إن كنت ممن نجحوا في السباحة ضد التيار .. فأنت شخص لا مثيل لك .. و إن إستطعت ترويض كل التيارات .. فأنت من طينة فريدة .. أن تكُوُن نفسك في هذا الزمن الصعب هو كمحاولة ترويض جواد بري جامح .. أو كإرجاع العسل إلى بطن النحلة .. معادلة مربكة .. متشابكة العناصر .. الوقوف في وجه العواصف .. لا يذر إلا دمارا في النفس.. و يهرق في الروح كثيرا من آلام الجراح الغائرة التي لا تندمل حتى بفعل مرور الزمن .. و السفر مع إتجاه الريح لا يعطي الذات كينونتها حتى و إن كان السفر مع أسراب مغردة بنفس اللحن و بذات إيقاع الأجنحة و للوجهة ذاتها و في نفس الموسم .. ( من قال أن موت الجماعة عرس ؟ ) ؟؟؟
رأيت في صغري جارنا ( الموقر و مهاب الشخصية و زول الفزعة ).. يحاول أن يتحسس صدر فتاة مراهقة بعمر حفيدته بشبق و لهفة.. و رغبة مجنونة تنفر من عينيه المحمرتين بحُمَّى اللحظة.. و هي تقاومه و تحاول التملص منه مذعورة .. و لم ينقذها سوى دخولي المفاجيء و رؤيته لي .. فأسرع نحوي محاولا معاقبتي لدخولي دون إستئذان ( و كأنه يمارس حقا مشروعا ) .. فهرولت خارجا و الرعب و الدهشة ملْء العينين و النفس.. ( كان شعوري وقتها بأن كل ما درسناه في المدرسة هو محض إفتراء و كذب .. و أن الجاذبية الشعرية سحر و شعوذة .. و أن الثعالب لا بد أن يكون لديها دين و دستور محترم .. و أن الأرض ليست بكروية ..و لا تدور حول نفسها .. و لا وجود لخط الإستواء .. ).
عندما حدَّثْتُ أسرة الفتاة بما رأيت و أنا مبهور الأنفاس .. إتهموني بالسَّفَه و التلفيق و تضخيم الأمور.. ( كيف تتهم هذه القامة الموثوق بها أيها المتطاول ؟ ) .. و صرت في نظر الكل كصاحب ( النمر .. النمر .. هجم النمر ) ..... و ظل الرجل في نفس قامته و هيبته ( لا تنقص بل تزيد ) ......... ( دجال في مسوح الرهبان ) ظل ينظر إلى بإحتقار و غيظ .. و مع أنهم إكتشفوا حقيقته كاملة غير منقوصة بعد عدة سنوات .. إلا أن أحدا لم يجرؤ على أن يقول ( البغلة في الإبريق ) .. ظلت بغلة الرجل تدخل و تمرق من فم الإبريق الضيق تحت رفض مكبوت و جُبْن يصيب بالغثيان ..
العنوان
الكاتب
Date
( من قال أن موت الجماعة عرس ؟ ) : البغلة في الإبريق
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة