وأذكر عند الله د. محمد عثمان الجعلي وقد تسرب من حياتنا بدوره, مسرعا كحوت فتى موسى
ولمحمد عثمان الجعلي نذكر - أيضاً - ما كتبه في "رواس مراكب القدرة"
وعلى يد الطاهر ود الرواس تعلمنا - يتصدرنا محيميد والطيب صالح - أن سبل كسب العيش في السودان تخضع لكل شيء, إلا ما خطط له
إن نبوغ عبدالقدوس المبكر, وتفوقه على أقرانه في كل شيء لم يشفع له -في نهاية المطاف السوداني- إلا أن يكون مترجماً في وزارة الخارجية - وذلك بعد لأى شديد وجهد- إذ التقطه منصور خالد في سبعينيات القرن الماضي لان منصور يعرف الجياد من الناس ويتذوق الادب الرفيع والشعر المجيد ويحب إقتناء الملابس الفاخرة والأنيقة... كما وأنه - والشهادة لله- يقدر النبوغ والنابغين حتى وإن أسماهم البعض "أولاد منصور" !!!
عرفت عبدالقدوس الخاتم منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي حتى منتصف السبعينيات.. ثم إنقطعت بنا سبل كسب العيش والتباعد الجغرافي والتقدم في العمر الي يوم مماته.
هو: عبدالقدوس محمد الخاتم عثمان .. والده الشيخ الفذ والوطني الغيور محمد الخاتم محمد عثمان . والدته السيدة الفضلى التومة احمد عمسيب أخت الفاضل عمسيب "الفاضل اب احمد" احد ظرفاء أمدرمان, وشقيقه البكر أحمد احد كبار التربويين في مدارس امدرمان المتوسطة واشقاءه الآخرون هم عبدالمنعم وفاروق وعثمان, وشقيقاته بثينة وزينب وآمنه وميمونه .. والاخيرة هي والدة الطالب المختفي محمد الخاتم إبن موسى يعقوب الصحفي الاخواني المعروف.
ولد عبدالقدوس الخاتم بأمدرمان في العام 1943. ودرس في مدارسها .. امدرمان الأميرية ثم المؤتمر الثانوية (1958 - 1962) .. ومن دفعته في المؤتمر الثانوية د. هاشم ياجي والفريق حسان عبدالرحمن علي
كان عبدالقدوس متفوقاً في كل شيئ .. في العلوم .. في الرياضيات .. في اللغات والادب .. واحرز شهادة لا يحرزها الا النوابغ بحق Grade 1 with seven distinctions .. كان يتحدث الانجليزية بطلاقة مدهشة ويكتبها في تميز نادر حتى قال عنه المستر كوك "رئيس شعبة اللغة الانجليزية بمدرسة المؤتمر" وهو يسخر من (بقية المعلمين): في هذه المدرسة يوجد ثلاثة فقط يتحدثون اللغة الانجليزية ويكتبونها .. أنا مستر كوك .. ثم المستر عبدالقدوس .. ثم المستر عبدالمجيد عباس .. وعبدالمجيد هو اول دفعتنا في المؤتمر.وهو صنو عبدالقدوس في النبوغ وأظنه يُدرس الآن في أحدى الجامعات الأمريكية وقد تخصص في الكيمياء الحيوية .
عرف عبدالقدوس الأدب مبكراً .. فمكتبة شيخ الخاتم والتي جرني اليها تملأ نصف صالون منزلهم المستأجر بحي البوسته امدرمان .. وشيخ الخاتم بعنوانه العريض ... ومثل غيره من أبناء جيله .. لم يمتلك منزلا حتى وفاته
كنا - أذكر - بينما نتحدث واقراننا عن "الكورة" .. كان الخاتم يتحدث عن السهروردي و مستشهداً بالمتنبيء وشعر شكسبير !!!
حدثني وهو ابن السادسة عشرة عن انور عبدالملك وشكري وسهيل إدريس وحسين مروه واوسكار وايلد والدوس هسكلي وتشيكوف وغيرهم وغيرهم. استماله الفكر الوجودي لفترة وارهق دماغي بافكار سارتر وسيمون دي بوفوار والبير كامو .. وكان في الشعر السوداني يحتفي بالعباسي والتجاني والمجذوب ويعنى بصفة خاصة بشعر عبدالله الشيخ البشير.
دخل عبدالقدوس جامعة الخرطوم في العام 1962 وأختار كلية الطب بغير اختيار فلم يكن ذلك خيارة الأول ولا الأخير ولكنه دخل .. وتعرض هناك لعاصفة عاطفية ووجدانية غادر بعدها لموسكو ولكنه عاد من هناك ولم يكمل هناك دراسته .. لربما كان ذلك لذات الأسباب.
عمل في مجالات الترجمة والكتابة الأدبية والبحوث والدراسات .. ثم تزوج بعدذاك بالسيدة الفاضلة رفيقة حياته سعاد رضوان - رحمها الله رحمة واسعة - .. ولقد نال منه داء السكرى حتى أقعده عن الحراك رحمة الله عليه
وهكذا نتعلم من الطاهر ود الرواس
أن سبل كسب العيش في السودان تخضع لكل شيء, إلا ما خطط له
ترحموا معي على روح عبدالقدوس الخاتم الأديب الشامل والعبقرية التي لم تجد حتى التكريم اللائق!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة