جدل متطاول لا يتوقف، عقب قرار وزارة التربية والتعليم بحذف بعض المواد من مقررات التربية الإسلامية، والفصل الذي قررت الوزارة حذفه يحمل عنوان (الإسلام دين التوحيد)..وتحول الأمر إلى اصطفاف وحملات.
جوهر هذه المادة المحذوفة –قيد التنفيذ- التي تحولت إلى صراع سلفي- صوفي، تتحدث عن التحذير مما يسميها المقرر (بِدع)، تتمثل في (التسمح بالأضرحة)،(الدجل والشعوذة) و(تعليق التمائم).
الفصل المحذوف، يرتبط مباشرة بالمنهج الصوفي، أو بعض منه، ما فعلته الوزارة أن حذفت المادة التي تُحذر من هذه الممارسات، ولم تتحدث عن مادة بديلة للاستعاضة عن القديمة.
السلفية يعتبرون أن حذف التحذير من هذه (البدع)، خطر على العقيدة وتماهي مع منهج صوفي مختل، الصوفية يدافعون باستماتة عن خطوة وزارة التربية، ويمتدح بعضهم الخطوة ويعتبرون أن الدولة تسير في الطريق الصحيح فيما يخص المناهج.
أما الوزارة، فيبدو أنها اتخذت هذه الخطوة بشيء من الاستحياء، فلم تقدم مبررات وحجج قوية، واكتفت أن دواعي حذف المادة هي دواع فنية، ما جعل هناك احتمال أن ضغوط مورست لتميل لصالح تيار ضد الآخر، أو هكذا يتصور التيار الآخر، وعززت الوزارة الأجواء المحتقنة بعدم تقديم تفسيرات منطقية ومقنعة.
الآن، تحول الجدل في حذف المادة الدينية، إلى صراع بين تيارين، كل منهما يقدم نفسه حامي الإسلام، وبات مصير هذه المادة ليس في أيدي التربويين والمختصين من خبراء المناهج، بل أصبح مصيرها في أيدي (السلفية) و(الصوفية).
فإن استمرت الوزارة في حذفها، فقد استجابت لـ (الصوفية)، وإن تراجعت عن قرار الحذف فقد نجح (السلفية).
السؤال، هل المادة محل الخلاف تستحق كل ذلك، يعني هل تهتز عقيدة الأمة إذا حُذفت مادة التحذير من بعض الممارسات، كما يعتقد السلفيون، وبالمقابل، هل مثل هذه الممارسات تستحق الدفاع المستميت من الصوفية، أم يتوجب عليهم أيضاً محاربة بعض هذه الظواهر، والتي يرفضها المجتمع المستنير، بعيداً عن معايير التدين؟
بعضهم يتحدث عن أن الحكومة تُريد إرضاء بعض الأطراف الدولية، لكن ليست المادة المحذوفة، ذات صلة بالتطرف أو المنهج التكفيري.
لا أظن أن الحكومة بوضعها الحالي، حريصة على ذلك، هي غير مهمومة أن يكون السودان كله سُنياً، أو شيعياً بالإجماع، أو متطرف، أو حتى ملحد..هي لديها معادلاتها التي تخصها، تستخدم في ذلك ما تريد ومن تريد.
المعركة الحالية أصبحت معركة سلفية وصوفيين، والحملات والتحشيد الذي يجري بين الطرفين يسير في اتجاهات مقلقة وخطيرة، بينما الحكومة تنظر وهي صامتة...والقضية لا (دين توحيد) ولا (محاربة تطرف).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة