منذ أواخر العام 2014، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية الحرب على المملكة العربية السعودية وشنّ سلسلة من الهجمات الإرهابية على الأراضي السعودية بهدف إثارة انتفاضة. وفي هجوم آخر على المملكة، ادّعت هذه الخلافة المعلنة من جانب واحد أنها هي الممثل الحقيقي للوهابية، أي ذلك الشكل المتزمّت من الإسلام الأصلي في المملكة العربية السعودية. هاتان النسختان المختلفتان جدّاً للدولة الإسلامية في حالة حربٍ الآن على أرض وتراث ديني مشتركَين.
التراث والوطن تحت الحصار
يستلهم تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يتبنّى تعاليم المذهب الوهابي، نموذج الدولة السعودية-الوهابية الأولى (1744-1818)، التي انخرطت في جهاد توسّعي وغرست الكراهية المذهبية ضدّ الشيعة.
أعلن تنظيم الدولة الإسلامية تشكيل ثلاث ولايات في المملكة العربية السعودية، ونفّذ نحو خمسة عشر هجوماً هناك منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2014.
أدّى صعود تنظيم الدولة الإسلامية إلى إذكاء نقاش في المملكة العربية السعودية حول الطبيعة المتعصّبة والعدوانية للوهابية. ودعا الليبراليون إلى إطلاق حركة تصحيحية (مراجعة-تنقيحية)، كما يصفونها، لشطب مبادئ معيّنة من الوهابية.
استنتاجات
على نحو ما، يبدو ادّعاء تنظيم الدولة الإسلامية بأحقيّته في التراث الوهابي في محلّه. فقد طرح الوهابيون الأوائل نسخة إقصائية من الإسلام السنّي اعتُبرت هرطقة في كل الأحوال، وأسّسوا دولة شنّت حرباً جهادية توسّعية ضدّ إخوانهم المسلمين السنّة، وقتلوا المسلمين الشيعة لأنهم كانوا يعتبرونهم مشركين ميؤوساً منهم. وفعل تنظيم الدولة الإسلامية الأمر نفسه على إيقاع كل هذه التهم الثلاث المذكورة.
السمات الأخرى الإيديولوجية لتنظيم الدولة الإسلامية، مثل إعلان الخلافة واستخدام العنف الاستثنائي والحماس الكارثي للجماعة، ليس لها سابقة في الاتجاه الوهابي العام.
تباطأت حملة تنظيم الدولة الإسلامية في المملكة العربية السعودية بصورة كبيرة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2015. وعلى الرغم من الجهود الدعائية التي قام بها، يبدو أن التنظيم لايُحرز تقدّماً يُذكر ضد دولة مجهّزة بواحدة من أكثر البنى التحتية تقدّماً لمكافحة الإرهاب في العالم. ولكن، نظراً إلى وجود عددٍ كبير من مناصري الدولة الإسلامية في السعودية، يمكن توقّع حصول المزيد من الهجمات، وإن من حين إلى آخر.
لاتزال المملكة العربية السعودية بعيدة عن تحقيق إصلاحات هامة في المذهب الوهابي. ويجري غضّ الطرف عن انتقادات الليبراليين السعوديين للوهابية منذ مطلع العام 2016 أكثر من أي وقت مضى، على الرغم من اعتراضات علماء الدين في المملكة الذين يفضّلون أن تقوم الحكومة بإسكاتهم. غير أن القيادة السياسية الجديدة منهمكة بتوطيد سلطتها، في حين أن القيادة الدينية في موقف دفاعي وغارقة حتى أذنيها في نظريات المؤامرة.
Read more at: http://carnegieendowment.org/2016/02/18/ar-62893/iuonhttp://carnegieendowment.org/2016/02/18/ar-62893/iuon