ماذا يجري في قرية الفادنية

Quote: جريمة قتل أم جريمة وطن؟ +++ يوم دامٍ، عاشه مواطنو شرق النيل أول من أمس الجمعة، وظل الوضع محتقناً حتى ظهر أمس، احتجاجات واسعة وإنذار بالحرب.. وتعود تفاصيل القضية إلى جريمة قتل بشعة نفذها بعض التجار من قرية “الشيخ مصطفى الفادني” في حق “2” من العاملين بمطار الخرطوم من أبناء قرية “العسيلات”، بعد “خيانة” في عملية تهريب كميات من الذهب عبر مطار الخرطوم. تم استدراج العامليْن إلى إحدى مزارع شرق النيل وتمت تصفيتهما بعد تعذيبهما وفقاً للروايات المتداولة، حتى مساء الجمعة كاد الوضع أن ينفجر تماماً لكن يبدو أن ما خفَّفه هو تسليم بعض الجناة أنفسهم إلى قسم الشرطة، خفَّف حدة الغضب الذي لا يزال مكتوماً. قيمة الذهب اختلفت فيها الروايات ما بين (3،13،15) مليار، لكن هذا ليس هو المهم، المهم أن هناك تجارة منتظمة للتهريب عبر مطار الخرطوم، لأن من واقع حادثة شرق النيل يبدو واضحاً أن هناك تعاملاً ممتداً بين الطرفين، ومعلوم على مستوى العالم، كيف تحدث عمليات التهريب وكيف يُوفر كبار التجار الغطاء الآمن لهذه العمليات بعلاقات معلومة. هذه الحادثة ربما أُريد لها أن تكشف عن منظومة كاملة، تزامنت الحادثة مع تصريحات وزارة الدفاع أمام البرلمان، حيث أقر الوزير باختراق أمني لأنظمة مطار ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ يفتح الباب أمام تهريب الذهب وغيره، ثم أعلن الوزير عن ترتيبات لضبط المطار من حيث الكادر البشري ومن حيث الأجهزة المتقدمة. لكن وطالما أقرت وزارة الدفاع بتهريب الذهب عبر المطار فإن الأمر أكبر من استيراد أو تطوير أنظمة المطار وتأهيل الكادر البشري، لأن الأمر لا يتعلق بتطوير العمل إنما باجتثاث منظومة فساد أخطبوطية حولت اقتصاد الدولة لصالح مجموعات صغيرة لا تشبع. الآن، الجناة الذين نفذوا جريمة القتل بين يدي الشرطة، وسوف تمضي قضيتهم باتجاه جريمة القتل التي كان السبب الرئيسي فيها عملية التهريب، فهل سيحاكمون أيضاً بجريمة التهريب؟ أم تغض السلطات الطرف عن ذلك حتى لا ينكشف رأس جبل الجليد في منظومة الفساد؟. هذه الحادثة التي واجهتها جريمة قتل، ينبغي أن تتحول إلى قضية سياسية اقتصادية مركزية، ينبغي أن نجعل منها القضية الأولى، فليس من أفراد أو مجموعة تستقوي وتنشط بهذا الشكل في عمليات التهريب مالم تكن مستندة على سلطة حقيقية.