من الاستتباع إلى الشراكة: في نقد النظرة الخديوية تجاه الجوار الجنوبي لمصر الغنيمة التي غيب

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-10-2024, 08:32 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-21-2017, 08:45 PM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من الاستتباع إلى الشراكة: في نقد النظرة الخديوية تجاه الجوار الجنوبي لمصر الغنيمة التي غيب

    07:45 PM April, 21 2017

    سودانيز اون لاين
    زهير عثمان حمد-السودان الخرطوم
    مكتبتى
    رابط مختصر


    بناء على ما تقدم، يمكن القول إن النخب المصرية خلطت بين ارتباط السودان التاريخي العضوي بمصر الحقيقية التي تم تغييبها خديوياً وعثمانياً، وبين الغنيمة الثمينة التي تمثلت في جلب الخديوية للقطر السوداني برمته إلى حيازة مصر. ومعلومٌ أن تطلع مصر لحيازة السودان تطلع قديم يرجع في جذوره البعيدة إلى الحقبة الفرعونية ٧. الشاهد هنا، أن النخب المصرية أذهلتها الغنيمة الخديوية الثمينة المؤقتة، فغابت عنها الأهمية طويلة الأجل للعلاقة الأخوية التاريخية العميقة المتسمة بالندية، أو ما هو قريب منها، مع جوارها الجنوبي. نظر المؤرخون المصريون باستثناء قَّلةٍ منهم كإبراهيم شحاتة، إلى الثورة المهدية بنفس المنظار الكلونيالي البريطاني. عجزت أكثرية المؤرخين المصريين أن ترى الثورة المهدية، بوصفها ثورة مثلت في معنى من المعاني ثورة للمصريين أيضا، وهذا أحد أبعادها التي ألمح إليها شحاتة. عجزت أكثرية المؤرخين المصريين أن ترى الثورة المهدية السودانية بمنظورٍ موضوعي متجاوزٍ لحقيقة تسببها في فقدان مصر للسودان في ذلك المنعطف التاريخي المضطرب. فلو قدر أن تنجح الثورتان المهدية والعرابية في آن معا، لربما دخلت كل من مصر والسودان في مسار مختلف تماما وفي علاقة جديدة معافاة، مطمئنة، ومستقرة. ولربما كان حاضر هذه العلاقة الهامة غير ما أصبح عليه اليوم.
    الدور الطبيعي للأكاديميا هو أن تكون موجهةً للسلطة، لا العكس. غير أن الشائع في أوضاعنا العربية التي ظلت قائمة منذ القرن التاسع عشر، وهي أوضاع انتقالية في ما أرى، هو تبعية الأكاديميا للسلطة. تجترح السلطات الأفعال الخاطئة فتركض الأكاديميا وراءها لتوفر لها تبريرات وأغطية علمية! وعموما فالأكاديميا، حتى على المستوى العالمي، لا تمثل في كثير من أحوالها، سوى بوقٍ للقابضين على أعنة الثروة والسلطة. ولذلك لا غرابة أن نظرت أكثرية المؤرخين المصريين إلى الثورة المهدية في السودان بتلك النظرة العدائية الاستهجانية. ولكن لو التمس المرء العذر لنخب النصف الأول من القرن العشرين في رؤيتهم القاصرة تلك، فإنه يصبح من الصعب جداً أن يجد المرء عذرا لنخب ولأكاديميي النصف الثاني من القرن العشرين، والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، في استمرارية تلك النظرة القديمة التي لم تستطع أن ترى شيئا خارج نطاق المصلحة الآنية. كان ينبغي أن يكون التفكير في تفكيك الآثار السالبة للحقبة الخديوية المتجذرة في الهيمنة العثمانية على كل من السودان ومصر همَّاً مصرياً سودانياً مشتركا. أعني هما منشغلا بانتشال القطرين، سواء بسواء، من حفرة التكييف الفكري والثقافي الخديوي إلى تطوير ذاتية القطرين الجارين وكيانيهما القومين، في أطار المصالح المشتركة، والاعتمادية المتبادلة، وهذان دربان ما أوسعهما. لقد أربكت الخديوية وأطماعها الإمبراطورية المسار الطبيعي للقطرين، وأربكت في نفس الوقت علاقة القطرين بجوارهما الإقليمي ذي الأهمية الاستراتيجية بالغة الحيوية، ورؤية القطرين الجارين، كلا منهما للآخر وتفاعلهما أيجابيا مع بعضهما بعضا، على النحو الذي ذكرته. هكذا تم الخلط بين مصر الأصيلة ومصر المعثمنة، وتم الخلط بين النظرة العثمانية الدخيلة والنظرة المصرية الأصيلة نحو السودان. وقد ألقى كل ذلك بظلال سالبة على علاقة كل من مصر والسودان بجوارهما الإقليمي، ولا يزال.

    استبطان النظرة الكلونيالية:

    عمدت النخب المصرية في حقل الأكاديميا، منطلقةً من حرصها غير الراشد على امتلاك السودان بوصفه غنيمةً خديويةً، إلى تسبيب وتبرير التوسع الخديوي جنوباً بأسبابٍ كان معظمها مختلقا اختلاقاً فاضحا. ولقد فات على هذه النخب أنها إنما نسجت على نفس النول الذي نسجت عليه الكولونيالية الأوروبية تسبيباتها وتبريراتها لنزعتها التوسعية. تتلخص تلك التسبيبات الكلونيالية الأوربية أن للرجل الأبيض مهمةً نبيلة وعبئاً ينبغي عليه النهوض به، وهو نقل الحضارة إلى المجاهيل غير المتحضرة، ولا يهم حتى لو تم ذلك بأساليب بالغة العنف. يقول هارولد ماكمايكل الذي تقلد وظيفة السكرتير الإداري للإدارة البريطانية في السودان إبان الحقبة الكلونيالية:

    إن معظم تاريخ الإمبراطورية البريطانية يدعم النظرية القائلة إنَّ هَدَفَيْ بناء الإمبراطورية هما الاستحواذ على القواعد الاستراتيجية وفتح طرق التجارة، وأيضا، "التوق للبلاد القاحلة لتعميرها" ولتقويم الاعوجاج واستبدال الفوضى بالنظام. هذه هي العوامل التي ساعدتنا في التفوق على القوى الأخرى ٨.

    نسجاً على نفس ذاك النول، ومن نفس تلك القماشة، ظلت أغلبية المؤرخين المصريين تقدم تسبيباً مشابهاً للتسبيب الكلونيالي لاحتلال جوار مصر الجنوبي. فكثيرٌ من المؤرخين المصرين يرون في الاحتلال الخديوي للسودان عملاً طبيعياً، وقفت وراءه دوافع نبيلة تتلخص في تخليص الإقليم من الفوضى، ومن ثم، نشر التحضر في أرجائه المتخلفة. بل لا يكاد المرء يجد في الكتابات المصرية التي ناقشت فترة الحكم المصري التركي للسودان، أي اعتراف صريح بأن للسودان كياناً مستقلا. استخدمت المؤسسة الخديوية نفس الذرائع التي استخدمتها الكلونيالية الأوروبية في تبرير احتلال أراضي الغير والسيطرة على ثرواتهم. في مستهل كتابه المسمى، "مديرية خط الاستواء، من فتحها إلى ضياعها"، كتب الأمير عمر طوسون عن التوسع الخديوي المصري جنوبا قائلا:

    لا ريب أن الفكرة التي اختلجت في نفس الخديو إسماعيل والتي دفعته إلى فتح مديرية خط الاستواء وضمها إلى السودان أو بالأحرى إلى الأملاك المصرية، فكرة جد صائبة إذ بها تم لمصر الاستيلاء على نهر النيل من منبعه إلى مصبه، وأصبح في قبضتها تلك البحيرات العظمى التي يخرج منها هذا النهر السعيد الذي عليه مدار حياة البلاد. ولو أنه عُهد بهذا الفتح إلى قائد مصري لكان ذلك أدعى إلى مضاعفة إعجابنا وثنائنا على هذه الفكرة، ولكن لعل في السياسة دخلا في ما حصل ٩.

    يُلاحظ هنا أن الأمير عمر طوسون يعتبر السودان ملكا مصرياً خالصاً، ويظهر ذلك جلياً في حديثه عن ضم الخديو إسماعيل لمديرية خط الاستواء إلى السودان، حيث يقول:((وضمها إلى السودان، أو بالأحرى إلى الأملاك المصرية)). فالسودان بوصفه "من الأملاك المصرية" أمرٌ مفروغٌ منه لدى طوسون، ولدى غيره من أهل حقبته. بل إن كثيراً من المصريين لا يزالون، حتى يومنا هذا، يرون السودان من نفس ذلك المنظور. فالزعم بأن السودان ملك مصري خالص بحكم حق الفتح أصبح عقيدةً معششةً في المخيلة المصرية. وتلك عقيدة خديوية لم تجد من النقد الصائب ما يطبب أدواءها الجمة، ويكفكف أخطارها الماحقة على مستقبل العلاقة بين البلدين. أيضاً من نماذج اليقين بأن السودان ملك لمصر ما كتبه عبد الرحمن الرافعي وهي يحتفي بتصريحٍ مخاتلٍ أطلقه اللورد سالسبري، أقر فيه بملكية مصر للسودان بل وكل وادي النيل. يقول الرافعي:

    أعلنت الحكومة الإنجليزية بين أرجاء العالم أن السودان جزء لا يتجزأ من مصر وصرح اللورد سالسبري في هذا الصدد: "إن وادي النيل كان ولا يزال ملكا ثابتا لمصر، وإن حجج الحكومة المصرية في ملكية مجرى النيل، وإن أخفاها نجاح المهدي إلا أنها ليست محلا للنزاع منذ انتصار الجنود المصرية على الدراويش" ١٠.

    ونلاحظ هنا أن الرافعي لم ينتبه إلى الخداع والمخاتلة في قول اللورد سالسبري، الذي لم يكن يعني حقيقة ما يقول. فالبريطانيون الذين أوحوا إلى مصر أن وادي النيل برمته من أملاكها، هم أنفسهم الذين عادوا في ما بعد فأعملوا سكاكينهم في تقطيع وادي النيل وفق مصالحهم، بما في ذلك دق جملة من الأسافين بين مصر والسودان، القطر الأقرب إلى مصر من كل بقية أقطار وادي النيل. أيضا، نلاحظ أن الرافعي لم ينتبه إلى أن نظرته نحو المهدي وثورته الوطنية في السودان قد تطابقت تماماً مع نظرة البريطانيين إليها. بل هو يستعمل كلمة "الدراويش" التي ظل البريطانيون يستخدمونها في وصف جنود المهدي ازدراءً لهم: ((منذ انتصار الجنود المصرية على الدراويش)). وينبغي أن نلاحظ هنا، أن نظرة الرافعي هذه مناقضة تماماً لنظرة مواطنه إبراهيم شحاتة، التي أوردتها في صدر هذه الورقة. تبنى الرافعي الرؤية البريطانية ولغة الخطاب البريطانية، بلا أدنى اعتبار لمشاعر السودانيين الذين مهما اختلفوا حول الثورة المهدية، ومهما رأوا لها من الإخفاقات التي لازمت خطابها وممارساتها، وهي إخفاقات جمة، فإنهم لا يختلفون حول أنها ثورة وطنية حررت البلاد من قبضة مستعمرٍ دخيل. كما نلاحظ أيضا أن مصير السودان لدى الرافعي، ليس شأناً يقرره أهل السودان، وإنما هو شأنٌ يقرره المصريون من علٍ، داعمين قراراهم بشأنه بوجهة النظر البريطانية التي أوحت لهم بأن وادي النيل كله ملك لهم! وهي وجهة نظر خدعهم بها البريطانيون في تلك المرحلة المبكرة، فما لبثوا، بعد بضعة عقود، أن فقدوا وادي النيل وفقدوا السودان، بل وفقدوا السودانيين أيضا. تعاملت الحكومات المصرية المتعاقبة وكثير من النخب المصرية، وكلتاهما ظلتا لابستين الخوذة العقلية الخديوية، مع السودان بنفس المنهج الذي كان يتعامل به الغربيون مع أهل المستعمرات، بل وبصورةٍ ٍ أقل كياسة. ولم تسلم من النهج الملتوي في التعاطي مع السودان، حتى الحقبة الناصرية، رغم كل مزاعمها الثورية الجمة ودعواها العريضة بأنها إنما جاءت ممثلة لصوت الشعوب. فحين قبلت مصر الناصرية مكرهة بحق تقرير المصير للسودانيين، اتجهت إلى أساليب الدعاية المكثفة بإنشاء إذاعة خاصة بالسودان، واستخدام المدارس المصرية، وبعثات الري المصري الموجودة في السودان للتأثير على مجريات تقرير المصير ١١. كما أرسلت بالصاغ صلاح سالم، عضو مجلس قيادة الثورة المصرية محملا بأموالٍ طائلة لشراء ذمم السياسيين السودانيين ١٢، بل والذهاب إلى مدى محاولة تحريض الجنوبيين وإغرائهم بالانفصال عن الشمال والاتحاد مع مصر حين بدا أن الشمال يميل إلى إلى انشاء دولة مستقلة عن مصر!! ١٣.
    ........................
    7. N. M. Sherif, “Nubia Before Nabata (3100 – 750)” In General History of Africa II: Ancient Civilizations of Africa, edited by G. Mokhtar. Berkeley: University of California Press, 1990. P 286
    ٨. هارولد ماكمايكل، السودان، ترجمة محمد صالح عثمان صالح، (أم درمان: مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي، 2006م)، ص 297.
    ٩. عمر طوسون، تاريخ مديرية خط الاستواء من فتحها إلى ضياعها، ج 1، (الإسكندرية: مكتبة العدل، 1937م)، ص 1.
    ١٠. عبد الرحمن الرافعي، مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية، (القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1962م)، ص 132.
    ١١. عبد الرحمن علي طه، السودان للسودانيين: طمع، فنزاع، فوثبة، فجهاد، (الخرطوم: مطابع شركة الطبع والنشر، 1955م)، ص 135- 137.
    ١٢. محمد خير البدوي، قطار العمر في أدب المؤانسة والمجالسة، (الخرطوم: دار النهار للانتاج الإعلامي، 2008م)، ص 299-300.
    ١٣. جمال الشريف، الصراع السياسي على السودان، (الخرطوم: شركة مطابع السودان للعملة المحدودة، 2009م)، ص 817.

    "يتواصل"..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de