون (شخصياً)..
بعد إلحاح من الشاب أخرج أحدهم بطاقة نظامية.. وأوضح للشاب أنَّهم يفتشون الشقق المفروشة بحثاً عن ممارسات لا أخلاقية.. مد الشاب يديه المصبغتين بالحناء ليقنعهم بأنَّ الأخلاق هنا مصانة وموثقة.. طلبوا منه وثيقة الزواج.. وظلوا يدققون فيها لفترة من الزمن ليتأكدوا من أنَّها غير مزورة.. وفي كل هذا الشاب وعروسته ترتعب مفاصلهما لا يدريان كيف تنتهي القصة.
أصرَّ الشاب على أن يفتح بلاغاً في قسم الشرطة، وفعلاً ذهب إلى القسم، لكن الضابط رفض البلاغ بحجة أنَّه عمل روتيني عادي لا يمكن تدوين شكوى ضده.
الشاب وعروسته تملكهما ذعر كبير وصدمة جعلت استمرارها في شقة شهر العسل أمراً عسيراً.. فلم يدرْ بخاطرهما أنَّ أي مواطن يمكن أن يتحول إلى متهم حتى تثبت إدانته.. في أي زمان ومكان..
بالله عليكم لو حاولنا إعادة (منتجة) هذه الوقائع.. وتبدل المشهد تماماً.. الطرق على الباب بمنتهى الهدوء.. الشاب يفتح الباب فيجد أمامه مجموعة يتقدم نحوه رأسها بابتسامة وتهذيب ويشرح له طبيعة المهمة الروتينية، ويقدم له بطاقته النظامية بمنتهى التهذيب ومعها أمر التفتيش (وهو شرط وجوب).. ثم تؤدي المجموعة واجبها الرسمي بمنتهى الاحترام باعتبار أنَّ أي مواطن بالضرورة محترم إلى أن يثبت العكس.. وعند نهاية الإجراء الرسمي تعتذر المجموعة بكل تهذيب للشاب وعروسته وترجو لهما شهر عسل مبارك وتنصرف.. ما الذي كان سيتغير في الأمر سوى الطمأنينة والإحساس بالأمن الحقيقي لدى الشاب وعروسته!
(الأمن) إحساس وليس إجراءً.. وقد يسبب الإجراء الرسمي أحياناً خوفاً أكثر من الجريمة نفسها.. ويصبح الخوف من “حماة” القانون أكبر من الخوف من “عتاة” القانون..
من قال إنَّ زرع الخوف في قلب المواطن.. هو أفضل طريق لحمايته.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة