|
Re: أرحنا بها يا قبانى (Re: جلالدونا)
|
مقال لمنصور خالد جدير بالقرائة : ------
زرياب واهل الوسواس د. منصور خالد
النبأ المفزع الذي هز أهل السودان منذ بضعة شهور عاد بي إلى زمان ليس بالبعيد كنت وصحاب لي نختلس فيه البهجة اختلاساً من هموم الحياة ، نصقل قلوبنا حتى لا تصدأ . وكان خوجلي عثمان واحداً من أهل المغنى الذين يملأون تلك السويعات التي نَستَّرِق متعة وحبوراً . من هؤلاء الصحاب من ذهب إلى رحاب ربه راضياً مرضياَ ومنهم من ينتظر . ذكرتهم جميعاً يوم نعي خوجلي ؛ ذكرت علياً وعلياً ، وذكرت عثمان وعثمان ، وذكرت الأمير الغني ، وذكرت الملك حفيد الملوك حسن محمد صالح ؛ ثم ذكرت بشيراً الذي يستبي تعزافه القلوب . وكان ذكي الفؤاد علي المك (أحد العليين) يطلق على خوجلي عثمان لقب زرياب ؛ ذلك الفتى الذي تعلم صنعة الغناء على يد إبراهيم بن المهدي فأشجى أهل المشرق في بغداد ، ثم إرتحل إلى الأندلس فاحتضنه الحكم بن هشام ، وتمايل على شدوه أهل الأندلس قاطبة . لا عجب ، أن ناح على خوجلي أهله في حلفاية الملوك وهم يشهدون الموت يسطو على فتاهم في ميعة صباه . ولا بدع أن إنحل الدمع المعقود في عيون لبعض صحابه لم تكن تعرف التذراف . ولا مشاحة في بكاء أهل الفن عليه في كل مكان بـ"دمع نازل كالمزن في الهملان" . فريدة الشاعر صالح عبد السيد التي طالما تغنى بها الفتى الراحل ، و اهتز لها كل أهل السودان إلا من كان بأذنيه وقر أو حرمه الله ذائقة الشعر . لا عجب ولا بدع ولا مشاح ، فلولا الدموع لانصدعت الأكباد ؛ وفي قول العرب "الدمعة تذهب اللوعة" . أعظم رزية من الموت الفجوع ، ظروف الزمان التي تكالب فيها الموت على الناس على يد ملتاثي عقل وخبثاء مذهب ... ظروف الشقة المتواترة التي لا تنجب إلا المهووسين ، والفظاظة والاعتساف اللذين لا ينحدر من رحميهما إلا الموسوسين . و أشد رزيئة من كل هذا ، استشراء الهوس باسم الإسلام وتحت ظل راياته المرفوعة ؛ طوراً بسبب الجهل ، وتارة بالتدليس ، بالعنافة . فتحت رايات الإسلام تواتر الحزن ، ثكْلا على ثكل . وتحت رايات الإسلام تكاثر الموت ، قبراً وراء قبر . من الناس من دفع به المهووسون قهراً إلى آتون حرب لا يعود منها سالماً إلى آله وذويه ، ومنهم من قضي عليهم غيلة في السراديب ، ومنهم من حصدوا في المساجد دون أن يصيب أهلهم قوداً ولا وتراً .كل هذه الجانيات ارتكبت – ماانفكت ترتكب – باسم دين كريم يدعوا الناس للرفق بالناس ، ويُمني الباطشين بالمشقة . ففي حديث للرسول صلى الله عليه وسلم رواه الطبراني في الكبير والأوسط بإسناد حسن :"من رفق بأمتي رفق الله به ، ومن شق على أمتي شق الله عليه" . وإسلام أو لا إسلام ، المشاق التي يعانيها أهل السودان على أيدي الرهط الذي يجسم على صدورنا اليوم لا تبيحها شرائع المجوس ناهيك عن شرع الإسلام . رهط شر أولئك القوم ، بل هم الشر المحض .
لا نظلم الأخلاط المتسرعين إلى الشر من عامة الناس ممن ذهب بهم الغلو إلى اعتبار الموسيقى بدعة ، و الغناء ضلالة ؛ فهؤلاء ضحايا لتدليس كبار أمعرت قلوبهم ، وأجدب وجدانهم ... الشجب والإدانة نتجه بهما إلى هؤلاء الكبار الذين جاوز حكمهم العدل و النصفة ، وتجاوزت أحكامهم الاستواء والاعتدال . جناية هؤلاء الكبار على الإسلام الذي باسمه يشيعون هرطقاتهم أكبر من جنايتهم على المسلمين . نبئنا ، مثلاً ، بأن أهل التدليس هؤلاء أعلنوا عام 1995م عاماً لتطهير المجتمع من "الموبقات" ، والموبقات عندهم هي الغناء والرقص المختلط ؛ ليتهم أعلنوه عاماً لتوفير القوت في سودان الجوع الأدقع حتى يرتع فيه الناس من بعد أن فني سودان الكرب و "الجلجلة" ، فأهل السودان جميعاً أصبحوا في هذا الزمان اللعين مثل شاعرهم ود الفراش: "في جلجلة وشيتاً يشيب" . لو أنجزوا هذا لما تركوا لخصومهم من أهل السياسة ما ينتقصون عليهم ، دعك من سواد الناس . فسواد الناس لم يصارعوا هذه الغالية على الحكم والسلطان ، وسواد الناس تركوا لهم التجارة والصناعة والزراعة والتموين ليرتعوا فيها جميعاً قانعين بالدون من العيش . ولكن هيهات ، فقد أبى الغلاة إلا أن يلاحقوا أهل السواد في كل مكان ، يلاحقون الفتيات في الطرقات ، يلاحقون الصبية في المدارس ، يلاحقون الركع في المساجد ، ويلاحقون أهل الفن في دور فنهم . هذه أمور ينوء عنها أهل السودان ولا يقدم عليها إلا من استحكم حمقه . كنا نحسب الرواة يهزلون يوم أن أوردوا أن واحداً من كبار وزراء النظام اقتحم دار الإذاعة السودانية لـ"تطهيرها" من كل أثر مسموع يتغنى فيه أهل الوجد بالحسن والمدام . وقلنا إن صح الخبر ، يالغباء هذا الوزير الفدم .أهل المغنى هؤلاء هم الذين بنوا للعربية أساسها و أحكموا أمراسها في وجدان أهل السودان حتى توحدت بينهم المشاعر ، وكانت هذه الفسيفساء الرائعة التي نسميها السودان ، نحبه بعُجمه و بعُربه كما أحبه وتغنى به أستاذنا بل شاعرنا المطبوع عبد القادر تلودي : "سوداني الجوة وجداني بريده" ففي هذا السودان ألفسيفسائي ، من العربية والإسلام أطياف لا تخفى على أحد ، ومن النوبية والزنجية آثار لا تغيب على ناظر . غَلَت بي الحيرة عندما استيقنت بأن الأمر أفحش من أمر وزير فدم ، تيار عارم من الغلواء هو ذلك الذي يسعى لإجهاض الذوق العام في السودان باستئصال آثار ظلت ترهف حس أهل بلادنا... بقلم منصور خالد
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
أرحنا بها يا قبانى | جلالدونا | 05-07-17, 05:34 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | ود الباوقة | 05-07-17, 05:39 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | عبدالحفيظ ابوسن | 05-07-17, 05:44 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | عبدالحفيظ ابوسن | 05-07-17, 05:45 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | Haytham Ghaly | 05-07-17, 05:48 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | صديق مهدى على | 05-07-17, 07:35 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | جلالدونا | 05-07-17, 05:48 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | جلالدونا | 05-07-17, 05:52 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | جلالدونا | 05-07-17, 05:59 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | sadig mirghani | 05-07-17, 06:26 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | عبدالحفيظ ابوسن | 05-07-17, 06:54 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | جلالدونا | 05-07-17, 10:08 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | علي دفع الله | 05-07-17, 10:17 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | زهير عثمان حمد | 05-07-17, 10:24 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | صديق مهدى على | 05-07-17, 10:58 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | جلالدونا | 05-07-17, 11:23 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | معاوية المدير | 05-07-17, 11:39 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | معاوية المدير | 05-07-17, 11:41 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | يحي قباني | 05-08-17, 05:35 AM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | عبدالمنعم الطيب حسن | 05-08-17, 05:57 AM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | Hamid Elsawi | 05-08-17, 06:31 AM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | Haytham Ghaly | 05-08-17, 09:47 AM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | عبدالحفيظ ابوسن | 05-08-17, 10:18 AM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | جلالدونا | 05-08-17, 01:04 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | معاوية المدير | 05-08-17, 01:07 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | sadig mirghani | 05-08-17, 01:42 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | عبدالحفيظ ابوسن | 05-08-17, 02:59 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | صديق مهدى على | 05-08-17, 03:46 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | Ahmed Yassin | 05-08-17, 04:57 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | جلالدونا | 05-08-17, 06:43 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | عبدالحفيظ ابوسن | 05-08-17, 10:36 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | محمد على طه الملك | 05-09-17, 00:51 AM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | يحي قباني | 05-09-17, 02:35 AM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | جلالدونا | 05-09-17, 02:53 AM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | جلالدونا | 05-09-17, 03:07 AM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | جلالدونا | 05-09-17, 03:16 AM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | جلالدونا | 05-09-17, 03:26 AM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | Haytham Ghaly | 05-09-17, 04:37 AM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | جلالدونا | 05-10-17, 02:01 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | Ahmed Yassin | 05-10-17, 04:17 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | جلالدونا | 05-10-17, 07:06 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | جلالدونا | 05-11-17, 09:47 PM |
Re: أرحنا بها يا قبانى | جلالدونا | 06-05-17, 07:17 AM |
|
|
|