يا سلام يا استاذ عبدالله الحسين كل مرة تأتينا بموضوع شيق، وقد حفزني عنوان البوست ان اكتب عن استاذ له علي فضل كبير في مسيرة حياتي، وهو انه لم يتم قبولي في المدرسة التي بالقرب من بيتنا مما اضطر والدتي عليها الرحمة ان تبحث مدرسة اخرى وذهبنا الى مدرسة تبعد عن بيتنا حوالي 500 متر وهي تعتبر بعيدة لطفل دون السابعة وليتنا وجدنا فيها مقعد لكنا فشلنا في ذلك خلال يومين الحصول على مقعد لي، وتصادف انه كان هناك استاذ لاحظ حضوري ووالدتي واستياءنا من الوضع وفيما بعد قدم لنا نفسه وبرغته في خدمتنا وذكر لنا انه مدير في مدرسة ويوجد عنده مقاعد فائضة ويرحب بنا ولكن المدرسة بعيدة جدا عن الحي ناهيك عن البيت، ولكن نسبةً لبدء العام الدراسي وحتى لا تفوتني الفرصة كنا في اليوم التالي من الصباح الباكر امام مكتب المدير الذي وعدنا بفرصة وقد كان، والتحقت بالمدرسة البعيدة والتي احتاج الى ركوب الباص للذهاب والاياب ومعاناة لطفل دون السابعة من فترة مبكرة واحيانا اضطر للذهاب والعودة على الاقدام وربما عدت عصرا للدرس ولكنها متعة التعليم التي تنسيك ضنك المعاناة، ولاني كنت قبلها قد امضيت اكثر من عامين في الخلوة اعطاني ذلك فرصة في التقدم على اقراني في الفصل الاول ولم يتكرر ذلك التقدم في السنوات اللاحقة، ولكني ضمنت بتلك النتيجة كسب ود استاذي مدير المدرسة الذي كان له دور في تسجيلي في المدرسة، ومن اهتمامه بي طلب مني احضار والدي وقد كان، واوصاءه بوصية في حضوري ولكن لصغر سني لم استحضرها وربما انشغالي وقت الحديث معه، لكن ما فهمته الاهتمام بالطالب احمد، الشاهد في الامر جرت السنين وكان استاذي معيناً لي وشكل جزء من شخصيتي وثقتي في نفسي وكان له دور كبير في مساعدتي خلال سنين اربعة الى ان جاءته التنقلات واختفى عن الانظار، مرت السنين والعقد والعقدين وانتقلنا الى المتوسطة ثم الثانوي والجامعة والدراسات العليا والعمل لسنين عددا ثم الاغتراب هذا كله واستاذي لم يغب عني ابدا ولا لحظة، لانه كما اسلفت كان ممن شكل حياتي وعرفت ذلك لاحقا، وكنت امني نفسي بلقاءه وانا ابحث عنه وأسأل عنه وابتعادي عن المدينة من المرحلة الجامعية وما تلاها باعد الشقة بيني وبين امنيتي للعصور عليه ومقابلته، الى ان حصلت على تلفون استاذ اخر لنا يقيم في دولة خليجية وبعد الاتصال به والمسالمة وتبادل الاخبار، سالته عن استاذي محمد صالح، ولم اتمالك نفسي حين رد علي بقوله: كنت اخاف ان تسالني هذا السؤال، قال لي: يا بني فتقت جرحاً اندملت الآمه منذ سنين، لقد ايقظت حزنا ساكناً ورجلاً دفناه ونحن نبكي عليه كالاطفال، لقد رحل الاستاذ محمد صالح بعد صراع مع السرطان قبل تسعة سنين، لقد بكيت بحرقة والله لذلك الخبر المفجع ولم اتمالك نفسي في التلفون و انا احدث استاذي مما اضطرني لاغلاق الخط لاكمال بكائي على استاذي ذلك الرجل الذي قدم لي خدمات جليلة اثرت حياتي فيما بعد، كما وانني فشلت ان التقيه واشكره واقول له شكرا لك فان صنيعك معي لقد جعل مني رجلاً، ولكن هيهات فقد كان هو مضى الى ربه، وكم شعرت بالتقصير وتمنيت لو اني التقيته واوصلت له تلك الرسالة.نعم يا استاذ، هناك اساتذة اجلاء ورجال هامات لهم حضور في حياة تلامذتهم، لانهم قدموا لهم معروف ومعرفة دون منٍ او اذى، قدموا دون مقابل وانتظار شكر من احد، احترقوا كالشموع من اجلنا، لينيروا لنا جهلنا الحالك ونحن المقصرون ما اوفيناهم حقوقهم ولم نرد لهم الجميل، رحمك الله استاذي وقدوتي محمد صالح واسكنك فسيح جناته وجمعني بك في الفردوس الاعلى. شكرا لك استاذتا محمد عبدالله الحسين لانك تفتح لنا مواضيع تحفزنا على الكتابة. ودمت بعافية تحياتي احمد عمر
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة