أبي رحمه الله وأغدق على قبره شآبيب الرحمة كان يصرف نهاره في وظيفة عادية هي قوام عيشه، وينقق أول المساء إلى الهزيع الأول من الليل في جهد ونصب دائم وهو قوام مركزه ومكانته التي حازها وسط دائرته، كان رحمه الله يصل الرحم، ويقري الضيف، ويكسب المعدوم، ويغيث الملهوف ويعين على نوائب الدهر، وكنت رغم صغري أضيق بهذا كله و أفصح عن ضيقي في وضوح وجلاء، كنت أنتظر مقدمه من عمله وأنا فرح مبتهج حتى أستقي من عواطفه ومشاعره فأنا آخر العنقود وليس من اليسير على آخر العنقود أن يألف تسلط الناس عليه واعتدائهم على حقوقه، كانت لدي خواطر تجيش في دواخلي أريد أن أقولها لوالدي لحظة رؤياه ولكني لا أستطيع أن أوثره بها فأهل الدنف والحاجة كانوا ينكرون حقي في والدي ولا يبيحونه إلا بمقدار وبمقدار ضئيل، وما أكثر ما يقع بيني وبين هؤلاء من تنازع وشجار خاصة حينما أطبق بيدي الصغيرة على أصبع أبي وأتشبت به وأنا أسير بخطى متعثرة خلفه فيأتي أحدهم غير مبال بعواطف صبي أغر تجاه أبيه تمثل الضعف الذي ليس بعده ضعف، فيدفعه دفعاً عنه بل لا يرضى أو يقنع بهذا فيغلظ عليه القول لالحاحه في أن يكون بمعية والده، ويستهجن تهالكه عليه. رغم كرور الأيام وتعاقب الحدثان، مازالت الصور هادئة مستقرة في مكانها، و مازال حنيني إلى والدي كثيراً غزيراً لا يستغنى عن فؤادي، ولا يستغنى فؤادي عنه الطيب عبد الرازق النقر كوالالمبور- ماليزيا
04-18-2018, 04:13 PM
إدريس محمد إبراهيم
إدريس محمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 03-13-2006
مجموع المشاركات: 2762
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة