الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
Re: خرج ولم يعد (Re: Muna Khugali)
|
العزيز يوسف السماني
محمد هذا أعرفه حق المعرفة، لقيته يوماً في منزل (عزابة) في إحدى ضواحي المدينة المترفة (الناصرية). تلك الأزقة التي تفصل بين عمار الشارع وأضوائه، وبين مساكن لا علاقة لها بالترف إلا قرابة بعيدة. كان ممداً وسط الغرفة مرتدياً (عراقي) متسخ، وقدماه مشققتان، وأمامه مطفأة سجائر ممتلئة عن آخرها. أظنك لن تعرفه إذا رأيته، لقد شحب وجهه كثيراً. وتشققت قداماه. طمأن والدته الكفيفة أخبرها (كذباً) بأنه بخير، وأنه سيعود في عطلة المدارس القادمة. وأنه سوف يعود ليتزوج وينجب لها طفلاً يسليها في آخر أيامها. ولكن الحقيقة يا يوسف أن محمد يعمل في إحدى المكتبات العامة (طبّاعاً) وقد علّق شهادته الممزقة على الحائط خلفه تماماً. لا أحد يكترث كثيراً بتلك الورقة المليئة بالأختام الرسمية. وعندما سألته عن سبب تشقق أقدامه أخبرني أنه بعد عام ونصف العام من (العطالة) اضطر للعمل في مهن لم يكن يتصور أنه قد يقبل العمل بها، فقد عمل باليومية، ومن ثم عمل (كاشير) في محل لبيع كروت المعايدات، وبعدها عمل في مطعم سوداني، وبعدها عمل جزّاراً لدى إحدى المسالخ (في المناسبات) فقط، وعمل أستاذاً لطلبة المرحلة الابتدائية بأجر متواضع لا يوفر له إلا حق سجائره والأوراق التي يكتب بها رسائله من حين لحين لأمه وأسرته. ألا تصلهم تلك الرسائل يا يوسف؟ إنها رسائل تحمل رائحة (الراحات) ونكهة (التفاح) ولكنها يا يوسف مببلة بعرق آخر النهار. وقرف الغربة الذي لا يهدأ. هو نفسه لا يعرف متى يعود.
عفواً نسيت أن أخبرك أنه بدا غير مكترث بحلاقة ذقنه.
لا تخبر أمه بذلك يا يوسف أمانة عليك!!!
|
|
|
|
|
|
|
|
|