Post: #1
Title: الأمين عمر الأمين ... الظاهرة و الظرف
Author: كمال علي الزين
Date: 07-02-2016, 09:04 AM
08:04 AM July, 02 2016 سودانيز اون لاين كمال علي الزين-الدوحة _ قطر مكتبتى رابط مختصر (.)
ظاهرة الشيخ / الامين عمر الامين طه , الذي يعرف بالأمين ودالبنا و الامين ودالعجوز و الذي طالما كان مثيراً للجدل من واقع طقوسه الغريبة على التصوف المتعارف عليه في المجتمع السوداني و من واقع خلافاته المتكررة مع أهالي منطقة بيت المال و العنف اللفظي و الجسدي الذي أتسم به مريديه و من واقع انتماءه للطريقة المكاشفية احدى اكبر الطرق الصوفية في السودان و أوسعها انتشارا من حيث عدد الاتباع و المريدين و عدد الزوايا و المساجد و (المسايد )و مركزها كما هو معلوم قرية الشكينبة الشهيرة مرقد الشيخ المؤسس عبدالباقي المكاشفي الذي ولد بقرية شنبلي بالقرب من مدينة سنار في ١٨٦٧ و توفي في قرية الشكينيبة الحالية في العام ١٩٦٠ م ، و هو ينتمى الى قبيلة الكواهلة احدى اكبر القبائل السودانية وقيل من الأشراف .
الطريقة المكاشفية هي في الاصل قادرية المورد نسبة الى الشيخ / عبدالقادر الجيلاني المولود في قرية جيلان بايران في العام ١٠٧٧م و المتوفى ببغداد في العراق في العام ١١٦٦م .
و هو احد اقطاب التصوف الأربعة ، و هو مالكي المذهب ينتمى الى اهل السنة .
الامين عمر الامين أخذ الطريق المكاشفي القادري عن الشيخ / عبدالله يوسف المكاشفي الشهير بودالعجوز و الذي ولد في العام ١٩٣٠ م بقرية الحقينة قرب ود عشانا و توفي في القرية التي أسسها و أقام فيها مسيده و خلوته و اسماها (المنارة )في العام ٢٠١٢ .
الجدير بالذكر قبل ان نواصل الحديث حول ظاهرة الامين عمر الامين ان علاقة الامين عمر الامين بالرئيس البشير و مدير مكتبه والتي كثر الحديث حولها مؤخراً ، ربما كانت لعلاقة البشير نفسه بالطريقة المكاشفية ، حيث ان البشير و أقرباءه ، خاصة الاستاذ / احمد عِوَض الكريم (مجموعة الصياد - مجموعة شركات المتحدة ) ، هم من اتباع الطريقة المكاشفية و مريديها منذ عهد سابق لوصول البشير للسلطة في العام ١٩٨٩م .
الذي يجب الإشارة اليه إبتداءً ان الصوفية نشأت كفلسفة خاصة لا علاقة لها بمجاميع من المريدين و لم تنشأ الطرق الصوفية بشكلها الحالي الا بعد سنوات طويلة من سلوك الكثير من الزهاد و المتعبدين و النساك طريق الزهد و لم ينشأ ايضاً مفهوم الكرامات و الأساطير التي لحقت بالتراث الصوفي و أصبحت جزءاً من ادبيات المنهج الصوفي ، اي ان الصوفية في مسار نشأتها تحولت الى طريقة جماعية ذات راس و اتباع ومن ثم تحولت من مفهوم الاستقامة الى أسطورة الكرامة و التي أتت كرافد لمفهوم وراثة الطريفة و توريثها فيما يشبه النظام الملكي ، و التوريث تأسس على تطور الصوفية الى امتلاك أصول هي الأضرحة و المساجد و الاتباع و مصادر الدخل الخاصة بالطريقة .
يخ الاسلام تقي الدين بن تيمية في تحقيقه لكتابات الشيخ / عبدالقادر الجيلاني كان يصفه بالشيخ العابد الزاهد و كان يكن له احتراماً خاصاً ، و يصفه بانه كان اكثر الناس حرصاً على النهي عن المنكر و الامر بالمعروف و لم يرد عنه اتهاماً له بالشرك او الابتداع . و الثابت في التاريخ الاسلامي ان اول من تسمى صوفيا هو ابو هاشم الكوفي و اول من أقام مجمعاً صوفياً هو عبدالواحد بن زيد و هو احد اصحاب الحسن البصري فهو صاحب اول( مسيد) في التاريخ ، وقد قال شيخ الاسلام بن تيمية في وصف عبدالواحد بن زيد :
انه احد أولياء الرحمن (مجموع الفتاوي - ابن تيمية ) .
كما ورد عنه ايضاً في ذات المصدر حديثاً مشابهاً عن الشيخ / الجنيد بن محمد (قدس الله سره )و تاسيساً على ماسبق ، هل الامين عمر الامين صوفي المذهب ؟ ام ان ما يدعيه و يمارسه هو شى اخر لا علاقة له بالتصوف .
شأة الطرق الصوفية كمؤسسات دينية أخذت شكل الهوية و الانتماء بدأت منذ هجرة ابو الحسن الشاذولي المولود بالمغرب هجرية ٥٧١ و المتوفى ٦٥٦ هجرية في صحراء عيذاب المصرية و (الشاذلي )خطا شائع و الاسم نسبة الى قرية شاذلة في تونس ، من موطنه بالمغرب الى العراق بحثاً عن التتلمذ على يدي الشيخ / احمد الرفاعي و لكنه وجده قد انتقل الى رحاب الله فعاد الى المغرب و تتلمذ على يدي الشيخ / عبدالسلام مشيش و بعدها هاجر الى مصر .
ارتبط اسم الشيخ / أبوالحسن بكرامات كثيرة الا ان الراجح انه هو نفسه لم يسمع عنها ، حيث انها أساطير حاكها اتباعه و مريديه عقب وفاته بسنوات طويلة و بعدها صارت الأساطير و الكرامات جزءاً من التراث الصوفي .
و هو عين ماحدث لأستاذه الذي لم يدركه ، الشيخ / احمد الرفاعي الذي يشتهر اتباعه حتى اليوم بمقدرات خاصة على التعامل مع الأفاعي و الحقيقة ان الرفاعية توارثوا امتلاك الأفاعي ذكوراً و اناثاً و اعتمدوا على حقيقة علمية مفادها ان الأفاعي تبحث عن جنسها الاخر و تشتم رائحته و تخرج اليه و يحمل الرفاعي معه أفعى أنثى و اخر ذكر و حين يشتم الذكر رائحة الأنثى او العكس يخرج غير آبه بالبشر و هذه معرفة تراكمية اكتسبها الرفاعيون لان منطقة نشأتهم في العراق هي منطقة احراش و مستنقعات تعج الأفاعي و لذلك توارثوا هذه الخبرات في التعامل معها و أصبحت تعرف على انها كرامة الهية .و تفسر الظاهرة العلمية تفسيراً روحياً دينياً .
و تطور لطرق الصوفية كمؤسسات دينية اعتمدت أسطورة الكرامات هو امر مرده الى العلاقة التي نشأت فيما بعد بين المملوك و الحكام و السياسين و بين شيوخ الطرق الذين تم استخدامهم من قبل السلطان لمقدراتهم في جمع العوام و إقناعهم بوجوب التزام ادب الطريق و الذي يوءسس لاتباع السلطان الداعم للطرق و الراعي لدورها .
رتبطت الطرق الصوفية في السودان بعاملين هامين ، عامل الأسطورة المتعلقة بكرامات الشيوخ و عامل المال و المقدرة على جمع الحيران و الاتباع و استضافتهم و اطعامهم ، ورد في الأثر عن الشيخ فرح ودتكتوك ١٠٤٥-١١٤٧ م انه قال في وصف امر المتصوفة مع حيرانهم :
الدين بدورلو عجين
و لوما عجيني مافي زول بجيني
في إشارة الى التفاف العوام من الحيران حول الشيوخ و مرابطتهم في المسايد و الخلاوى بلا عمل لسنوات طويلة و اعتمادهم على الشيوخ في اطعامهم من ما يتعارف عليه في مصر و السودان ب (التكية ) ، و يُزعم شيوخ الطرق الصوفية ان هذا الإطعام المتصل و الإنفاق غير المنقطع إنما هو احدى كراماتهم و إنما هو فتح رباني و مدد الهي ، هذا الارث الصوفي ظل متصلاً منذ العهد السلطاني في السودان مملكة الفونج ١٥٠٤ - ١٨٢١م ، و بعد الغزو الالباني - العثماني للسودان ، تواصلت علاقة شيوخ المتصوفة مع السلطة الجديدة و واصلت تمييزهم و اقطعتهم الاراضي و اجزلت لهم العطاء ، بحسبانهم المؤسسة الدينية شبه الرسمية في الدولة و التي تمثل عموم الشعب و تمثل ايضاً حلقة اتصال هامة بين الشعب و السلطة الاستعمارية .
الخلاف حول ظاهرة الامين في المجتمع السوداني ذو المنبت الصوفي في عموم عوامه و خواصه ، علماءه و جهاله ، ليس حول تصوف الامين و سلوكه طريق المكاشفي او ود العجوز او غيرهما ، الخلاف حول سلوك الامين نفسه ، الخلوة و المديح و النوبة و تجمع الحيران ليست مظاهراً دخيلة على المجتمع السوداني ، الخلاف فيما يبدو حول سلوك الامين نفسه و سلوك حيرانه ، و هنا لا اعني السلوك الشخصي غير المرتبط بافعال تنعكس على المجتمع ، المأكل و الملبس و الحنة و خلافهما رغم انها تخرج عن مبدا التصوف من حيث انها تشابه الى حد ما السلوك الكنسي ، و التعميد ، و حتى أبوية الشيخ لحيرانه كما يبدو تخرج عن أبوية الشيخ لحوارييه الى مايشبه الأب بالمعمدانية لدى المسيحيين ، هذا يعضده جانب العنف الذي ينتهجه أبناء الشيخ الروحيين تجاه خصومه من جيران الحي و خصوم فكريين ...
سمعت احاديث للامين و وجدت انه يفتقد الفصاحة و نصوع الحجة ، و استدلاله بالقران ليس فيه إحاطة بجوهر الاستدلال في ما شاع على النت من حواراته ، اما جانب التاكيد على حق الامين في رد الاساءة بمثلها او اللجوءالى القضاء عند كل شاردة ذم او واردة قدح ، فهذا ليس من التصوف في شىء ولا من روح المذهب العرفاني ، الذي يقوم على الانتصار بالصبر على المكاره و الاحسان الى المسىء.
هذا اوجب لان يكون توصيف منظومته اقرب الى الأخوية في الغرب المسيحي و التي تقوم على الولاء من الفرد للجماعة و مبايعة الأب الروحي على مايشبه الطاعة العمياء ..
يقول الشيخ علي بن الشيخ عثمان منير شيخ الطريقة التسعينية رحمه الله : في طريقم امش اوعاك الغش
اهل الله ريحم تدوش
ثم يستطرد قائلاً :
كن درويش لا مدتدروش
و هذه دعوة الى الاهتمام بالمظهر و التعليم. و عدم الركون الى ما تنتقد من خلاله المتصوفة من ادعاء تطليق شان الدنيا بالكامل ، أراد الامين تمثل دعوة الشيخ علي فيما فهمته من بعض حواراته ، و لكنه رمى سهمه بعيداً عن اصل و جوهر التصوف ...
الأنظمة الشمولية عادة تحاول التقرب الى ذوي المقدرات الجماهيرية و تقريبهم للاستفادة منهم كمؤيدين كحزمة اجتماعية كبيرة تستطيع الوصول اليها عبره ، النظام ل يستطيع صناعة مثل هذه الشخصيات ذات الكاريزما الجماهيرية و لكنه يقربها و يتقرب اليها غض النظر عن تفاصيل مايدعوا اليه ، نميري له تجربة في احتواء الاستاذ محمود محمد طه و هو صاحب حركة شبيهة بحركة الامين و لكنه عاد و أعدمه ، هذا مع استدراك مني ان الاستاذ محمود كمفكر عظيم و متدين من طراز الاولياء و أقام طريقته على تأديب اتباعة و تلاميذه فهو أحسن الناس خلقاً و الطفهم معشراً و أطولهم يداً و ابذلهم للعفو و التسامح و أفصحهم لساناً و انصعهم بياناً و احفظهم للقران و ان عددت سجاياه فلن امل ولن تنضب ، رحمه الله
اذاً علاقة الامين بالنظام هي علاقة الشمولية الراتبة مع قادة المجتمعات و الكانتونات الصغيرة داخل الدولة ، اما رأي اتباعه في علاقته بالنظام فلا أظن ان مثله يغيب عنه من التبريرات ما هو كفيل بإقناعهم بحتمية العلاقة مع النظام و تحاشي صدامه و كسب اصطفافه معه ضد كارهيه و هم كثر ، النقطة الجوهرية :
الامين و حوارييه و علاقتهم بالمجتمع ، فان أحسنوا الى المجتمع و لم يتضرر منهم فليس لدي ماخذ على ما يعتنقون واللهً اعلم بعباده .
المولويون كانوا في حبهم لمولانا جلال الدين الرومي عنيفون و متطرفون ايضاً و غيورون في بعض الأحيان ، بل وصل بهم الامر ان مولانا حين قرب اليه القلندر شمس تبريز ، الذي عرف بشمس الدين التبريزي و احبه مولانا لدرجة انه انشغل عن بقية تلاميذه بمجالسته دونهم ، و هو مجرد قلندر اي درويش ، حقد عليه تلاميذه و تواطؤوا مع ابن مولانا جلال الدين الرومي (شهاب الدين ولد )وذات مساء خرج القلندر شمس التبريزي من خلوته مع مولانا و لم يعد حتى اليوم و كثرت التكهنات حول مصيره ، و هنالك رواية تقول ان تلاميذ مولانا تبعوه بعد خروجه من خلوته مع مولانا و طعنوه طعنات قاتلة و رموا بجثته في ببئر مهجور ، و لم يثبت شيئاً عن مصير الدرويش شمس التبريزي الذي اثر غيابه على مولانا جلال الدين الرومي فكتب عنه و هو القطب الصوفي الكبير و الشاعر العظيم ، كتباً في العشق و الشوق .
الشاهد ان التطرّف الذي يسم اتباع الامين ليس بجديد في التاريخ الانساني ، خاصة وان التطرّف دائماً مايرتبط بالحقب التي تعيش فيها الأمة في أزمات اجتماعية و سياسية مما يشكل أزمات روحية مبررة ، مولانا جلال الدين الرومي عاش في حقبة التتار و اجتياحهم للعالم الاسلامي و الامين في حقبة اهتزت فيها كل ثوابت و قيم الدين و المجتمع ، و اختل حتى مفهوم التصوف المرتبط اصلاً ببلوغ مرتبة من العلم بكنه الاله و محبته و الانشغال بحب الله عن ماسواه و محبة خلقه ومخلوقاته و الحط من النفس و ترويضها ايغالاً في التجرد قربى الى المحبوب و هو الله ، الامين و مريديه ليسوا نبتاً شيطانياً ، بل ظاهرة طبيعية تنشأ في ظل ايما مجتمع اهتزت ثوابته الدينية و الاجتماعية و اختل ميزان القيم و قيمة العلم و المعرفة و المعرفة الروحية ايضاً ترتبط بالمعارف الانسانية التي تاثر على الأخلاق ، الأخلاق ايضاً علم يا عمر و لها تعريفاتها و مشروطاتها كعلم يتحول كغيره من العلوم من التنظير الى التطبيق، الامين و اتباعه ظاهرة مرتبطة بازمة مجتمع ، لن تزول و ستتفاقم وستتضخم في تناسب مع تضخم أزمات المجتمع و سترتبط بممارسات قد تصل الى حد الجرائم ، الالتراس الخاص بالأمين سيقوم بعمل ما لا أستطيع التكهن ب ضحيته او ضحاياه و سيودي الى زوال كامل لطريقته و سيرته ، الذي اخشاه فعلاً هو حجم العنف المصاحب لذلك التحول ، هكذا يقول التاريخ و التجارب الانسانية ، المتوقع ايضاً ان يتحول الى عدو للدولة التي تقربه الان لمقدرته على جمع المريدين حوله و تماهيه مع السلطة و الان بدا في المسار الذي سيجعل ممارساته خصماً على الدولة .
التصوف في ظرفه الزماني يرتبط بأزمات العصر و هو ظاهرة لها ما يقابلها في الديانات الاخرى ، الرهبنة و التنسك في اليهودية و المسيحية هي ظواهر مشابهة ، و حتى ما يسمى بالهرطقة هي اتهام عاناه متصوفة مسلمون و رهبان و نساك مسيحيون و يهود و دفعوا حياتهم ثمناً لهذا الاتهام في عهود سيطرة الدولة على المؤسسة الدينية .
و المثير للدهشة حقيقةً ، ان الوصولي الذي يدعي التصوف لا يعاني عسف الدولة بل يحتفى به ، بينما يصلب و يقتل و يسجن و يكفر ، أمثال بن عربي و بن منصور الحلاج و محمود محمد طه من فلاسفة و مفكرين ، تاريخ طويل اسود قاتم من التخلص من المفكرين و الفلاسفة و العرفانيين باسم الحفاظ على الدين من المهرطقين ، بينما يحتفًى بالادعياء والجهلاء حسب علاقتهم بالدولة و تماهيهم مع السلطان .
لحركة الاسلامية السياسية في السودان و قبل وصولها الى السلطة لم يفت عليها الاستفادة من التجمعات الصوفية كمركز هام لنشر الأفكار و اكتساب المؤيدين و المتعاطفين مع الحركة.
انشات الحركة الاسلامية منظومة رأسها الاستاذ بدرالدين طه احمد احد قادة الحركة الذين اشتهروا بمد الجسور بين الحركة السياسية الاسلامية و الحركة الصوفية الاجتماعية ، شغل الاستاذ بدرالدين موقع امين تنظيم الحركة بولاية الخرطوم قبل وصول الحركة للسلطة ١٩٨٩ م ، ثم تولى منصب والي ولاية الخرطوم في حقبة التسعينيات ، وكان احد اكثر قادة التنظيم اتصالاً بالطرق الصوفية و استطاع تجسير العلاقة بين الحركة الاسلامية السياسية و الحركة الصوفية الاجتماعية ، و لم يولي اهتماماً الا للكم و المقدرة على جمع الاتباع ، فمن كان صاحب مقدرة على انشاء مسيد و جمع الحيران و السيطرة على توجهاتهم و توجيههم فهو صوفي و شيخ تم ضمه الكيان الخاص بالطرق الصوفية السودانية و ان كان لا يفقه من الدين سوى بضع لافتات ، لذلك كثر ادعياء التصوف و قويت شوكتهم ، فالحركة السياسية في بحثها عن مصالحها السياسية لا تفرق بين عالم و فَقِيه كالدكتور عصام البشير و بين الامين عمر الامين و بله الغايب و غيرهم من الذين يدعون التصوف و يتسمون شيوخاً وهذا ليس جديد في الحركة السياسية و ليست الحركة الاسلامية استثناءً في استغلال الكيانات الصوفية ، فقد حذت الحركة الشعبية لتحرير السودان ذات الخلفية المسيحية الى خلق رافد صوفي ايضاً فاستطاعت الاتصال بالشيخ عبدالله ازرق طيبة واستطاعت ايضاً اخد نصيبها من مجاميع الحركة الصوفية الاجتماعية و استغلالها سياسياً ، رغم ان الحركة الشعبية نشأت كحركة سياسية مدنية مناوئة لأسلمة الدولة السودانية و كانت ذات علاقات مع الحركة الكنسية العالمية ، و لكن البراغماتية السياسية لا دين لها و لا تحفل بالاتهامات بالتناقض ، و تعتمد على ضعف الذاكرة الجمعية .
ارتبط التصوف بحقبة الدولة العباسية التي سادها الترف و الاسراف حتى ظهر مصطلح (البغددة ) نسبة الى بغداد و هو يطلق على المسرف المتنعم ، فكان التصوف ظاهرة وليدة البغددة و الاسراف العباسي ، لذلك نشأته كانت بمدن فارس ، جيلان و بسطام و غيرها لانها كانت تحت سلطة العباسيين و اكثر المناطق تاثراً بما يجري في بغداد ، و ادعاء الشيخ الامين عمر الامين التصوف و هو من أنصار البغددة و التنعم هو كادعاء هارون الرشيد او الفضل البرمكي التصوف .
كما ان المتصوفة لم يكونوا زهاداً و نساكاً فحسب ، بل كانوا علماء و كتاب و فقهاء ، و أضافوا الى المكتبة الاسلامية اسفاراً من امهات الكتب في الفقه و اللغة و الحديث و التفسير و الفلسفة و النحو و الأدب و الشعر ، و هذا ايضاً يجعل الامين عمر الامين بعيداً عن مجرة المتصوفة التي تحفل بنجوم في ماسبق من علوم و معارف .
اما ادعاءه التصوف لمجرد انه يقيم الليالي و يضرب النوبة و يولم للحيران ، فهذا فهم خاطيء لماهية التصوف و تاريخه ،لان هذه المظاهر هي مظاهر احتفالية نشأت في مصر و المغرب و انتقلت الى السودان و لاعلاقة لها بالتصوف ، و إنما هي امتزاج بين عادات هذه الشعوب في مواسمها المختلفة ، تم مزجها باحتفالات ميلاد المشايخ و احياء ذكراهم .
|
Post: #2
Title: Re: الأمين عمر الأمين ... الظاهرة و الظرف
Author: sadig mirghani
Date: 07-02-2016, 09:43 AM
Parent: #1
مقال ضافي
|
Post: #3
Title: Re: الأمين عمر الأمين ... الظاهرة و الظرف
Author: أحمد الشايقي
Date: 07-02-2016, 11:08 AM
Parent: #2
Quote: سمعت احاديث للامين و وجدت انه يفتقد الفصاحة و نصوع الحجة ، و استدلاله بالقران ليس فيه إحاطة بجوهر الاستدلال في ما شاع على النت من حواراته ، اما جانب التاكيد على حق الامين في رد الاساءة بمثلها او اللجوءالى القضاء عند كل شاردة ذم او واردة قدح ، فهذا ليس من التصوف في شىء ولا من روح المذهب العرفاني ، الذي يقوم على الانتصار بالصبر على المكاره و الاحسان الى المسىء.
|
مقال عميق الاستدلالات ويستحق القراءة
شكرا أخ كمال
أحمد الشايقي
|
|