هل يمكن الحديث عن رواية «عرفانية» أو «صوفية»؟ إشكالية التجنيس والتصوير… «زمن ابن عجيبة» نموذجاً

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-12-2024, 01:56 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-06-2016, 11:09 PM

زهير عثمان حمد
<aزهير عثمان حمد
تاريخ التسجيل: 08-07-2006
مجموع المشاركات: 8273

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
هل يمكن الحديث عن رواية «عرفانية» أو «صوفية»؟ إشكالية التجنيس والتصوير… «زمن ابن عجيبة» نموذجاً

    10:09 PM March, 07 2016

    سودانيز اون لاين
    زهير عثمان حمد-السودان الخرطوم
    مكتبتى
    رابط مختصر

    «الرواية العرفانية» تركيب إشكاليّ في حد ذاته؛ هل يمكن للرواية أن تكون عرفانية أو صوفية؟ وهل ينبغي لها ذلك؟ ما المانع، أو الموانع، فنِّياً وجمالياً وأنطولوجياً، إن كان الجواب بالنفي؟ وما مسوغاتُ وجودها؟ وما هي حدودها الصنفية، وخصائصها في التمثيل والتصوير إن كان الجواب بالإيجاب؟ تدفعنا هذه الأسئلة المنهجية إلى اعتماد مقاربة استقرائية للموقفين المتعارضين، فنفحص حجج كل فريق وأسُسَه المعرفية والجمالية، وفق ما يسمح به المقام، مقارنين بين الطرفين، محاولين في الوقت عينه التوصلَ إلى صياغة تصوّر جمالي ومنهجي مخصوص، يتيح لنا مقاربة الرواية الموسومة بالعرفانية في بعدها الفني التشكيلي، وما يَصُوغه من رؤية للإنسان في علاقته بالمجتمع والكون. فأما الفريق الأول، المنكرُ لوجود ما يُصطَلح عليه بالرواية العرفانية أو الصوفية، فينطلق من نفيٍ قاطع لأي أساس أجناسي أو صنفيٍّ يمكن أن تنبني عليه تلك الرواية؛ ويصوغ موقفه الرافض وفق تصور أنطولوجي وجمالي يؤمن بأن الرواية جنس أدبيٌّ دنيويٌّ، يقوم على نسبية الحقيقة الإنسانية، وتحيين المطلق، وخرقِ المقدّس والمتعالي. ومن ثمَّ يقيم تقابلا بين الأجناس الأدبية «النبيلة» مثل الملحمة والتراجيديا والشعر الغنائي، حيث تُصوَّر الحقائق المتعالية، ويصبو الفكر الإنسانيُّ إلى المطلق، وبين الرواية باعتبارها جنساً أدبياً دنيوياً، مرتبطاً بحياة الإنسان، الآن، هنا، بتفاصيلها اليومية، وعدم اكتمالها. موضوعها الإنسان الماديُّ، الواقعيُّ، الاجتماعيُّ. في الرواية يهجر الإنسان عوالم الأساطير والآلهة والمطلق، ليشرع في صياغة أساطيره الفرديةِ الخاصة، أساطير الإنسان في هذا العالم. وإذا كانت التجربة الصوفية العرفانية تجربة ذاتية جوّانية تقوم، في تعريف الجنيد، على «تصفية القلب عن موافقة البريّة، ومفارقة الأخلاق الطبيعية، وإخماد الصفات البشرية، ومجانبة الدواعي النفسانية، ومنازلة الصفات الروحانية، والتعلق بالعلوم الحقيقية، واستعمال ما هو أولى على الأبدية »، فإن التعبير عنها «خروج من الذاتية والجوانية إلى الآخرين، هي عودة الصوفي من رحلته في «الأعماق» إلى «الآفاق». وهنا تقول سعاد الحكيم في معجمها الصوفي، «تأخذ هذه الجوّانية أشكالاً لدى التعبير عنها: تأخذ لغة الآخرين. وهنا على مستوى التعبير، تدخل العبارات والاصطلاحات والمفاهيم السائدة في زمن الخطاب، فيتناولها الصوفي ليعبِّر بها عن تجربته، في محاولة تواصل مع الآخرين». فهل يمكن للرواية، باعتبارها شكلا أدبياً تعبيرياً ينتمي إلى عصرنا هذا، زمنِ الخطاب، أن تندرج ضمن الأشكال التعبيرية التي يمكن أن يسلكها الصوفي للتعبير عن تجربته والتواصل مع الآخرين؟ إن التعبير عن الحقيقة الصوفية، باعتبارها تجربة داخلية، يطرح قضية «التعبير»، وتحرُّجُ الصوفيين من الحديث عن تجاربهم الروحية وما يصلون إليه من حالات الوجد والوصال والحلول والاتحاد مشهورٌ معلوم لدى أغلبهم. فكيف السبيل إلى التعبير عما يفوق الإدراك ويتجاوز العقل والحسَّ معاً ويتحدى المنطق والواقع؟ فالكاتب الفرنسي جورج باتاي، الذي اشتغل كثيراً في أعماله، تنظيراً وإبداعاً، بالتصوف باعتباره تجاوزاً للحدود والظاهر وبحثاً في الباطن والمطلق، يرى أن الحقيقة الصوفية «كانت ستظل غير قابلة للتواصل، لو لم يكن في إمكاننا أن نقاربها من طريقين: الشعر من جهة، ومن جهة أخرى وصفُ الظروف والمسارات التي توصل إلى تلك الأحوال الصوفية». ويقصد المفكر الفرنسي أن تعبير الصوفي عن تجربته وأحواله وما يصل إليه من حقائق لا يمكن أن يتم إلا بوساطة الشعر، حيث توفر لغة الشعر وصورُهُ وإيقاعاته بما تختزنه من إيحاء وانزياح ورمز وتنغيم، أداةً تعبيريةً ملائمة تومئ وتشير ولا تقرر أو تعيِّن، تلمِّحُ ولا تفصح. أما الطريق الثاني الذي يتحقق بوساطته التعبير عن الحقيقة الصوفية فيكمن في السرد؛ أن يضطلع المتصوف بسرد المسارات الحياتية أو الرحلة الذهنية والروحية التي قادته إلى حال التجلي والإشراق. ألا يمكن للرواية إذن أن تضطلع بوظيفة سرد المسارات الحياتية أو الرحلة الذهنية التي تفضي بالمتصوف إلى بلوغ عتبات التجربة؟ أليست تلك المسارات الحياتية والرحلة الذهنية ضرباً من البحث عن الحقيقة الذي تأسست عليه الرواية وشكّل نسغ نماذجها الرفيعة منذ «دون كيخوتة» إلى اليوم؟ أليست الرواية جنساً أدبياً منفتحاً على كل الأجناس الأدبية وكل فنون القول؟ تلك أسئلة منهجية كثيرة نحملها، أو نحمل بعضها، في هذه العجالة، إلى رواية الكاتب المغربي عبد الواحد العلمي «زمن ابن عجيبة»، لعلها تضيء بإبداعها بعض ما استشكل في التنظير. ولعل الكاتبَ كان واعياً بحدود الرواية الأجناسية والتعبيرية عندما عنون روايته بـ»زمن ابن عجيبة»، باعتبار الرواية جنساً أدبياً ممتدّاً، بأحداثه وشخصياته، في الزمان والفضاء. فالرواية، انطلاقاً من عنوانها، لن تخوض في تجربة ابن عجيبة الصوفية في حدِّ ذاتها، بل في علاقة ابن عجيبة بزمنه؛ بالأهل والناس والسلطة والعلماء والفقراء. غير أن مجرد سردِ ما جرى بين السارد وأبنائه وزوجاته وشيوخه، وما حدث له في أسفاره، قد يصنع سيرة، أو مذكرات، لكنه لا يصنع رواية. فالرواية بناء سرديٌّ محبوكٌ، متوترةٌ أحداثُه، متعالقةٌ شخصياتُه، في تصارع، في أفق تحقق رهانٍ محدد تسعى إليه الرواية. ورواية «زمن بن عجيبة» تفتتح بصراع متوتِّرٍ بين الذات والعالم. وينتج ذلك الصراع عن بحث يضطلع به السارد/الشخصية الرئيسة، غير أنه بحث مقلوب إذا قورن بموضوع البحث في جنس الرواية؛ فبطل الرواية، عادة، يبحث عن غزو العالم وامتلاكه، عن تحقيق رغبة، سواء كان موضوع تلك الرغبة علاقة عاطفية، أو مرتبة اجتماعية، أو طموحاً فنِّياً. بينما يقوم بطل الرواية هنا ببحث مقلوب روائياً، لأنه يسعى ويكافح من أجل أن يتخلص من الرغبة، من التملك المادي، ومن شرف المرتبة العلمية والاجتماعية. صراعٌ يتقابل فيه عالمان: الدنيوي (ممثلا في المال والأهل والناس والشرف …) والصوفي (ممثلا في التخلي والشيخ والفقراء والزاوية). فبطل رواية ابن عجيبة يحقق مبدأ التصوف الذي يقول بـ»التحلِّي عبر التخلِّي» «فبقدر ما يتفرغ القلب من العلائق تشرق عليه أنوار الحقائق، فمن يُفرغ قلبه من الأغيار يملأه الله له بالمعارف والأسرار». ولا يقِلُّ صراع التخلي حدّة وشراسة عن صراع رغبة التملك. يقول السارد/البطل: «كان تخلصي من رزقي وإفقار نفسي وأهل بيتي مجرد لعب عيال أمام ما أقدمتُ عليه. كذلك كان ما أمر به من خدمة للفقراء وغسل أثوابهم وإطعامهم بنفسي وتغسيلهم بالماء والصابون بيدي، بل إنني وجدتُ في ذلك لذة روحية ما بعدها لذة، لكنني والحق أقول كنت أحس أن هذه النفس الحقيرة ما تلبث تكتسب منابع للغرور من جديد وما تفتأ تجعل من المجاهدة فرصة للانبثاق والطغيان والسطوة». ويقف بنا السارد عند عتبة مجاهدة النفس وترويضها وإذلالها، ولا يأذن للقارئ في أن يتعدّى تلك العتبة؛ عتبة التجربة الصوفية في حد ذاتها. وحدها لغة الإشارة والرمز يمكنها الاقتراب من تلك التجربة. أما السرد الروائي فله رحلة البحث وجهاد النفس الموصلةُ إلى التجربة، وما يعقب التجربة عند عودة الصوفي من «الأعماق» إلى «الآفاق»، حيث يبدأ رحلة جديدة في عالم الناس متسلحاً بأنوار التجربة والحقيقة، ليقوم بمهمة «النصح لجميع الأمة»، وحينئذ يواجه البطل الصوفيُّ العالم، عالمَ الناس، المجتمعَ، والسياسةَ، والحكمَ، في المدينة والبادية. إنه «زمن ابن عجيبة» أو ابن عجيبة في مواجهة زمنه. وهكذا تتوالى في الرواية أحداث معاناة البطل سواء مع أهله، (فقدانُ أبنائه في وباء الطاعون، وتحمّله لمزاج زوجته ارحيمو العنيف المتقلب)، أو مع رجال المخزن وممثليه الذين لم يرقهم إقبال الناس على دعوة ابن عجيبة وطريقته، (مثال ذلك معاناة السارد ورفاقِهِ مع القائد الصريدي)، أو مع العلماء المتفيقهين المعادين لمذهبه أو الموالين للسلطان. وكأننا في الرواية أمام رحلتين؛ رحلة إصلاح الذات الفردية التي تقود عبر التخلي والتجرد إلى التحلي بالتجربة، ورحلة إصلاح الذات الجماعية التي تستغرق حياة الصوفي ولا تنتهي إلا بموته لملاقاة ربه. استطاع هذا العمل أن ينسج خيوط التواصل بين الرواية والتصوف بما يَحدث في بنائه وصيغ تعبيره من تلاقح بين الجانبين؛ فالخطاب الصوفي، وهو يقتحم عالم الرواية ورؤيتها للإنسان، لم يسلم من تعدديتها، أقصد تعدّد الأصوات في الرواية. فعلى الرغم من أن الصوت المهيمن في «زمن ابن عجيبة» هو صوت السارد البطل الصوفي، فإن هذا السارد لم يجد بدّاً في كثير من الأحيان من أن يتنازل عن صوت الحكي لشخصيات أخرى، تنتمي إلى عوالم مغايرة، وتجسد رؤى وتصورات مختلفة للعالم. بيد أن الرواية العرفانية أو الصوفية لا تتحقّق فنياً وجمالياً بمجرد استعارة بعض سمات التصوير الصوفية من قبيل المعجم والرمز والكرامة والمنامات، حيث يظل ذلك التحقق مشروطاً بقدرتها على خلق صورة جديدة للبطل، أو خلق بطل جديد يتميّز عن صور الأبطال في الأصناف الروائية المغايرة. إن تميّز بطل الرواية العرفانية يتمثل في طبيعة الرؤية التي يصدر عنها، سواء في علاقته بالعالم أو علاقته بالشخصيات الأخرى؛ فإذا كان بطل الرواية الغربية يصدر في أفعاله عن رغبة في التملك وغزو العالم، ويبحث عن قيم نبيلة لكن في واقع منحطٍّ بتعبير «لوكاش»، فإن بطل الرواية العرفانية يبحث عن قيمه ليس في العالم الخارجي، بل في ذاته، عبر تجربة صوفية داخلية تأخذه إلى أعماق الروح، ولا يصل إلى أعتاب تلك التجربة الروحية إلا عندما يتخلى عن العالم؛ عن الرغبة في التملك، والرئاسة، والتميّز، والتفوق، والتمتع بلذائذ الحياة المادية.

    * كاتب من المغرب مصطفى الورياغلي العبدلاوي

    02qpt869.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de