|
Re: دارفور..... حصان طرواده لتقسيم السودان.... محمد جمال عرفة (Re: سيف الدين حسن العوض)
|
دارفور والمحطّة القادمة الحديث عن الازدواجية الغربية حديث مكرور، ويكاد تكراره (الضروري في الأصل) يتحوّل إلى ذريعة لتسويغ العزوف عن النظر في جوهر المشكلة والحديث عنها، وهي التي تحمل عنوان دارفور تارة، ورفح تارة أخرى، والعراق ثالثة، والضغوط على سورية رابعة.. وهكذا دواليك. إنّ الحملة الغربية المكثّفة بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في قضيّة دارفور، حملة متوقّعة بعد التراجع الرسمي السوداني في قضية الجنوب، ومتوقّع معها ازدواجية الساسة الغربيين، وعدم استحيائهم من عدم التحرّك مثلا في مواجهة ما يتعرّض إليه الفلسطينيون، أو الكشميريون، أو الشاشانيون، ولكن هل يكفي التنديد بازدواجيّة الغرب هذه؟.. السؤال الذي يجب أن يُطرح ويناقش ويجاب، وأن يكون جوابه منطلقا إلى التحرّك هو: ما الموقف العربي والإسلامي المطلوب، وكيف يمكن تفعيله، ومتى تضع الدول العربية والإسلامية مجتمعة ثقلا سياسيا ما يحول دون القبول مرة بعد أخرى بأسلوب التعامل الغربي العدواني مع القضايا ذات العلاقة المباشرة بها، من قبل أن تكون قضايا مرتبطة بأمن أو سلام دوليين!.. لا ريب في أنّ ما جرى ويجري في دارفور مأساوي وخطير، ولكن لا ريب أيضا في ضرورة التصرّف عربيا وإسلاميا إزاءه بالتفاهم والتعاون مع حكومة الخرطوم، بدلا من انتظار الغرب وما يصنع، وحكومةُ الخرطوم اليوم ولأسباب عديدة، أكثر استعدادا من أيّ وقت مضى للترحيب بتحرّك عربيّ وإسلامي، وتدرك أنّ التحرّك الغربي يهدف إلى ما هو أبعد من إعادة الاستقرار والأمن وتوفير قدر ما من الحياة الكريمة في منطقة دارفور. كذلك يبدو من التحرّك المصري الجزئي المنفرد أنّ حكومة مصر تقدّر أنّ الغرب يريد توظيف دارفور بعد جنوب السودان، ليتحرّك في المحطة القادمة، وهي مصر على وجه التخصيص. مصر تواجه إحكام الحصار حولها، عبر قضية منابع النيل، والترنّح الليبي شبه المطلق في اتجاه تلبية الرغبات الغربية، ثمّ الدعم الغربي لمشروع شارون مع دور أمني مصري في غزة قد يصبح بالغ الخطورة، وجميع ذلك من شأنه أن يجعل مصر أكثر عرضة للتأثّر بضغوط دولية، لا سيّما على ضوء الحديث الداخلي عن حقبة ما بعد مبارك، والهدف –من خارج مصر- هو ألاّ يخرج مسار السياسة المصرية عن المخططات الغربية لمستقبل المنطقة. إنّ من لا يتحرّك ويتصرّف الآن لمواجهة الأحداث الآنيّة، في دارفور وسواها، يخاطر بالوقوع في عجز أكبر عن التحرّك والتصرّف عند وصول المخططات الغربية إلى المحطّة التالية. وإذا كان المطلوب من مصر التحرّك بتعزيز جبهتها الداخلية ما بين الحكومة والشعب، وبحيث لا يبقى الوعد بهذا الصدد مجرّد وعد، أو يبقى تنفيذه محدود الحجم والتأثير، بل أن ينقلب في التطبيق العملي إلى نقيض عنوانه المعلن، فإنّ المطلوب عربيّا وإسلاميا العمل السريع لتجاوز الخلافات الجانبية، الكبيرة والصغيرة، وتحويل مطلب إصلاح العلاقات البينية والارتقاء بها إلى مستوى التنسيق والتضامن والتعاون، إلى هدف مشترك له الأولوية على ما عداه، وتفرضه المصلحة العليا المشتركة على المدى القريب والبعيد. يمكن تحويل قضية دارفور إلى بوابة على هذا الطريق، فلا يبقى الحديث عنها وعن مواجهة مأساتها وأحداثها حكرا على الغرب وازدواجيّته، أو محشورا في الساحة الافريقية وحدها، ولا يبقى الغياب العربي والإسلامي عن عمل مشترك فعّال سببا في تفاقم المأساة محليا وتفاقم عواقبها المستقبلية إقليميا.
|
|
|
|
|
|
|
|
|