***** أحرموني و لا تحرموني محمد ود الرضي و أكثر من مؤدي *****

سودانيز اون لاين
ABUHUSSEIN-السعودية الرياض
مكتبتى
رابط مختصر

أهلاً و مرحب بيك في جمال الفن الذي أنت جزء منه و من مدينة عرفت بفنها و فنانينها

يديك ألف صحة وعافية

تحياتي و إحترامي

الله يديك العافية

كالعادة كل مداخلة ليك فيها الجميل و المفيد

دائماً طلتك تحمل البهجة و السرور و تفرح النفس

ربنا يسعدك دنيا و آخرة

تحياتي و إحترامي

ربنا يكرمك دنيا واخرة

طالما الحديث عن احرموني وود الرضي نضيف الفذلكة التالية عن هذا الشاعر الفذ وهي بقلم ابنه الطيب محمد الرضي

الشاعر محمد ود الرضي

بقلم الطيب محمد الرضي

ولد الشاعر محمد ود الرضي بالعيلفون عام 1885م من أب ينتسب الي قبيلة العسيلات (الرفاعيين) وام تنتسب الي اسرة الولي الصالح الشيخ ادريس ود الارباب (المحس) بالعيلفون نشأ وترعرع بالعيلفون تلقي أول جرعات المعرفة بخلوة الشيخ الادريس ود الارباب بالعيلفون ثم انتقل مع والده الي ام ضوابان فاكمل حفظه للقران الكريم بخلوة الشيخ العبيد ود البدر علي يد الخليفة حسب الرسول ودبدر.

قرض الشعر وهو طالب بالخلوة ولم يكن قد تجاوز العاشرة من عمره تأثر في بدايته الشعرية بالنمط الشعبي المسمى بالدوبيت نظما متغزلا ومادحا وواعظا ومرسلا بعض الحكم وله في ذلك قصص كثيرة تروي ووقفات مع الخليفة حسب الرسول ودبدر الذي اطلق عليه لقب تنبيه الغافلين.

دفعته عبقريته الشاعرية ونبوغه المبكر ان يخط لنفسه اسلوبا جديدا ونمطا مغاير للنمط السائد خاصة في مجال الشعر الغنائي والنسيب فقد كان الطنابرة يتغنون بالبيت الواحد او البيتين مع التكرار معتمدين علي الايقاع الصاخب والمثلثات والعصي مع الصفقة بالإضافة مع الاصوات القوية الصادرة من الحناجر بنغمات ومتناغمة علي ثلاث اصوات الخفيف الوسطاني والتقيل وكل له وزنه الخاص به وايقاعاته مثال لذلك التقيل

خوجلي ابو الجاز للمروقل وفاز

الحور جنا الذوات ود اصال وعزاز

اخذ من الطنابرة اسلوبهم فنظم عليه قصائده الطوال التي حالما تلقفها الفنانون وشدوا بها ابداعا وترنيما في مقدمتهم الفنان عبدالله الماحي فذاع صيتها وبدأت بها شهرة ود الرضي الغناي واولي قصائده في هذا المجال قصيدة جاري فتبعتها قصيدة ود وهب وجده وصرت كالفاني وغيرهن.

اشتغل ود الرضي في بداية حياته العلمية في الزراعة وكان يقوم بزراعة الجروف والسواقي علي ضفاف النيل الازرق بقرية ام تكالي موطن ومقام والده اما في فصل الخريف فكان يقوم بزراعة الباجة بأم تكالي ايضا وهي مساحة محددة من الاراضي يعتمد في الزراعة فيها علي نجاح فصل الخريف.

كبر شاعرنا وكبرت معه مسئولياته, اخذ ينظر الي الحياة نظرة مستقبل مرجو والي المستقبل نظرة شاعر طموح لا يالوا جهدا في سبيل ان يتبوا مكانة اسمي, لم يرضي طموحه عمله كمزارع صغير فشد عصا الترحال في اول هجرة له الي العاصمة حاملا معه سلال القرع متلفحا بالتوب وهو الزي المعروف في تلك المنطقة.

تعرف اول ماتعرف من الشعراء في العاصمة بالشاعر احمد حسين العمرابي الذي كان يعمل ترزيا في دكان والده نمت بينهما علاقة صداقة متينه ساقته الي مجالس الشعراء فتعرف علي العبادي الذي اوصله بدوره الي بقية الي بقية الشعراء البارزين امثال الشاعر ابوصلاح والشاعر المطبعجي والشاعر مصطفي بطران وغيرهم واخذ يؤم مجالسهم ومنتدياتهم الشعرية التي كانت تقام بالمقاهي ومنازل التجار المشهورين بالخرطوم وام درمان.

وكان كل شاعر يرغب في الانضمام الي سلك الشعراء عليه بالخضوع لامتحان يضعه احدهم فتعين ود الرضي ذلك فنظموا له مربعا في حرف (الزاي) مع تكرار الحرف داخل المربع امعانا في التعجيز قيل ان ناظمه الشاعر عكير الدامر وقيل العبادي ونحن نرجح العبادي لما عرف به هذا الشاعر من سلالة في اللسان وقوة في السبك يقول المربع

عكت جات تميل من الارض خزازه

زينت الخلقة داب ماحسبن بزازه

دارت ليها داروه الفي الرزم عام زازه

شفنا الدقة والزرزور فصل حزازه

فلم يتردد ود الرضي بل اخذ القلم وكتب علي التو:

قاده غزيز زراقه زاولنا جيده غزازه

صارت تعترينا جنان وصرنا جزازه

صرنا كزي زوال والقلب زاب واتزازه

زارت الزام زبرجده من فميله عزازه

هالتهم شاعريته وسرعة خاطره فأجازوه بالإجماع وانخرط في عقد الشعراء من حينها اخذ يتردد علي منتدياتهم وكان دوامه الدائم منتدي شعراء الخرطوم بدكان الفاضل الشيخ ومنتدي قهوة الواثق ثم قهوة حسن خليفة وغيرهم في ام درمان المقاهي المشهورة مثل قهوة شديد وود اللغا وغيرها وفي منازل الاعيان والتجار مثل منزل التاجر المعروف عباس رشوان والتاجر شلقامي ويؤمها الشعراء والفنانين ومن الطبيعي ان ينسجم معهم وتصبح له مكانه بارزة بينهم.

التقي بالمطربين وتعرف عليهم فغني لهم سرور دمع المحاجر قرن اولي قصائده وغني له عبدالله الماحي قصيدة حبابو للكدر زايل والسلام ياروح البدن كما غني له ابراهيم عبدالجليل احرموني ويلوحن لي حمامتن وفي عهد ازدهار الحقيبة وسموقها اشتهر ود الرضي بالرميات التي لايكاد ينافسه فيها احد الشعراء وكانت تجد الاستحسان عندهم وعند الفنانين.

اخذ ود الرضي يتردد عند احياء العاصمة حاملا سلال القرع ولكن نفسه القلقة لم تتركه يهنأ ولم يهدأ له بال ولم يستقر له مقام فاخذ يتحين الفرص حتي لاحت له فرصة العمل في خزان مكوار (سنار) وقيل سيق لأمر سياسي وقيل لأمر اجتماعي وقيل للاثنين معا وعمل بخزان مكوار حتي انشائه عام 1919م وفي وظيفة رئيس طلبة فكان ذلك مفتاح لما تمني ووسيلة لمستقبل يرجو الا ان القدر كان له بالمرصاد وكانه لم يرد له ان يهنا فلم يطب له المقام في مكوار اذ لم يجدها كما تصور وخاصة ان طبيعة عمله الجديد تتطلب وجود علي استمرار بعيدا عن الاحياء السكنية والتجمعات السكانية فعاش ليال موحشة افتقد فيها لياليه السامرة فكتب:

مكوار الظلام بي ظبية ماضفتينا

ولا بي طيف خيال الناعسات طفتنا

لسنا من عسكرك لو تنصفي ترفتينا

والمستاذي يؤجر صبر يامفتينا

لاقي في الشفاء الوانا وزاق ومن معه صنوف العذاب ومرارة الغربة فبكي الفراق واشتاق المزار فنذر نذرا ضمنه قصيدة متي مزاري.

وفي غربته هذه وعذاباته تلك يعالج بالشعر مرارة الاغتراب ويناجي في لياليه خيالات الحبيب اتته رسالة من صديقه ورفيق دربه عباس ود كندوري مشفوعه بفوطه من الكوستر الجميل مملؤة بالكعك والخبيز وبعض الحلوي من احبائه بأم ضوابان اثرت هذه الرسالة في نفس الشاعر واثرت قريحته فنظم قصيدة مشيرا فيها لصديقه عباس بحرف العين

ياع شوقت قلبي وهن دموعي يصبن

ياع تركتني وكاني ملقي في جبا

تزكاركم ايا ع بفاكهة وابا

الله والكوستر كدت ابلعه حبا

يشده الشوق الي احبائه والحياة التي تركها ولم يجد متنفسا ينفث به ما في صدره سوي الشعر والمناجاة وحلو الاماني فتلوح له في الافق حمائم فيناجي ويصدح وتهمي دموعه حرى .. يلوحن لي حمامتن ....ومن ثم لم يجد له ملاذا سوي ان يحمل الطير رسائله ونفاثة صدره

ياطير ان مشت سلم علي البنحبه

وخص بذلك ناس المقرط حبو

قول ليهم مكوا رمجينا ولارحب بو

والبطيخ بعد ماناكلو بنقش رحبو

هكذا عاش اياما قلقا لا يهدأ له بال ومغتربا يرجو العودة قضي علي هذا الحال مايجاوز العامين عاد بعدها علي اجنحة الشوق محملا بأجمل الهدايا وارقي العطور والاماني والطيبات ولكن للأسف يجد القدر قد خبا له من جديد لتقابله زوجة سافرت دون وجهه حياء ودون احترام لرباط الزوجية فهاله الامر واصيب بصدمة وخيبة رجاء اذ علم انها طلقت منه فكتب متاسيا

تاريهم النجوس دار الحلب نزلوها

اوصاف الرزالة علي النسيب بذلوها

على إيدن براهم طبعتن عزلوها

ان غبت ساعة تلقي مخدتك غزلوها

هجر الزواج وفكرة الزواج سنينا طويلة رغم الحاح ذويه وفي عام 1938م اقتنع ود الرضي بالزواج فتزوج بتول ابنة محمد علي موسي واسس لها منزلا كبيرا بأم تكالي ليكون بجوار والده.

لم يقم بأم تكالي طويلا اذ حكمته ظروف العمل للرحيل الي ام ضوابان فعاش بقية عمرهما هناك وانجبا من البنات اثنتين رحمة والدلسة ومن البنين اثنين الطيب والرضي وكان الزمن لايريد له الهنا ولا حياة الاستقرار ففاضت روح زوجته عام 1951م فحزن عليها حزن عميقا ولم يفكر بعدها في الزواج الي ان توفاه الله فعاش علي ذكراها وكتب وغني

ست البيت بريدها براها

ترتاح روحي كل ما أطراها

ان الفترة الاولي من حياته تركت علامات عميقة اتسمت بها شخصيته فيما بعد جعلته يستفيد من تنقله بين القري والبادية ومخالطته لسكانها مما زادت به تجاربه في الحياة وفتحت افاق نفسه علي معالم من حياة جديدة حتي انقاد له الشعر علي الفطرة لواءه مجددا ورائدا واستطاع زملائه شعراء الحقيبة العبور بالشعر الغنائي من مجال الدوبيت الذي كان ينتظمه آنذاك الي القصائد الطوال ذات المضمون والمدلول فكانت تجربة رائده وناجحة.

وبعد.... فان الحديث عن هذا الشاعر علي دربه الطويل الذي بدأه ليطول حتي يصير عمرا هو مجموع ماقطعه الشاعر عن حقبة زمنية تحكي عن تاريخ هذه الامه الفني والادبي والثقافي والاجتماعي وان الحديث ليتشعب ويزداد لو انسرح القلم ليسجل بعد ذلك التاريخ الشعري ليربط بين النشأة والممارسة في حياة ذلك الشاعر التي امتددت حتي مساء الجمعة 28 ربيع الثاني 1404هـ الموافق 12 فبراير 1982 ففي مساء ذلك اليوم الحزين اسلم ود الرضي روحه الطاهرة الي باريها وورد جسده الثري بام ضوابان في موكب باك وحزين.