بياره عليها وابور رافع للمياه ومواسير تمتد لتفرغ ما بجوفها فى أحواض صنعت خصيصا لذلك وأخر يمكن التحكم فيها لملء الروين. منذ فجر باكر يتقاطر الناس ومرحاتهم إلى ذاك المكان الذى يصير سوقا تتعالى جلبته ويكثر جلابته ولكل شخص فيه مأرب فعند سماع البداوة يظن الناس أن الحال معافا من كل تشويه ومحفوظا من من كل المكاره إلا أن مجتمع ذاك المكان كسائر المجتمعات يعتريه ما يعترى غيره فأبو هرم لا يأتيه إلا قانصا ومتربصا بصيده وماسحا لواقعه بعد أن يحضر رحلة اللورى إلى المدينه لتبدأ رحلة غدره المرصوده بالبعض وغيره يأتون للغزل البرئ وتمتيع النفس برؤية غيده الحسان والطرب بأصواتهن العفويه والبعض يأتى جالبا شياها للبيع أو دجاجا وجناه وفيه تجد الأخبار التى يتبادلها الناس بطرائق وطقوس ينبغى فعلها وفى الدونـكى السبابه والقصابين وبائعى البنضوره والرغيف وللمكان جرس شجى وشيق. ود المساعد عليه الرحمه هو فنى الدونكى الذى يقوم بتشغيله ويقوم بتصليحه من الأعطاب وهو بدوى من الجموعيه الرحل من منطقة فتاشه عربى قح يجيد فن التعامل فهو وجه من وجوه الحكومه هناك كالحكيم والمدرسين ويقيم بمنزل المدرسه مع المعلمين ويقاسمهم الميز ويذبح لهم عندما تأتى المنيحة أو المأخوذة أو الهديه وكثيرا ما تأتى الهدايا للحكيم دجاجا وبيضا وعتان فهو رجل وسيم صارم القسمات سمح الدواخل تلقفته يد المنية لاحقا وحيدا فى تلك الإستراحه له وعليه من اللطيف الرحمه. الحكيم كان شقيق واطى قلبو عبداللطيف إبراهيم كان رجلا فكها عميقا يحب الطرب فيه نزعه دشينابيه بائنه كان لا يتورع فى أن يبرج ناقزا إذا سمع صوت خلف الله حمد أو ود السافل أو أى من أغانى الحماسه لا بل يجلس ليملص للصوت وطاقيته تغطى حاجبيه فى فراسة يندر أن ترصدها وكان جميل المداخل له من الحكاوى والبلاوى ما يقصر الليل ويملأه سلوى حتى يأتى من الفرقان ما يأخذه لطارئ أصاب أحدهم وعادة تكون الملاريا أو لسعة عقرب أو لسعة دبيب أو لجروح من الشجار وأحيانا يظل مع المريض ليومين حتى يسعفه ثم يرجعونه بدابة حمارا كانت أ م جمل ومعه من الخيرات الكثير أقلاها البيض الذى يضعه كله فى حلة واحده بيض لا أشك فى أنه يمكن أن يكون وقود ا لتراكتور ولإسبوع كامل ولكن تلتهمه المجموعه مع الحكى كالتسالى ولا يشعرون وعبداللطيف يقص عليهم أروع القصص وأمتع المقامرات فيتسمر الكل صوبه كشاشة التلفاز أو السينما. بريمه معلم يجيد مهام الطبيخ يصنع العصيد وإدامه ويداه أطعم من أيدى دارسى الفندقه وهو معلم ممتاز ظل العمود الفقرى لتلك المدرسه والتى كان ناظرها نوراادائم كمال الدين والذى كان يعرف جيد الدكوه وجيد الكسره وجيد حلاوه رغيف وجيد العدس إلا أنه كان يخفى عنا الساردين والمعلبات التى كانت ضمن كوته تلك المدرسه الخلويه و يا سبحان الله لذلك النورالدائم أصابعا تجيد صناعة الدكوه وتجيد وضع الكسره وكسرها وتجيد مصافحة الحكام والمفتشين وتسحرهم بسر حزب الأمان والصلاة الناريه. كنت حينها طالبا بالجامعه وأحضر لبعض الإمتحانات فأقترح على هذا النورالدائم أن أعمل معلما معه فأخذ شهادتى الثانويه والجنسيه وأتانى بجواب التعيين فى أقل من أربعه وعشرين ساعه فحقبت أوراقى ولحافى واستعدادى لمعرفة دقائق تلك المنطقه والتى لا تبعد عن السروراب وأمدرمان أكثر من خمسين كيلو إلا أن أنها تختلف فى إيقاعاتها وصورها وأماكنها وتختلف فى لغتها ولغة الإشارة فيها وفيها جاءنا زائرا جعفر نورالدائم وفيها رأيت أم حداقه التى كنت أعرفها لأن أبنائها كانوا أجريه مع الوالد وهم من الحسانيه النمراب وهم شيوخ لعربهم عقيدة فيهم شيوخ بلا فقه ولا قرأن مشهود ولا ولا ولكنها المحبه فمن يحبه الله يحبب فيه خلقه وهنالك رأيت على ود سعيد الصباحابى وألتقيت ببعض البراره من أهل المصاهره والبر بالسروراب ورأيت من القريات من كانت تأتى بهم حوجة سعيتهم إلى أبيار السروراب سابقا وكانت تلك المنطقه هى المدخل والمخرج من أمدرمان إلى الشماليه وفيها رأيت أتياما من الفرنجه تأتى بهم المغا مره عبورا لتلك الصحارى إلى عمق الأدغال بناقلاتهم المتقنه فتلك البقعة من الأرض فتقت فى معارفا وأيقظت فى ضميرى أصواتا كانت خافته وفتحت عينى على جيوب من الحياة كانت خفيه وفيها عرفت نفسى وعرفت ربى وعرفت العالم من حولى وتحولت إلى إنسانا يقظ يحس ويتفاعل ويستجيب عفوا بتعقل ودرايه.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة