06:56 PM December, 13 2017 سودانيز اون لاين ولياب-الرياض مكتبتى رابط مختصرصديقي مـــام منذ أيام سودان .نت كان يتحفنا دوما بكتابات جميلة طاعمة وكل الذين عاصروه تلك الفترة يشهدوا على ذلك ، وبعد إنقطاع دام لفترة طويلة نظراً لمشغوليات واعباء الحياة اليومية ، إذ به يرسل لي هذه القطعة الظريفة .فاطنة زهرة ويمين الطلاقعندما تطلق النسيبة زوجة إبنها في غيابهكتب إبراهيم سليمان أبوناجيحين حملتهم قطارات المنافي من تلك القرى والنجوع كانت لصافراتها التي شقت عنان السماء أدخنة محركاتها التي تفرغت في فضاءات حلفا القديمة وفجر وجع الفراق الدمع والبكاء المر ، كان ذلك بمثابة إعلان على رحيلهم الأبدي وهجرانهم الذي لا عودة بعده .حملوا كل أشياءهم إلا بيوتهم ومراتع صباهم وآثارهم وذكرياتهم التي تركوها غصبا ليغمرها الطوفان الأكبر ...حملوا أطفالهم وعجزتهم وأمتعتهم ومعيزهم ودجاجهم وعاداتهم وتقاليدهم إلى الأرض الفضاء في صحراء البطانة التي لا تشبههم ولا يشبهونها في شئ ، إنهم حفدة ملوك النوبة الذين نموا وترعرعوا وأرتووا بمياه النيل كأعشابه والنخيل .في الوادي الأخضر كانت أرواحهم حلوة والمزاج عالي وأحلى بدعابتهم وقفشاتهم ونفوسهم الجميلة ، في البطانة فقدوا كل ذلك وتغيرت نفوسهم وأمزجتهم حيث أصيبت بالكآبة وحزن عضال ومرض الكثيرين منهم وأودي بحياة نفر غير قليل في سنواتهم الأولى بعد وصولهم إلى أرض الميعاد التي أتوها غصبا بلا وعد منهم ولا ميعاد .رحلوا وأستقروا في قرى التخطيط التي بنيت وسميت بذات أسماء القرى التي هَجروا منها في حلفا القديمة مع إضافة الترقيم العددي لها .من جيل التهجير كانت فاطنة آشة وصاحباتها فاطنة زكية بنت عمها وصديقتهن نفيسة جبر وبطلة القصة فاطنة زهرة والقرية 19 أصبحت لهن مرتعا وسكنا ومقاما جديدا ، حيث كانت البيوت والجيرة وتلاقيهن وأنسهن في إعادة الذكريات .في تلك القرى كبر الأبناء الذين حمولهم صغارا ، فتزوج ابن فاطنة زهرة الذي كان يعمل موظفا بالخرطوم من غالية كجبار حيث تركها خلفه بعد الزواج في منزل الأسرة مع أمه وكان يعود في كل إجازة له ليقضيها معهم .مزاج الكبار الذي يمتزج بالحنين دوما لقرى حلفا القديمة يختلف تماماً عن صغارهم الذين لا يذكرون شيئاً سوى حكاوي وأحاديث يحكيها لهم كبارهم ويعيدون تكرارها مرات ومرات بكل ألم وحسرة على ضياع ماضيهم الجميل وبكل عراقة الماضي وجمال حلفا عروس النيل التي غرقت من ورائهم وهم أحياء لا يقدرون على صد الطوفان عنها ، ويبدو أن إختلاف ثقافة الأجيال كان في ذلك التباين الذي بين غالية كجبار ونسيبتها فاطنة زهرة ، وقد مرت الحياة بحلوها ومرها ، يتواددن أياماً ويتشاكسن أياماً أخرى في ظل غياب الزوج والأبن معاً ، ورغم طيبتها وعفويتها إلا أن فاطنة زهرة كانت صارمة مما جعل غالية كجبار أكثر مناكفة ومشاكسة معها في أحايين كثيرة حيث يحتدم فيها النقاش .وفي ذات يوم أعتبرته فاطنة زهرة هو يوم الفصل وأن غالية لم تعد تسمع كلامها فقامت برمي يمين الطلاق في وجهها ، أنت طالق يا غالية وكرشتها من البيت يلا روح بيت أبوك ... !!! وبعفوية صدقت غالية أنها أصبحت في عداد المطلقات فحملت رضيعها والعبرة تخنقها قاصدة دار أهلها ، وفي مشيتها تلك وهي تمسك طرف توبها بيد وتمسك رضيعها المرتمي على صفحتها اليمنى بيدها الأخرى ، شاهدت الحبوبة فاطنة آشا تحت الشجرة الظليلة أمام الدار تؤانس فاطمة زكية بت عمها ونفيسة جير جارتهن وصديقة العمر ، كان نهارا غائظاً وهن يجلسن ويرتشفن الشاي المنعنع مع الضحكات والحكاوي وهن يجترن ذكريات الماضي الجميل ، في غمرة تلك الأحساس إقتربت غالية بكل وجومها وعبرتها المكتومة وسرعان ما فضحتها دموعها المنسابة بين خديها فإرتمت في حضن الحبوبة فاطنة آشا ، وبلغة نوبية رصينة وهي تربت عليها والهلع قد تملكها تسألها الحبوبة : هوي غالية منا من داري ؟ مالك يا غالية في شنو؟ .... ترد غالية بعد أن تمالكت نفسها بصعوبة وهي تغالب عبرتها وبكل بساطة تقول : " فاطنة زهره أيقا طلقوسو" فاطنة زهرة طلقتني ... !!! هههههها تغالب الحبوبة ضحكتها وتقول " أون هكر غالية أنس فاطنة زهرة إكا طلقوسوا" يا غالية بتي فاطنة زهرة كيف طلقتك ؟للحديث بقية
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
ولياب
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست