*عبد الرحمن بن إبراهيم سالم الطقي* *(رئيس جمعية القرآن الكريم – الدوحة)*
(و بشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم و أولئك هم المهتدون) سورة البقرة
إنا لله و إنا إليه راجعون !
الآن نحو الساعة الخامسة والنصف من مساء السبت 14 من شهر الله المحرم 1438 هـ الموافق له 15 من أكتوبر 2016 م ، يلاقي الرجل القامة ، حمامة المساجد ، مرتاد حلق الذكر ، المحب للخير، و خدمة الناس ، لا سيما أهل القرآن و الدعوة ، عضد جمعية القرآ ن الكريم للجالية السودانية بدولة قطر ، و أحد سواعدي القوية في تعليم القرآن و الدعوة ، المصمم لأكثر لوحاتنا الإعلانية و خلفيات المحاضرات، و مطبوعاتنا الدينية ، مجانا و احتسابا ، الأخ الكريم ، و الجار العزيز لقرابة ثماني سنوات في معيذر بالدوحة ، الصديق الصدوق ، البشوش ، الجواد ، المهندس/ *محمد ميرغني حسين* الأمين الأسبق للجالية السودانية لدورة 2009/2011م و التي عملت معه فيها بمكتبها التنفيذي، وفي دورة سابقة ،
فاضت روحه إلى بارئها البر الرحيم نحو الساعة الثانية والنصف من مساء اليوم ، و الآن تتدافع الجموع في مقابر الصحافة بالخرطوم للصلاة عليه ، و مواراته الثرى ، مترحمة عليه ، داعية المولى الرؤوف الرحيم ، أن يغفر له و يرحمه ، و يثبته عند سؤال الملكين ، و يلقنه حجته ، و يجعل قبره روضة من رياض الجنة ، *و نحن و أهل بيتي ،* *و رجال و نساء و طلاب جمعية القرآن الكريم،* ندعو معهم بقلوب متفطرة ، و عيون دامعة ، و لا نقول إلا ما يرضي ربنا – رغم أنا لفراقه لمحزونون - ،ندعو بنفس الدعوات ، و نضرع إلى الله تعالى السميع القريب المجيب أن يتغمده بواسع رحمته ، و يسكنه فسيح جنته ، و يجعل البركة في أهله و ذريته ، عاصم و أختيه ، و يلهم والديه و زوجه ، وأولاده الصبر و حسن العزاء ، نخص ابنته الصغرى (مزن) صديقة ابنتي آية اللتين كانتا تصطحبان سنين عددا في سيارتي للمدرسة السودانية مع ثالثتهما رامة بنت صديقنا و جارنا عادل موسى .
*أخي و صديقي محمد* *ميرغني ،* لم يكن فقدك لأسرتك الصغيرة و الكبيرة في مدني و تنقسي والخرطوم خاصة ، و لا للجالية السودانية فقط ، و التي خدمتها عشرين سنة ، وودعتك وزميليك المستشار الشاذلي حامد المادح ، و العقيد عيساوي قيدوم موسى من السفارة السودانية ، في 11 أغسطس 1016 م ، و قد مضى من عمرك القصير ثلاثة و خمسون عاما ، و الطويل بالعمل الدؤوب الذي لم يكن لأسرتك فيه إلا معشار العشر، العمل العام المتصل ، بهمتك التي لا تفتر، و عزيمتك التي لا تني ، تضرب في كل عمل بسهم ، متفننا في التصميم و الإعلان والأفلام التوثيقية ، و الحاسوب و نظم المعلومات ، و الأعمال الإدارية ، و وضع الأنظمة الأساسية و اللوائح للروابط و الجمعيات و الجالية والمركز الثقافي السوداني ، و السفارة ، والمدارس السودانية ، و معينا لكل الوفود القادمة للدوحة من السودان ، وفود الجهات الرسمية و الشعبية ، و المؤسسات التعليمية ،
حاضرا بقوة في كل المرافق و أعمال الخير ، في *جمعية القرآن الكريم ،* و لك مواقفك المشهودة معنا في حمل همها ، غير متدثر بعباءة حزبية ، و لا بنعرة عنصرية ، و حاضرا في النفير الاجتماعي السوداني ، و كافة الروابط المهنية والجغرافية،
عدا حضورك في مجال عملك بوزارة التربية و التعليم ، تزين وسائلك التعليمية جدران قاعات الدرس ، و في مجالات هواياتك الأخرى من خلال جمعية هواة الحمام الزاجل وغيرها.
كسبت ثقة السوادانيين و القطريين ، ابتليت في رزقك ،و في جسدك ،و في نفسك وعيالك، فصبرت ، ونحسبك احتسبت ، ما غيرك فقر و لا غني ، و خاصمك من خاصمك في الفكر والعمل العام ، فصابرت و صفحت و عفوت .
أتتك المناصب العليا بقرار من رئاسة الجمهورية، فآثرت البقاء هنا تكابد معنا ، و تقاسمنا المرة والحلوة ، اتفقنا كثيرا ، و اختلفنا قليلا في عمل الجمعية و الجالية ، و كان طلب الحق هو رائدك ، وإن اختلفنا في تقديره ،
و آخر ذلك مواقفنا المتباينة حول قرار أخيك الدكتور (عمار ميرغني) وزير الإرشاد و التوجيه ، ذلكم القرار الشهير بمنع الوعظ في الأماكن العامة ، وكانت لك رؤيتك من خلال تجارب عشتها وافقتك جزئيا عليها ، تراسلنا في الواتساب كثيرا ، و اتفقنا على التعافي و التصافي ، و احترام وجهات نظر بعضنا ،
و كان آخر موقف لك مناصرا للقرآن و جمعية القرآن عن ظهر الغيب موصيا بنا خيرا إدارة المركز الثقافي الجديدة ، و نرجو أن يكون كل ذلك مما يثقل الله به موازينك .
غادرتنا في منتصف أغسطس 2016م ، و توادعنا بالدموع - كما أودعك الآن – و كنا بحضرة والدك الطيب ذي الخلق الرفيع ، و التدين الفطري ، و قد أحبني و أحببته ، في منزل أخيك المهذب المحسن في صمت الطبيب الدكتور (حسين) ،
فارقتنا لتتسلم عملك مديرا لإدارة نظم المعلومات بجهاز تنظيم شؤون العاملين بالخارج ، حيث ظللت تعطي بنفس الهمة خلال هذه الأشهر القلائل ، حتى أتاك أمر الله ، و لم تمهلك الملاريا التي عطلت عمل كليتيك ، و لم تمتعنا – بقضاء الله - بك طويلا ،
*فغادرت دنيانا الفانية ،* كما غادر قبلك على عجل من كان في منصة تكريمكم غير المسبوق الذي شاركت فيه السفارة و الجالية و قرابة أربعين رابطة وجمعية القرآن الكريم ، ذلكم الرجل القامة الأخرى الذي كان يقدمكم للمنصة الملحق الإعلامي بالسفارة *الأستاذ الدكتور هاشم الجاز* عليه رحمة الله ، و قد كانت وفاته في مطار الدوحة الدولة بعد أن كتب رثاء شقيقته – رحمهما الله – كانت عبرة لعلنا نعتبر ، تقدمك الجاز ، و لحقته سريعا ، و نحن على الأثر، في صف الانتظار واقفون ، لا ندري أيكون دورنا اليوم أو غدا أو أقرب أو أبعد !! ، نسأل الله حسن العمل و حسن الخاتمة و حسن المنقلب .
*رحمك الله فقيد السودان أبا عاصم !* و أسكنك جنة الفردوس بغير حساب و لا سابقة عذاب ، و جمعنا بكم فيها نحن و من خدم القرآن و السنة ، و سار على درب الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم ، إخوانا على سرر متقابلين .
*المكلوم الصابر المحتسب/* *عبد الرحمن الطقي الهواري*
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة