التأمين التجارى حلال ام حرام ... تحديدا ما هو راي المالكية فى ذلك ... ؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-09-2024, 05:59 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-10-2016, 06:06 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
التأمين التجارى حلال ام حرام ... تحديدا ما هو راي المالكية فى ذلك ... ؟

    05:06 PM Jan, 10 2016

    سودانيز اون لاين
    احمد حامد صالح- بماكو مالى
    مكتبتى
    رابط مختصر

    الفصل الأول : حكم التأمين التجاري ( التأمين بقسط ثابت ) :


    ذكرنا في الباب الأول حقيقة التأمين التجاري ، وأركانه ، وأسسه الفنية ، وآثاره ، ونذكر هنا حكمه الشرعي وآراء الفقهاء المعاصرين فيه ، وأدلتهم .


    ومن المعروف أن عقود التأمين لم تكن موجودة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا في عصر الخلفاء الراشدين ، ولا في عصور المذاهب الفقهية ، وإنما نشأت خلال القرون الأخيرة .


    استعراض تأريخ الفتاوى الخاصة بالتأمين :


    وقد صرت حوله مجموعة من الفتاوى والآراء الكثيرة بين الحل المطلق والتحريم المطلق ، أو التفصيل فيه ، كما صدرت بعض الفتاوى التي يظهر منها أنها لا تنطبق على التأمين ، وإنما صور لأصحابها أن التأمين عبارة عقد المضاربة ، فصدرت الفتوى بأن عقد المضاربة مشروع ، كما صدرت بعض الفتاوى التي بينت على أن التامين لبض الحالات ضروري ، فصدرت الفتاوى المؤقتة المرتبطة بهذا الاعتبار ، وهكذا... .


    ولذلك أرى من الضروري لاستيضاح هذه الفتاوى والآراء الخاصة بالتأمين مع بيان ظروفها وملابساتها التي أحاطت بهذا قدر الإمكان .



    1. أولى الفتاوى الصادرة : في اعتقادي أن أولى الفتاوى في هذا الصدد هو الفتوى التي صدرت من العلامة أحمد بن يحيى المرتضى (ت840هـ) حيث جاء في كتابه القيم : البحر الزخار : أن ضمان ما يسرق أو يغرق باطل[1] .


    وهذا الجواب ينطبق تماماً على التأمين البحري ، والتأمين ضد الحريق ، وقد أشار بعض الباحثين إلى أن هذا الاحتمال لا يعضده أي دليل قوي على أن موضوع التأمين كان معروفاً في هذا العصر بين الفقهاء المسلمين[2] ، ولكن الذي يظهر أن هذا الاحتمال وارد مقبول ولا سيما أن التأمين البحري كان موجوداً ومنتشراً في الغرب قبل عصر العلامة ابن المرتضى ، وأن اليمن تطل على البحر ، وكان لها ميناء بحري يتعامل مع العالم الغربي الذي كان التأمين البحري فيه سائداً ، وبالتالي فلا يستبعد أن يرد السؤال عنه ، فيجيب عنه ـ كما رأينا ـ .


    وإذا أثبت هذا فإن أول عالم تطرق إلى أحكام عقود التأمين بصورة مجملة هو العلامة أحمد بن يحيى المرتضى ، ولكن الذي لا غبار عليه هو أن أول فقيه تحدث عنها هو العلامة ابن عابدين[3] (ت1252هـ) في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" حيث قال : (وبما قررنا ـ من عدم جواز اخذ مال الكافر الحربي بعقد فسد ، وجوازه في دار الحرب رضاه ولو بربا ـ يظهر جواب ما كثر السؤال عنه في زمننا ، وهو أنه جرت العادة أن التجار إذا استجأورا مركباً من حربي يدفعون له أجرته ، ويدفعون أيضاً مالاً معلوماً لرجل حربي مقيم في بلاده ، ويسمى ذلك المال سوكرة على أنه مهما هلك من المال الذي في المركب بحرق أو غرق أو نهب او غيره فذلك الرجل ضامن له بمقابلة ما يأخذه منهم ، وله وكيل عنه مستأمن في في دار يقيم في بلاد السواحل الإسلامية بإذن السلطان يقبض من التجار مال السوكرة ، وإذا هلك من مالهم في البحر شيء يؤدى ذلك المستأمن للتجار بدله تماماً) ثم قال : (والذي يظهر لي انه لا يحل للتاجر أخذ بدل الهالك من ماله ، لأن هذا التزام ما لم يلزم.....) ثم بعد مناقشة جادة لعدة أفكار حول هذا الموضوع قال : (فاغنمه فإنك لا تجده في غير هذا الكتاب)[4] .


    وقد ناقش ابن عابدين بعض الشبهات التي أثيرت ، فقال : (فإن قلت أن المودع إذا أخذ أجرة على الوديعة يضمنها إذا هلكت قلت مسئلتنا ليست من هذا القبيل لأن المال ليس في يد صاحب السوكرة بل في يد صاحب المركب وإن كان صاحب السوكرة هو صاحب المركب يكون أجيراً مشتركاً قد أخذ أجرة على الحفظ وعلى الحمل وكل من المودع والأجير المشترك لا يضمن ما لا يمكن الاحتراز عنه كالموت والغرق ونحو ذلك فإن قلت سيأتي قبيل باب كفالة الرجلين قال لآخر اسلك هذا الطريق فإنه آمن فسلك وأخذ ماله لم يضمن ولو قال إن كان مخوفاً وأخذ مالك فأنا ضامن من ضمن وعلله الشارح هناك بأنه ضمن الغار صفة السلامة للمغرور نصاً أي بخلاف الأولى فإنه لم ينص على الضمان بقوله فأنا ضامن وفي جامع الفصولين الأصل أن المغرور إنما يرجع على الغر لو حصل الغرور في ضمن المعاوضة أو ضمن الغار صفة السلامة للمغرور فصار كقول الطحان لرب البر اجعله في الدلو فجعله فيه فذهب من النقب إلى الماء وكان الطحان عالماً به يضمن إذ غره ضمن العقد وهو يقتضي السلامة ، قلت لا بد في مسئلة التغرير من أن يكون الغار عالماً بالخطر كما يدل عليه مسئلة الطحان المذكورة وأن يكون المغرور غير عالم إذ لا شك أن رب البر لو كان عالماً بنقب الدلو يكون هو المضيع لما له باختياره ولفظ المغرور ينبئ عن ذلك لغة لما في القاموس غره غراً وغروراً فهو مغرور وغرير خدعه وأطمعه بالباطل فاغتر هو ولا يخفى أن صاحب السوكرة لا يقصد تغرير التجار ولا يعلم حصول الغرق هل يكون أم لا وأما الخطر من اللصوص والقطاع فهو معلوم له وللتجار لأنهم لا يعطون مال السوكرة إلاّ عند شدة الخوف طمعاً في أخذ بدل الهالك فلم تكن مسئلتنا من هذا القبيل أيضاً نعم قد يكون للتاجر شريك حربي في بلاد الحرب فيعقد شريكه هذا العقد مع صاحب السوكرة في بلادهم ويأخذ منه بدل الهالك ويرسله إلى التاجر فالظاهر أن هذا يحل للتاجر أخذه لأن العقد الفاسد جرى بين حربيين في بلاد الحرب وقد وصل إليه مالهم برضاهم فلا مانع من أخذه وقد يكون التاجر في بلادهم فيعقد معهم هناك ويقبض البدل في بلادنا أو بالعكس ولا شك أنه في الأولى أن حصل بينهما خصام في بلادنا لا يقضي للتاجر بالبدل وإن لم يحصل خصام ودفع له البدل وكيله المستأمن من هنا يحل له أخذه لأن العقد الذي صدر في بلادهم لا حكم له فيكون قد أخذ مال حربي برضاء وأما في صورة العكس بأن كان العقد في بلادنا والقبض في بلادهم فالظاهر أنه لا يحل له أخذه ولو برضى الحربي لابتنائه على العقد الفاسد الصادر في بلاد الإسلام فيعتبر حكمه هذا ما ظهر لي في تحرير هذه المسئلة)[5].


    وخلاصة ما يدل عليه كلام ابن عابدين أن عقد التأمين بصورته الراهنة باطل ، لكنه إذا وقع في ديار غير الإسلام فإنه يجوز للمسلم أن يأخذ بدل الهالك من الكافر الحربي إذا رضي بناء على رضاه ، وليس على كون العقد صحيحاً [6]، وهذا رأي أبي حنيفة ومحمد في أموال الحربي في دار الحرب [7].


    ولا شك أن هذه التفرقة بين بلاد الإسلام وغير الإسلام في أحكام المال غير مسلمة خالف فيها أبو حنيفة ومحمد جماهير الفقهاء من المالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، وأبي يوسف ، وبعض فقهاء الحنفية...الذين أوجبوا على المسلم الالتزام بأحكام الإسلام حيثما كان[8] .


    2. أسند إلى الشيخ محمد عبده القول بالجواز : ولكن التحقيق هو أن فتواه حول جواز المضاربة ، وليست حول التأمين ، وهذا نص ما هو مذكور في دار الإفتاء المصرية : (المستر هوررسل مدير شركة ميوتوال ليف الأمريكية استفتى دار الإفتاء بمصر في رجل يريد أن يتعاقد مع جماعة (قومبانية) مثلاً ، على أن يدفع لهم مالاً من ماله الخاص على أقساط معينة ليعملوا فيها بالتجارة ، واشترط عليهم : أنه إذا قام بما ذكر ، وانتهى زمن الاتفاق المعين ، بانتهاء الأقساط المعينة ، وكانوا قد عملوا في ذلك المال ، وكان حياً ، أخذ ما يكون له من المال ، مع ما يخصه من الأرباح ، وإذا مات في أثناء تلك المدة يكون لورثته ، أو لمن له حق الولاية في ماله ، أن يأخذوا المبلغ ، وتعلق مورثهم مع الأرباح فهل مثل هذا التعاقد ـ الذي يكون مفيداً لأربابه ، بما ينتجه لهم من الربح ـ جائز شرعاً ؟ نرجو التكرم بالإفادة .


    فأجاب الأستاذ : الإمام محمد عبده ، في شهر صفر سنة 1321هـ / إبريل 1903م بقوله : لو صدر مثل هذا التعاقد بين ذلك الرجل ، وهؤلاء الجماعة ، على الصفة المذكورة كان ذلك جائزاً شرعاً ، ويجوز لذلك الرجل بعد انتهاء الأقساط ، والعمل في المال وحصول الربح ، أن يأخذ ـ لو كان حياً ـ ما يكون له من المال ، مع ما يخصه من الربح وكذا يجوز لمن يوجد من بعد موته ، من ورثته أو من له ولاية التصرف في ماله بعد موته أن يأخذ ما يكون له من المال ، مع ما أنتجه من الربح . والله أعلم) .


    وبهذا يتبين أن الإمام محمد عبده سُئل عن صورة مضاربة صحيحة بالاتفاق فأجاب بالصحة والجواز ، ولم يتطرق إلى حكم التأمين لا من قريب أو بعيد ، ولذلك يقول الشيخ محمد أحمد فرج السنهوري رحمه الله : ( وأيا ما كان ، فإن الأستاذ الإمام ليست له فتوى ، ولا رأي معروف في أي نوع من أنواع التأمين .... )[9] .


    3. قرار محكمة مصر الشرعية الكبرى عام 1906م : في 4 ديسمبر 1906م قررت محكمة مصر الشرعية الكبرى أن دعوى المطالبة بمبلغ التأمين على الحياة (دعوى غير صحيحة شرعاً ، لاشتمالها على ما لا تجوز المطالبة به شرعاً) ثم أقرت المحكمة العليا الشرعية في الاستئناف المرقم 51 المقدم في 24 ديسمبر 1906م بصحة القرار الصادر من المحكمة الكبرى ، ورفض الاستئناف ، وأن الاستئناف غير مقبول[10]،وتكرر مثل ذلك في المحكمة العليا الشرعية في28 مارس 1931م.


    وقد بنت المحكمتان الرفض على أساس المخاطرة التي لا تجوز شرعاً .


    4. رأي الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية عام 1906م : حيث ذكر في رسالته (أحكام السوكورتاه) التي طبعت عام 1906م ، ان عقد التأمين فاسد ، وأن سبب فساده يعود إلى الغرر والخطر ، وما فيه معنى القمار .


    5. قرار المجلس الأعلى للأوقاف : كان المجلس الأعلى للأوقاف يرفض بصورة مستمرة ومتكررة التأمين على الأعيان الموقوفة بناءً على رأي أعضائه على التوالي من كبار العلماء أمثال الشيخ سليم مطر البشري الفقيه المالكي والمحدث الكبير شيخ الأزهر ، والشيخ حسونة النواوي الفقيه الحنفي شيخ الأزهر ، والشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية ، والشيخ بكري عاشور الصرفي الفقيه الحنفي مفتي الديار المصرية ، والشيخ محمد بخاتي الفقيه الحنفي مفتي ديوان الأوقاف ، الذي حينما أراد مقدم المذكرة بالتأمين على الأعيان الموقوفة ضد الحريق رفض عرضها عليه ، وقال : (إن الشركة المؤمنة تقع تحت حكم الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ....) وحينما ألح مقدم هذه المذكرة على الشيخ ليلقي نظرة على المذكرة قال له الشيخ : (قسماً بالله العظيم : إن أنت قدمتها لي ، لأضربن بها عرض الحائط)[11] .


    يقول الشيخ محمد فرج السنهوري : ( والمروى عن شيوخنا الأربعة الكبار ـ أي المذكورين آنفاً ـ هو عدم جواز التأمين على الأعيان من الحريق .... وما أعلنه الشيخ بخاتي (مفتي الديوان وثيقة الصلة بهم) ان رأي الجميع واحد ، وأن عدم جوازه عندهم هو أن في التأمين أكل أموال الناس بالباطل ، لأن أكلها ليس في مقابلة عمل ، والرضا وعدمه لا دخل له في ذلك عندهم ، وأيا ما كان الأمر فإن موقف الشيوخ الكبار في المجلس الأعلى أكبر دليل على أن ما ألصق بالأستاذ الإمام محمد عبده في صدد التأمين ليس إلاّ زوراً وبهتاناً)[12] .


    وبعد هؤلاء جاء الشيخ عبدالرحمن محمود قراعة الأديب والفقيه الحنفي مفتي الديار المصرية حيث أفتى في 15 يناير 1925م بان عمل شركات التأمين على الوجه المبين في السؤال غير مطابق لأحكام الشريعة الإسلامية[13] .


    6. وذكر الأستاذ محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي أستاذ العلوم العالية بالقروبين في ذيل كتابه : الفكر السامي : مسألة التأمين الذي عمت به البلوى ، وقال : إن ثلاثة من المفتين أفتوا بتحريم التأمين ، ثم ردّ عليهم ورأى أن التأمين على الأموال جائز ، ولكن التأمين على الأنفس حرام ، لأنه تامين لا تدعو إليه ضرورة ولا حاجة فيكون ممنوعاً على الأصل[14] .


    ويفهم من هذا التعليل أن جوازه للتأمين كان لأجل ضرورة ، أو حاجة عمت بها البلوى.


    ثم جاء الشيخ عبدالله صيام فنشر في عام 1351هـ ـ 1932م رأيه بالجواز[15] فكان هذا الصوت أول صوت جرئ بمصر يصدر من عالم شرعي بجواز التأمين ، ثم جاء الشيخ عبدالوهاب خلاف فأجازه أيضاً في 1374هـ ـ 1954م [16].


    7. ثم كتب الشيخ أحمد إبراهيم الفقيه ، وأستاذ الفقه بمدرسة القضاء الشرعي ، وكلية الحقوق بالقاهرة : بحثاً موسعاً حول التأمين على الحياة انتهى إلى تحريمه ، ولكن جميع أدلته واستدلالاته تدل على حرمة التأمين مطلقاً[17] .


    8. وفي عام 1961م وجهت صحيفة الأهرام الاقتصادي إلى علماء الشريعة ورجال القانون سؤالاً عن حكم التأمين والأسهم والسندات ، ثم نشرت آراء الشيوخ : أبو زهرة ، ومحمد المدني ، ومحمد يوسف موسى ، وأحمد الشرباصي تحت عنوان (حلال أم حرام) فكان رأي الشيخ محمد المدني : (إن هذه المسألة ينبغي أن لا تترك لفرد يفتي فيها ، بل يجب أن يجمع لها المختصون ، وأهل الفكر من العلماء ورجال الاقتصاد في مختلف النواحي ليدرسوها دراسة عميقة ، ويخرجوا برأي مجمع عليه ، فإن هذا وحده هو الذي يستطيع أن يناهض الإجماع المشهور لدى العلماء بالتحريم... )[18] .


    وأما رأي الدكتور محمد يوسف موسى أستاذ الشريعة بكلية الحقوق فهو : جواز التأمين بناء على أنه تعاون ، ورأي الشيخ أحمد الشرباصي هو الحكم عليه بالحرمة إلاّ لحالة الضرورة فيعمل به مؤقتاً مع وجوب العمل على التخلص منه[19] .


    وأما رأي الشيخ أبو زهرة فهو القول بالتحريم ، ثم جمع فيما بعد رأيه منسقاً ومرتباً في مذكرته بعد حضوره ندوة دمشق عام 1961م ، حيث انتهى إلى أن المذاهب الإسلامية القائمة لا يوجد فيها من العقود التي تجيزها ما يتشابه مع عقد التأمين ، أيا ما كان نوعه ، وإلى أن قاعدة (الأصل في العقود والشروط الإباحة لا تكفي لإباحة التأمين لاشتماله على أمور غير جائزة ، وهي الغرر والقمار ، وأنه عقد لا محل له ، وفيه التزام ما لا يلزم ، وليس فيه تبرع واضح ، بل هو في نظر أهله قائم على المعاوضة ولا مساواة فيه ، فأحد طرفيه مغبون لا محالة ، وأنه لا توجد حاجة ولا ضرورة تدعو إلى التأمين مع قيام الأسباب المحرمة .... مع إمكان دفع الحاجة بما ليس محرماً ، وإلى أن الربا في يلازم التأمين على النفس ، ومن وسائل الاستغلال عند الشركات الإقراض بفائدة ، وليس عملها من باب المضاربة[20] .


    9. وفي عام 1961م عقد أسبوع الفقه الثاني[21] بدمشق في الفترة 1ـ6/4/1961 وكان عقد التأمين من بين موضوعاته الأربعة حيث تحدث فيه من علماء الشريعة الشيخ أبو زهرة الذي حرّمه ما دام قائماً على المعاوضة ـ كما سبق ـ والشيخ الصديق محمد الأمين الضرير الذي حرمه أيضاً لأجل الغرر حيث أطال فيه النفس ، والأستاذ مصطفى الزرقا الذي أجازه إذا كان خالياً عن الربا ، والشيخ عبدالله القلقيلي مفتي الأردن الذي حرّمه بجميع أنواعه[22] .


    وفي عام 1962 كتب الشيخ عيسوي أحمد عيسوي أستاذ الشريعة بحقوق عين شمس بحثاً مفصلاً نشر في يوليه 1962 حول التأمين في الشريعة والقانون وانتهى إلى حرمة التأمين التجاري بكل أنواعه ، وإباحة التامين التعاوني[23] ، وقد ناقش المجيزين للتأمين التجاري مناقشة علمية مفصلة طالت كل أدلتهم وشبهاتهم فردها بأدلة علمية واستدلالات فقهية عميقة .


    وفي ربيع الآخر 1385هـ أغطسطس 1965م نشر الدكتور محمد البهي عضو المجمع ووزير الأوقاف وشؤون الأزهر سابقاً ، كتابه (نظام التأمين في هدي أحكام الإسلام وضرورات المجتمع المعاصر) فأجازه ، ولكن عند التعمق فيما كتبه فهو أجز التأمين التعاوني ، وليس التأمين التجاري حيث قال : ( إنه عقد تكافلي جماعي بين المستأمنين ، وعقد المضاربة بين جماعة المستأمنين كطرف ، وبين الشركة أو الحكومة كطرف آخر ، فشركة التأمين ليست إلاّ وكيلة عن طرفي عقد التكافل ، أو مفوضة منهما في تنفيذه بتحصيل الأقساط واستثمار الأموال المحصلة وتسوية التعويضات ، ولها نظير علمها جُعْلٌ تقتطعه تحت يدها من أموال المشتركين ، وغلات هذه الأموال ، فعقد التأمين كأنه قد تضمن عقدين : عقد التكافل ، والمشاركة في دفع الضرر عند الملمات وعقد الوكالة والمضاربة) .


    فهذا الوصف الدقيق للتأمين الذي أجازه لا ينطيق على التأمين التعاوني ـ كما سيأتي ـ ولا ينطبق أبداً على التأمين التجاري الذي تصبح فيه الشركة أصيلاً وليست وكيلة ، وأن الأقساط تصبح مملوكة لها بالعقد ، وأنه ليس هناك مجال في التأمين التجاري للحديث عن الاستثمار في أموال المشتركين ، لأنها تصبح مملوكة لها .


    10. وفي المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية المنعقد في المحرم وصفر من عام 1385هـ مايو ويونيو 1965م بحث المؤتمر موضوع التأمين ، وقدم فيه الشيخ علي الخفيف عضو المجمع بحثاً ضافياً أجاز فيه التأمين ، ولكن المؤتمر شكل لجنة خاصة وهي لجنة البحوث الفقهية ، ثم انتهى المؤتمر إلى القرارات الآتية :

    التأمين الذي تقوم به جمعيات تعاونية ، يشترك فيها جميع المستأمنين ، لتؤدي لأعضائها ما يحتاجون إليه من معونات وخدمات : أمر مشروع ، وهو من التعاون على البر .

    نظام المعاشات الحكومي ، وما يشبهه من نظام الضمان الاجتماعي ، المتبع في بعض الدول ، ونظام التأمينات الاجتماعية المتبع في دول أخرى ، كل هذا من الأعمال الجائزة .

    أما أنواع التأمينات التي بها الشركات ـ أيا كان وضعها ـ مثل : التأمين الخاص بمسؤولية المستأمن ، والتامين الخاص بما يقع على المستأمن من غيره ، والتأمين الخاص بالحوادث التي لا مسئول فيها ، والتامين على الحياة وما في حكمه ، فقد قرر المؤتمر الاستمرار في دراستها ، وباسطة لجنة جامعة لعلماء الشريعة ، وخبراء اقتصاديين واجتماعيين ، مع الوقوف ـ قبل إبداء الرأي ـ على آراء علماء المسلمين في جميع الأقطار الإسلامية ، بالقدر المستطاع .

    وقد طلب من اللجنة السابقة أن تستمر في دراسة هذا الموضوع ، على أن تستعين في دراستها له بمن ترى الاستعانة بهم من علماء الشريعة الإسلامية ، ومن الخبراء الذين أشار إليهم المجمع ، وقد استعانت اللجنة بثلاثة من العلماء : أحدهم مالكي ، والآخر شافعي الثالث حنبلي ، كما استجابت لدعوتها نخبة كافية من الاقتصاديين والاجتماعيين ، وتوالت اجتماعات هذه اللجنة ، وفي أكثر من سبعة عشر اجتماعاً ـ درست فيها هذا الموضوع من جميع نواحيه ، واتضحت جميع المفاهيم ، وقام الشرعيون في اللجنة بتطبيق أحكام المذاهب المختلفة ، وما تقتضيه في هذا الموضوع .


    11. وفي المؤتمر الثالث للمجمع ، المنعقد في 13 رجب سنة 1386هـ 27 اكتوبر 1966م قدم التقرير الثاني للجنة مشتملاً على موجز واضح ، لأصل البحث ، وعلى نتيجة الدراسة الاقتصادية والاجتماعية ، وعلى ما تضمنته المذكرات التي وضعها أعضاء اللجنة الشرعيون ، في تطبيق المذاهب المختلفة ، وعلى ما أممكن الوصول إليه بشأن انتشار التأمين في البلاد الرأسمالية والاشتراكية ، وكل ما يتصل بهذا الموضوع .


    ثم قرر المؤتمر فيما يتعلق بمختلف أنواع التأمين لدى الشركات ، أن يستثمر المجمع استكمال دراسته للعناصر المالية الاقتصادية والاجتماعية المتعلقة به وأن يستمر في الوقوف على آراء علماء المسلمين في الأقطار الإسلامية بالقدر المستطاع ، حتى يتهيأ استنباط أحكام لأنواع هذا التأمين[24] .


    وقد قامت الأمانة العامة لمجمع البحوث باستفتاء تضمن استطلاع آراء الفقهاء في داخل مصر وخارجها من خلال القنوات الرسمية والشعبية ، إلى عمداء كليات الشريعة وأصول الدين ، وإلى المفتيين ووزارات العدل ونحوها ، وقد وصلت إلى عام 1972 أكثر 85 جواباً ، كان من بينها في مصر خمسة إجابات للأزهريين اتفقوا على تحريم التأمين التجاري ، ومن الأردن وصلت رأي الشيخ عبدالله القلقيلي مفتي الأردن حيث حرمه ـ كما سبق ـ ومن اندونيسيا بروفيسور إبراهيم حسن ، رئيس إدارة العلاقات بوزارة الشؤون الدينية بجاكارتا ، الذي حرمه ، ومن سوريا الشيخ عبد الستار السيد مفتي طرسوس ، والشيخ فخر الدين الحسني مدير الفتوى العامة حيث ذكرا في رسالتهما أن التأمين حرام ، ومن العراق الشيخ نجم الدين الواعظ ، الذي قال : ( ليس للتأمين دليل شرعي يستند إليه في حله) وعلامة العراق الشيخ أمجد الزهاوي حيث ذهب إلى : (أن التأمين محرم بجميع أنواعه ، وتأباه القوانين الشرعية بإطلاق من ناحية تعليق الاستحقاق على الخطر ، وهو ممنوع باتفاق الفقهاء ، ولعدم وجود عوض ثابت) وأشار إلى ما قاله ابن عابدين ، ثم قال : ( وعليه ، فقد أجمع الفقهاء على المنع ، ولا أرى لذلك جوازاً مطلقاً ، وفي فتح مثل هذا الباب خطورة على الشريعة) .


    ومن لبنان السيد زهدي يكن الذي يفهم من بحثه أنه يجيز التأمين التعاوني ، وأما التأمين التجاري فتراعى الضرورة الاجتماعية التي يقرّها العقل ، والسيد رامز ملك أمين الإفتاء في طرابلس لبنان حيث حرم التأمين على الحياة ، وأجاز غيره بناء على الحاجة ، ثم دعا إلى التامين التعاوني .


    ومن ليبيا الشيخ عزمي عطية الذي قال : (فالتأمين كله حرام شرعاً ، لأن عقده باطل شرعاً ، ومن الغرب الأستاذ أحمد الخريصي الذي قال في رسالته التي بعث بها إلى مجمع البحوث : ( ان عقد التأمين ينطوي على غرر وجهالة) والشيخ محمد الجواد بن عبدالسلام الصقلي الحسيني عميد كلية الشريعة بجامعة القرويين بفاس ورئيس المجلس العلمي ، حيث ذهب إلى أن (التامين الخاص بجميع أنواعه محرم)[25] .


    وأما آراء الأعضاء الشرعيين من لجنة التأمين التي شكلها مجمع البحوث فكالآتي :


    أ ـ الشيخ أبو زهرة ، والشيخ محمد علي السايس عضوا المجمع واللجنة ، والشيخ طه الديناري خبير اللجنة الشافعي ، والشيخ محمد عبداللطيف السبكي خبير اللجنة الحنبلي ، والشيخ محمد مبروك خبير اللجنة المالكي ، يرون التأمين التجاري بجميع أنواعه وأن عقوده باطلة أو فاسدة .


    ب ـ الشيخ علي الخفيف يرى إباحة التأمين بجميع أنواعه ما دام خالياً من الربا .


    ج ـ الشيخ محمد أحمد فرج السنهوري عضو المجمع واللجنة يرى إباحة التأمين ما عدا التامين على الحياة .


    وقد رأينا كذلك أن جماهير الفقهاء والمفتين وأهل العلم الذين أرسلوا رسائلهم وبحوثهم إلى مجمع البحوث كانوا يرون حرمة التأمين التجاري بجميع أنواعه ، وأن بعضهم مع الفريق الثالث ، وأن قلة مع الفريق الثاني[26] .


    12. وفي 24/4/1968م أصدرت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف برئاسة الشيخ محمد عبداللطيف السبكي فتواها المفصلة حول حرمة التأمين التجاري بكل أنواعه .


    13. وفي الفترة 23 ـ 28 من ربيع الأول 1392هـ 6ـ11 مايو 1972 عقدت ندوة الجامعة الليبية ، حضرها عدد كبير من الفقهاء والاقتصاديين ، وناقشوا عقود التأمين ، حيث صدرت مناه فتوى بحرمة التأمين على الحياة ، والسماح لعقود التأمين مؤقتاً إلى أن يحل محلها التأمين التعاوني[27] .


    14. وفي 4/4/1397هـ أصدرت هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية قرارها بحل التأمين التعاوني ، وحرمة التأمين التجاري ، وقد أيد هذا القرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الأولى في 10 شعبان 1398هـ ، كما أكد هذا القرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي في قراره رقم 9(9/2) في 10ـ 16 ربيع الآخر1406هـ 22ـ 28 ديسمبر 1985م كما سيأتي تفصيل هذه القرارات بإذن الله .


    وقد أردنا بهذا الاستعراض التأريخي بيان الجهود التي بذلت من قبل الفقهاء والمجامع إلى أن توصلوا إلى هذا القرار ، وأنه لم يكن قراراً متسرعاً ، بل كان فيه التنقيح والدراسة والمشاورة حتى استغرقت قرابة قرن .



    وأما العلماء المعاصرون فقد ثار خلاف كبير بينهم يمكن حصر اتجاهاتهم في ثلاثة آراء :


    الرأي الأول : يرى ان عقود التامين جميعها محرمة شرعاً [28].


    الرأي الثاني : يرى أنها مباحة شرعاً [29].


    الرأي الثالث: التوسط بين هذين الرأيين حيث يحرم بعض أنواع عقود التأمين مثل التأمين التجاري ، ويجيز بعضها مثل التأمين التعاوني [30].



    تحرير محل النزاع :


    لا خلاف بين الجميع في أن فكرة التأمين فكرة مقبولة بل مشروعة مطلوبة إسلامياً ، ولكن صياغتها في عقودها الراهنة التي لم تراع فيها مبادئ الشريعة وقواعدها العامة من حرمة الربا ، والغرر ، والقمار ، والمراهنة ، والجهالة وأكل أموال الناس بالباطل" هي التي جعلت هذه العقود غير مشروعة عند الكثيرين" ، وذلك لأن المشروعية في الإسلام تعتمد على مشروعية الموضوع ، والوسيلة والغاية ، فقد يكون الشيء مشروعاً من حيث المبدأ لكنه لا يجوز ولا يصح إلاّ إذا كان بوجهه الشرعي ، وطريقته الشرعية ، فالتجارة حلال ، ولكن إذا قارنها بالربا أو الغرر تصبح حراماً ، وهكذا الفكرة مهما كانت مشروعة ورائعة فلا يمكن الحكم عليها بالصحة والجواز إلاّ إذا صيغت من خلال عقود مشروعة أو عقود ليست مخالفة لشرع الله تعالى .


    ثم إن الذين قالوا بمشروعية هذه العقود لم يقولوا بحل ما صاحبها من ربا ونحوه ، كما انهم لم يسلموا بوجود هذه الأمور ـ من الغرر ، القمار ، ونحوهما ـ فيها يقول الأستاذ مصطفى الزرقا : (هذا من حيث المبدأ ، أي أن الاسترباح عن طريق عمليات التأمين التعاقدي لا أرى مانعاً شرعياً منه في ذاته ، أما إذا لحق الطريقة الاسترباحية في واقعها العملي بين شركات التأمين ملابسات ، وشوائب ، وانحراف ، واستغلال ربوي ، او شبه ربوي، كما إذا شركات التأمين تضع في عقودها شروطاً ربوية ، أو استغلالية مما لا ينبغي اقراره شرعاً فإننا نحكم على هذه الشروط بالفساد والمنع ، لا على أصل النظام التأميني ،.......)[31] .


    الأدلة مع المناقشة والترجيح :


    استدل القائلون بحرمة التأمين التجاري بجميع أنواعه بأربعة أدلة جامعة وهي :


    أولاً : أن التأمين يشتمل على الغرر المنهي عنه في الحديث الصحيح حيث روى مسلم في صحيحه ، وأصحاب السنن الأربعة ، وأحمد ، ومالك والدارمي وابن أبي شيبه ، وابن الجارود ، والدارالقطني ، والبيهقي ، بسندهم من طرق عن عبيدالله قال : حدثني أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر)[32].


    وهذا الحديث اصل عظيم من أصول المعاملات في الشريعة الإسلامية ، ومبدأ أساس من المبادئ الحاكمة في عقود المعاوضات المالية ، لا يختلف في تأثيره الفقهاء وإن كانوا قد يختلفون في معناه أو تطبيقاته ، لذلك نعرف بالغرر لديهم بإيجاز :


    فالغرر لغة اسم مصدر من التغرير ، وهو الخطر ، والخدعة[33] ، وعرفه الجرجاني : بأنه ما يكون مجهول العاقبة لا يدرى أيكون أم لا[34]، وعرفه الفقهاء تعريفات كثيرة فقد عرفه الزيلعي[35] بنفس التعريف الذي ذكره الجرجاني ، وعرفه بعض الحنفية بأنه الخطر الذي لا يدرى أيكون ام لا[36] وعرفه الكاساني أيضاً بأنه الخطر الذي استوى فيه طرفا الوجود والعدم ، بمنزلة الشك[37] .


    وعرفه ابن عرفة من المالكية بأنه : ما شك في حصول أحد عوضيه ، او المقصود منه غالباً[38] وعرفه الرافعي الشافعي بأنه : الخطر ، وقيل : التردد بين جانبين الأغلب منهما أخوفهما ، وقيل : الذي تنطوي عن الشخص عاقبته[39] وعرفه القاضي أبو يعلى الحنبلي بأنه : ما تردد بين أمرين ليس أحدهما أظهر[40] وعرفه ابن تيمية بأنه : المجهول العاقبة ، أو هو ما خفيت عاقبته ، وطويت مغبته ، أو انطوى أمره[41] .


    وقد رجح فضيلة الشيخ الصديق الضرير تعريف الغرر بأنه هو : ما كان مستور العاقبة[42] ، وهو كما رأينا تعريف كثير من الفقهاء .


    ولم يفرق بعض الفقهاء بين الغرر والجهالة ولكن أكثرهم فرقوا بينهما ، وقالوا : إن العلاقة بينهما هو العموم والخصوص من وجه ، فالغرر هو مجهول العاقبة واما ما علم حصوله وجهلت صفته فهو المجهول ، فهما يجتمعان في الجمل الشارد المجهول الصفة قبل الإباق ، ويفترق الغرر عن الجهالة في الجمل الشارد المعلوم قبل الإباق ، وتفترق الجهالة عن الغرر في شراء حجر موجود لا يدري أزجاج هو أم ياقوت[43] .


    وقد تطرق الفقهاء إلى تأثير الغرر في العقود ، حيث قالوا : إنه مؤثر في البيع ونحوه من المعاوضات المالية قال ابن شرد الحفيد : (اتفقوا على أن الغرر ينقسم إلى مؤثر في البيوع ، وغير مؤثر...)[44].


    يقول القرافي : ( وأصل الغرر هو الذي لا يدرى هل يحصل أم لا كالطير في الهواء...، ثم الغرر والجهالة يقعان في سبعة أشياء في الوجود كالأبق المحصول الصفة ( وكبيع حمل حيوان قبل الحمل أو ما يسمى بحبل الحبلة) وفي الحصول إن علم الوجود كالطير في الهواء ، وفي الجنس كسلعة لم يسمها ، وفي النوع ( مثل بقرة لم يحددها) وفي المقدار كالبيع إلى مبلغ رمي الحصاة ، وفي التعيين كثوب من ثوبين مختلفين ، وفي البقاء كالثمار قبل بدو صلاحها) ، ثم قال القرافي : ( والغرر والجهالة ثلاثة أقسام : كثير ممتنع إجماعاً كالطير في الهواء ، وقليل جائز إجماعاً كأساس الدار، وقطن الجبة ، ومتوسط اختلف فيه)[45] .


    ومن جانب آخر فالغرر المؤثر في العقود المعاوضات إما أن يكون في صيغة العقد مثل أن يقول البائع بعتك هذه السلعة نقداً بألف دينار ، وديناً لمدة عام بألف ومائة دينار ، لحديث النهي عن صفقتين في صفقة واحدة ، أو بيعتين في بيعة [46]، وإما أن يكون في محل العقد وهو المعقود عليه ، من حيث ذات المبيع ، أو جنسه ، أو نوعه ، أو صفته ، أو مقداره ، أو أجله ، أو عدم القدرة على تسليمه ، أو التعاقد على المحل المعدوم ، أو عدم رؤيته في غير الموصوف[47] .



    أنواع الغرر في عقد التأمين التجاري :


    مما سبق يتبين لنا أن الغرر مؤثر في عقود المعاوضات المالية بالاجماع وأن أهم أنواع الغرر المؤثر هو الغرر في الوجود،وفي الحصول،وفي المقدار،وفي الأجل،يقول الأستاذ الدكتور حسين حامد حسان:(الغرر في هذه الأمور الأربعة التي ذكرها القرافي المالكي تبطل عقود المعاوضات لا عند المالكية وحدهم،بل عند جميع المجتهدين ـ كما رأيناـ....،وإذا عرضنا عقد التأمين على هذه الضوابط الأربعة،وأخذنا في اعتبارنا الأمثلة التي ذكرت بإزائها تثبت لنا يقيناً أن عقد التأمين يندرج تحت كل واحد منها،ويزيد على ذلك أنه يجمع بينها)[48].


    أولاً : التأمين والغرر في الوجود :


    والمقصـود بالغرر في الوجود ، ان وجـود محل العقـد في خطر أي محتمــل . ومما لا شك فيه : أن الغرر في الوجود هو اشد أنواع الغرر حيث لم يختلف أحد من الفقهاء في تأثيره بالبطلان إذا وجد في عقد البيع ونحوه من عقود المعاوضات[49] ، وهذا النوع من الغرر ينطبق تماماً على عقد التأمين ، حيث إن مبلغ التأمين الذي هو دين في ذمة الشركة غير محقق الوجود ، لأن وجوده يتوقف على وجود الخطر المؤمن منه ، إن وجد وجد ، وإن انتفى لم يوجد[50] .


    والواقع أن المشرعين المدنين لا ينكرون ذلك ولذلك خصص القانون المدني المصري الباب الرابع لعقود التأمين والمقامرة والرهان ، وقال : ( الباب الرابع : عقود الغرر) وقد سبق كذلك أن القانونيين وصفوا عقد التأمين بأنه من عقود الاحتمال والغرر.


    ولقد ذكر الشيخ أبو زهرة أن في التأمين غير التعاوني غرراً ، فمحل العقد فيه غير ثابت ، او غير محقق ، فيكون كبيع ما تخرجه شبكة الصائد ، وكبيع ما يكون في بطن الحيوان ، ووجه المشابهة أن المبيع في هذه الصور غير معلوم محله ، وغير مؤكد الوجود ، بل الوجود فيه احتمالي[51] .


    ثانياً : التأمين والغرر في الحصول :


    والمقصود بالغرر في الحصول ، أي ان محل العقد ـ مع كونه موجوداً ـ يكون على خطر الحصول عليه ، بحيث لا يدرى عند التعاقد هل يحصل على المقابل الذي بذل فيه العوض أم لا ؟ فيكون دخوله على هذا مخاطرة على الحصول ،مثل بيع السمك في الماء.


    وقد اتفق الفقهـاء ـ كما سبق ـ على أن الغرر في الحصول يجعل عقد المعاوضة باطلاً[52].


    وإذا نظرنا في هذا النوع من الغرر فوجدناه ينطبق تماماً على عقد التأمين ، لأن المستأمن الذي دفع قسط التأمين لا يدرى هل يحصل على مبلغ التأمين ، وذلك لأن حصوله يتوقف على وقوع الخطر المؤمن منه ، ولذلك يصبح به العقد باطلاً ، لأن الغرر في الحصول كالغرر في الوجود من حيث التأثير ، حيث حكى الإمام النووي إجماع الفقهاء على بطلان ما تضمن الغرر في الوجود أو الحصول في المعاوضات حيث قال بعد شرح حديث النهي عن الغرر : ( أجمعوا على بطلان بيع الأجنة في البطون ، والطير في الهواء)[53] وهما مثالان للغرر في الوجود ، والغرر في الحصول .


    ثالثاً : التأمين والغرر في مقدار العوض :


    من الشروط الأساسية للبيع ونحوه من عقود المعاوضات عند جميع الفقهاء أن يكون مقدار العوض معلوماً محدداً عند التعاقد ، جاء في الفتاوى الهندية أن : (جهالة البدل تبطل مبادلة المال بالمال)[54] وقال ابن عابدين : (إن معرفة قدر الثمن شرط في صحة البيع)[55] وقال الرافعي : (أما القدر فالجهل به فيما في الذمة ، ثمناً ، أو مثمناً مبطل) ثم قال (المبيع قد يكون في الذمة ، وقد يكون معيناً ...فمان كان في الذمة من العوضين فلا بد وأن يكون معلوم القدر...)[56] وقال ابن رشد الحفيد : (إن الغرر لا ينفي عن الشيء إلا إذا كان معلوم القدر)[57] وجاء في الكافي : (ويشترط لصحة المبيع معرفة الثمن ، لأنه أحد العوضين ، فيشترط العلم به)[58] .


    فنصوص جميع فقهاء المذاهب واضحة في الدلالة على أن الغرر في المقدار يجعل العقد باطلاً ، وهذا بعينه موجود أيضاً في عقد التأمين حيث لا يختلف شراح القانون المدني أن عقد التأمين ينطوي على الغرر في مقدار العوض ، وبالأخص في التأمين من الأضرار ، لأن مبناه كما سبق على التعويض ، وكلا الطرفين لا يعلم مقدار الضرر ، ولا مقدار عوضه عند التعاقد إلى أن يقع الخطر المؤمن منه ، وكذلك لا يعلم المؤمن مقدار ما يأخذه من الأقساط عند وقوع الحادث وبالأخص في التأمين على الأشخاص.


    ومن هنا فمبلغ التأمين ، والقسط من حيث المقدار تلفهما الجهالة من كل جانب ، ويحيط بهما الغرر من كل صوب فقد يحصل المؤمن على قسط واحد ويقع الخطر المؤمن منه الذي يجب عليه أن يدفع المبلغ المتفق عليه في التأمين على الأشخاص ، وقد يحصل على جميع الأقساط ولا يقع الخطر المؤمن منه .


    وقد يثير المجيزون إمكانية شركة التأمين بما لديها من وسائل متطورة ومن خلال قواعد الاحصاء وقانون الكثرة ان تعرف على وجه يقرب من التحديد مقدار العوض الذي تحصل عليه من مجموع المستأمنين في مدة معينة ، ومقدار ما تدفعه ؟


    للجواب عن ذلك هو أننا لو سلمنا ذلك للشركة فإن هذا غير ممكن بالنسبة لشخص المتعاقد الذي ليس لديه مثل هذه الأجهزة ، وهذا يكفي لابطال العقد ، ثم إنه من ناحية الواقع فإن ذلك غير ممكن على وجه الدقة ، كما أن هذا إذا كان ممكناً بالنسبة للمجموع خلال فترة زمنية ، فإن الشركة لا يمكن أن تعلم كم تدفع للشخص المتعاقد في التأمين من الأضرار .


    وأيا ما كان فإن العاقدين ( الشركة المؤمنة والمسـتأمن) يكونان على جهل وغرر بالعاقبة[59].


    رابعاً : التأمين والغرر في الأجل :


    اشترط الفقهاء لصحة البيع ونحوه من عقود المعاوضات أن يكون الأجل معلوماً ، وأن العقد الذي يكون فيه الأجل مجهولاً باطل بالاتفاق قال النووي : ( اتفقوا على أنه لا يجوز البيع بثمن إلى أجل مجهول)[60] ، وجاء في الدرر المختار مع رد المحتار : (وصح بثمن خال ، ومؤجل معلوم ، لئلا يفضي إلى النزاع) وجاء في حاشيته أن الجهالة الكثيرة أو المتفاوتة تجعل العقد فاسداً[61] وذكر القرافي ان الغرر والجهالة في الأجل تؤثر في عقود المعاوضات[62] .


    وذكر الحافظ ابن حجر أن علة النهي عن حبل الحبلة ، والحكم ببطلانه وهو البيع إلى أن تنتج الناقة ، ثم تنتج التي في بطنها ، إنما هي "جهالة الثمن" [63].


    فالنصوص الفقهية في هذا المجال أكثر من ان تذكر ، وكلها تدل بوضوح على أن العقد إنما يصح إذا خلا عن الغرر المؤثر ، وأن الجهالة في المقدار تجعل العقد باطلاً ، او فاسداً .


    وإذا أردنا تطبيق ذلك على عقد التأمين لوجدناه ينطبق تماماً عليه ، لأن أجل دفع مبلغ التأمين في معظم أنواع التأمين مجهول ، بل إن التأمين العمري مرتبط تماماً بأجل مجهول جهالة كبيرة.



    هل هذا الغرر كثير أم يسير ؟


    إن الفقهاء ـ كما أشرناـ قد ذكروا أن الغرر إنما يؤثر إذا كان كثيراً ، او حسب عبارتهم : إذا كان فاحشاً ، ومن هنا فالغرر اليسير لا يؤثر في صحة العقد ، ولذلك يثور التساؤل حول ما إذا كان الغرر الموجود في عقد التأمين كثيراً أم يسيراً ؟


    للجواب عن ذلك أن الغرر الموجود في عقد التأمين كثير ، وذلك لأن الغرر اليسير هو ما كان غير مقصود ، وأن الجهل به لا يضر ، ولنضرب لذلك بعض ما ذكره الفقهاء في هذا المجال ، وبالأخص المالكية الذين يعتبرون أكثر الفقهاء تسامحاً في موضوع الغرر اليسير ، يقول الشيخ الدردير: (واغتفر غرر يسير للحاجة ـ أي للضرورة ـ لم يقصد ـ أي غير مقصود ، فخرج بقيد اليسارة الكثير كبيع الطير في الهواء ، والسمك في الماء فلا يعتبر إجماعاً ، وبقيد عدم القصد ببيع الحيوان بشرط الحمل ، فإنه يقصد في البيع عادة وهو غرر)[64].


    وقد وضع الإمام النووي ضابطاً جيداً فقال : (قال العلماء : مدار البطلان بسبب الغرر ، والصحة مع وجوده هو انه إذا دعت الحاجة إلى ارتكاب الغرر ، ولا يمكن الاحتراز عنه إلاّ بمشقة او كان الغرر حقيراً جاز البيع ، وإلاّ فلا)[65] .


    ومن أنواع الغرر اليسير أن يكون الغرر في التابع ، مثل صحة بيع الثمرة التي لم يبد صلاحها مع أصلها ، لأنه يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها[66] .


    ولو دققنا النظر في الغرر والجهالة الموجودين في عقد التأمين لوجدنا الغرر فيه كثيراً ، والجهالة فيه ليست يسيرة ، لأن الغرر الموجود فيه ـ كما سبق ـ في الوجود ، والحصول ، والمقدار والأجل ، فإذا كان نوع واحد منها يجعل العقد باطلاً أو فاسداً لدى الفقهاء فكيف إذا اجتمعت هذه الأنواع كلها في عقد واحد ؟ كما ان الغرر الموجود فيه لا تتوافر فيه عناصر الغرر غير المؤثر من اليسارة ، وكون متعلقه غير مقصود ، وان يكون ارتكابه بضرورة أو حاجة ملحة ، وبالتالي فالغرر الموجود غرر كبير .



    الدليل الثاني : أن عقود التأمين تتضمن الرهان والمقامرة .


    استدل القائلون بحرمة التأمين التجاري أنه نوع من الرهان والمقامرة ، أو أنه يقاس عليهما.


    1. أما أنه يدخل في الرهان والمقامرة فهذا يتبين من خلال تعريفهما ، فقد عرف السنهوري المقامرة بأنه عقد يتعهد بموجبه كل مقامر أن يدفع إذا خسر المقامرة للمقامر الذي كسبها مبلغاً من النقود ، أو أي شيء آخر يتفق عليه .


    كما عرف الرهان بأنه عقد يتعهد بموجبه كل من المتراهنين أن يدفع إذا لم يصدق قوله في واقعة غير محققة ، للمتراهن الذي يصدق قوله فيها : مبلغاً من النقود او أي شيء آخر يتفق عليه [67].


    ويتبين من هذا أن المقامرة توافق الرهان في أن حق المتعاقد في كل منهما يتوقف على واقعة غير محققة ، ولكن المقامرة تفارق الرهان في أن المقامر يقوم بدور عملي في محاولة تحقيق الواقعة غير المحققة ، أما المتراهن فلا يقوم بدور عملي في محاولة تحقيق صدق قوله مثل أن يشترك المتبارون في أية لعبة ويتفقوا على أن من يكسب اللعب منهم يأخذ من الخاسرين مقداراً معيناً من المال ، فهذا هو عقد المقامرة ، أما الرهان فيكون للمتفرجين الذين لا يشتركون في اللعب ، ولكنهم يراهنون على فوز بعض هؤلاء اللاعبين أو أحد الفريقين .


    وقد ذكر شراح القوانين المدنية أن عقد المقامرة ، أو الرهان عقد رضائي من عقود المعاوضات ، وملزم للجانبين ، وعقد احتمالي ، او من عقود الغرر.


    ومما لا شك فيه أن المقامرة والرهان المعرفين محرمان بنصوص من القرآن الكريم ، والسنة المطهرة ، والاجماع ، قال تعالى : (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه...)[68] وقد نهى رسول الله صلى الله عليه في أكثر من حديث عن الميسر والقمار والرهان[69].


    وكذلك حرمت معظم القوانين العربية القمار والرهان ، وقضت ببطلانهما ووضعت جزاءات مدنية وجنائية على من يزاولهما ، فقد نصت المادة 739 من القانون المدني المصري على ما يأتي :

    يكون باطلاً كل اتفاق خاص بمقامرة ، او رهان .

    ولمن خسر في مقامرة أو رهان أن يسترد ما دفعه خلال ثلاث سنوات من الوقت الذي أدى فيه ما خسره ، ولو كان هناك اتفاق يقضي بغير ذلك ، وله أن يثبت ما أداه بجميع الطرق .


    ويقابل هذا النص المادة 705 من القانون المدني السوري ، والمادة 739 من القانون المدني الليبي ، والمادة 975 من القانون المدني العراقي ، والمادة 1024 من قانو الموجبات والعقود اللبناني .


    وبناءً على ما سبق يقول محرمو عقد التأمين التجاري : (وواضح من تعريف عقدي المقامرة والرهان ، وبيان الخصائص التي تحدد طبيعة العقدين ، ان هذا التعريف ينطبق ، وتلك الخصائص توجد في عقد التأمين تماماً ، ذلك أن عقد التأمين عقد يتعهد بموجبه أحد العاقدين (شركة التأمين) ان يدفع إلى المتعاقد الآخر (المستأمن) مبلغاً من النقود ، أو أي عوض مالي آخر يتفق عليه ، إذا حدثت واقعة معينة (الخطر المؤمن منه) في مقابل تعهد العاقد الآخر (المستأمن) بدفع مبلغ آخر ، هو أقساط التأمين مدة عدم وقوع الحادث ، فطبيعة عقد التأمين هي طبيعة عقدي القمار والمراهنة ،و ان اختلفت أسماء عناصره ، أطرافه)[70] وهي كونه من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية الملزمة للجانبين .


    وقد اعترف شراح القانون وعلماء الشريعة بأن عقد التأمين قمار ورهان إذا نظر إليه من جانب العلاقة بين شركة التأمين ، والمستأمن المعين ، يقول الدكتور السنهوري : (فشركة التأمين لا تبرم عقد التأمين مع مؤمن له واحد ، او مع عدد قليل من المؤمن لهم ، ولو أنها فعلت لكان عقد التأمين مقامرة أو رهاناً ، ولكان عقداً غير مشروع ، إذ تكون الشركة قد تعاقدت مع مؤمن له على أنه إذا احترق منزله مثلاً دفعت له قيمته ، وإذا لم يحترق كان مقابل التأمين الذي دفعه المؤمن له حقاً خالصاً وهذا هو الرهان بعينه)[71].


    ومثل ذلك قاله الشيخ علي الخفيف حيث قال : (إذا اقتصر التعاقد في التأمين على فرد مثلاً فإنه يكون عقد رهان ومقامرة لا يقره قانون ولا شريعة لمكان الغرر والمقامرة الظاهرة فيه حينئذٍ لانتهاء الأمر فيه إلى خسارة لأحد الطرفين ، وربح للطرف الآخر)[72] وقريباً من هذا قال الأستاذ مصطفى الزرقا[73].


    2. القياس ، فإذا فرضنا أن عقد التأمين لا يدخل مباشرة في عقدي المقامرة والرهان ، فإنه يقاس عليهما بجامع الغرر والاحتمال وكونه من عقود المعاوضات المالية الملزمة ، قال الشيخ المطيعي مفتي مصر السابق : (إن عقد التأمين عقد فاسد شرعاً ، لأنه معلق على خطر تارة يقع وتارة لا يقع فهو قمار معين)[74] ومثله قال الشيخ أبو زهرة[75] .



    الدليل الثالث هو وجود الربا فيه بنوعيه : ربا الفضل ،وربا النسيئة :

    من خلال أن ما يدفعه المستأمن نقداً قد يرد عليه أكثر او أقل عند حدوث الخطر المؤمن منه نسيئة ، من خلال عقد قائم على المعاوضة مثل البيع وحينئذٍ ردّ النقد المدفوع أقل أو أكثر بعد فترة ، فإذا اعتبر العقد معاوضة مثل البيع فحينئذٍ صار بيع نقد بنقد أقل أو أكثر نسيئة ، بل نقد مجهول الكمية إلى أجل .

    ان عقد التأمين على الحياة يتضمن تعهد الشركة بأن ترد للمستأمن في حالة بقائه حياً إلى المدة المحددة في العقد : الأقساط المدفوعة مع فوائدها.

    أن شركات التأمين تقوم بإيداع أموالها في البنوك الربوية بالفائدة وتشتري السندات ذات الفوائد المحرمة[76].


    الدليل الرابع : إنه أكل لأموال الناس بالباطل ، وهذا مبني على أن عقده باطل غير صحيح لوجود الغرر ، او الرهان والمقامرة فيه . وقد قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلاّ أن تكون تجارة عن تراض منكم)[77] حيث اشترط القرآن الكريم لجواز أكل أموال الناس شرطين أساسين :

    أحدهما : أن يكون من خلال عقد صحيح مشروع ، أو عقد غير مخالف لشرع الله .

    ثانيهما : أن يتحقق في تلك التجارة تراضي الطرفين ، وهذا يدل على أن التراضي وحده لا يكفي إلاّ إذا كان من خلال عقد مشروع ، أو على الأقل أن لا يكون فيه مخالفة لشرع الله ، أما إذا خالف شرع الله فهذا رضا باطل وعقد فاسد وباطل وغير جائز .



    أدلة المجيزين :


    وقد استدل المجيزون لعقد التأمين ـ من حيث المبدأ ـ بأدلة نوجزها فيما يأتي :


    أولاً : الأصل في العقود والشروط الإباحة ، وهذا ما تدل عليه الآيات والأحاديث الكثيرة ، وذهب إليه جمهور الفقهاء[78] .

    وعلى ضوء ذلك يقول هؤلاء : إن عقد التأمين عقد جديد ونظام جديد ليس له علاقة مباشرة بالعقود السائدة ، ولا تندرج تحت أي عقد من العقود المسماة في الفقه الإسلامي ، ولذلك يطبق عليه الأصل العام ، والقاعدة العامة القاضية بإباحته ما دام ليس فيه محظور شرعي من حيث هو عقد ، وأن ما ذكر من دخوله تحت عقد المقامرة والرهان غير مسلم ـ كما سيأتي ـ وان الغرر فيه مسموح به ـ كما سيأتي ـ وأن الربا الموجود فيه ليس من لوازمه وإنما من فعل الشركات الخاصة بالتأمين ، وبالتالي يمكن إبعاد الربا عنه .


    ثانياً : قياس التأمين على العقود المشروعة في الفقه الإسلامي ، وهي :


    1. قياس عقد التأمين على ولاء الموالاة : (فعقد الموالاة هو عقد بين اثنين على أن يؤدي كل منهما الدية عن الآخر إذا جنى ، وأن يتوارثا)[79] وهو عقد كان موجوداً قبل الإسلام فأقره الإسلام كما ذهب إلى ذلك ابن عباس ، وابن مسعود ، والأحناف[80].


    وممن قال بهذا القياس الشيخ عبدالله الصيام ، والأستاذ أحمد طه السنوسي[81] ، والأستاذ الزرقاء[82] ، وأن العلة هي النصرة والمعونة .


    ويرد على هذا الاستدلال بأن عقد الموالاة ليس محل اتفاق بين الفقهاء ، ومن شروط القياس أن يكون الأصل محل اتفاق ، ومن جانب آخر أن القياس مع الفارق ، لأن العلة التي ذكرت غير موجودة في التأمين التجاري ، إذ ليس هدف الشركة المساهمة التجارية النصرة والمعونة ، وإنما هو الربح ، ثم إن عقد التأمين لا يصنع بين الطرفين رابطة معنوية قائمة على الموالاة كما هي الحال بالنسبة لعقد الموالاة .


    2. قياس التأمين على عقد المضاربة :


    ذهب الشيخ عبدالوهاب خلاف[83] إلى أن أقرب العقود إلى التأمين هو عقد المضاربة ، لكن هذا القياس لا يستقيم أبداً ، لأن الأقساط التي يدفعها المستأمن يتملكها المؤمن ولا تعود إلى الأول بشيء إضافة إلى أنه يوجد مقابل القسط التزام بدفع مبلغ التأمين الذي يدفعه المؤمن عند وقوع الخطر المؤمن منه على أساس التعويض في التأمين من الأضرار ، وحسب الاتفاق في عقد التأمين على الحياة.


    3. قياس التأمين على ضمان خطر الطريق وعلى نظام العواقل في جنايات الخطأ , وعلى عقد الجعالة ، وعقد الحراسة ، والوعد الملزم .


    يرى الأستاذ الزرقا أن مسألة ضمان خطر الطريق عند الحنفية[84] فكرة فقهية تصلح أن تكون سنداً فقهياً لتجويز التأمين من الأخطار ، كما يرى أن نظام العواقل في جنايات الخطأ ، وعقد الجعالة ، وعقد الحراسة ، وعقد الموالاة في نظام الميراث والوعد الملزم أدلة أو أقيسة صالحة للنهوض بصحة عقد التأمين [85].


    ولا يسع المجال لمناقشة هذه الأقيسة ، أو الأدلة ، بالتفصيل ، ولكن جمهور الفقهاء المخالفين له بدءاً من الشيخ محمد بخيت المطيعي ، والشيخ أبي زهرة ، والشيخ الصديق الضرير ، والدكتور حسين حامد إلى جمهور المعاصرين ردوا على هذه الأقيسة وأوضحوا عدم سلامتها ، وبينوا عدم نهوضها دليلاً أو سنداً لصحة عقد التأمين التجاري[86]. وحتى لو سلمنا صحة هذه الأقيسة ، فإن وجود الغرر في التأمين التجاري القائم على المعاوضة يكفي لبطلانه أو فساده .



    المناقشة :


    فقد ناقشنا بإيجاز أدلة المجيزين عند عرضها مباشرة فيما سبق ويمكن أن نناقش أدلة المانعين بما يأتي :


    أولاً : أن الغرر الموجود في التأمين من الغرر المغتفر ، لأنه لا يؤدي إلى النزاع ، كما ان التأمين ليس عقد معاوضة محضة ، بل هو اتفاق تعاوني .


    ويمكن أن يجاب على هذا الرد بأن الغرر هنا كبير ـ كما سبق ـ وانه ليس من الغرر اليسير لعدم تحقق عناصره ـ كما سبق ـ كما ان الفقهاء السابقين لم يجعلوا للغرر معيار تحقق النزاع بحيث يدور معه وجوداً وعدماً ، بل جعلوا معياره موضوعاً متمثلاً في أنواعه الأربعة الأساسية المؤثرة(الغرر في الوجود ، والحصول، والمقدار، والأجل) فعدم النزاع ليس علة المنع بدليل أن البيوع التي وردت السنة بمنعها واتفق الفقهاء على أن علة المنع فيها هو الغرر هي بيوع يحكم بمنعها وبطلانها سواء وقع نزاع بشأنها أم لم يقع كبيع الطير في الهواء ، والحمل في البطن ، أو حبل الحبلة ، وبيع الملامسة والمنابذة وغيرها ، فهي بيوع باطلة باجماع الفقهاء ، ولا خلاف بينهم في أن العلة هي الغرر[87].


    ومن جانب آخر فلا يسلم أن التأمين ليس فيه نزاع ، بل إن من يذهب إلى المحاكم يرى فيها قضايا كثيرة تنازع فيهيا المؤمن والمستأمن .


    وأما اعتبار التأمين التجاري اتفاقاً تعاونياً فهو مخالف لما عليه طبيعة العقد نفسه ، ولما اتفق عليه شراح القانون المدني ، من انه من عقود المعاوضات المالية الملزمة ، بدليل أن أقساط التأمين تدخل في ملكية الشركة بالكامل في مقابل مبلغ التأمين ـ كما سبق ـ.


    ثانياً : أن عقد التأمين يختلف عن المقامرة والرهان من حيث إن الخطر الذي يتحمله المقامر يصنعه بنفسه بينما أن الخطر الذي يتعرض له المستأمن إنما ينشأ من النشاط الاقتصادي وطوارئه ، والمستأمن يحاول أن يتقيه ويتحمل كلفة في سبيل ذلك هي قسط التأمين .


    ومن جانب آخر أن المقامرة تختلف عن التأمين في الأثر الاقتصادي ، فالمقامرة تشوش نظام الحياة الطبيعي المبني على العمل والمكافأة عليه ، كما تسيء إلى التوزيع العادل للدخل والثروة في حين أن التأمين يزيل هذا التشويش ويساعد على الأمن والأمان والتنمية البشرية.


    وقد ذكرنا ان من شروط صحة التأمين أن يكون للمستأمن مصلحة في عدم وقوع الخطر ، في حين أن مصلحة المقامر تحقيق ما راهن عليه .


    وقد قـام بالـرد على هذا الرد الكثيرون وبالأخـص فضيــلة الدكتور حســـين حامد [88].


    ثالثاً: أن مسألة الربا في التأمين ذات شقين : الشق الأول قيام شركات التأمين بوضع الفلوس في البنوك الربوية بفائدة ربوية ، أو اشتراط إرجاع الفوائد الربوية في عقد التأمين على الحياة إلى المستأمن لا شك في حرمتها ، ولكن هذا خارج عما نحن نتحدث عنه ، وهو الحديث عن عقد التأمين من حيث هو ، ولذلك يمكن علاج ذلك بمنع هذه المحرمات من خلال شركات ملتزمة .


    الشق الثاني أن اعتبار الزيادة او النقصان بين القسط ، ومبلغ التأمين ربا فضل ونسيئة غير مسلم ، لأن التأمين عقد قائم على جبر الأضرار ، فليس القسط قرضاً ولا بيع نقد بنقد حتى يتحقق فيه الربا[89].


    والجواب عن ذلك أن العقد إذا صيغ على أساس المعاوضة ـ كما هو الحال في التأمين التجاري ـ فإنه يأخذ حكم البيع في عدم جواز النسيئة في الثمن (أي مبلغ التأمين) وبالتالي يتحقق فيه ربا النسيئة ، وإذا كان مبلغ التأمين أقل أو أكثر كما هو الحال الشائع فقد تحقق فيه ربا الفضل أيضاً .


    مناقشة جماعية :


    نجد مناقشة جماعية رائعة تبناها المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الأولى المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة 10ـ 17 شعبان 1398هـ ، لذلك نذكرها بالكامل لأهميتها وشموليتها وهي : ( أما بعد ..... فإن مجمع الفقه الإسلامي قد نظر في موضوع التأمين بأنواعه المختلفة بعد ما اطلع على كثير مما كتبه العلماء في ذلك وبعدما اطلع أيضاً على ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة المنعقدة بمدنية الرياض بتأريخ 4/4/1397هـ . من التحريم للتأمين بأنواعه .


    وبعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك قرر المجلس بالأكثرية تحريم التأمين بجميع أنواعه سواء كان على النفس أو البضائع التجارية أو غير ذلك من الأموال .


    كما قرر مجلس المجمع بالاجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء من جواز التأمين التعاوني بدلاً من التأمين التجاري المحرم والمنوه عنه آنفاً وعهد بصياغة القرار إلى لجنة خاصة .



    تقرير اللجنة المكلفة بإعداد قرار مجلس المجمع حول التأمين :


    بناءً على قرار مجلس المجمع المتخذ بجلسة الأربعاء 14 شبعان 1398هـ المتضمن تكليف كل من أصحاب الفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد محمود الصواف والشيخ محمد بن عبدالله السبيل بصياغة قرار مجلس المجمع حول التأمين بشتى أنواعه وأشكاله .


    وعليه فقد حضرت اللجنة المشار إليها وبعد المداولة أقرت ما يلي :


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه .


    أما بعد : فإن المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الأولى المنعقدة في 10 شعبان 1398هـ بمكة المكرمة بمقر رابطة العالم الإسلامي نظر في موضوع التأمين بأنواعه بعدما ما اطلع على كثير مما كتبه العلماء في ذلك وبعد ما اطلع أيضاً على ما قرر مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة بمدينة الرياض بتأريخ 4/4/1397هـ . بقرار رقم 55 من التحريم للتأمين التجاري بأنواعه .


    وبعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك قرر مجلس المجمع الفقهي بالاجماع عدا فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا تحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه سواء كان على النفس أو البضائع التجارية أو غير ذلك للأدلة الآتية :


    الأول : عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش ، لأن المستأمن لا يستطيع ان يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي أو يأخذ فقد يدفع قسطاً او قسطين ، ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمن ، وقد لا تقع الكارثة أصلاً فيدفع جميع الأقساط ولا يأخذ شيئاً وكذلك المؤمن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ النسبة لكل عقد بمفرده ، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع الغرر .


    الثاني : عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية ، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيه ، ومن الغنم بلا مقابل غير مكافئ فإن المستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين ثم يقع الحادث فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين ، وقد لا يقع الخطر ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل ، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قماراً ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) والآية بعدها .


    الثالث : عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنسأ فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها فهو ربا فضل ، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة فيكون ربا نسأ ، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نسأ فقط وكلاهما محرم بالنص والاجماع


    الرابع : عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم لأن كلاً منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة ولم يبح الشرع من الرهان إلاّ ما فيه نصرة للإسلام وظهور لأعلامه بالحجة والسنان وقدر حصر النبي صلى الله عليه وسلم رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا سبق إلاّ في خف او حافر أو نصل ) وليس التأمين منذ لك ولا شبيهاً به فكان محرماً .


    الخامس : عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل ، وأخذ بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلاّ ان تكون تجارة عن تراض منكم) .


    السادس : في عقد التأمين التجاري الإلزام بما لا يلزم شرعاً فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه ، ولم يتسبب في حدوثه ، وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له والمؤمن لم يبذل عملاً للمستأمن فكان حراماً .


    وأما ما استدل به المبيحون للتأمين التجاري مطلقاً أو في بعض أنواعه فالجواب عنه ما يلي :


    أ ـ الاستدلال بالاستصلاح غير صحيح فإن المصالح في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام قسم شهد الشرع باعتباره فهو حجة ، وقسم سكت عنه الشرع فلم يشهد له بإلغاء ولا اعتبار فهو مصلحة مرسلة وهذا محل اجتهاد المجتهدين ، والقسم الثالث ما شهد الشرع بإلغائه ، وعقود التأمين التجاري فيها جهالة وغرر وقمار وربا فكانت مما شهدت الشريعة بإلغائه لغلبة جانب المفسدة فيه على جانب المصلحة .


    ب ـ الإباحة الأصلية لا تصلح دليلاَ هنا لأن عقود التأمين التجاري قامت الأدلة على مناقضتها لأدلة الكتاب والسنة ، والعمل بالإباحة الأصلية مشروط بعدم المناقل عنها وقد وجد فبطل الاستدلال بها .


    ج ـ الضرورات تبيح المحظورات لا يصح الاستدلال به هنا ، فإن ما أباحه الله من طريق كسب الطيبات أكثر أضعافاً مضاعفة مما حرمه عليهم فليس هناك ضرورة معتبرة شرعاً تلجئ إلى ما حرمته الشريعة من التأمين .


    د ـ لا يصح الاستدلال بالعرف فإن العرف ليس من أدلة تشريع الأحكام ، وإنما يبنى عليه في تطبيق الأحكام وفهم المراد من ألفاظ النصوص ومن عبارات الناس في أيمانهم ، وتداعيهم وإخبارهم وسائر ما يحتاج إلى تحديد لمقصود منه من الأفعال والأقوال ، فلا تأثير له فيما تبين أمره وتعين المقصود منه ، وقد دلت الأدلة دلالة واضحة على منع التأمين فلا اعتبار به معها .


    هـ ـ الاستدلال بأن عقود التأمين التجاري من عقود المضاربة أو في معناه غير صحيح ، فإن رأس المال في المضاربة لم يخرج عن ملك صاحبه ، وما يدفعه المستأمن يخرج بعقد التأمين من ملكه إلى ملك الشركة حسبما يقضي به نظام التأمين ، وإن رأس مال المضاربة يستحقه ورقة مالكه عند موته ، وفي التأمين قد يستحق الورثة نظاماً مبلغ التأمين ولو لم يدفع مورثهم إلاّ قسطاً واحداً ، وقد لا يستحقون شيئاً إذا جعل المستفيد سوى المستأمن وورثته ، وإن الربح في المضاربة يكون بين الشريكين نسباً مئوية مثلاً بخلاف التأمين فربح رأس المال وخسارته للشركة وليس للمستأمن إلاّ مبلغ التأمين أو مبلغ غير محدد .


    و ـ قياس عقود التأمين على ولاء الموالاة عند من يقول به غير صحيح ، فإنه قياس مع الفارق ، ومن الفروق بينهما أن عقود التأمين هدفها الربح المادي المشوب بالغرر والقمار وفاحش الجهالة بخلاف عقد ولاء الموالاة فالقصد الأول فيه التآخي في الإسلام ، والتناصر والتعاون في الشدة والرخاء وسائر الأحوال ، وما يكون من كسب مادي فالقصد إليه بالتبع .


    ز ـ قياس عقد التأمين التجاري على الوعد الملزم عند من يقول به لا يصح لأنه قياس مع الفارق ، ومن الفروق أن الوعد بقرض أو إعارة أو تحمل خسارة مثلاً من باب المعروف المحض فكان الوفاء به واجباً ، أو من مكارم الخلاق ، وبخلاف عقود التأمين فإنها معاوضة تجارية باعثها الربح المادي ، فلا يغتفر في التبرعات من الجهالة والغرر .


    ح ـ قياس عقود التأمين التجاري على ضمان المجهول وضمان ما لم يجب قياس غير صحيح لأنه قياس مع الفارض لا أيضاً ، ومن الفروق أن الضمان نوع من التبرع يقصد به الإحسان المحض بخلاف التأمين فإنه عقد معاوضة تجارية يقصد منها أولاً الكسب المادي ، فإن ترتب عليه معروف فهو تابع غير مقصود إليه ، والأحكام يراعى فيها الأصل لا التابع ما دام تابعاً غير مقصود إليه .


    ط ـ قياس عقود التأمين التجاري على ضمان خطر الطريق لا يصح فإنه قياس مع الفارق كما سبق في الدليل قبله .


    ي ـ قياس عقود التأمين التجاري على نظام التقاعد غير صحيح فإنه قياس مع الفارق أيضاً لأن ما يعطى من التقاعد حق التزم به ولي الأمر باعتباره مسئولاً عن رعيته ، وراعى في صرفه ما قام به الموظف من خدمة الأمة ، ووضع له نظاماً راعى فيه مصلحة أقرب الناس إلى الموظف ، ونظر إلى مظنة الحاجة فيهم ، فليس نظام التقاعد من باب المعاوضات المالية بين الدولة وموظفيها ، وعلى هذا لا شبه بينه وبين التأمين الذي هو من عقود المعاوضات المالية التجارية التي يقصد بها استغلال الشركات للمستأمنين والكسب من ورائهم بطرق غير مشروعة ، لأن ما يعطى في حالة التقاعد يعتبر حقاً التزم به من حكومات مسؤولة عن رعيتها ، وتصرفها لمن قام بخدمة الأمة كفاء لمعروفه وتعاوناً معه جزاء تعاونه معها ببدنه وفكره وقطع الكثير من فراغه في سبيل النهوض معها بالأمة .


    ك ـ قياس نظام التأمين التجاري وعقوده على نظام العاقلة لا يصح فإنه قياس مع الفارق ، ومن الفروق أن الأصل في تحمل العاقلة لدية الخطأ وشبه العمد ما بينهم وبين القاتل خطأ أو شبه عمد من الرحم والقرابة التي تدعو إلى النصرة والتواصل والتعاون واسداء المعروف واو دون مقابل ، وعقود التأمين التجارية استغلالية تقوم على معاوضات مالية محضة لا تمت إلى عاطفة الإحسان وبواعث المعروف بصلة .


    ل ـ قياس عقود التأمين التجاري على عقود الحراسة غير صحيح لأنه قياس مع الفارق أيضاً ، ومن الفروق أن الأمان ليس محلاً للعقد في المسألتين وإنما محله في التأمين الأقساط ومبلغ التأمين ، وفي الحراسة الأجرة وعمل الحارس ، أما الأمان فغاية ونتيجة وإلاّ لما استحق الحارس الأجرة عند ضياع المحروس .


    م ـ قياس التأمين على الإيداع لا يصح لأنه قياس مع الفارق أيضاً ، فإن الأجرة في الإيداع عوض عن قيام الأمين بحفظ شيء في حوزته يحوطه بخلاف التأمين فإن ما يدفعه المستأمن لا يقابله عمل من المؤمن ويعود إلى المستأمن بمنفعة إنما هو ضمان الأمن والطمأنينة ، وشرط العوض عن الضمان لا يصح بل هو مفسد للعقد ، وإن جعل مبلغ التأمين في مقابلة الأقساط كان معاوضة تجارية جهل فيها مبلغ التأمين أو زمنه فاختلف عن عقد الإيداع بأجر .


    ن ـ قياس التأمين على ما عرف بقضية تجار البز مع الحاكة لا يصح ، والفرق بينهما أن المقيس عليه من التأمين التعاوني وهو تعاون محض والمقيس تأمين تجاري وهو معاوضات تجارية فلا يصح القياس ) انتهى قرار المجمع .



    الخلاصة :


    وبهذا العرض تبين لنا أن التأمين التجاري بصورته الراهنة غير جائز شرعاً ، وأن عقده باطل ، لأنه يقوم على الغرر ونحوه من المخالفات الشرعية .


    هذا وقد عرضت عقود التأمين على المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي 1403هـ ـ 1983م والمؤتمر الثالث له ، لكن المشاركين اختلفوا فيها ، ولم يصلوا إلى رأي واحد ، كما عقدت ندوة التشريع الإسلامي بدعوة من الجامعة الليبية 1392هـ ـ 1972م انتهى فيها المشاركون إلى الموافقة مؤقتاً على عقود التأمين عدا التأمين على الحياة ، فإنه غير جائز شرعاً ، واما ما عداه فاختلفوا فيه وقبلوه بصفة مؤقتة ، وفي عام 1396هـ ـ 1976م عقد المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي بمكة المكرمة ، اشترك عدد كبير من العلماء ، فبحث فيه موضوع التأمين ، وانتهى المؤتمر إلى : (ان التامين التجاري الذي تمارسه شركات التأمين التجارية في هذا العصر لا يحقق الصيغة الشرعية للتعاون والتضامن ، لأنه لم تتوافر فيه الشروط الشرعية التي تقتضي حله) .


    لذلك (يقترح المؤتمر تأليف لجنة من ذوي الاختصاص من علماء الشريعة وعلماء الاقتصاد الإسلامي لاقتراح صيغة للتأمين خالية من الربا والضرر يحقق التعاون المنشود بالطريقة الشرعية بدلاً من التأمين التجاري) .


    وقد ذكرنا قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي فقد قرر في دورته الأولى في 10 شعبان 1398هـ بمكة المكرمة بالاجماع ـ ما عدا الشيخ مصطفى الزرقا ـ تحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه سواء كان على النفس أم البضائع التجارية أو غير ذلك وجواز التأمين التعاوني تأكيداً لما جاء في قرار مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في دورته العاشرة بالرياض 4/4/1397هـ قرار رقم 51 ، 55 من اباحة التأمين التعاوني وتحريم التأمين التجاري [90].



    وكان مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف قد بحث موضوع التأمين في مؤتمره الثاني عام 1385هـ وقرر بخصوصه ما يلي :

    التأمين الذي تقوم به جمعيات تعاونية يشترك فيها جميع المستأمنين لتؤدى لأعضائها ما يحتاجون إليه من معونات ، وخدمات أمر مشروع ، وهو من التعاون على البر .

    نظام المعاشات الحكومي ، وما يشبهه من نظام الضمان الجماعي المتبع في بعض الدول ، ونظام التأمينات الاجتماعية المتبع في دول أخرى كل هذا من الأعمال الجائزة .

    أما أنواع التأمينات التي تقوم بها الشركات أيا كان وضعها مثل التأمين الخاص بمسؤولية المستأمن ....فقد قرر المجمع الاستمرار في دراستها بواسطة لجنة جامعة لعلماء الشريعة وخبراء اقتصاديين ....) .


    وكـذلك الأمـــر فـي المـؤتمر الثـالث حيث قـرر مواصـلة الدراســـة لـها.


    وأما مجمع الفقه الإسلامي الدولي فقد نص قراره رقم 9(9/2) على : ( أن عقد التأمين التجاري ذي القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمين التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد ، ولذا فهو حرام شرعاً )[91] .
    اعلى الصفحة


    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ([1]) البحر الزخار ط. مؤسسة الرسالة ببيروت 1366هـ

    ([2]) الشيخ محمد أحمد فرج السنهوري : بحثه عن التأمينات ، منشور في : بحوث اقتصادية وتشريعية للمؤتمر السابع لمجمع البحوث الإسلامية عام 1392هـ

    ([3]) هو محمد أمين بن عمر بن عبدالعزيز عابدين الدمشقي ، فقيه الديار الشامية ، وإمام الحنفية ، ولد بدمشق في 1198هـ ـ 1784م ، وتوفى بها في 1252هـ ـ 1836م ، وله كتب قيمة ، انظر : الأعلام للزركلي (6/267)

    ([4]) حاشية ابن عابدين ، ط. دار احياء التراث العربي ببيروت (3/249 –250)

    ([5]) حاشية ابن عابدين (3/250)

    ([6]) قال ابن عابدين : (3/250) : (نعم قد يكون للتاجر شريك حربي في بلاد الحرب فيعقد شريكه هذا العقد مع صاحب السوكرة في بلادهم ، ويأخذ منه بدل الهالك ويرسله إلى التاجر فالظاهر ان هذا يحل للتاجر أخذه لأن العقد الفاسد جرى بين حربيين في بلاد الحرب وقد وصل إليه مالهم برضاهم فلا مانع من أخذه )

    ([7]) بدائع الصنائع ، ط.العلمية (7/131)

    ([8]) مقدمات ابن مرشد ، ط. بهامش المدونة (3/352) والأم للشافعي ، ط. دار المعرفة بلبنان (4/227) حيث قال : (ولا يحل لهم ـ أي المسلمين ـ في دار الحرب إلاّ ما يحل في دار الإسلام ، ويراجع المغني لابن قدامة (7/71)

    ([9]) بحثه السابق الإشارة إليه ص 157

    ([10]) مجلة الأحكام الشرعية س 6 ص 83 ، وما بعدها

    ([11]) مجلة المحاماة الشرعية ، السنة 3 ص 597 ، نقلاً عن الشيخ محمد فرج السنهوري ، بحثه السابق ص 163

    ([12]) الشيخ السنهوري : المرجع السابق ص 163 ـ 164

    ([13]) المرجع السابق نفسه

    ([14]) المرجع السابق نفسه ص 166

    ([15]) مقالته حول : شركات التأمين ، وهل في الشريعة ما يجيزها ؟ المنشور في مجلة المحاماة الشرعية ، السنة 3 ص 689 ـ 690 العدد 8 ، عدد محرم 1351هـ مايو 1932م

    ([16]) صحيفة لواء الإسلام عدد رجب 1374هـ فبراير 1954م

    ([17]) انظر : مجلة الشبان المسلمين العدد 3 السنة 13

    ([18]) جريدة الأهرام المصرية العدد ا لصادر في 15 فبراير 1961

    ([19]) الشيخ محمد فرج السنهوري : بحثه السابق ص 199

    ([20]) المرجع السابق

    ([21]) عقد أسبوع الفقه الأول في باريس عام 1951 ولم يكن من بين موضوعاته الأربعة عقد التأمين

    ([22])الشيخ محمد فرج السنهوري : المرجع السابق ص 172 ـ 173

    ([23]) مجلة العلوم القانونية والاقتصادية ، العدد الصادر في يوليه 1962

    ([24]) انظر : ص 8 من قرارات وتوصيات المؤتمر الثالث

    ([25]) الشيخ محمد فرج السنهوري ، بحثه السابق ص 180 ـ 196

    ([26]) المرجع السابق ص 199 ـ 200

    ([27]) الشيخ محمد أحمد فرج السنهوري : المرجع السابق 179 ، ود. علي القره داغي : بحثيه السابقين ، ود. الزعبي : المرجع السابق ص 207 وما بعدهما ، والمراجع السابقة

    ([28]) يذهب إلى هذا الرأي جماعة منهم الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية السابق في رسالته : أحكام السكورتاه ، ط. النيل بمصر 1906 م ويراجع د. الزعبي : المرجع السابق ص 207

    ([29]) من أصحاب هذا الرأي الأستاذ مصطفى الزرقا : عقد التأمين وموقف الشريعة منه ، ط. دمشق 1962 ص 29 ، والشيخ علي الخفيف : التأمين ، بحث منشور في مجلة الأزهر ، ج8 السنة 37 1966 ص 480 وآخرون ، ولكن هؤلاء يبيحون عقد التأمين الذي ليس ربا ـ كما سنوضحه ـ وقد أسند إلى الشيخ محمد عبده فتوى بحل التأمين ، ولكن التحقيق ان فتواه حول المضاربة الشرعية وليس لها علاقة بالتأمين . انظر : د. الزعبي : المرجع السابق ص 424 ـ 429

    ([30]) وعلى هذا جماهير المعاصرين منهم الشيخ أبو زهرة في بحثه حول عقود التأمين ، مقال منشور بمجلة حضارة الإسلام ـ دمشق ع5 نوفمبر 1961 ص 10 ، 22 ، ويراجع د. الزعبي : المرجع السابق ص 207

    ([31]) يراجع : بحث الأستاذ الجليل مصطفى الزرقا : نظام التأمين ، موقعه في الميدان الاقتصادي بوجه عام ، وموقف الشريعة الإسلامية ، المطبوع ضمن كتاب الاقتصاد الإسلامي ط.المركز العالمي لأبحاث الاقتصاد الإسلامي ص 401 ، ويراجع د. حسين حامد حسان : المرجع السابق ص 143

    ([32]) انظر : صحيح مسلم ، كتاب البيوع (3/1153) وسنن أبي داود (2/228) الحديث رقم 3367 ، والنسائي (2/217) وابن ماجه (2/739) الحديث رقم 2194 والترمذي (3/532) والدارمي (2/167) والموطأ (2/664) واحمد (1/203 ، 2/367، 436،439،496) والبيهقي (5(226 ، 302،338،342) ومصنف ابن أبي شيبه (8/194/2)

    ([33]) يراجع : القاموس المحيط ، ولسان العرب ، والمعجم الوسيط مادة " غدر "

    ([34]) التعريفات للجرجاني مادة (غرر)

    ([35]) تبين الحقائق ط. بولاق مصر (4/46)

    ([36]) شرح العناية مع فتح القدير (5/192)

    ([37]) بدائع الصنايع (5/163) ط. مكتبة الجالية بمصر

    ([38]) التاج والإكليل لمختصر خليل بهامش مواهب الجليل (4/362)

    ([39]) فتح العزيز ، بهامش المجموع ط. المنيرية (8/127)

    ([40]) مطالب أولي النهى ط. المكتب الإسلامي بدمشق (3/25)

    ([41]) القواعد النورانية ص 116 ونظرية العقد ص 224

    ([42]) يراجع كتابه القيم : الغرر وأثره في العقود ط. الاقتصاد الإسلامي / سلسلة صالح كامل للرسائل الجامعية ص 54

    ([43]) الفروق (3/265)

    ([44]) بداية المجتهد ( 2/172) مع تصرف بسيط في العبارة ، والمجموع للنووي (9/258)

    ([45]) الفروق ط. دار المعرفة ببيروت ( 3/265 – 266)

    ([46]) الحديث الأول رواه أحمد ( 1/398) وابن حبان الحديث 1111 ، 1112 والبيهقي (1/343) والحديث الثاني رواه الترمذي (4/427) ومالك ص 414 والنسائي (7/295) وأحمد (2/71)ويراجع بحثنا حوله في مجلة مركز بحوث السنة والسيرة،ع 8 ص 299

    ([47]) يراجع : بدائع الصنايع (5/156) والقوانين الفقهية ص 272 ومغني المحتاج (2/16) وكشاف القناع (3/163)

    ([48]) د. حسين حامد : بحثه حول القيم بعنوان : حكم الشريعة الإسلامية في عقود التأمين ، ط. دار الاعتصام عام 1979 ص 66

    ([49]) يراجع : بداية المجتهد (2/172) والفروق (3/265) والمصادر السابقة

    ([50]) د. حسين حامد : المرجع السابق

    ([51]) الشيخ محمد ابو زهرة ، مقاله المنشور في مجلة حضارة الإسلام عام 4 ، وعدد 5 ص 525 ، ويراجع لذلك : د. الزعبي : المرجع السابق ص 227

    ([52]) المصادر السابقة عند حديثنا عن الغرر لدى الفقهاء

    ([53]) شرح النووي على صحيح مسلم (10/156) ، ود. حسين حامد : المرجع السابق ص 68

    ([54]) الفتاوى الهندية ( 4/425)

    ([55]) حاشية ابن عابدين (4/21)

    ([56]) فتح العزيز بهامش المجموع (8/139-140)

    ([57]) بداية المجتهد (2/172)

    ([58]) الكافي لابن قدامة ط. المكتب الإسلامي (2/71)

    ([59]) د. حسين حامد : المرجع السابق ص 72

    ([60]) المجموع (9/339)

    ([61]) حاشية ابن عابدين على الدررالمختار (4/22-23)

    ([62]) الفروق (3/265)

    ([63]) فتح الباري (4/......)

    ([64])الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (3/53)

    ([65])المجموع للنووي (9/258)

    ([66]) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 120 ، والأشبا والنظائر لابن نجيم ص 121

    ([67]) د. السنهوري : الوسيط (7/985 –986)

    ([68]) سورة المائدة / الآية 90

    ([69]) يراجع مسند أحمد (2/351ـ352، 1/274، 289،350)

    ([70]) د. حسين حامد : المرجع السابق ص 82

    ([71]) د. السنهوري : الوسيط (7/1086)

    ([72]) بحثه المقدم إلى المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي بمكة المكرمة ص 9

    ([73]) المرجع السابق ، ويراجع د. حسين حامد : ص 87 - 88

    ([74]) رسالة أحكام السيكورتاه ط. 1906 ص 6

    ([75]) المرجع السابق ص 542 – 252

    ([76]) د . حسين حامد ص 90 ، ود. الزعبي ص 262

    ([77]) سورة النساء / الآية 29

    ([78]) يراجع : مبدأ الرضا في العقود ، دراسة مقارنة ، حيث أثبتنا فيه أن الأصل في العقود والشروط هو الإباحة لدى المذاهب الأربعة (2/1186 – 1192) ومصادره المعتمدة

    ([79]) زكريا البري : الوسيط في أحكام التركات والمواريث ط. دار النهضة العربية 1977 ص 50 ، ود. الزعبي ص 315

    ([80]) يراجع : مصنف عبدالرزاق (9/107) واختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى ص 88

    ([81]) د. الزعبي ، حيث نقل عنهما في ص 316

    ([82]) الأستاذ الزرقاء : عقد التأمين وموقف الشريعة الإسلامية منه ص 23- 24

    ([83]) مشار إليه في د. الزعبي ص 320

    ([84]) يراجع لضمان خطر الطريق : حاشية ابن عابدين على الدر المختار (3/157)

    ([85]) الشيخ الزرقاء : عقد التأمين ، وموقف الشريعة منه ، حيث أفاض فيه

    ([86]) يراجع للرد على ذلك مصادر هؤلاء المذكورين سابقاً ، والدكتور الزعبي ص 323 وما بعدها

    ([87]) يراجع لمزيد من التفصيل والتأصيل : الدكتور حسين حامد في بحثه القيم المشار إليه سابقاً حيث أفاض فيه ص 94 إلى ص 125

    ([88]) المرجع السابق ص 125 إلى 136

    ([89]) ويراجع في الرد على هذا الرد : د. حسين حامد ص 36 - 142

    ([90]) يراجع : قرارات المجمع الفقهي الإسلامي من الدورة الأولى إلى الخامسة عشرة ، القرار الخامس من الدورة الأولى ص 31 ، هذا وقد ألف في الفروق بين هذين النوعين عدة كتب منها : كتاب د. غريب الجمال : التأمين التجاري والبديل الإسلامي ط. دار الاعتصام ص 250 وما بعدها ، وراجع لهذه القرارات أ.د. علي السالوس : المعاملات المالية المعاصرة ط. مكتبة الفلاح ص 378 – 402

    ([91]) مجلة المجمع : ع2 ج 2 ص
                  

01-10-2016, 06:12 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأمين التجارى حلال ام حرام ... تحديدا ما � (Re: احمد حامد صالح)


    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    طرح على هذا السؤال هنا فى مالى من قبل احد الاصدقاء من رجال المال
    لم تكن لى اجابة له لعدم معرفتى الاجابة
    ارجو الافادة شاكرا من له معرفة فى ذلك
                  

01-10-2016, 07:15 PM

فؤاد إبراهيم
<aفؤاد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 244

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأمين التجارى حلال ام حرام ... تحديدا ما � (Re: احمد حامد صالح)


    بعض شيوخ الخليج طلبو من الشيخ محمد متولى الشعرواى حلا شرعيا لمعضلة التأمين.
    قال لهم الشعراوى: ((تقرون بوجود مشكلة شرعية حول التأمين، وتريدون حلا شرعيا !)) وأضاف (( الحل عدم جواز التأمين)).

    ليس هنالك تأمين تجارى أو غير تجارى .. الهدف من التأمين واحد وهو درء المخاطر المالية وتحويل مسؤوليتها لشركة التأمين أو إعادة التأمين ..

    التأمين على الحياة والتأمين ضد السرقة والتأمين ضد الحرائق وغيره من أنواع الخسائر واحد ..

    كثير من عامة الناس والشيوخ يحاول ايجاد حلول شرعية لما هو محظور شرعا، بعضهم أحل (الربا) على مستوى المؤسسات الحكومية إذا كان
    المشروع الربوى المعنى لمصلحة العامة، علما بأن مخاطر (الربا) أعظم ما تكون على مستوى العامة واخف عنه على مستوى الأفراد والأسر.





                  

01-10-2016, 09:42 PM

احمد حامد صالح

تاريخ التسجيل: 10-21-2006
مجموع المشاركات: 2133

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأمين التجارى حلال ام حرام ... تحديدا ما � (Re: فؤاد إبراهيم)


    من بوابة الفيس بوك

    طارق عقيد · عطبرة الثانوية
    شكرا للأستاذ أحمد لفتحه هذا البوست وتطرقه لهذا الموضوع الذي يشغل بال العديد من الناس..
    في حوار مع الشيخ عبدالله بن منيع .. وهو متخصص في الاقتصاد والاقتصاد الإسلامي بصفة خاصة.. وله في هذا المجال عدد من المؤلقات .. وهو عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية وعضو لجنة الإفتاء .. وعضو مجمع الفقه الإسلامي .. وعدد من الهيئات ودرّس الاقتصاد الإسلامي في عدد من الجامعات السعودية.. سألته هل : التأمين المسمى بالتأمين التجاري حلال أم حرام؟ وما هي اهم الفروقات بينه وبين ما يسمى بالتأمين الإسلامي أو التأمين التعاوني والتأمين التكافلي والأخيرين صدرت عدة فتاوى بأنهما من أنواع التأمين الحلال؟ كان رده: التأمين بكافة أنواعه إما أن نعتبره حلالاً من مبدأ الأصل في المعاملات هو الحلال إلا ما ورد فيه نص.. وبالنسبة للتأمين بجميع أنواعه إما أن نعتبره حلال كله ونتعامل معه على هذا الأساس .. أو نعتبره حرام ونرفضه جملة وتفصيلا لأن التأمين يقوم على عناصر تشترك فيها كل أنواع التأمين وهي "المؤمن، والمؤمن له، والمؤمن عليه، والمؤمن ضده، وقسط التأمين، وعقد تأمين، والتعويض" وأضاف بأن جميع أنواع التأمين تجاري كان أم تعاوني أم تكافلي جميعها تشترك في هذه العناصر الأساسية وما سواها لا يعدو أن يكون اختلافات لا تؤثر في العناصر الاساسية المذكورة هنا .. ولك وافر الشكر والتقدير مجددا
                  

01-10-2016, 10:15 PM

منتصر عبد الباسط
<aمنتصر عبد الباسط
تاريخ التسجيل: 06-24-2011
مجموع المشاركات: 4165

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التأمين التجارى حلال ام حرام ... تحديدا ما � (Re: احمد حامد صالح)

    القاعدة العامة في المال هي قول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يحل مال إمرىء مسلم إلا بطيب نفس منه)
    والتأمين قد يكون إجباري ...
    لكن المشكلة في أنصاف العلماء الذين يبيحون التأمين ويبيحون الضرائب المكوسية التي منها الجمارك .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de