المتأمل في اتجاهات المظاهرات يجدها قد انحرفت عن مسارها وتبشر بأوضاع سيئة، اذ لم تتوقف منذ ان اندلعت في البلاد في 19 ديسمبر الماضي، وقد تجاوزت (ثلاثين) يوما، وكانت احتجاجات مطلبية بسبب الغلاء ونقص (الخبز، الوقود، النقود) اعترفت بها الحكومة واعلنت عن خطة لمعالجتها، غير ان اتجاهاتها قد تعددت فانقلبت لمظاهرات تخريبية سقطت دونها ارواح غالية من ابناء السودان كما ادت لتدمير ممتلكات عامة وخاصة ، فتحولت لمطالب سياسية تطالب بــ(إسقاط النظام)، ادخلت البلاد في أزمة ولكن ماهو المخرج؟.
المتابع لمآلات المظاهرات ومن خلال العبارات والشعارات التي ظلت تطلقها بعض الحناجر، يجد ان احد اهدافها وضع حد لنهاية الحكم الاسلامي في السودان ومنها انطلق شعار (سقطت سقطت ياكيزان) والتي كتبنا عنها من قبل وقلنا ان البعض اصبح يلوكها دون علم لخطتها ومآلاتها ، وقد تزامن ذلك مع انطلاق المؤتمرات القاعدية للوطني بالولايات المختلفة ، ولكنها في الواقع اهدت الاسلاميين فرصة من ذهب للتأمل ومراجعة الخطى، وبذلك خسرت المظاهرات نفرا ولكنها ايضا كسبت اخرين لحسابات ومواقف سياسية اختطفت المظاهرات بتخطيط ومكيدة وهدف قد تدخل البلاد في دوامة الصراعات والصوملة ، اذا فلابد من مخرج.
المراقب يجد ان المؤتمر الوطني قد التزم الصمت لأجل انجاح مؤتمراته القاعدية، فيما جاء تصعيد المظاهرات الاخير في منطقة بري بخطة وهدف افشال ختام مؤتمرات الوطني القاعدية بمحلية الخرطوم والتي اعلن عنها بذات المنطقة، غير ان الضربة جاءت قاضية، فسجل المؤتمر الوطني هدفا ذهبيا في شباك خصومه، حيث كشف الوطني عن إكتمال إنعقاد (27600) مؤتمر اساس من جملة (28800) مؤتمر بولايات السودان المختلفة، بنسبة انعقاد 96.7% بمشاركة (6.342.000) عضو من عضوية الحزب في مؤتمرات الاساس بنسبة 76.3% وقال الحزب إن 50% من عضويته يحملون الرقم الوطني، وأكد نائب رئيس الحزب الدكتور فيصل حسن ابراهيم لدى مخاطبته المؤتمر جاهزية حزبه لانتخابات 2020، داعياً الأحزاب السودانية السير على ذات النهج لتطوير الحياة السياسية في السودان ولكن كيف؟ وما هو المخرج؟.
حقا كانت ضربة قاضية وموجعة ومؤلمة لخصوم الوطني ، وكأنه أراد ان يقول ليس امام الممانعين الا القبول بحوار قاعة الصداقة ، فيما اتهم الدكتور فيصل أحزاب اليسار السوداني بالهروب من انتخابات 2020، والسعي لتقويض الأمن والاستقرار والسلام في السودان بتدبير وتأجيج المظاهرات بإستغلال أزمات البلاد، وقال ليس امام هؤلاء إلا الانضمام لركب الحوار ، بينما يقول عاقلون من دعاة التغيير (ان إسقاط الكيزان بالقوة ليس سهل المنال في ظل الدولة العميقة)، اذا ماهو المخرج؟.
المعطيات اعلاها تؤكد جاهزية الوطني للمضي قدما لانتخابات 2020 وليس أمام الجميع إلا الحوار وان الوثيقة الوطنية من الثوابت ، وإن المظاهرات التي جاءت بخطة وهدف لم يكتب لها النجاح باسقاط النظام بالقوة، اذا لا بد من خطة بديلة يمكن التفاوض حولها مخرجا للازمة، اما حوار قاعة الصداقة نفسه مع قليل من التنازلات هنا وهناك، أو دمج العديد من المبادرات منها مبادرة اهل الدعوة والعلم، مبادرة القطاع السياسي للوطني للحوار والتفاوض، مبادرة محمد الفاتح حجير الشبابية من داخل حزب المؤتمر الوطني تدعو لقيام انتخابات مبكرة، مبادرة الامام الصادق المهدي لوحدة الصف، ومبادرة الجبهة الوطنية للتغيير لتكوين حكومة انتقالية ، ومبادرات اخرى وجميعها تدعو للبحث عن مخرج للازمة. نشر في الأخبار الاحد 20 يناير 2019 .
العنوان
الكاتب
Date
عمود الرادار (الوطني والمظاهرات)... المخرج بقلم : ابراهيم عربي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة