العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني.. بقلم قصي همرور

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-09-2024, 05:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-02-2016, 01:46 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني.. بقلم قصي همرور

    12:46 PM July, 02 2016

    سودانيز اون لاين
    Yasir Elsharif-Germany
    مكتبتى
    رابط مختصر

    نشر المقال في مجلة الحداثة.

    العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني
    (قراءة في المدرسة الجمهورية وصاحبها)
    قصي همرور، مارس 2016

    "ولسنا ندعو، أول ما ندعو، إلى شيء أكثر ولا أقل من إعمال الفكر الحر فيما نأتي وما ندع من أمورناـ الفكر الحر الذي يضيق بكل قيدـ ويسأل عن قيمة كل شيء، وفي قيمة كل شيء، فليس شيء عنده بمفلت عن البحث، وليس شيء عنده بمفلتٍ من التشكيك. فلا يظنن أحد أن النهضة الدينية ممكنة بغير الفكر الحر، ولا يظنن أحد أن النهضة الاقتصادية ممكنة بغير الفكر الحر، ولا يظنن أحد أن الحياة نفسها يمكن أن تكون منتجة، ممتعة بغير الفكر الحر."
    - محمود محمد طه، 1945 (هامش 1)


    هل يفكّر النص؟
    لعل مشكلة التفكير الديني عموما، في أي زمان ومكان، لا تكمن في المحتوى والممارسة بالضرورة. هذان ليسا المشكلة الأساسية، وإنما عرَضان مربوطان بالسياق الزمكاني. المشكلة الأساسية هي العقل النصوصي، في أي مكان وأي زمان، وتجاه أي نص - مهما كانت طبيعة النص ونسبية مواكبته أو مفارقته لنبض عصره.
    ما نعنيه بالعقل النصوصي ذلك الذي يتعامل مع النص كمعنى جاهز وإرشادات آلية. بالنسبة للعقل النصوصي فإن النص حين يصدر عن سلطة ما، مُعتَرفٌ بها عند ذلك العقل، فإن تلقي النص يصبح إجراءً آليا، لا يدخل فيه اعتبار عوامل الفهم – أي احتمال اختلاف الفهم أو مستوى الاستيعاب بين المصدر والمتلقي، وبين المتلقين عموما - أو عوامل الإشارة أو الرمز والكناية، وكذلك شروط السياق، ما يجعل النص ديناميكيا كوسيط أفكار. بالنسبة للعقل النصوصي فإن النص ذي السلطة لا يقارَب باستئناس ولا يُستكشَف من زواياه المتنوعة ومدى فلسفته وارتباطاته، بل يؤخذ جامدا، أو يكاد، بحيث أن المعنى الأولي، السطحي أو الانطباعي، الذي يتبادر للعقل من النص، يصبح هو الرسالة نفسها، لا غيرها.
    مشكلة العقل النصوصي أنه يستعيض باللغة عن الأفكار. العقل النصوصي يعمل بحوالة التفكير على النص، فيترك النص يفكّر له بدل أن يفكّر هو. ولكن اللغة لا يمكنها أن تفكّر. اللغة أداة تواصل، تقوم بتبويب وتمييز الأشياء والمفاهيم، حتى يتيسر للعقول أن تعيد تركيبها لإيصال معاني. اللغة لا تعطي معنى جاهزا، إنما العقل يضع المعنى في اللغة ويرسلها أو يستقبلها كالحمام الزاجل. بطبيعة الحال نعرف من ذلك أن اللغة نفسها صناعة العقل، فهي ترجمانه وليست فوقه أو بمحاذاته. اللغة جماعها أنها تعمل عن طريق تجزئة وتوزيع المعنى على أصوات منطوقة ورسوم رمزية. هي وعاء للمعنى، تحمله من مكان لآخر (قريب أو بعيد)، لكنها ليست المعنى نفسه، وإن كانت ذات سلطة واسعة في إدارته. ولهذا ليس هناك نص يمكن أن يستعاض به عن التفكير، مهما كانت قوة وتماسك وقدسية ذلك النص. ولذلك كانت الحكمة التي سرت على لسان الأستاذ محمود محمد طه: "العبرة ليست بالنص، وإنما بفهم النص." هذه الحكمة قاعدة عالمية، إنسانية، أقرب لقوانين الفيزياء في عموميتها (أي عدم ارتباطها بسياق زمكاني معيّن وإنما بظاهرة النص نفسها أينما وحيثما كانت). لذلك فهي أيضا لا ترتبط بالخطاب الديني فقط أو بمذاهب معيّنة داخله، بل ترتبط فقط بوجود الوعي باللغة حيثما كان.
    يتبع من ذلك أن استقصاء الحكمة من وراء النص الديني ضرورة دينية، إذ بدون ذلك الاستقصاء يُفرَّغ النص من فكرته. ذلك ينطبق على النص الديني وينطبق على غيره، كما قلنا، ولكن هنالك خصوصية للنص الديني، وما يتفرع عنه من النصوص السلطوية، لكونه يعامل بمستوى من القداسة تتجاوز في العادة النصوص غير الدينية. (هامش 2)
    يتبع من ذلك أيضا أمر آخر، وهو أنه عند العقل النصوصي ليس هناك مذهب تقدمي ومذهب رجعي في أصله. هنالك فقط نص يفكر بالحوالة عنّا. هذا التقرير قد يبدو غريبا للوهلة الأولى، إذ أننا نعرف اليوم أن المذاهب الدينية تتفاوت في محتواها، فبعضها أقرب لنبض العصر من غيرها (أو تحاول أن تكون، فتفلح أحيانا وتتعثّر أحيانا) وبعضها متحجّر ومتطرّف وعنيف بحيث لا يصعب أن نعتبرها على قطيعة مع العصر (ولعل مسمى "السلفية" يبيّن بنفسه موقفه الأيدولوجي – برغم التفاوت داخل مجموعات السلفية نفسها – فالسلفية منهج إسلامي يدعو إلى فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وهم الصحابة والتابعون وتابعو التابعين، أي أنه يعود للوراء يبحث عن حلول تخص الحاضر). لكن الإشكالية الأساسية التي ذكرناها عاليه ترجع مرة أخرى: ما دام العقل النصوصي موجود في أي مذهب، فإن أي نص، مهما كانت تقدمية محتواه، محكوم عليه في النهاية بالتحجّر والتحوصل في لحظته الزمكانية، فهو لن يتطور في حضانة العقل النصوصي، وقريبا سيفقد صلته بنبض العصر مرة أخرى، لأن نبض العصر متغيّر دوما بينما النص في حضانة العقل النصوصي ثابت دوما. هنا نعود مرة أخرى للأستاذ محمود محمد طه، في إشارة بليغة منه لهذا الأمر وضربه مثلا بالنقد الذاتي. في أواخر أيامه بينهم، لخّص طه درسه هذا لتلاميذه بقوله إن ما بينهم وبين الطائفية - أي أن يصبحوا طائفة عقائدية، لا حركة فكرية - "فركة كعب" (هامش 3) إذا لم يتيقظوا لهذا الأمر، ويتنبهوا له على الدوام، ويحصنوا أنفسهم من الوقوع فيه. قال لهم إن الطائفية ضارة للتابع والمتبوع، لأنها تحث التابع على الكسل الذهني والتنازل عن المسؤولية الفكرية، وفي نفس الوقت تكون ضارة للمتبوع لأن الأتباع الذين لا يناقشون، ويطيعون بدون فكر ناقد، يفسدون المتبوع وينمّون نزعة التسلّط فيه. قال لتلاميذه إننا كوننا ننتقد الطائفية اليوم، وننتقد تحجر الفكر الديني نقدا قويا، لا يضمن لنا أن لا نسقط في نفس ذلك الخندق في مستقبل الأيام إذا لم نحذر، وإذا لم نُبقِ جذوة الفكر والمسؤولية فينا حية لا تنطفئ.

    تنزيل الفكرة للواقع، أو رفع الواقع للفكرة
    أي حركة تغيير فكرية/اجتماعية تقدمية لا يمكنها، بحال من الأحوال، أن تبني مشاريعها واستراتيجيتها وفق مبدأ إرضاء الرأي العام. إذا كانت الحيازة على الشعبية، أي على الكتلة الجماهيرية التي تتيح لها إحداث الفرق المحسوس، هي وحدها بغية حركة التغيير فهي إذن لا يمكن أن تكون تقدمية أو "تغييرية" أساسا. أي حركة تغيير لا بد أن تدفع بآراء ومواقف غير مقبولة للرأي العام الحالي؛ آراء ومواقف تجعلها في العادة محل اتهام من جانب القوى التقليدية الأكثر شعبية وسط الجماهير. لكن هناك نقطة موازنة فكرية يعرفها أولو الألباب. حتى الثوّار لا يثورون من أجل الثورة فقط، أو من أجل أن يعلنوا كل آرائهم في المجتمع الحاضر والحياة وكل شيء، وإنما يثورون لأجل إحداث تغيير ما (فإن لم يكونوا ساعين للتغيير فخيارهم الأنسب هو اعتزال المجتمع)، وتغيير المجتمع ليس عملية حسابية بسيطة (واحد زايد واحد). إذا كانت الغاية هي تغيير المجتمع فإن حركة التغيير تتخيّر بحكمة أين تقاوم الرأي العام وأين تصبر عليه إلى حين. لأن معيار نجاح الحركة ليس بمدى تفوّق رؤيتها على مجتمعها فحسب (فهذا مجال نظري فقط)، وإنما معيار نجاحها هو نجاحها في سوق المجتمع لأن يقترب من رؤيتها أكثر وبصورة مستدامة.
    في عالم الرياضة، يعرف المدرّب الخبير أن الأشخاص الذين لديهم سعة أن يصبحوا بلياقة وقوة أعلى بكثير مما هم عليه الآن، يعرف أنه يمكنه أن يساعدهم على وصول ذلك المستوى بالمثابرة مع التدريج، فهو يعطيهم مثلا تمارين تتحدى لياقتهم وقوّتهم الحالية، لكنها لا تتحداهم فوق الحدود الممكنة، بل في مستوى يجعلهم يخرجون من مساحة ارتياحهم الحالية ولكن ليس مباشرة ليبلغوا هدفهم الكبير. إذا لم يفعل المدرّب ذلك فسيحصل أحد أمرين: إما تعرّض المتدربون لإصابات غائرة تقعدهم عن المواصلة، أو فشلوا تماما في جميع التمارين ولم يحصل لهم أي تغيير كان ممكنا لو كان المدرّب حكيما. فقط المدرّب الناجح هو الذي يعرف متى يتحدى المتدرب فوق قدراته الحالية وإلى أي حد، ريثما يتحداه لاحقا أكثر.
    المدرسة الجمهورية، التي أسسها الأستاذ محمود محمد طه، شديدة المراس في مستواها النظري، وفيها الكثير مما هو جديد جدا على التفكير السائد، خصوصا التفكير الذي يستند على عماد دينية ويصبو لمخاطبة الوعي الإنساني كافة. المبدأ اللاهوتي الذي يقوم عليه الفكر الجمهوري أن الإنسان أهم من الأديان، وأن النصوص والتعاليم الدينية ليست في محصلتها أكبر قداسة من الإنسان وحرية الإنسان، بل الإنسان وحريته أكبر قداسة، وهو الغاية والأخرى وسائل. ذلك موضع اختلاف جذري مع الجماعات الدينية الأخرى التي تتحرك في ميدان التغيير الاجتماعي والسياسي وفق مبدأ الاستناد لسلطة عليا (إلهية) - مثل مبدأ "الحاكمية لله" - يعني لها أن تطبيق تعاليم الدين، وفق فهمها، أهم وأولى من قيمة البشر وطموحاتهم.
    عند المدرسة الجمهورية "الرأفة بخلق الله أولى من الغيرة على دين الله" كما كان طه يكرر نقلا عن كبار المتصوفة في التاريخ (وتلك رأفة ترجمها طه للعصر الحديث في صورة قواعد سلوكية وأطروحات اجتماعية وسياسية واقتصادية). وحقا، وبوضوح أكثر، ركّز الأستاذ في كتاباته ومواقفه على أن جميع أطروحات الفكرة الجمهورية لا سبيل لتطبيقها في المجتمع إلا عن طريق "تنزيل الفكرة للواقع أو رفع الواقع للفكرة"، حسب تعبيره، بعمل يقوم على الإقناع وعلى إيجاد وتوطيد الأرضية المشتركة بين جميع البشر وفق شروط كرامتهم ومركزيتهم (أي أنهم غاية في ذواتهم وليسوا وسائل إلى ما ورائهم). بل أكثر من ذلك قال منذ وقت مبكر إن الحزب الجمهوري لا يصر على أطروحاته التشريعية إذا اقتضت المصلحة العامة للمجتمعات تجاوزها وهي تخطو نحو تحقيق روح الموجهات الدينية - وجماعها كرامة وحرية الإنسان - لا نصوصها. قال طه إن "الإسلام فكر متطور ولا يجمد على صورة واحدة، لا في التشريع ولا في الأخلاق، إلا حين تعجز العقول عن الانطلاق معه." (تلك هي العقول النصوصية).
    ويمكن أن نقول عموما إن الفكر الجمهوري، بجانب التجديد الكبير في التشريع والسلوك الديني، قدّم أيضا اختراقات كبيرة في الفكر الديني نفسه، بشتى مذاهبه، الإسلامية وغير الإسلامية، مثل اختراقاته في قضايا ثلاث كبيرة: (1) ثنائية مستويات التشريع في الرسالة الواحدة ومنظومة الناسخ والمنسوخ في النص المقدس، و(2) مسألة التسيير والتخيير (الجبر والاختيار) كمسألة فلسفية وعرفانية في آن معا، و(3) قضية المرأة وإنصافها من التراث والتشريع الديني عموما (ومن إرث الديانات الإبراهيمية تحديدا). ليس هناك براح في هذا المقال لتناول تفاصيل ما قدّمته المدرسة الجمهورية بأصالة، لكن التماس تلك التفاصيل في مصادرها مبذول بسهولة هذه الأيام في الشبكة العنكبوتية.
    الشاهد من النماذج السريعة أعلاه أن المدرسة الجمهورية نموذج ناصع على الرهان على الفكر الحر، فعموم مواقفها الأساسية التي تنطلق منها، وتستنطق عبرها النصوص الدينية المقدسة كما تدفعها في نقاش ديناميكي مع حصيلة العصر من الأفكار والفلسفات، هي مواقف فكرية، استخلاصية، لا تقتفي نصوصا دينية بعينها – ليست فقهية – وإنما تمنح العقول أدوات "شوف" مختلفة تسير بها وسط النصوص. في هذه المسيرة لم يكن الرهان على الفكر مجاراة بالكلام أو شراء للوقت أو مساومة للظروف المحيطة. صاحب المدرسة الجمهورية راهن على الفكر وعلى حرية الرأي بحياته كلها، وذلك مبلغ الجدّية والاتساق.

    مشروع ضخم وشروط ضيّقة
    لطالما استهلكني التأمل في ظاهرة الأستاذ محمود محمد طه، أي تلك الشخصية التي ظهرت وتحركت ثم غابت عن الأنظار ضمن شروط تاريخية معقدة ومصيرية. تلك شروط ولادة دولة السودان الحديثة، الما بعد استعمارية، وظروف تخلّقها في عصر جديد كلّيا على سلفه في سلسلة تاريخ المجتمع السوداني.
    يمكن أن نقول إن طه كان شخصية عصرية من الطراز الأول. كان تفكيره عصريّا، ومواقفه عصريّة، وأدوات عمله عصريّة (أو قد تُسمّى حداثية)، ولأنه كان أصيلا في كل أولئك فقد كان يموضع نفسه في أرضية التاريخ الخاص الذي ينتمي له. الإشكالية الكبرى كانت أن ذلك التاريخ الخاص كان غريبا جدا على العصر الحديث، فاضطلع هو بمهمة بناء جسر كامل بين الضفتين من بداية أوّلية جدا. كان عليه أن يصنّف الموارد المطلوبة، والأدوات المرغوبة، ويصمم الجسر، ويقارن بين الموارد والأدوات والتصميم، ليتأكد من كفايتها، ثم يشرع في بناء الجسر، على مراحل. تلك عملية ضخمة تصدى لها بمفرده تقريبا. ولعل مثال الجسر هذا يليق تمام بوصف مسيرته وهو المهندس المدني.
    لا بد من تقرير أن طه كان شخصية سودانية برؤية عالمية، لا مبالغة وإنما إيضاحا موضوعيا. على العموم كان غريبا وقتها أن تكون شخصية من مجتمع في هامش الاستعمار لديها تطلعات إنسانية عالمية أصيلة بهذا الشكل (فلم يكن المجتمع السوداني حتى محط انتباه استعماري كبير أو حركة استعمارية ثقيلة). يزيد على ذلك غرابة أنه لم يعش ولو لفترة محدودة خارج السودان. كشخصية انحصرت تجربتها الحياتية في محيط السودان وقتها فمن الغريب جدا أن تكون تطلعاته من وقتها تطلعات جادة لمشاكل العالم عموما وليس السودان فحسب، ولا حتى إفريقيا والشرق الأوسط فحسب، وتطلعات فكرية أصيلة تعمد لطرح شيء جديد وليس مجرد الاستقاء من الآخر. من الواضح أنه منذ وقت مبكر بدأ ينظر لنفسه ككائن عالمي بمهمة عالمية ومتموضع تاريخيا في السودان. هذا التوجه الفكري قاده لأن يضع أولويات عمل وإنجاز لا يمكنها أن تغرق في تفاصيل الشأن السوداني أكثر مما غرقت فعلا. وعموما باعتبار ذلك فهو في مستوى ممارسة العمل العام أعطى السودان جل اهتمامه ولكن بعيون أوسع من الواقع المحلي. كما أنه، وبخلاف غيره من معاصريه من قيادات إفريقيا الحديثة ذوي التطلعات الواسعة، اضطلع لمهمته تلك بدون أي اتصال مع جهات خارجية كمصادر أيدولوجية أو حلفاء استراتيجيين (ما خلا القراءة الواسعة والتعلّم الأكاديمي بالطبع). سواءٌ أتــَّــفق معه البعض أم اختلفوا، كان طه صاحب رسالة عالمية وليست محلية في جوهرها. لم يكن على تشوش في موقفه الفكري الأساسي وهو أن أزمة البشرية في الأرض اليوم أزمة أخلاقية وبالتالي فجوهر حلها يكون أخلاقيا. فكّر عالميا ونشط محليّا. وكما جرى التعبير فلعلّ طه كان أول مواطن عالمي من السودان.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    هامش 1: محمود محمد طه (1945). "السفر الأول". كتيّب يعلن عن مبادئ وأهداف الحزب الجمهوري، حديث التأسيس وقتها.

    هامش 2: ما نعنيه بالقداسة هنا، في سياقنا هذا، التعامل بحذر وانتباه فوق العادة مع النص، مع الوعي بأن العبرة من النص يصحبها التزام شخصي واعتبار جاد عند الشخصية المتدينة (وهي الشخصية التي تقدّس النص الديني).

    هامش 3: تعبير سوداني يعني المسافة القريبة جدا، حسّيا أو رمزيا.
                  

07-03-2016, 06:56 PM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 10912

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: Yasir Elsharif)

    كتابة راقية ومنصفة وملهمة
    أتمني أن يتداعي الاخوة الجمهوريون عليها بحثا ونقدا وتشريحا أو "شروحاتا"

    لو أن الفقيد الشهيد محمود قال هذا المقطع لكفاه
    Quote: لخّص طه درسه هذا لتلاميذه بقوله إن ما بينهم وبين الطائفية - أي أن يصبحوا طائفة عقائدية، لا حركة فكرية - "فركة كعب" (هامش 3) إذا لم يتيقظوا لهذا الأمر، ويتنبهوا له على الدوام، ويحصنوا أنفسهم من الوقوع فيه. قال لهم إن الطائفية ضارة للتابع والمتبوع، لأنها تحث التابع على الكسل الذهني والتنازل عن المسؤولية الفكرية، وفي نفس الوقت تكون ضارة للمتبوع لأن الأتباع الذين لا يناقشون، ويطيعون بدون فكر ناقد، يفسدون المتبوع وينمّون نزعة التسلّط فيه. قال لتلاميذه إننا كوننا ننتقد الطائفية اليوم، وننتقد تحجر الفكر الديني نقدا قويا، لا يضمن لنا أن لا نسقط في نفس ذلك الخندق في مستقبل الأيام إذا لم نحذر، وإذا لم نُبقِ جذوة الفكر والمسؤولية فينا حية لا تنطفئ.
                  

07-03-2016, 11:19 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20364

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: Yasir Elsharif)



    ايهما ينتج الآخر ..
    النص ام العقل النصوصي ؟!!

    إحالة كل الامر للعقل النصوصي فيه اعفاء للنص من حمولاته الشرسة جدا .. من الافضل بكثير توجيه الاهتمام لمستويات النص المتعددة والتي في مجملها تصنع البيئة الثقافية/الدينية ذات القدرة الفائقة على الهيمنة وبسط النفوذ على مجتمعاتها.

    تحياتي يا ياسر.
    مقال جيد ومحفز للتفكير.
                  

07-04-2016, 01:12 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: محمد حيدر المشرف)

    سلام يا نصر ومحمد حيدر المشرف وشكرا لكما على المرور الجميل والتعليق.

    على الرغم من أن الأستاذ محمود كان يتكيء على إيراد نصوص من القرآن ومن الحديث لكنه لم يغب عنه أبدا التعويل على تقديم الفهم على مجرد منطوق النص. خذا مثلا هذا المقال الذي كتبه في الصحف في عام 1953 ولن يسعكما إلا أن تقفا مشدوهين. آسف إذا كان المقال طويلا ولكني سأستعين بالألوان على المواضع التي أحب أن يركز عليها القارئ:

    Quote: الكتاب الأول من سلسلة رسائل ومقالات

    خطاب إلى المحامي العام في الباكستان بشأن دستور الباكستان والقرآن

    نشر بجريدة صوت السودان 1953
    حضرة الأخ الكريم السيد باهوري... تحية مباركة طيبة..
    أما بعد: فقد جاء في صحيفة ((صوت السودان)) التي تصدر عندنا في الخرطوم – السودان – ما يلي: ((عرض السيد باهوري المحامي العام في الباكستان جائزة قدرها خمسمائة جنيه لمن يقدم نصوصا في القرآن الكريم تصلح لأن تكون الحجر الأساسي لدستور الباكستان الجديد – وكان عرض هذه الجائزة، في الواقع، تحديا من السيد باهوري لناقديه على ما كتبه في الصحف من أنه ليس في القرآن نص صريح ينطبق على أحكام الدستور في أي دولة كانت وكان ذلك ردا على القائلين بأن الشريعة الإسلامية يجب أن تكون قاعدة الدستور ولكنهم فشلوا في إيجاد نصوص فيها تصلح لذلك الدستور))..
    قولك: ((ليس في القرآن نص صريح ينطبق على أحكام الدستور في أي دولة)) قول جريء على شجاعة لا يخدم الإسلام إلا بمثلها.. وهو قول سيساء به من المسلمين الذين لا يعلمون.

    صالح لكل زمان ومكان:

    القرآن صالح لكل زمان ومكان.. هذا قول يردده علماء المسلمين، وهم لا يفقهون مراده – نعم !! القرآن صالح لكل زمان، ومكان، ولكن القرآن لا ينطق، وإنما ينطق عنه الرجال.. فإن لم يظهر من الرجال من يستنبط منه الأحكام التي تصلح لكل زمان ومكان فسيظل معطلا بين دفتي المصحف، كما هي الحالة الآن.. والناس يخلطون بين القرآن، وبين الشريعة الإسلامية، خلطا وبيلا.. وما أرى إلا أن قد آن لهم أن يتبينوا حقيقة الأمر فيها..

    الشريعة ليست خالدة:

    وأول ما ينبغي التنبيه إليه هو أن الشريعة الإسلامية ليست خالدة، وإنما هي خاضعة لسنة التطور، والتجديد.. وهي لم تكن خالدة لأنها ناقصة، ولا يأتيها النقص من ذاتها، وإنما يأتيها من ملابساتها، ذلك بأنها قد جاءت لخدمة مجموعة بعينها – مجموعة بدائية، بسيطة، متخلفة، وقد خدمتها، أجل الخدمات، فطورتها، ورقتها، ثم أصبحت الآن تعيش في مجموعة أكثر تعقيدا، وأكثر تقدما، وأصبح علينا أن نتخذ من التشريع ما يتلاءم مع حاجة هذه المجموعة المتمدينة، المعقدة، المتقدمة..
    وحين لا تكون الشريعة الإسلامية خالدة، فإن الإسلام خالد.. هو خالد لأنه ليس نصوصا صريحة، ولا تشريعا مقننا.

    ليس القرآن تشريعا:

    ليس القرآن تشريعا، وإنما هو تنبيه، ونهج – تنبيه إلى القوى البشرية المعطلة في الرؤوس والقلوب.. ونهج للحياة على أسلوب يمكن الفرد من تحرير تلك القوى المودعة في رأسه وقلبه.
    إن القرآن، في حقيقته الأزلية، موسيقى علوية، فهو يعلمك كل شيء، ولا يعلمك شيئا بعينه.. هو ينبه قوى الإدراك، ويشحذ أدوات الحس في جميع وجودك، ثم هو يخلي بينك وبين عالم المادة لتدركه على أسلوبك، ولتكون منه لنفسك أنموذجا تتأثر به في حياتك اليومية، بإزاء الناس، والأشياء.. هذا هو القرآن.. وهو، بهذه الصفة الخالدة، لا يخضع للتطور، وإنما إليه ينتهي تطور كل متطور..

    ما هو القانون الدستوري؟

    والقانون الدستوري الذي تريده ما هو؟ تقول أنك أردت بعبارة القانون الدستوري (توزيع سلطة السيادة في داخل السيادة) وهذا إجمال حسن – وتفصيله أنك تعني القانون الذي يقرر حقوق الفرد في داخل الدولة، ويحدد شكل الدولة، وينظم سلطاتها العامة، ويبين علاقة هذه السلطات، بعضها مع البعض الآخر، وعلاقتها مع الأفراد.. وليس من شك أن هذه المعاني جميعا محدثة، وهي ثمرة تطور نظام الجماعة من البساطة إلى التعقيد، ومن العبودية إلى الحرية، ومن الجهل إلى المعرفة، ومن هضم حق الفرد إلى الإعتراف به شيئا ما.. وليس من شك عندي أن تطور الجماعة سيطرد حتى يجيء اليوم الذي تبطل فيه الدولة، كما نعرفها الآن، من السطوة، والقوة، بحيث تصبح عبارة عن جهاز لا يعدو نفوذه تنسيق جهود الجماعات المحلية المختلفة، في كل متسق.. هذا هو معنى القانون الدستوري، فمن قال أن الشريعة الإسلامية تنص عليه، نصا صريحا، فهو متهم النصيحة، مزور في الكلام، غير عالم بحقيقة ما يخوض فيه.. أما من قال أن القرآن ينص عليه نصا صريحا، فهو شر مكانا..

    ليست الشريعة قانونا دستوريا:

    وفصل الخطاب فيه أن يقال أن الشريعة الإسلامية قانون، ولكنها ليست قانونا دستوريا.. وأن القرآن ليس قانونا، وإنما هو القانون الأزلي، الذي تلتقي عنده القوانين الوضعية، من نظامية، ودستورية، في وحدة متسقة.. فإن قلت ما معنى هذا؟؟ قلت هناك قانون عام لا يتغير، هو مصدر كل القوانين الوضعية، وهذا القانون ليس إلا العقل.. هو العقل السليم المستقيم، الذي لا ينحرف مع الرغبة.. هناك عقل أزلي، كلي، تخضع له جميع العوالم، وقانونه هو القانون السرمدي الذي يهيمن على الظواهر الطبيعية، بما فيها حياة الأحياء.. وهناك عقل محدث، جزئي، تخضع له بعض تصرفات الفرد العاقل! وقانونه هو قانون العرف، المنطق، والمنفعة الباقية، وهو القانون الوضعي الذي تقسر الدولة الصالحة الناس على الخضوع له.. فأما القانون السرمدي فهو ثابت، لا يتطور، لأنه أثر العقل الكلي، القديم.. وأما القانون الوضعي، ولا يستثنى من ذلك شرائع الأديان، فلا ينفك يتجدد، لأنه أثر العقل الجزئي، المحدث، الذي يتجاوب مع البيئة، ومع الحاجات المادية، والإقتصادية، والظروف الإجتماعية.. وهو، في تطوره، يستهدف القانون السرمدي، كمثل أعلى، يسعى لتحقيقه.. وبلوغه.

    العقل عقلان:

    قلنا: إن حقيقة القانون هي العقل – والعقل عقلان: عقل كلي، قديم، وهو المسيطر على جميع العوالم، علويها، وسفليها.. وعقل جزئي، محدث، وهو ما يتمتع به الفرد البشري العاقل.. وكمال العقل الجزئي، المحدث، أن يطابق، ويوافق، العقل الكلي القديم.. والقرآن هو قانون العقل القديم، وأثره، وبترسمه يستدل عليه، ولذلك قلت، آنفا: أن القرآن منهاج للحياة، على أسلوب ينبه في العقل البشري القوى الكامنة، التي إن هي إلا قبس من العقل الكلي، القديم، (الله)..

    الفرد الكامل:

    من هذا يتضح أن غرض القرآن هو الفرد الكامل.. وهو هو غرض الحياة.. وهو يجب أن يكون غرض النظام الجماعي ((الحكومة)).. وبمعنى آخر، القرآن يختط ((المثل العليا))، ويختط المنهاج إليها ويطلب إلى الناس السعي إلى تحقيقها، جهد طاقتهم، في كل زمان، وكل مكان، متوسلين إلى ذلك بمنهاج القرآن وبوسائل التراث البشري، الفني، والعلمي، والمادي، الذي يستطيعون أن يضعوا عليه أيديهم.. فأنت الان رجل مسلم، مثقف، قد ألممت بطائفة صالحة من نتاج العقل البشري، وهي طائفة لم تكن ميسورة لآبائك، وأجدادك من قبل، على التحقيق، فإن أنت استطعت أن تضع دستورا، سمحا، يكون دعامة تشريع يجعل الحكومة تنظم الحياة الخارجية على شكل يمكن الفرد، من رجل وإمرأة، من أن يجد فيه أقل قدر ممكن من الصعاب، وأكبر قدر ممكن من التشجيع، في سبيل جهوده الفردية الرامية إلى تحرير مواهبه الطبيعية من الأوهام والأباطيل، فإن هذا الدستور هو دستور القرآن.. وبمعنى آخر، إن أنت استطعت أن تضع دستورا يحقق للفرد الحرية الفردية المطلقة، وللجماعة العدالة الإجتماعية الشاملة، في وقت معا، فهذا الدستور هو دستور القرآن.. وأنت لن تستطيع أن تبلغ من ذلك كل ما يريد القرآن، لأن القرآن إنما يريد للفرد الحرية الفردية المطلقة وهو مطلب لا يتحقق إلا حين يطرح الناس ضراوة الوحوش ويتخلون عن قانون الغابة، فيقوم المجتمع على العدالة الإجتماعية الشاملة، وعلى الرأي العام السمح، المتحرر، الذي لا يضيق بالأنماط الفردية المختلفة، ثم يمارس الأفراد مجهودهم الفردي في العبادة، وفي المعاملة، وفق منهاج القرآن، وذلك بغرض تحرير عقولهم، وقلوبهم، من الأوهام، والأباطيل، والخرافات والمخاوف.. وهل تتحقق الحرية الفردية المطلقة للأفراد بعد كل أولئك؟؟ كل حظها من التحقيق أن تكون مستمرة التحقيق، لأن المطلق، إنما يقع تحقيقه في السرمد – في الزمن الذي لا ينتهي، ولا يتناهى!! هذا ولك تحيتي وودي..

    محمود محمد طه
                  

07-04-2016, 01:26 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: Yasir Elsharif)

    طبعا مسار التاريخ لم يذهب على حداء أناس من نوع الباهوري في باكستان ولا من شاكلة الأستاذ محمود وإنما سارت الأحداث وجاءت بأفكار أبو الأعلى المودودي من باكستان وحسن الترابي في السودان، والأزهر والأخوان المسلمون في مصر والعالم، والوهابية في السعودية ثم العالم، والشيعة في إيران ثم العالم. وأخيرا نحن مع داعش (إيت آل) إلخ إلخ إلخ

    "شادا" وتكتب بالحروف الألمانية هكذا schade وتعني "خسارة".

                  

07-04-2016, 01:33 AM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5209

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: محمد حيدر المشرف)

    الأخ ياسر تحيّه طيبه وبعد:
    Quote: . يزيد على ذلك غرابة أنه لم يعش ولو لفترة محدودة خارج السودان. كشخصية انحصرت تجربتها الحياتية في محيط السودان وقتها فمن الغريب جدا أن تكون تطلعاته من وقتها تطلعات جادة لمشاكل العالم عموما وليس السودان فحسب، ولا حتى إفريقيا والشرق الأوسط فحسب، وتطلعات فكرية أصيلة تعمد لطرح شيء جديد وليس مجرد الاستقاء من الآخر. من الواضح أنه منذ وقت مبكر بدأ ينظر لنفسه ككائن عالمي بمهمة عالمية ومتموضع تاريخيا في السودان.
    فعلاَ أمر يحتاج لوقفه بل يكاد يندرج في باب المعجزات...
    Quote:  ركّز الأستاذ في كتاباته ومواقفه على أن جميع أطروحات الفكرة الجمهورية لا سبيل لتطبيقها في المجتمع إلا عن طريق "تنزيل الفكرة للواقع أو رفع الواقع للفكرة.
    تنزيل الفكره للواقع امر ممكن ولكن كيف نرفع الواقع للفكره؟ الواقع شيء، جديد دينامكي وعبقري لم يآتي من تواليف الذاكره القديمه .. في الكفه الاخري نجد طبيعة الفكره برضها ديناميكيه لكنها قديمه وغير عبقريه، تعتمد علي تواليف محتوي الذاكره . معرفة راي الأستاذ في هذه النقطه تعني الكثير لأنها نقطه جوهريه تساعد في إستيعاب الفكره الجمهوريه.
                  

07-04-2016, 02:36 AM

علاء سيداحمد
<aعلاء سيداحمد
تاريخ التسجيل: 03-28-2013
مجموع المشاركات: 17162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: Mohamed Adam)

    Quote: نشر بجريدة صوت السودان 1953
    حضرة الأخ الكريم السيد باهوري... تحية مباركة طيبة..
    أما بعد: فقد جاء في صحيفة ((صوت السودان)) التي تصدر عندنا في الخرطوم – السودان – ما يلي: ((عرض السيد باهوري المحامي العام في الباكستان جائزة قدرها خمسمائة جنيه لمن يقدم نصوصا في القرآن الكريم تصلح لأن تكون الحجر الأساسي لدستور الباكستان الجديد – وكان عرض هذه الجائزة، في الواقع، تحديا من السيد باهوري لناقديه على ما كتبه في الصحف من أنه ليس في القرآن نص صريح ينطبق على أحكام الدستور في أي دولة كانت وكان ذلك ردا على القائلين بأن الشريعة الإسلامية يجب أن تكون قاعدة الدستور ولكنهم فشلوا في إيجاد نصوص فيها تصلح لذلك الدستور))..
    قولك: ((ليس في القرآن نص صريح ينطبق على أحكام الدستور في أي دولة)) قول جريء على شجاعة لا يخدم الإسلام إلا بمثلها.. وهو قول سيساء به من المسلمين الذين لا يعلمون.


    تحياتى ياسر الشريف وكل سنة وانت طيب

    باعتبار ان المقتبس بعاليه نشر منذ العام 1953م يقينى انه يوجد فى القرآن الكريم نصوص صريحة تنطبق وتصلح احكاما للدسـتور ,

    Quote: وكان ذلك ردا على القائلين بأن الشريعة الإسلامية يجب أن تكون قاعدة الدستور ولكنهم فشلوا في إيجاد نصوص فيها تصلح لذلك الدستور


    ( هل تراجع الاستاذ / محمود عن هذه الفكرة ام لا ؟ )
                  

07-04-2016, 11:05 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: علاء سيداحمد)

    يا مراحب با أخي علاء سيد أحمد وكل سنة وانت طيب


    ( هل تراجع الاستاذ / محمود عن هذه الفكرة ام لا ؟ )

    بخصوص سؤالك هذا في مداخلتك فإن الإجابة هي "لا"..

    ياسر
                  

07-04-2016, 10:43 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: Mohamed Adam)

    تحية طيبة يا عزيزي محمد آدم
    بخصوص سؤالك عن طريقة رفع الواقع للفكرة أرجو أن تسمح لي أن أنقل لك توضيح الأستاذ محمود للعبارة في معرض حديثه الذي ذكر فيه "إنزال الفكرة للواقع ورفع الواقع للفكرة"

    قال:
    ((فرفع الواقع للفكرة بيعني أنو الناس يبينوا ليهم واقعهم، لأنو الناس بيكونوا في غفلة، الواحد بكون في مشاكل كثيرة جداً حولو لكن لغفلتو لي جهلو لي عدم وعيو ما شاعر بواقعو.. دي عبارة رفع الواقع للفكرة.. )) انتهى

    يعني المقصود أن واجب المثقف هو أن يبين للناس في المجتمع ما هم فيه من واقع وربط ذلك بما يقتضيه إنزال الفكر الثائر إلى الواقع..
    الشاهد أن الواقع يرتفع كل يوم جديد نحو الفكرة الجمهورية بصفتها فكرة ثورية هدفها التغيير. ودعني أضرب لذلك بعض الأمثلة التوضيحية:
    الواقع المشاهد والذي يعايشه الجميع أن المرأة، ليس على مستوى العالم كله فحسب، وإنما على مستوى السودان بالتحديد، ظهر أنها تستحق من الحقوق أكثر مما أعطتها إياه الشريعة الإسلامية في القرن السابع. يعني ظهر مثلا ظهورا عمليا تخلف مستوى شهادة امرأتين تساوي شهادة رجل واحد. هذا واقع ارتفع نحو الفكرة الجمهورية التي قالت بأن هذا المستوى الذي جاء في الشريعة الإسلامية ليس هو الكلمة الأخيرة للدين الإسلامي فيما يخص حقوق المرأة.

    مثال آخر: كل العالم بدأ يفهم أن مسألة حرية الاعتقاد أمر أصبح بديهيا منذ أن أدرج في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادتيه 18 و 19 في العام 1948، وبينما نجد أن بلدا مثل السعودية التي رفضت التوقيع على ذاك الإعلان العالمي وقتها، إلا أننا نجدها الآن تتحرك نحو التسليم به وتخضع في ذلك لضغوط عالمية من أجل وقف انتهاكها لحقوق مواطنيها وأسطع مثال هو مسألة المدون السعودي رائف بدوي. هذا واقع جديد نجد أنه يمثل ارتفاعا نحو ما قالت به الفكرة الجمهورية عن أهمية حرية الاعتقاد لحفظ السلام في المجتمع والعالم.

    أرجو ألا يصدنا ما نجده من صور تخلف وإرهاب ديني في العالم اليوم، سواء في السودان أو في السعودية أو من ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية، عن التفاؤل بمستقبل السلام في الأرض. كل هذا الإرهاب والتخلف هو إلى زوال، ما في ذلك أدنى شك.يعني معقول مستوى زي مستوى الزول المعتوه دا يستمر ويصير هو الأمر المقبول لدى المسلمين، دع عنك لدى العالم المتمدين؟
    البرلماني حسبو بتاع "كيتا في الأمم المتحدة"..



    أرجو أن تقارن هذا المستوى بهذه الشريحة المضيئة للأستاذ محمود حتى تحكم لمن سيكون المستقبل:



    المسألة مسألة وكت بس ينتصر فيه الاتجاه الصاعد ويسود.

    شكرا لك وكل عام وأنتم بخير.



    ياسر
                  

07-04-2016, 11:54 AM

علاء سيداحمد
<aعلاء سيداحمد
تاريخ التسجيل: 03-28-2013
مجموع المشاركات: 17162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: ( هل تراجع الاستاذ / محمود عن هذه الفكرة ام لا ؟ )

    بخصوص سؤالك هذا في مداخلتك فإن الإجابة هي "لا"..



    تحياتى اخى ياسر مرة اخرى

    معنى هذا وللاسف الشديد فكر الاستاذ / محمود كان قـاصــرا فى هذه المسألة لانه فى القرآن الكريم هناك نصوص صريحة تصلح احكاما للدستور ..
                  

07-04-2016, 12:32 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: علاء سيداحمد)

    تسلم يا عزيزي علاء

    قولك:
    Quote: فى القرآن الكريم هناك نصوص صريحة تصلح احكاما للدستور ..


    أرجو أن تعطيني نماذج لنصوص صريحة في القرآن الكريم تصلح أحكاما للدستور.
    وهل برأيك أيضا أن الشريعة الإسلامية تصلح لأن تكون مصدرا للدستور؟؟

    ياسر
                  

07-04-2016, 01:06 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20364

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: هل يفكر النص


    Quote: ة. بالنسبة للعقل النصوصي فإن النص حين يصدر عن سلطة ما، مُعتَرفٌ بها عند ذلك العقل، فإن تلقي النص يصبح إجراءً آليا، لا يدخل فيه اعتبار عوامل الفهم – أي احتمال اختلاف الفهم أو مستوى الاستيعاب بين المصدر والمتلقي، وبين المتلقين عموما - أو عوامل الإشارة أو الرمز والكناية، وكذلك شروط السياق، ما يجعل النص ديناميكيا كوسيط أفكار. بالنسبة للعقل النصوصي فإن النص ذي السلطة لا يقارَب باستئناس ولا يُستكشَف من زواياه المتنوعة ومدى فلسفته وارتباطاته، بل يؤخذ جامدا، أو يكاد، بحيث أن المعنى الأولي، السطحي أو الانطباعي، الذي يتبادر للعقل من النص، يصبح هو الرسالة نفسها، لا غيرها.


    في الثقافة الدينية هناك حالة تماهي كبير بين النص الإلهي والذات الالهية وبحيث لا يعود النص وسيطا بل يكون هو الاصل في أغلب الاحوال ..

    في تصوري الخاص يتوجب التمييز بين اللغة وبين النص الالهي .. وأرى أن الكاتب قصى همرور كان يتحدث عن النص الالهي أو المقدس باعتبارات لغوية بحته تتجاهل خصائص النص اللالهي الذاتية والتي تمنح النص العديد من القدرات والتي لا يمثل التفكير سقفها الاعلى .. التفكير والقوة والمنعة والقدرة (قدرة العلاج والشفاء على سبيل المثال) ..

    وكاجابة لسؤال وهل يفكر النص .. اعتقد ان الاجابة بنعم فيما يتعلق بالنص القرآني



                  

07-04-2016, 02:40 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: محمد حيدر المشرف)

    سلام يا عزيزي محمد حيدر المشرف

    Quote:
    وكاجابة لسؤال وهل يفكر النص .. اعتقد ان الاجابة بنعم فيما يتعلق بالنص القرآني

    طبعا هذا هو الحال لدى المسلمين التقليديين وأهل الفقه، ولذلك يقولون أن الدين نقل وليس عقل. ولكن ما حاول قصي أن يوضحه هو أن النص وسيلة وأن القرآن نفسه وسيلة والغاية هي الإنسان وحده وهو يتكئ في هذا على ما فهمه من الأستاذ محمود الذي أوضح هذه المسألة في كتابات عديدة أرجو أن تسمح لي بتثبيت بعضها هنا:
    هذه الفقرة من كتاب "الإسلام" للأستاذ محمود
    Quote: الإسلام

    وسائل العلم التجريبي الروحي

    ولا بد من كلمة قصيرة عن وسائل التجربة الدينية ، وأولها وأولاها ، القرآن ، ونحن نسمع الناس يقولون أن القرآن كلام الله ، فما معنى هذا ؟؟ إن الله ليس كأحدنا ، وليس كلامه ككلامنا ، بأصوات تنسل من الحناجر ، فتقرع الآذان .. إن كلام الله خلق .. فالشمس تطلع ، فترسل الضوء ، والحرارة ، فتبخر الحرارة الماء ، وتثير الرياح ، وتحرك الهواء ، وتحمل الرياح بخار الماء ، في سحب كثيفة ، إلى بلد بعيد ، فينزل المطر ، فيروي الأرض ، ويحييها بعد موتها ، فينبت الزرع ، وتدب الحياة ، بمختلف صورها ، وشكولها .. هذه صورة موجزة ، قاصرة ، مفككة الحلقات ، لكلام الله . فالقرآن صورة هذا الكلام ، أو قل هذا العلم ، مفرغ في قوالب التعبير العربية .. ويظن كثير من كبار العلماء أن القرآن هو اللغة العربية ، وذلك خطأ شنيع .. وهو خطأ جعلهم يلتمسون معاني القرآن في اللغة العربية ، فانحجبوا بالكلمات ، وهم يظنون أنهم على شئ .. واللغة أساسا ، نشأت بدوافـع الحاجة اليومية ، في الحياة الجسدية ، فهي ، مهما تطورت ، فإنها تعجز ، كل العجز ، عن تحمل معنى كلام الله وهي ، على خير حالاتها ، لا تقوم منه إلا مقام الرمز ، والإشارة .. والقرآن لا يدع لنا مجالا للشك طويلا ، فهـو يقـول (( الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه ، هدى للمتقين )) والإشارة هنا (( بـذلك )) إلى (( الم )) .


    وهذه الفقرة من كتاب إسمه "الدعوة الإسلامية الجديدة" منقول من محاضرة ولذلك تجد الكتابة باللغة الدارجية السودانية.

    Quote: وحديث الرب، وهو القرآن، نزل في التنزلات المختلفة لغاية ما أصبح هذا القرآن معبرا عنه باللغة العربية.. التنزلات من لدن الذات.. فالقرآن هو ذات الله.. إننا نحن نقول: القرآن كلام الله.. والله متكلم بذاته.. فالكلام هو الصفة القديمة، الأزلية، القائمة بالذات.. هي ليست غير الذات، لدى التناهي.. الصفات كلها ليست غير الذات.. لكنها، في التنزلات لتقرب لينا، أصبحت تعطينا معنى قدر ما نطيق نحن من الذات.. القرآن لما تنزل في اللغة العربية أصبح يعطينا القدر الممكن ندركه نحن عن الذات.. وفي القرآن يرد قوله تعالى: ((حم * والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون * وإنه، في أم الكتاب، لدينا، لعلي حكيم..))، "لدينا" يعني عند الذات.. القرآن عند الذات – لدى الذات – حيث لا مكان، ولا زمان، وصفه تعالى بقوله: ((وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم)).. داك المعنى القريب، ودا المعنى البعيد.. لما جعل القرآن عربي كانت الحكمة من العربية أننا، نحن العرب، (ومن ورائنا كل الناس) نفهم.. وقال: ((إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون)).. لاحظ: "حم".. دي مرحلة فوق اللغة.. ودا معروف طبعا.. وكل المفسرين يقولوا ليك عنها: "الله أعلم بمراده".. ثم قال: ((والكتاب المبين)) فتنزل أقرب لينا.. ثم تدلى أكثر فقال: ((إنا جعلناه قرآنا عريبا لعلكم تعقلون)).. العلة في أن القرآن جعل "عربيا"، هي أن نفهم نحن عن الله، وباستمرار الفهم يرفعنا في درجات المراقي في التأويل، وفي التفسير.. ثم ترتفع درجاته في المراقي حتى يدخل مستويات التأويل.. ثم تتسامى المعاني في الدقة إلى أن يبقى تأويل القرآن لا يعلمه إلا الله.. ودا يبقى الذات.. القرآن، عندما يتناهى إلى الذات، لا يعلم تأويله إلا الله.. والراسخون في العلم يقولون آمنا به.. ودا لأنه لا يعرف الله إلا الله.. الذات لا يعرفها إلا الله.. ((قل لا يعلم من في السموات، والأرض، الغيب، إلا الله)).. دا غيب الغيوب، دا الذات.. معنى المثاني إذن أن الحديث الفي "الذات" تنزل "للعبد" ليفهمه.. ثم أن المثاني، باستمرار، تمشي درجات درجات، كلها مثاني إلى أن ترفعنا إلى الواحد الذي لا ثاني له.. ودا كله مراقي.. والسير فيه بإتقان العبادة.. لأن إتقان العبادة هو الذي يفتح مغاليق القرآن.. حياة النبي جعلت مفتاح القرآن.. فإذا نحن أتقنا السير خلفها بتجويد، وبذهن فاتح، يفتح لينا.. حاجة الله إلى الناس عقولهم، وقلوبهم.. ما في عمل هو مفروض علينا إلا ووراءه حكمة، هي تصفية عقولنا، وسلامة قلوبنا.. تصفية عقولنا من الظلام، والجهل، دي كل الحكمة في التشريع.. ولذلك هناك قال: ((وأنزلنا إليك الذكر)) وهو القرآن كله.. ((لتبين للناس ما نزل إليهم)) هذا بالتشريع وبالتفسير ثم قال: ((ولعلهم يتفكرون)).. العلة في إنزال القرآن، وفي إرسال الرسل، وفي تشريع التشريع، أن نتفكر: ((وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم.. ولعلهم يتفكرون)).. من المثاني ما كنا بنقوله أمبارح.. معانينا كلها إثنين، إثنين.. الإسلام النحن عايزين نبعثه، في الوقت الحاضر، عنده معنيين – المعنى القريب لينا، والمعنى البعيد.. المعنى القريب دون الإيمان، والمعنى البعيد فوق الإيمان.. دا يمكن أن يكون اعتبار يوضح المسألة ليكم..
                  

07-04-2016, 03:22 PM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5209

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: محمد حيدر المشرف)

    أخونا ياسر المليح عيدك سعيد وكل عام وأنت بخير.
    عبرك نحي الأستاذ قصي وجميع الاخوه الكرام بهذا المنتدي وخارجه.
    قال الأستاذ:((.. رفع الواقع للفكرة بيعني أنو الناس يبينوا ليهم واقعهم، لأنو الناس بيكونوا في غفلة، الواحد بكون في مشاكل كثيرة جداً حولو لكن لغفلتو لي جهلو لي عدم وعيو ما شاعر بواقعو.. دي عبارة رفع الواقع للفكرة.. ))إنتهي.
    الواقع هو الوجود والوجود بطبعو متجدد، العقل يعمل فيهو بس في حيزه الماضي(ذاكره وبطبعها تواليف لصورة ذلك الوجود/الواقع) ...
    الواقع لاينزل للذاكره(الفكره)لان الذاكره بل العقل بكلياته by product لهذا الوجود ... وبموجب ذلك يصح ان نقول، الفكره الجمهوريه والعقل الذي ينتجها هما اللذان ينزلان للواقع وهذا ليس من وجهة نظر دينيه او من وجهة نظر الفكره الجمهوريه بل هو الفهم الصحيح لكيفية عمل الواقع.
    الأمثال التي تطرقت إليها يا اخ ياسر، هي دليل علي ان الفكر هو الذي ينزل للواقع ليتطور هو لا ان يتطور الواقع بالفكر..كيف يتطور الحيّ بالميت! او كيف يتطور الجديد بالقديم!!
    شاهد الغرب عندما نزل بفكره لأرض الواقع تطور فكره(بتواليف الواقع) والواقع بقوتو شداهو لأعلي(الحي شد الميت)..
    من وجهة نظري ان هذه النقطه ما إعتقدها تكون فايته علي الأستاذ(الجديد) ولكن قد يجوز وضعها علي حسب مقتضيات ذلك الزمن. لماذا؟ لان الأستاذ يعلم علم اليقين ان الفكره الجمهوريه خارج واقعه هي مجرد شيء قديم(إسقاطات تجاربه الروحيه) ولذا الفكره ليست تلك التجارب الحيّه، وبموجب هذا الفهم الاستاذ، لم يترك خلفٱ له بل كان حريص كل الحرص أن الناس تأخذ منه مباشره وتطبق بحالها كما هو طبق بحاله(بلا واسطه) وذلك كانت همتو بتوثيق تحركو داخل واقعه لاتُخطئها العين اي(تجاربو الروحيّه)!!
                  

07-04-2016, 04:12 PM

علاء سيداحمد
<aعلاء سيداحمد
تاريخ التسجيل: 03-28-2013
مجموع المشاركات: 17162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: محمد حيدر المشرف)
                  

07-04-2016, 04:38 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: علاء سيداحمد)

    ما تتحدث عنه لا يمت للدستور بصلة يا عزيزي علاء سيد أحمد..

    الشريعة الإسلامية لا تساوي بين الناس، فالمسلم لا يستوي مع غير المسلم في الحقوق، وبغير المساواة ليس هناك دستور، بالمعنى الحقيقي لكلمة دستور.
    يكفي أن الشريعة أمرت بقتل المرتد، وجهاد الكفار، فإن كانوا أهل كتاب ولم يقبلوا الدخول في الإسلام تفرض عليهم الجزية، والجزية عقاب.

    مع تحياتي
    ياسر

                  

07-04-2016, 02:54 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20364

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: Yasir Elsharif)



    شكرا يا ياسر ولكن مهلا يا صديقي ..
    ما اقوله ان العقل النصوصي اثر أو منتج من منتجات النص المقدس .. ولذلك لا ارى انه يمثل المشكلة الحقيقية كما قال قصي ..

    الفاعل في الفضاء الانساني في هذه العلاقة بين العقل النصوصي والنص هو النص ..
    ساضرب لك مثلا ..
    عندما ينشأ الانسان في بيئة دينية وهو يقرأ هذه الآية الكريمة ..

    وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا (36)

    لا يقرأها فحسب.. وانما يتربى وينشأ ويعتقد ويؤمن بكل ما تولد عن هذه الآية من تراث ديني شاهق ومتراكم وكثيف قد يشير وبوضوح لفاعلية هذه الاية في المجتمعات الدينية .. وللديناميكية الهائلة والقدرة على انتاج تصورات لها القدرة الفائفة على السيطرة على العقل الانساني داخل حدود هذه البيئة ..

    محصلة الامر أننا وبتناول هذا العقل دون النص فاننا لا نخاطب الجوهر الحقيقي للاشكالية قيد التناول ..
                  

07-04-2016, 04:11 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: محمد حيدر المشرف)

    شكرا لك عزيزي المشرف
    Quote:
    شكرا يا ياسر ولكن مهلا يا صديقي ..
    ما اقوله ان العقل النصوصي اثر أو منتج من منتجات النص المقدس .. ولذلك لا ارى انه يمثل المشكلة الحقيقية كما قال قصي ..

    أما أنا فأقول أن العقل الذي "الذي يتعامل مع النص كمعنى جاهز وارشادات آلية" هو بالتأكيد دون العقل الذي يفكر. اقرأ قوله تعالى: "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّل إليهم ولعلهم يتفكرون".. أو "واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون".. لذلك أنا لا أقول أن هذا "العقل النصوصي" أثر أو منتج من منتجات النص المقدس، بل بالأحرى هو نتيجة سوء فهم للنص المقدس، أو على الأقل تقصير في فهم الحكمة منه.
    والمثال بالآية التي ذكرتها صحيح وهو مرحلة مهمة قبل التطور نحو فهم أكبر منها، وهي كما يرد في أدبيات الفكرة الجمهورية "آية فرع" وليست آية أصل، ولكن المعضلة التي تواجه المسلمين أن آيات الأصول منسوخة بآيات الفروع. "العقل النصوصي"، الداعشي مثالا، يتعامل مع آية مثل "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا كل مرصد، فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم"، ولكن بقية المسلمين لصعوبة التنفيذ يحاولون التملص من استحقاقات هذه الآية وأخواتها وهي طبعا، حسب مستوى فهمهم، تستوجب السمع والطاعة كما نصت الآية التي ذكرتها أنت، أي أنها من ما قضى الله ورسوله، وهو الأمر بالجهاد وقتال الكفار، وأضيف عليه قتل المرتدين لقول النبي عليه السلام "من بدل دينه وفارق الجماعة فاقتلوه" أو قوله "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وأمرهم إلى الله"..
    قولك:

    Quote: محصلة الامر أننا وبتناول هذا العقل دون النص فاننا لا نخاطب الجوهر الحقيقي للاشكالية قيد التناول ..

    أتفق معك، الجوهر الحقيقي للإشكالية ليس هو "العقل النصوصي" وحده، وإنما تأثير الفهم التقليدي على المسلمين يتحمل جزءا من المسئولية. ولذلك لم يعتب الأستاذ محمود كثيرا على الفقهاء الذين رفعوا ضده قضية "حسبة" وطالبوا بالحكم عليه بالردة وجاءت عباراته هكذا:

    Quote: أما بعد فإن بعض ما يقوله الجمهوريون لا تقره الشريعة الإسلامية التي بين أيدينا الآن، ولكن يقره الدين.. بل انه أصل الدين، ومطلوب الدين في المكان الأول.. وهو انما لم يرتفع اليه، في مرحلة الرسالة الأولى منه، لأن وقته لم يجيء يومئذ، وجعلت الشريعة، في بعض صورها، في الرسالة الأولى، شريعة مرحلية لتعد الناس ليوم مجيئه.. والفقهاء لا يعلمون عن هذا قليلا ولا كثيرا، فظنوا أن جميع صور شريعتنا الحاضرة مقصودة بالأصالة، وباقية لتنظيم حياة انسانية القرن العشرين.. وهذا جهل مزر.. نحن لا نلوم الفقهاء على عدم الفهم، ولكننا نلومهم على عدم الصدق، حتى في التزام الشريعة المرحلية.. فهم قد عاشوا على الدين، على طول المدى ولم يبد منهم، في أي لحظة، أي استعداد، ليعيشوا له.. هم كانوا، ولا يزالون، أدوات في يد السلطة التي استغلت وتستغل الدين، وسيكون نهجنا في هذه الأسفار التي إن شاء الله، ستخرج تباعا، ازالة سوء الفهم للدين، الذي ينشره هؤلاء النفر وسط الشعب، وازالة سوء التفاهم الذي أوجده هؤلاء النفر بين الشباب المثقف وبين الدين، وعلى الله قصد السبيل..


    ولك الشكر
    ياسر
                  

07-04-2016, 04:20 PM

علاء سيداحمد
<aعلاء سيداحمد
تاريخ التسجيل: 03-28-2013
مجموع المشاركات: 17162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: أرجو أن تعطيني نماذج لنصوص صريحة في القرآن الكريم تصلح أحكاما للدستور.
    وهل برأيك أيضا أن الشريعة الإسلامية تصلح لأن تكون مصدرا للدستور؟؟


    تحياتى مرة اخرى عزيزى ياسر الشريف

    ( وهل برأيك ايضا ان الشريعة الاسلامية تصلح لان تكون مصدرا للدستور ؟؟ ) فضلا عن الفقه الاسلامى نعم الشـــريعة الاسلامية تصلح ان تكون مصدرا للدستور بدليل ان اوربا
    اخذت الكثير من احكام الشريعة الاسلامية وجعلتها فى متون دساتيرها .. وفى دساتير معظم الدول الاسلامية هناك نصوص صريحة على انّ الشريعة الاسلامية هى مصدر التشريع .

    النماذج :

    مثلا فى مجال الحقوق والحريات :

    - الحريات الشخصية :

    كفل الاسلام الحرية الشخصية للفرد فى ذات نفسه فى ان يفكر كيف شاء وان يعتقد مايشاء وان يتصرف فى املاكه كما يحب ويرضي .. وكفل له الحرية فى بيته ونهى بشدة وزجر بعنف
    التجسس وتتبع العورات ومنع دخول المنازل بدون اذن اصحابها قال تعالى : ( فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم ) 28 النور

    - حرية الراى والفكر : قال تعالى ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين ) 118 هود
    ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ... ) 11 المجادلة
    ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) 9 الزمر

    - حرية العقيدة والدين : ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) 29 الكهف ( لا اكـــراه فى الدين ) 256 البقرة

    - حرية التنـقــل : ( أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ) 97 النساء

    وأسباب الهجرة قديما وحديثا لاتخرج من احدى ثلاث :
    - اسباب سياسية
    - اسباب اقتصادية
    - اسباب اجتماعية

    - المســاواة وعدم التفريق بين المواطنين بسبب الاصل او الدين او اللغة او العرق والاعتراف بالاخر والتعايش معه : قال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ) 13 الحجرات
    التعارف هنا بمعنى قبـــول الاخـر والتعايش معه .
    الاعتراف بالاخر : (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) 8 الممتحنة

    فى مجال السياسة " السلطة والحكم " :

    - مبدأ العدالة والشورى : ( وامرهم شورى بينهم ) 38 الشورى ( وشاورهم في الأمر) سورة آل عمران 159 ( واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل ) 58 النساء

    - مبادئ العدالة الاجتماعية : قال تعالى ( وآتوهم من مال الله الذى آتاكم ) 33 النور ( وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ) 7 الحديد مستخلفين فيه اى : من المال ابن كثير

    - فى الاقتصــاد والمعاملات : ( واحلّ الله البيع وحرّم الربــا ) 275 البقرة

    - العقوبات الجنائية : الحدود والقصاص
                  

07-04-2016, 04:40 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: علاء سيداحمد)

    ما تتحدث عنه لا يمت للدستور بصلة يا عزيزي علاء سيد أحمد..

    الشريعة الإسلامية لا تساوي بين الناس، فالمسلم لا يستوي مع غير المسلم في الحقوق، وبغير المساواة ليس هناك دستور، بالمعنى الحقيقي لكلمة دستور.
    يكفي أن الشريعة أمرت بقتل المرتد، وجهاد الكفار، فإن كانوا أهل كتاب ولم يقبلوا الدخول في الإسلام تفرض عليهم الجزية، والجزية عقاب.

    مع تحياتي
    ياسر
                  

07-04-2016, 07:34 PM

علاء سيداحمد
<aعلاء سيداحمد
تاريخ التسجيل: 03-28-2013
مجموع المشاركات: 17162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: ما تتحدث عنه لا يمت للدستور بصلة يا عزيزي علاء سيد أحمد..الشريعة الإسلامية لا تساوي بين الناس، فالمسلم لا يستوي مع غير المسلم في الحقوق، وبغير المساواة ليس هناك دستور، بالمعنى الحقيقي لكلمة دستور.


    كيف لا يمت للدستور بصلة يا ياسر ؟؟؟ الدستور الاسلامى يستمد مصادره من الكتاب والسنة واتيت لك بالادلة من القران فى ذلك وبالنسبة لغير المسلمين :رسم الله تعالى فى كتابه الكريم العلاقة مع غير المسلمين وقال : ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ . إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ 8-9 الممتحنة

    اذاً العلاقة : البــر والعـــدل .. .. وبالنسبة للجزية هذا حــق الهى فرضها سبحانه وتعالى عقوبة على المقاتلين المعتدين من أهل الكتاب، .. وفعلا هناك بعض التجاوزات والتفلتات من بعض المسلمين فى تعاملهم مع غير المسلمين ولكن هذه التجاوزات استثناء وليس قاعدة .

    (عدل بواسطة علاء سيداحمد on 07-04-2016, 11:42 PM)

                  

07-05-2016, 08:04 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: علاء سيداحمد)

    تسلم يا علاء
    الدستور لازمة من لوازم الحكم الديمقراطي. ونحن نعرف أن (كلمة "الديمقراطية" كلمة يونانية وهي كلمة يدلّ بها على: حكم الشعب بواسطة الشعب، لمصلحة الشعب..‏) (ولقد تطور مدلول هذه الكلمة بتطور مدلول كلمة الشعب‏..‏ فإن كلمة الشعب كانت تضيق، على عهد اليونان، فلا تشمل النساء، ولا العبيد‏.‏‏. ثم أخذ معناها يتسع، على مر الزمان، بفضل الله، ثم بفضل يقظة المستضعفين في الأرض، حتى أصبح، في آخر القرن الماضي، يشمل المواطنين جميعا من الرجال البالغـين سن الرشد ‏..‏ ثــم تداعـى التطور بكلمة الشعب هذه حتى أصبـح، في القـرن الحاضـر، عند البــلاد التي تــمارس الديمقراطية، يعني كل المواطنين، من رجال، ونساء منذ يبلغون سن الرشد..)..
    ما وضعته بين قوسين هو من كتابة للأستاذ محمود في "ديباجة" كتبها في أكتوبر عام 1984، وقد قصد بها أن تلحق بما سبق أن اقترحه في كتابه "أسس دستور السودان" الذي تحدث فيه عما أسماه بالدستور الإسلامي الصحيح، وهو لم يكن يقوم على نصوص صريحة من القرآن وإنما على فهم تطوير التشريع من مستوى الفروع في القرآن إلى مستوى الأصول فيه.

    أما الحال في الجزيرة العربية في وقت دولة المدينة وما أعقبها من امبراطوريات اسلامية فلم يكن فيها مفهوم "حكم الشعب بواسطة الشعب، لمصلحة الشعب" وإنما هي وصاية النبي عليه الصلاة والسلام أو الخليفة أو أمير المؤمنين، على المسلمين وغير المسلمين، ولذلك لم يكن الحكم ديمقراطيا. ولذلك جاز أن يقول النبي عليه السلام: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا عصموا مني أموالهم ودماءهم إلا بحقها وأمرهم إلى الله". أما الآية التي تفضلت بإيرادها فلا تعني أن غير المسلمين مساوون للمسلمين في الحقوق بأي حال من الأحوال.
    الشاهد أنك لو أردت أن تطبق منطوق القرآن في حق أهل الكتاب اليوم فستجد الآية عتيدة "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون"، فإما أن يسلموا أو يعطوا الجزية وإلا فالحرب والقتال.

    ياسر
                  

07-06-2016, 12:21 PM

علاء سيداحمد
<aعلاء سيداحمد
تاريخ التسجيل: 03-28-2013
مجموع المشاركات: 17162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: وقد قصد بها أن تلحق بما سبق أن اقترحه في كتابه "أسس دستور السودان" الذي تحدث فيه عما أسماه بالدستور الإسلامي الصحيح، وهو لم يكن يقوم على نصوص صريحة من القرآن وإنما على فهم تطوير التشريع من مستوى الفروع في القرآن إلى مستوى الأصول فيه.


    تحياتى الاخ / ياسر وكل عام وانتم بخيراستشكال الفكرة الجمهورية والالتباس والاختلاط نابع من تقسيم الاستاذ / محمود محمد طه القرآن الكريم الى قرآن اصول وهى الايات المكية وقرآن فروع وهى الايات المدنية ,,وبتقسيمه هذا يخالف الاستاذ / محمود اهل السنة والجماعة فى كثير من المسائل لانه يُلغى وبجرة قلم الاحكام فى القرآن المــدنى كله والتى تتحدث عن احكام ( الحج والجهاد والزكاة - الطـــلاق - تعــدد الزوجــــات - الحجــاب - الحرية وحقوق الانسان وغيره من الاحكام . واعتر هذه الاحكام منسوخة ) ..

    والذى جعل الاستاذ / محمود يذهب الى الحديث ان هناك فرق بين الشريعة الاسلامية وبين الدستور هو :ما اجاب عليه سائله الصحفى عبدالله جلاب واللقاء فى موقع الفكرة الجمهورية على الانترنت :

    Quote: (س) قلت : أنت تفرق بين الشريعة والدستور الاسلامي ؟؟(ج) الاسلام هو المعني الكبير الذي يحتويه القرآن. والقرآن يحتوي الاسلام في مستويين .. مستوى العقيدة .. ومستوى العلم .. أو مستوى الأيمان ومستوى الايقان .. وشريعته في البعث الأول أو الرســـالة الاولــــى تنزلت لمستوى الايمان لتخاطب أمة المؤمنين .. وأدخر شريعته في المستوى الثاني( اى : اى : الرسالة الثانية ) لتفصل في حينها فتكون كافية لتطلعات أمة المسلمين .. وشريعته في البعث الأول قامت على جزء من القرآن هو الآيات المدنية وأعتبرت هي صاحبة الوقت يومئذ ونسخت الآيات المكية …والفرق الأساسي فيما نحن بصدده من الدستور الاسلامي هو أن الآيات المدنية هي آيات وصاية والآيات المكية هي آيات مسئولية ، وانما يلتمس الدستور في آيات المسئولية وليس له وجود على الأطلاق في آيات الوصاية .



    من المستحيل ان نلتمس الدستــور فى ايـــات المسئولية اى : الايــات المكـية حسب تقسيم الاستاذ / محمود لانه وببساطة شديدة الايات المكية تتحدث عن العقيـــــدة وليس الدستور

    اهل السنة والجماعة يقولون بأن الايات المكية تتحدث عن العقيدة والايات المدنية عن الاحكـــام ..

    لتعديـــل حروف وكلمات متداخلة ..

    (عدل بواسطة علاء سيداحمد on 07-06-2016, 12:27 PM)

                  

07-06-2016, 12:42 PM

علاء سيداحمد
<aعلاء سيداحمد
تاريخ التسجيل: 03-28-2013
مجموع المشاركات: 17162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: علاء سيداحمد)

    Quote: يكفي أن الشريعة أمرت بقتل المرتد


    بالنسبة للردة لى راى واضح وصريح ومسنود بأدلة قوية انّ المقصود هم :

    من جمعوا بين الردة والمحاربة وهؤلاء هم الذين يجب قتالهم وعلماء الامة جميعا متفقون على قتلهم وقتالهم :

    ورأيى وبالادلة هنا فى بوست الاخ الاستاذ / هشام آدم ( حد الردة فى الاسلام )

    هـنـــــــا
                  

07-06-2016, 12:54 PM

علاء سيداحمد
<aعلاء سيداحمد
تاريخ التسجيل: 03-28-2013
مجموع المشاركات: 17162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: علاء سيداحمد)

    وخطأ تطبيق الشريعة الاسلامية او اختزال تطبيق الشريعة فى اقامة الحدود مثلا ( شريعة النميرى )
    او التطبيق الشائه والقبيح ( شريعة عمر البشير المدغمسة مثلا ) والبشير شخصيا هو القائل بان شريعتنا المطبقة مدغمسة
    لايعنى ان الشريعة الاسلامية احكامها مرعبة للناس مما يجعلهم يخافون انمـــا الخطأ كل الخطأ فى من يقومن بتطبيقها ..
                  

07-06-2016, 01:15 PM

أبوبكر عباس
<aأبوبكر عباس
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 3508

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: علاء سيداحمد)

    سلام ياسر والتحية عبرك للجميل همرور،
    لي زمن طويل أصبحت لا أرى في المحاولات التأويلية للنصوص، إلا كونها مؤامرة لطبخ شربات من فسيخ بائن
    إذا صمدت هذه المؤامرة في وجه نص، سوف لن تصمد في وجه الآخر.

    لماذا يا قصي، لا نأرشف هذه النصوص ونستفيد منها كعبرة تاريخية ليس أكثر؟
                  

07-07-2016, 10:50 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: أبوبكر عباس)

    سلامات يا ابو بكر عباس

    هناك مقولة حكيمة تقول ان الواقع أكبر من أي نص. وحكمة أخرى تقول ان الحقيقة هي الواقع.

    المؤكد الذي يكتشفه كل حكيم هو انه لا يصح إلا الصحيح.

    آيات الجهاد والقتال وأحاديث قتل المرتد إلخ هي عمليا أصبحت منسوخة، والمسألة مسألة وقت فقط ان يصير ذلك في حكم البديهة.

    ياسر
                  

07-06-2016, 01:31 PM

علاء سيداحمد
<aعلاء سيداحمد
تاريخ التسجيل: 03-28-2013
مجموع المشاركات: 17162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: علاء سيداحمد)
                  

07-07-2016, 01:32 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: علاء سيداحمد)

    سلامات يا علاء
    كنت أنا قد كتبت "يكفي أن الشريعة أمرت بقتل المرتد." لتأكيد أن الشريعة لا تعرف شيء إسمه الحق في الكفر، والآية التي تقول "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" هي آية منسوخة، بآية السيف، "فإذا انسلخ الأشهر الحرم..إلى آخر الآية" وقتل المرتد ظل من آية السيف. وأنت كتبت:


    ((بالنسبة للردة لى راى واضح وصريح ومسنود بأدلة قوية انّ المقصود هم :

    من جمعوا بين الردة والمحاربة وهؤلاء هم الذين يجب قتالهم وعلماء الامة جميعا متفقون على قتلهم وقتالهم :

    ورأيى وبالادلة هنا فى بوست الاخ الاستاذ / هشام آدم ( حد الردة فى الاسلام )))
    ـــــــــــ

    السعودية ومن تسميهم أنت بـ "أهل السنة والجماعة" يؤمنون بقتل المرتد، ولكن نسبة لضغوط دولية لم نرهم يطبقون حكم قتل المرتد في الوقت الراهن، وإيران أيضا نرى أنها لا تقدم على تطبيق هذا الحكم.
    ولهذا قلت في مداخلتي مع أبو بكر عباس أن الواقع أكبر من أي نص. انظر كيف أجبر الواقع المسلمين على التخلي عن مسألة الاسترقاق والجواري وملك اليمين مع أن نصوصه في القرآن موجودة وليست منسوخة بأي حال من الأحوال. نعم داعش تفعل كل ذلك، تقتل من تعتبرهم كفارا ومرتدين، وتسبي النساء وتبيعهم جواري في سوق الرقيق، لأنها تملك نصوصا من الشريعة تسمح بذلك، ولكنها بفعلها هذا إنما تعجل بزوالها لأنها تعمل خارج نبض العصر وواقع الحقوق الأساسية الذي أصبح من البديهيات.

    ياسر

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 07-07-2016, 01:54 PM)

                  

07-07-2016, 02:12 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: Yasir Elsharif)

    هذا الخطاب من الأستاذ محمود للدكتور توريز بوديت لا أجد أي ملل من تكرار وضعه مرة بعد الأخرى عسى أن يجد من لم يسبق له الاطلاع عليه فيقرأه، وهو هدية خاصة لصديقي محمد آدم..

    ــــــــــــــــــــــــــــــــ

    إعداد الإنسان الحر
    خطاب إلى الدكتور توريز بوديت مدير عام منظمة اليونسكو

    الخرطوم – 1953 – جريدة صوت السودان.
    ثلاثة أمور وردت في تقريركم، لست أبالي إن لم يرد فيه غيرها.. فهي حسبي، وحسب كل مفكر... ثلاثة أمور، وسيلتان، وغاية: أما الغاية فهي ((إعداد إنسان حر يعيش في مجتمع عالمي)).. وأما الوسيلتان فإحداهما: ((التعليم الجديد))، في قولكم: ((وغير أن ذلك يفرض على البشر أن يدركوا مسئوليتهم في عالم تلتحم فيه العلاقات الدولية، فتلقي على الأفراد واجبات عديدة، لا يعدهم للقيام بها إلا نوع جديد من التعليم))، وثانيتهما النظام العالمي الذي أشرت إليه إشارة بعيدة بعبارة: ((خطة مشتركة))، في قولك: ((إن البشر يعيشون في عالم قلق، لا يكفي فيه أن توفر الحكومات أسباب التربية، والعلوم، والفنون، والآداب، في نطاق قومي، بل أن تضع خطة مشتركة تضمن إمداد التقدم الإقتصادي، والإجتماعي، في العالم دون أن تنال من سيادة أمة، أو من خصائصها الثقافية.. فهي بذلك تستوحي المبادئ العالمية، وتقيم صرح السلام على أسس مستقرة قويمة)).. فأنت تريد أن تنجب الإنسان الحر، الذي يعيش في مجتمع عالمي.. وأنت، لكي تحقق ذلك، تريد نظاما، دوليا، مشتركا، وإن شئت فسمه حكومة عالمية.. وتريد، إلى ذلك، نوعا جديدا من التعليم.. هذا ما تريد.. ولا عبرة عندي بهذا الحذر الذي تبديه، عند الحديث عن الحكومة العالمية، بقولك: ((دون أن تنال من سيادة أمة))، فإنه حذر دوافعه يمكن أن تلتمس في هذا الحرص الشديد الذي يطالعك في تمسك كل أمة بسيادتها الداخلية – وإلا فإنك تعلم، كما أعلم، أن الحكومة العالمية لا تقوم إلا على الحد من سيادات الأمم..
    ثورة في الفكر

    إن التقدم العلمي، والصناعي، قد أحدثا ثورة في التفكير الإجتماعي، والسياسي، في عصرنا الحاضر – ثورة زلزلت أصول العقائد، والآراء الموروثة، واتجهت بالمذاهب الإجتماعية، والسياسية، إتجاها علميا.. وهذه الثورة لا تزال مشبوبة، تعتمل في الصدور، والعقول، إعتمالا عنيفا، ما أرى إلا أنه سينتهي، آخر الأمر، إلى نتيجة محتومة، هي أنه لا مندوحة للأمم التي تعمر هذا الكوكب الصغير الذي نعيش فيه من أن تدور في فلك واحد، على نحو ما تفعل الكواكب السيارة، في هذا النظام الشمسي، الذي ما كوكبنا هذا إلا قمراً من أقماره..
    هذه هي النظرية العلمية لأجرام العوالم المبثوثة في الفضاء القريب وفي الفضاء البعيد.. وهي هي النظرية العلمية للحيوات التي تعج بها تلك العوالم – الحياة جميعها، على اختلاف حظوظها من الحيوان، تسعى لغاية واحدة وفق قانون واحد..
    وحدة جغرافية

    وهذا الكوكب الصغير الذي تعيش فيه الإنسانية وحدة جغرافية، قد ربط تقدم المواصلات الحديثة السريعة بين أطرافه ربطا ألغى الزمان، والمكان، إلغاء يكاد يكون تاما، حتى لقد أصبحت جميع أجزاء المعمورة تتجاوب في مدى ساعات معدودات للحدث البسيط يحدث في أي جزء من أجزائه.. يضاف إلى ذلك، أن هذا الكوكب الصغير معمور بإنسانية واحدة، متساوية في أصل الفطرة، وإن تفاوتت في الحظوظ المكتسبة من التحصيل والتمدين.. فينبغي والحالة هذه، بل إنه، في الحقيقة، ضربة لازب، أن تقوم فيه حكومة واحدة، تقيم علائق الأمم على أساس القانون، كما تقيم حكومات الأمم – كل في داخليتها – علائق الأفراد على أساس القانون.. وذلك أمر مستطاع، بل هو أمر لا معدى عنه.. فإن المتتبع لتطور الحياة يعلم جيدا أن مسألة الوحدة العالمية هي نهاية المطاف المحتومة، في أوانها.. على كل حال، مسألة الوحدة مسألة زمن فقط.. وقد كانت عصبة الأمم، عقب الحرب العالمية الأولى، خطوة عملية في هذا الإتجاه.. وها هي هيئة الأمم الحاضرة خطوة أخرى.. ولا يزال، بيننا وبين الحكومة العالمية، خطوات، عديدات، واسعات.. فإن إستطاع المفكرون، المثقفون، من أمثالك دمجها في خطوة، واحدة، جريئة، رجونا أن تنجو الإنسانية من جوائح الحروب، وأن تفوز بمغانم السلام، والرخاء، من غير أن تنفق طويلا من الوقت، أو تدفع غاليا من الثمن.
    حكومة عالمية:

    ما الذي ينقص هيئة الأمم لتكون حكومة عالمية؟؟ ثلاثة أمور: الهيئة التشريعية العالمية، ومحكمة العدل العالمية، والسلطة العالمية التي توقع الجزاء، عند الإقتضاء.. وهذه الأمور الثلاثة ليست غائبة عنا غيابا مطبقا.. فإن لدينا منها النواة.. لدينا، مكان الهيئة التشريعية العالمية، القانون الدولي، وهو يقوم على العادات، والمعاهدات.. ولا يزال في المراحل الأولى من تطوره، وقد أخذ الفقه والقضاء يكونان مصدرين من مصادره.. ولدينا مكان محكمة العدل العالمية، محكمة العدل الدولية ((بلاهاي))، وهي هيئة تحكيمية، وحكمها غير ملزم.. وأما السلطة العالمية التي توقع الجزاء فهي الدول – كل واحدة محتفظة بكامل سيادتها – فإنها توقع ما جاء في ميثاق هيئة الأمم من عقوبات إقتصادية، وعسكرية، على من يخالف القانون..
    لا جرم أن كل هذه الهيئات بدائيات، بينها وبين الكمال ما بين الحكومات الوطنية الحاضرة وبين الحكومة العالمية – خطوات، عديدات، واسعات – إن تركت الإنسانية لتقطعها بأسلوبها المعهود من التطور الوئيد، نشبت بينها نواشب التغالب، فتضورت بالمجاعات، واصطلمت بالحروب، وولغت في الدماء، وأفسدت في الأرض فسادا كبيرا.. وليس على طلائع البشرية، فيما أعلم، واجب يشرفهم أداؤه أكبر من أن يعينوا الإنسانية على إجتياز هذه الخطوات، العديدات، الواسعات، إجتيازا هينا، يسيرا، سريعا، في وقت معا.. ولا يكون التطور هينا، يسيرا، سريعا، في وقت إلا إذا سار على حداء عقل مستهد جريء..
    لا بد من هيئة تشريعية عالمية تسن من القوانين ما ينظم علائق الدول ببعضها البعض، وتشرف على الهيئات التشريعية المحلية في الدول المختلفة، حتى لا تسن من القوانين ما يتناقض مع القانون الرئيسي الذي تسنه هي، والذي، بدوره، يجب ألا يتناقض مع القانون الأساسي الذي هو الدستور العالمي.. وبذلك تكون جهازا يربط بين قوانين الأمم المختلفة، الفرعي منها، والرئيسي، ويجعلها منسجمة في ضرب من الوحدة ينتظمها جميعا..
    ثم لا بد من محكمة عدل عالمية، تنظر في القضايا الدولية، فتصدر أحكاما تحترم، وتنفذ.. ولا بد، آخر الأمر، من سلطة عالمية، تنفذ أحكام القضاء.. وستنهض هذه السلطة من إندماج الدول الحالية في نوع من الوحدة، يأخذ من سيادة كل دولة ما يحد من سلطان الحدود الحاضرة، ويلغي الحواجز الجمركية القائمة، ويجعل الدول الحالية إدارات محلية، لا تتجاوز سلطتها تنسيق مجهود الجماعات المحلية المختلفة، في القطر الواحد، في كل، منسجم، مؤد إلى غاية بعينها، هي، في حقيقتها، نفس الغاية الإنسانية في هذا الكوكب.
    وقد جاء هنا ذكر الدستور العالمي، وليس له الآن وجود... فما هو؟ إنه لا يمكن أن يكون هناك دستور عالمي واحد إلا إذا قام على الأصول الثوابت التي تشترك فيها جميع الأمم، وجميع الأجيال، وتلك هي الأصول المركوزة في الجبلة البشرية، من حيث أنها بشرية، ذلك بان تلك الجبلة إنما هي نقطة الإلتقاء التي يتوافى عندها سائر البشر، بصرف النظر عن حظوظهم من التعليم والتمدين – وللطبيعة البشرية قانون كامن فيها هو ذاته صورة مضاهية لصورة القانون السرمدي الذي يهيمن على الظواهر الطبيعية، ويسيطر على القوى الصماء، التي تزحم الوجود، فلا يخلو مكان منها – هو صورة مضاهية لهذا القانون، ولكنها صورة معقولة، ملطفة، إنسانية، تفيض بالإنسانية والرقة واللطف..
    التعليم الجديد:

    فإذا ما تركنا أمر الحكومة العالمية عند هذا الحد ونظرنا في الوسيلة الأخرى، وهي التعليم الجديد، إستطعنا أن نستمد منها نورا يعين على تحديد الدستور العالمي المنشود..
    إن التعليم الحالي مضلل أشد التضليل.. وتضليله نتيجة حتمية للنظرة المعاصرة للحياة، وغايتها.. إنا نعيش الآن في عصر آلي، تغلغل أثر الآلة في جميع وجوه نشاطه، حتى لقد تعلم الإنسان أن يحترم القواعد الآلية، وأن يمثل الآلة في إنتاجه الأدبي، والفني، وأن يستمد مثله العليا من دقة الآلة، ومن قوتها، ومن صوتها الموقع، الموزون.. وتبع كل ذلك نظامه التعليمي.. فهو يحاول أن يخلق نفسه، بالتعليم والمران، آلة، آدمية، شديدة الدقة، موفورة الكفاءة، كثيرة الإنتاج.. وكذلك أصبح التعليم مهنيا في أغلب أساليبه..
    إن ((التعليم الجديد)) يجب أن يستمد من النظرة الجديدة إلى الغاية من الحياة الجماعية: ((إعداد إنسان حر يعيش في مجتمع عالمي)).. ((إنسان حر)) من هو؟؟ هو من حرر عقله، وقلبه، من رواسب الخوف، فنبه جميع القوى الكامنة في بنيته، فاستمتع بحياة الفكر، وحياة الشعور.. هذا هو الإنسان الحر، والتعليم المتوجه إلى إعداده يعني، في المكان الأول، بتحرير المواهب الطبيعية من الخرافات، والأباطيل الموروثة في العهود السحيقة..
    هناك شيء موروث من لدن درجت الحياة في ظلمات هذا الكوكب في الماضي السحيق، وهو متمكن من القلوب البشرية، رابض فيها، لا يريم.. ومنطقته منطقة حرام، محجورة، يقوم دونها ستار حديدي، لا يقل مناعة من ذلك الستار الحديدي الذي تقيمه روسيا بينها وبين العالم.. ذلك هو الخوف الذي صحب الحياة، من لدن فجرها، وسيرها، وحفزها على التقدم، والترقي، وفي نفس الوقت حال بينها وبين الكمال الرفيع الذي هو حظ مقدور للإنسانية.. ومع أن هذا الكمال حظ مقدور للإنسانية، فإنها لا تناله حتى تتحرر من الخوف تحريرا تاما، ذلك بأن الخوف هو رأس كل الرذائل، فهو سبب الفتك، والعنف، عند القوي.. وهو سبب الخديعة، والغش، عند الضعيف.. ومنشأ الخوف هو الصورة الخاطئة، الشائهة، التي كونتها في خلد الإنسان القسوة المستهترة التي تلقاه بها القوى الصماء في البيئة الطبيعية التي يعيش فيها..
    التحرر من الخوف

    فإذا ما أردنا أن نحرر الإنسان وجب أن نحرره من الخوف.. وجب أن نصحح تلك الصورة الخاطئة، الشائهة، التي قامت في خلده عن الحياة، وذلك بأن نعطيه صورة، صحيحة، كاملة، عن أصل الحياة، وعن قانونها، وعن غايتها، وأن نركز في خلده هذه الصورة الصحيحة عن أصل الحياة، وعن أصل الوجود المادي، الذي يحيط به، تركيزا تاما.. هذا أمر ضروري، ولا يغني غناءه شيء، إذا كان لا بد ((من إعداد إنسان حر)).. ولا عبرة بالتنظيم الإقتصادي، ولا بإتاحة المساواة للناس جميعا، إذا لم يوجد المنهاج التعليمي السليم الذي يخدم غرضنا في تصحيح تلك الصورة.. ذلك بأن المساواة الإقتصادية إنما هي وسيلة إلى الفراغ، ولا خير في الفراغ إلا إذا وجه توجيها، مرسوما مقدورا، معروف المصادر – والموارد .. الفراغ لا يصلح إلا للأحرار، فإنه لغيرهم مفسدة..
    القرآن للجميع

    ولكن أين نجد الصورة الصحيحة، عن أصل الحياة، وأصل الوجود؟؟ ذلك ما من أجله أكتب إليك.. إنك، لا بد، قد سمعت بالقرآن، وما يقال عنه من أنه كتاب المسلمين، وهذا غير الحق، فإن القرآن كتاب الإنسانية جمعاء، لأنه سيرة الحياة جمعاء.. هذا الكتاب هو قصة النفس البشرية الخالدة في الجوهر، المتقلبة في الصور المختلفة، في الأزمنة المختلفة، والأمكنة المختلفة.. فلم يمر عليها زمان قط، لم تكن فيه في مكان ما، تبحث عن الخلود.. تريد أن تكون خالدة في الصور، كما هي خالدة في الجوهر..
    هذه القصة الطويلة هي قصتي، وقصتك، وقصة كل فرد بشري، ولكنا جميعا نسيناها.. ومعنى أننا نسيناها أنها رسبت في العقل الباطن، ثم غطت عليها طبقة كثيفة من الأوهام، والمخاوف، التي ورثناها من عهود الجهل، والخرافات.. وليس لنا إلى السعادة من سبيل إلا بكسر هذه القشرة الكثيفة التي أحكمت سبكها، وافتنت في حياكتها، يد الخرافات، والأوهام، والمخاوف، التي حجبت صور العقل الباطن، من أن تنعكس على صفحة العقل الواعي، فتستجلي، بانعكاساتها، الحقيقة الكبرى – حقيقة الحقائق المحجبة بستائر الأنوار..
    وهذه القصة الطويلة التي نبتت في العقل الباطن مصنوعة من نفس المادة التي صنعت منها الأحلام.. ومن نفس المادة صنع القرآن.. وهو لم يصنع إلا ليذكرنا القصة – القصة العجيبة التي هي دورة كاملة من دورات الوجود، من تذكرها علم العلم الذي لا جهل بعده، وخلد الخلود الذي لا فناء بعده..
    إن وظيفة التعليم لا تتعدى تذكيرنا بهذه القصة، البتة.. ولذلك فالتعليم، في حقيقته، مجهود فردي، يقوم به كل رجل، وكل إمرأة، لتحرير المواهب الطبيعية – العقل، والقلب – من الأوهام التي تحول بينه وبين الحياة السعيدة – حياة الفكر، وحياة الشعور.. ولا يتعدى واجب الحكومة تنظيم الحياة الخارجية، على شكل يمكن الفرد، من رجل، وإمرأة، من أن يجد فيه أقل عدد من الصعاب، وأكبر قدر من التشجيع، في سبيل جهوده الفردية، في نيل الحرية – حرية العقل، والقلب.. فإذا كان ذلك حقا، فقد وصلنا إلى الدستور العالمي.. ونستطيع أن نقول عنه: أنه هو الدستور الذي يوفق بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، وحاجة الجماعة إلى العدالة الإجتماعية الشاملة..
    إن الفرد هو مدار الوجود.. وكل شيء مسخر له، بما في ذلك النظام الإجتماعي.. فما ينبغي أن يؤخذ من حريته إلا بالقدر الضروري لصيانة النظام، الذي، بدونه، لا يتيسر للفرد الجو الملائم لتحرير مواهبه.. هذا ما عن لي أن أقوله، لك وللإنسانية جمعاء، وهو قول أريد ان أقدم به إلى الإنسانية الكتاب – كتاب الخلود – القرآن..
                  

07-08-2016, 11:13 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49030

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العقل النصوصي وحرية الرأي في الفكر الديني (Re: Yasir Elsharif)

    مقال للباحث المصري محمود مراد محمد في موقع "مؤمنون بلا حدود"..

    ــــــــــــــــ

    محمود محمّد طه و"الرسالة الثانية من الإسلام"

    فئة : مقالات

    محمود محمّد طه و"الرسالة الثانية من الإسلام"

    مايو 2014
    بقلم محمود مراد محمد
    قسم: الدراسات الدينية
    حجم الخط -18+
    للنشر:
    AddThis Sharing Buttons
    إنّ أكثر ما يثير الحزن في نفس المفكّر أن يتمّ تشويه أفكاره عمداً، إذا لم تتماه تلك الأفكار مع مصالح الطبقات المسيطرة، بل وتهدّد بتقويض تلك السيطرة لحساب المعرفة الإنسانية. ولعل ما حدث مع الأستاذ محمود محمد طه الذي حلّتْ ذكرى وفاته في يناير (أعدم على يد نظام جعفر النميري في السودان في 18 يناير سنة 1985)، يُعتبر نموذجاً على ما يمكن أن يعانيه المفكر، عندما يهمّ بالخروج عن نمط التفكير السائد ومخالفة العقل الأوحد، إذ سيكون وقتها هدفاً لقوى الظلام التي ترى أنّ مصلحتها تقتضي تكريس الرجعية وتدعيم أسس الاستبداد التي تحفظ لها هيمنتها الثقافية والسياسية.

    شكّل محمود محمد طه تحدّياً أخلاقياً في مواجهة وُعّاظ السلاطين وفقهاء السلطة، ومحترفي التجارة بآلام الشعوب وتطلّعاتها، ولم تكن حادثة إعدامه سوى شاهد حيّ على مأساة بشرية ستكلل بحبل المشنقة، وهنا لم نجد تقريظاً لحياة الرجل سوى أن نردّد معه "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء"، وهو الحديث النبوي الذي كان يردده طه، ويكثر من الاستدلال به دوماً، ويحفظه عن ظهر قلب عملاً وقولاً، ليدفع حياته في النهاية ثمناً لتلك الغربة القاسية.

    الرسالة الثانية من الإسلام

    جاء كتاب "الرسالة الثانية من الإسلام" بمثابة حجر الزاوية في أفكار طه الذي عكف على تطوير أفكاره طيلة ثلاثين عاماً[1]، لينتهي إلى تصوّر جديد يخالف الرؤية التقليدية التي سادت لدى علماء عصره، وأفضت في محصّلتها النهائية إلى أنّ الآيات التي نزلت في صدر الدعوة الإسلامية بمكّة تمثل أصل القرآن. ففي هذه الآيات يبدو الإسلام ديناً متسامحاً ينبذ الإكراه، وهي الآيات التي بدأ بها النبيّ دعوته في مكة، ومثالها "وَقُل الحَقّ مِنْ رَبِّكُم فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ"، "فَذَكِّرْ إنّمَا أنْتَ مُذَكّر لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِر"، ويرى الأستاذ طه أنّ المعنيّين بتلك الآيات كانوا أقل قامة من ذلك الخطاب المتسامح، فهم قد رفضوا الدعوة وناوؤوها بالحرب والعصيان، وضيقوا على الدعاة وعذّبوهم حتّى الموت، وتآمروا على حياة النبي نفسه بالقتل، حتى اضطرّوه إلى الهجرة، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى آيات الفروع، وهي آيات الجهاد التي منها: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله"، ثم كان الحديث النبوي "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله..."، ويستمر الأستاذ طه في تطوير أفكاره حتى يصل إلى أن نسخ أصول القرآن بفروعه في القرن السابع الميلادي لم يكن إلغاءً نهائياً لأحكامه[2]، وإنّما كان مجرّد إرجاء لتلك الأحكام لادخارها في المستقبل،والسبب الذي يراه في ذلك هو النزول على حاجة وطاقة ذلك المجتمع، مشيراً إلى أنّه لو كان النسخ نهائياً لأصبح أحسن ما في ديننا منسوخاً بما هو أقل منه؛ أي أنّ السماح وهو خير من الإكراه، يكون قد نُسخ إلى الأبد بحكم أقلّ منه، منبّهاً إلى نقطة مهمّة تفضي إلى أنّ الأحسن في الشرائع ليس أحسنَ في ذاته، وإنّما يُقاس بملاءمته لحاجة المجتمع وظرفه التاريخي، وهذا ما حدث بالنسبة لآيات الفروع التي نزلت في المدينة، ونسخت آيات الأصول التي نزلت في مكّة نسخاً مؤقتاً فرضه السياق التاريخي للقرن السابع الميلادي، بما لا يعني تعميمه إلى الأبد خارج ذاك السياق، ولذلك فإنّ زماننا بحسب الأستاذ طه هو زمان بعث آيات الأصول، حيث "لا إكراه في الدين".

    نحو فهم جديد لآيات الأحكام

    أطلق الأستاذ طه على هذا التصوّر المفضي إلى استعادة روح الآيات المكية بـ"الرسالة الثانية من الإسلام"، وهي عنده الرسالة الأصل، وقد تضمن مؤلفه بضعة عناوين من بينها "الجهاد ليس أصلاً في الإسلام"، "عدم المساواة بين الرجال والنساء ليست أصلاً في الإسلام"، "الحجاب ليس أصلاً في الإسلام"، "تعدّد الزوجات ليس أصلاً في الإسلام"، وبذلك ألقى الضوء على كثير من آيات الأحكام التي لم تعد مناسبة لمتطلّبات العصر الحديث وتطوّر قيمه الروحية والجمالية، قاصداً من ذلك أن ينوّه بالطاقة الكامنة في التشريع الإسلامي، والتي تستطيع أن تستوعب المتغيرات الجديدة، إذا تمّ بعث "الأصول" دون "الفروع" التي شكّلت شريعة القرن السابع الميلادي، وهي الدعوة التي قضى فيها الأستاذ طه عمره، ليثبت أنّ النصوص التي جرى تطبيقها في القرن السابع الميلادي ذات طبيعة مرحلية، ولذلك هي لا تصلح لمسلمي اليوم، ويرى أنّ المَخْرَج كامن في الانتقال من نصّ فرعي في القرآن خدم غرضه حتى استنفده، إلى نصّ أصلي ظلّ مُدّخراً حتى يحين تطبيقه، وها هو ذا قد حان وقته اليوم، بشرط أن نتحرّك من شريعة الفروع وفقهها الذي تبعها طيلة القرون التالية لفجر البعثة إلى إحكام آيات الأصول المنسوخة، بما أنها القادرة على استيعاب طاقات وحاجات الحياة المعاصرة، ويورد الأستاذ طه مثالاً الآية: "واستشهدوا شَهِيدين من رجالكُم فإن لم يكونا رُجلين فرجلٌ وامرأتان ممن ترضونَ من الشهداء أن تضِلَ إحداهما فتذكِّر إحداهما الأُخرى"، فيعلّق قائلاً "إنّ هذه الشريعة السلفية عادلة وحكيمة، إذا اعُتبِر حكم الوقت...ولكن يجب أن يكون واضحاً، فإنّها ليست الكلمة الأخيرة للدين، وإنما هي تنظيم للمرحلة، يتهيأ بها"[3]، هكذا كانت أفكار طه متناسقة "إنّ الخلل ليس في الدين، وإنما هو في العقول التي لا يحرّكها مثل هذا التناقض لتدرك أنّ في الأمر سرّاً، هذا السرّ هو ببساطة شديدة أنّ شريعتنا السلفية مرحلية، وأنها لا تستقيم مع قامة الحياة المعاصرة، وأنها حتى تستطيع استيعاب هذه الحياة وتوجيه طاقتها الكبيرة، لابدّ لها من أن تتفق وتتطوّر وترتفع من فروع القرآن إلى أصوله".[4]

    ها نحن قد انتهينا من هذه الومضة السريعة عن واحد من الذين قدّموا حياتهم فداءً للكلمة، أملاً في أن يلتفت المثقّفون إلى أفكار طه، ليس فقط بإعادة إحيائها، وإنما أيضاً بوضعها على مِحكّ النقدوإعادة تقييمها، بعد أن عانى الرجل عقوداً من التجاهل حتى كادت تنزوي ذكراه، ولا يسعنا ونحن نختم كلمتنا عن الشهيد الأستاذ محمود محمد طه، إلاّ أن نستعير ما قالته الصحفيّة "جوديث ميلر"، المراسلة السابقة لصحيفة "نيويورك تايمز" في الشرق الأوسط، ضمن شهادتها التي ضمّها كتابها "لله تسعة وتسعون اسماً"، God Has Ninety Nine Namesعن واقعة إعدام طه، عندما كانت مُوفدة عن الصحيفة لتغطية الواقعة، حيث كتبت: "أحسست أنا أيضاً أنّ طه لم يُقتل بسبب يتعلق بنقص في قناعاته الدينية، وإنما بسبب من نقصهم هم".[5]

    1ـ أسماء محمود محمد طه، مقدمة كتاب نحو مشروع مستقبلي للإسلام، ط رؤية/ مصر/ 2012

    2ـ الرسالة الثانية للإسلام، ضمن المرجع السابق.

    3ـ تطوير شريعة الأحوال الشخصية، ضمن المرجع السابق.

    4ـ تطوير شريعة الأحوال الشخصية، ضمن المرجع السابق.

    5ـ المرجع السابق، المقدمة.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de