|
Re: الأستاذ صالح فرح يكتب عن إنسان من زمن جميل (Re: الأمين عبد الرحمن عيسى)
|
وتمر السنون المتتابعة وإذا بي مع عبد الرحمن أحمد عيسى ، ليس كطالب موعود بصفعاته إن أخطأ ، ولكن كنفر في كتيبة يقودها هو. كنت قد تركت حنتوب وقررت أن أذهب في إجازة عن الدراسة وتلفت أبحث عن عمل أكسب منه دريهمات قبل ان أواصل الدراسة بالجامعة . العمل بالتدريس كان اختياري ، وسعيت لمدارس الأحفاد أبحث عن عمل فيها . الأحفاد كانت اختياري لأنها في مدينة أعيش فيها وفي موقع لا يبعد عن دار سكناي كثيرا. ولكن الأحفاد رأت أن ترشحني لمدرسة القولد الأهلية الوسطى. لم أكن قد سمعت بمدرسة القولد الأهلية الوسطى من قبل ، وإن كنت قد عرفت عن القولد في دروس كسب العيش في السودان في مرحلة الدراسة الأولية. وهكذا ضاع اختيارمدينة أم درمان واستبدلتها بالقولد، وفيها اقترب مكان إقامتي من مكان عملي بأكثر مما كان عليه الحال لو عملت بالأحفاد. أنا الآن في القولد، مدرستها الاهلية الوسطى تغذي المنطقة الممتدة بين بربر وحلفا . مدرسة أقامها الأهالي بتبرعاتهم وقبلت وزارة المعارف ( كما كانت تسمى وقتئذ)أن تعيرهم أستاذا يتولى وظيفة الناظر فيها ويرعى نشأتها.ونثرت الوزارة كنانتها فلم تجد غير عبد الرحمن أحمد عيسى لترميهم به وترميه بهم ، وكان رجل المهمة . مدرسة القولد تجاورها منازل المدرسين وتحيط بهم جميعا ومن الجهات الأربع صحراء مترامية، غير أنه في احد الجهات يقطع تراميها جريان النيل في مسيرته شمالا وعلى ضفته مزارع وعلى اطرافها سكن القائمين عليها من الاهالي . المدرسة قريبة من العمران وهي بعيدة منه في نفس الوقت، بعيدة بحيث لا ينشغل الطلاب بغير المدرسة والكتاب وهي قريبة من العمران بحيث لا تتعذر خدمتهم . القولد ، كان بين طلابها مثيل بمن زاملت في مرحلة الدراسة الوسطى، الندرة في التعليم الأوسط في المنطقة أملت التجاوز عن سن القبول للمدرسة، ولذلك كان بين الطلاب من لا أكبره كثيرا. والقولد بالنسبة إلي كانت امتدادا لحنتوب التي غادرتها منذ بضعة شهور.... كل من في المدرسة داخلي، والمدرسون والطلبة في صعيد واحد. المدرسون - من كان متزوجا فهو في رعاية أهله وتدبيرهم، ومن كان غير متزوج فقد كان مع من في شاكلته في"ميس" يتبادلون رعاية حلة الطبيخ بين الحصص ـ من لم يكن مشغولا بالتدريس في فصل فهو موكول به أمر حلة الطبيخ .والطبيخ عمل هواة لا تسيغه إلا مع الجوع ، والجوع – ولله الحمد - كان ينجي الناس منه غداء كل القبيل على مائدة واحدة ، فيطعم العزابة من طعام المتزوجين ويبقى ما جهد العزابة في إعداده طعاما لمن يجمع الأواني . ولأن هذه شراكة غير منصفة فقد توزع العزابة يميسون مع المتزوجين . لقد كانت حياة مليئة بدفءالإلفة و المودة.
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/icon_edit.gif)
|
|
|
|
|
|
|