|
Re: المخدرات تسرح و تمرح في السودان...عجز المك� (Re: سيف اليزل برعي البدوي)
|
مخدرات (بالجرورة)!
ضياء الدين بلال -1-
تلقيتُ أمس، العديدَ من الاتصالات والرسائل، للتعليق على ما كتبتُه بخصوص اتهام مدير مكافحة المخدرات لإدارة الجمارك، بأنها المتسبب الرئيسي في إفلات مهربي حاويات المخدرات من المحاكمة والعقاب!
كنتُ وكثيرون غيري ينتظرون تعليقاً بالنفي أو التوضيح من قبل إدارة الجمارك لكنها لاذت بالصمت، أو ربما اختارت طريقاً آخر للرد.
بكل تأكيد لإدارة الجمارك ممثلةً في قيادتها وجهة نظر في ما قاله مدير مكافحة المخدرات.
علَّمتنا الصحافة، أن الحقيقة ليست كتلةً صماء يمتلكُها طرفٌ واحد، فهي أجزاء مُتفرِّقة تكتمل بتجميع ما لدى كل الأطراف.
-2-
ظني أن اللواء محمد عبد الله النعيم مدير مكافحة المخدرات، لم يُدلِ بتلك المعلومات والآراء، إلا ليرفع عن إدارته الحرج المُترتِّب على الحديث المتكرر، بأن السودان أصبح مكبَّاً ومعبراً للمخدرات من الدول القريبة والبعيدة وإليها.
اللواء النعيم أراد تحريك المياه الراكدة في الأزمة المكتومة بينهم والجمارك، لذا ألقى بهذا الحجر الكبير، فتسبَّب في فيضان من التساؤلات والشكوك.
نعم، ما قاله مدير مكافحة المخدرات للزميلة المتميزة هاجر سليمان، يُعتبر أخطر ما نُشِرَ في الصحف خلال السنوات الأخيرة، لأنه يكشف جانبَ قصورٍ مُريعٍ في ملفٍّ حساسٍّ يمسُّ كل فرد في المجتمع.
والأخطر - كما قلنا من قبل - إذا مرَّت إفادات الرجل دون أن تتبعها قراراتٌ كبيرةٌ وإجراءاتٌ قويةٌ تتناسبُ وخطورة ما قيل.
المخدرات هي العدو الأول للمجتمع ولكيان الدولة، لذا تم تشديد العقوبات المتعلقة بها خاصة في جانب الاتجار والترويج.
قبل سنوات كانت توجيهات رئاسة الجمهورية وقراراتها واضحةً وحاسمة، بأن جرائم المتاجرة بالمخدرات غير قابلة للعفو.
-3-
لولا أن المعلومات وردت على لسان المسؤول الأول عن مكافحة المخدرات، لظننتُ أنها مفبركة أو مبالغ فيها.
اللواء النعيم قال لهاجر بالنص:
(بولاية الجزيرة تمكنت قواتنا من ضبط متهم بحوزته كراسة تحوي قائمة بأسماء المزارعين الشباب الذين يقومون بترويج المخدرات لهم بـ(الدَّيْن) أو (الأقساط)، وجوار كل اسم المبلغ الذي قام بدفعه وما تبقى له من مبالغ، وبالتحري معه أقر بذلك وأكد أنه يقوم بالترويج في كل قرى الجزيرة، وأقر المتهم بأنه يبيع لهم الحبوب على أساس أنها منشطات). هذا تطور خطير لانتشار المخدرات في ولاية مستقرة، وللمجتمع قوامةٌ على سلوك الأفراد ومستوى الترابط الاجتماعي. والتديُّن الجماعيُّ قويٌّ ومُؤثّر.
-4-
من كان يُصدِّقُ أن عدم التنسيق بين أجهزة الشرطة وصل إلى هذا الحد، الذي يسمح بهروب مرتكبي أخطر الجرائم المُهدِّدة للمجتمع من العقاب بسبب تنازع إداري؟!
الجمارك والمخدرات تتبعان لقيادة واحدة، وتعملان تحت ظل وزارة واحدة، ومع ذلك يتجاوز الأمر عدم التنسيق إلى التناحر والتضاد؟!
طرحت هذا السؤال في العمود السابق:
ترى هل يُخفي هذا التنازع بين الجمارك والمخدرات صراعاً باطنياً خطيراً داخل الجهاز الحساس؟!
الإجابة:
نعم، هنالك علاقة متوترة بين إدارة الجمارك وبقية إدارات الشرطة، بما فيها إدارة مكافحة المخدرات!
-5-
التوتر قديم ومتجدد، له (24) عاماً، منذ 1992م، حينما أصبحت إدارة الجمارك تخضع لتبعية مزدوجة، ولها قانون خاص، يجعلها إدارياً تابعةً للشرطة وفنياً لوزارة المالية.
تصاعدَ التوتُّرُ في الفترة الأخيرة، ورشحت أخباره على صفحات الصحف، وتردَّدتْ تفاصيلُه في مجالس المدينة، حيث تختلطُ المعلومات بالشائعات، كاختلاط المواد الكيميائية المكونة للمخدرات المخلقة!
-أخيراً-
التنازع بين إدارتي الجمارك ومكافحة المخدرات، هو مظهر للأزمة ومستوى أفقي لها، وليس كل الأزمة.
وإذا استمر العلاج عبر المُسكِّنات المؤقتة والترضيات المثلجة، من المؤكد سيتطور إلى ما هو أسوأ.
ولا يوجد ما هو أسوأ من تسبُّبِ التنازعِ وعدم التنسيق في فتح ثغرة تسمح بدخول مليونَي حبة مخدرة للبلاد، وهروب المروجين من المساءلة والعقاب!
:::
|
|
|
|
|
|
|
|
|