|
Re: إغتيال سلمان (1) (Re: فرح الطاهر ابو روضة)
|
وصديق سهاد اخر ترميني به هذه الريح الميتة !
فمرحبا
كنت ادري انني لست وحيدا في هذا الوحل ،كنت ايقن بأنه هناك ثمة من يشاركني الاسى ، العذاب والاهات المكلومة كنت ادري ولكني لا اجد احد مرئي حولي ههُنا في هذا السباق العبثي الدبغ الايام الماجنة ترميني /ترميك وترمي الامنيات الطائشة في هذه الارض المعفرة بمني الخيول وكأننا نعيش ياصديقي تفاصيل تلك الاية المريبة من سِفر "حزقيال" تمور المأسي المحتشدة في تلك "البقعة "التي لاتنام بسلام ثم لا تجد الا الفقراء لتسكن تفاصيل حياتهم البائسة ، تعربد فيها مع زمرة السوء التي تصتحبها فيسكر التسلط متبادل الكأس مع الإذلال والتنكيل لتصبح حياتنا "انداية" بلا حراس
مطلقا لن تجد هذه الحيوات المسربلة بالدماء الرخيصة اي أهتمام لأنها أتت لتستهلك بنفس الهدوء حال اي صندوق لمناديل ورق ، لذلك لن تخلدها الاساطير الجديدة لأنها ما عادت تُحبك من اجل الانسان ولا سيما ان كان من فصائل "السلمان"
لذلك فيبكي نفسه من يستطيع البكاء لأنه ما عاد هناك متسع من الوقت لإقامة عزاء
سلام عليك ايها الخالد في التفاصيل والمعبأ بالألق صديقي ود العمدة
سأعود لهذه المناحة التي تعنيني موتي تلبو
| |

|
|
|
|
|
|
Re: إغتيال سلمان (1) (Re: حسن العمدة)
|
العزيزان حسن العمدة ودهب تلبو .. تحية طيبة ..
سأكون في إنتظار مواصلة هذا النص الحارق .. وعن لي أن اشارك بكتابة من رواية فرغت منها منذ زمان طويل .. تحكي -ربما- ذات الوجع ..
... ترى ... أين انت يا منعم محمود؟ .. قسراً تساق كل يوم لرحيل .. متى تعود ؟ .. كان أحمد أول احزاننا الإنسانية الكثيفة , لم أكن أعلم انى سأحمله ميتا فى ذراعي .. ما زلت اشم رائحة الدم فى يدي يا منعم , لا لم نكن نحارب ... كنا داخل اسوار الجامعه , نهتف بالصوت ليس الا حين باغتنا النزيف ...
اين كان النذير يومئذ ؟؟ .. فقط تأوه ... نظرت اليه ... هالنى الحزن بعينيه ... لم يكن ألماً , كان ذات الحزن الذى عرفته بعد ذاك طويلا ... شاهدت إنبثاق الدم من ثقب صغير بصدره ... إتسعت دائرة الحزن بعينيه , أطلت منها نسرين .. وخالتى التومه ... والصغيرة تيسير. والهتاف, الهتاف يااااا .. الهتاف يا منعم يصم أذني
(الجــــامــعه تديــــــن .... تجار الديـــــن ) (الجامعة جامعة حرة .. والعسكر يطلع بره )
والرصاص يدوي ... وثقب الدم ... ودائرة الحزن تتمدد ... ودمدنى , ود ازرق , مدينة البحوث , حديقه وقيع الله , بانت , حنتوب , والرصاص يدوي من جديد , والهتاف ... ورائحة الدم
صرخت فيه بفزع : - احمد فى شنو ؟؟ ... مالك آ زول ؟؟..
صرخت فيك يا منعم وأنت ما زلت تهتف ... وأصوات الطلقات ترنُ .. نظرت إلى بدهشة يا منعم ... ثم اليه , إلى أحمد .. صرخت .. بأعلى صوتك صرخت يا منعم .. صرخت بجزعٍ ما زال يثير رهبتي حتى الآن
- عثمان ... احمد مالو ؟... أحمد مالو يا عثمان ؟!!
وحملناه سويا يا منعم ... كم كانت دماءه غزيرة .. عبرنا شارع النشاط ... تجاوزنا البوابة والرصاص يرن من حولنا ... وصلنا شارع الجامعة , إنحرفنا واحمد بايدينا فى اتجاه قاعة الشارقه , دماءه تصبغنا بلونها الأحمر القاني .. عبرناها واحمد بايدينا ... اكان ميتا انذاك ؟
أذكر أن دماءه مازالت تسيل ... دماء احمد تسيل , تسيل يااا .. تسيل .. و .. الدخان يزكم انفي ..شىٌ كالنارِ يزحف بعينىً .. ودوي الرصاص .. والهتاف ياتى من بعيد ..
الجامعــــة تديـــن .. تجار الديـــن الجامعة جامعة حرة .. والعسكر يطلع بره ..
ودماء أحمد تسيل على ثيابنا , إهابنا , خلايانا , و حتى ارواحنا .. أرواحنا يا منعم اصطبغت بذاك بالاحمر القايى .. اكاد احس لزوجته فى اصابعى الان ...
اكان ميتا انذاك ؟؟... ونحن نجري , و نجري ولا شى سوى عربات الشرطة .. توسلنا اليهم , اطل من عيونهم الحزن والتردد ... ثم إنتصرت ارواحهم لإنتماءها الكريم ... وانطلقت بنا عربة الشرطة ... شارع الجامعة , المك نمر , السيد عبد الرحمن , الحوادث , الموت , الموت ... لماذا لم تبكى يا منعم ... اذكر ذاك بوضوح ... بكيت انا على صدرك .. انتحبتُ كالنساء على صدرك .. ولم تبكى , ولكنى احسست بالعطش وقد اجتاح فيك كل الخلايا ...
توافدت مجموعات صغيرة من الطلاب ... وبعد قليل تحولت مستشفى الخرطوم وما حولها لساحة محاصرة بعربات الشرطة والتى تمركزت فى نقاط محددة بينما راحت عربات رجال الامن تجوب شوارع "القصر" و"السيد عبد الرحمن" و"بيويو كوان" والشارع الداخلي المؤدى للمستشفى بسرعات عالية مع اطلاق زخات من الذخيرة الحية من بنادقهم الالية ... علمت فيما بعد ان خبر إستشهاد احمد قد سري بين الطلاب كسريان النار فى الهشيم , كان هدف السلطات الامنية منع طلاب المجمع الطبى من التوافد على المستشفى ... بعد ان تم حصار طلاب "السنتر" بعد مصادمات عنيفة داخل وخارج الحرم الجامعى ..
تم اقتيادنا انا وانت يا منعم محمود لمكتب الشرطه الصغير بالمستشفى لمقابله احد رجال الامن الذي بادرك بالقول - اهلا بالمناضل الكبير ... شايف نتيجة البتسوا فيهو ده ؟.. مش انت منعم محمود ولا انا غلطان ..
لم ترد عليه فقال: - مش مهم ترد ..
ثم وجه لى الكلام - انت ... الطالب المات ده من وين ؟... - ود مدنى ...
- بتعرف بيتهم
- ايوه
- خلاص تتحرك حسع مع الجثمان ..
نادى على أحد الرجال لاقتيادي, مع التعليمات باكمال الاجراءات , وسرعة مغادرة المستشفى ..
اقتادنى الرجل وانا اسمع ضابط الامن يقول لك .. - انت حتمشى معانا .. عاوزينك تشرفنا شويه ..
تحركت بنا عربه رجال الأمن اللاندكروزر بعد المغرب بقليل ... معى ثلاثة منهم بالاضافة للسائق ... وجثمان "احمد" مسجي فى الخلفية .. راقدا فوق الحماله المهترئة لمستشفى الخرطوم ...
كنت خائفاً , وحزيناً جداً حد الموت المكوم خلفي ... كانوا يتبادلون الحديث ببساطةٍ متناهية ... يثرثرون ويضحكون وهم فى حضرة من قتلوا ... لم أكن أعلم قبل هذا اليوم أن بصدري ما يتسع لكل ذاك البغض الذي أحسسته تجاه اولئك البشر ... وصلنا لمدينة ودمدنى نحو التاسعة مساء .. هيئت نفسي كى أصف لهم الطريق ... لم يطلبوا مني شيئا ... تجاوزوا "ود ازرق" حاولت ان اشرح لهم ذلك .. وأنهم تجاوزوا الحي الذي يفترض أن ننزل فيه الجثمان.. إنهالت على الصفعات , ثم غطوا عيني بقطعة من القماش ... سرنا نحو ربع ساعة حتى توقفت العربة وأمرونى بالنزول.
... قادونى حتى ادخلونى غرفة اغلقوها على بعد ان اوثقونى بالحبال ... لا اعلم بالتحديد كم مر على وانا بذاك الحال حتى اخرجونى ... كانت أطول الساعات التي عشتها وأكثرها رهبة وحزنا على االطلاق ..أحسستُ بلسعةِ الشمس وقد تسرب لعينىَ المعصوبتين بصيص من ضوء ... تحركت بنا العربة من جديد .. سالونى عن موقع البيت .. شرحت لهم موقعه بدقه متناهية حتى توقفت العربة ... من صوت حركتهم علمت بانهم انزلوا جثمان احمد .. جائنى احدهم وأنزلنى بعنف , فكوا وثاقى , وأبقوا على العصابة فوق عيني ودفعونى حتى ارتميت على الارض , سمعتُ صوت إنطلاق العربة بسرعة جنونية , نزعت قطعة القماش عن عيونى .. غمرنى الضوء الباهر لضحى شمس الصيف ... بدات اعي المشاهد رويداً رويداً. وجدت نفسى في وسط الميدان المجاور لمنزل أحمد , و جثمانه مسجى بجانبى .. بدأ بعض الاطفال فى التجمع .. وبعض النسوة كذلك ... الاوغاد قد جاؤوا بالجثمان فى هذا الوقت بالذات كى لا يكون الرجال حاضرون !!
بدا بعضهم فى سؤالي ... لم أقوى على الكلام وحتى جاء شيخ كبير رفع الغطاء عن وجه احمد ... وابتدأ العويل الطويل...
مرت عدة اشهر كالحات ... لم نلتقى فيها الا لماما , كان موسما خاصا للأحزان نمارسها فرادى وبصورة يغلب عليها الانعزال في احايين كثيرة.. ارهقني التفكير كثيرا في تفاصيل إستشهاد أحمد .. أدمنت التسكع ليلا في شوارع الفجيعة الممتدة في تفاصيل الأحياء الطرفية للخرطوم .. أرامق البؤس العظيم الذي يحياه سكان تلك الأحياء الكرتونية وأوازن ما بينهم وبين سكان الأحياء الفارهة .. ساعدني ذلك قليلا في فهم المقدمات التي قادت لاستشهاد احمد.. كما وإقتربت كثيرا من فهم ماهية السلطة وكيفيات الحفاظ على مكتسباتها .. بدت لي هذه السلطة الدينية الحاكمة كشجرة من الجحيم لا ترتوي الا بالدماء الحرام , والدماء الحرام وحدها من يقيم اودها البغيض .. كيف لمن يدعي التبشير بفضائل السماء أن يقتل عباد الله في الأرض وهم مسلمون .. اصابتني الكثير من الضبابية وأنا أحاول فهم كيفيات الخلاص والثأر .. احسست وكأنما هذا الحزن الساكن حناياي يتحول شيئا فشيئا لغضب محموم .. وصورة أحمد لا تغادني قط .. ما زلت أتشيأ دماءه أينما وليت وجهي .. وكأنما هذا الوجود إستحال لغلالة حمراء تسد الآفاق ..
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: إغتيال سلمان (1) (Re: محمد حيدر المشرف)
|
عزيزي المشرف
الكتابة بكاء الرجال كما- قال احدهم في مكان ما لشخص يستمع اليه بشرود ربما ولكن نصك رائع ونحتاج أن نقرأ منك المزيد لعرض الجرح الذي فينا فقد ذكرني هذا بمقتل الشهيد/ الأمين شمس الدين بجامعة السودان - كلية الهندسة وكنت حينها في أوائل سنيني الدراسية بالجامعة وفي نفس العام فقدنا الشهيد/ شريف حسب الله شريف في جامعة النيلين و أبو العاص وطارق والتاية و الخ كل هؤلاء كانوا مثلنا يحلمون بسودان حر ديمقراطي ينعم بالامن والسلام والتنمية والرفاهية كنا ننادي بالخبز والحرية والعدالة ولكن الإجابات كانت دائما زخات رصاص
أرجو أن نتواصل من أجل الكتابة والنقد والمتعة والسرد الجميل المؤلم الى حد الصراخ
كن بخير صديقي حسن العمدة
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: إغتيال سلمان (1) (Re: حسن العمدة)
|
دكتور المشرف والجميل جدا حسن العمدة
سلام ومودة مملوئة بالجمال كدواخلكم
الكتابة هي غذاء الروح من مسغبة الكآبة او ولا سيما في بلاد الكآبة والكوارث الابدية
فشكرا لملأ الكأس ثانية استاذي المشرف وننتظر بتلهف اوبة ودالعمدة
وسنتواصل بلا شك صديقي حسن
دمتم
تلبو
| |

|
|
|
|
|
|
|