|
Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص (Re: Dahab Telbo)
|
4
لو أفترضنا أن هذا مفتاح ناجع للدخول إلى عوالم شاعرنا الصغير/ الكبير، والغوص في متاهاته السردية؛ سنقرأ من"سفر الالم" وهي القصيدة التي ترجمها الأستاذ صلاح محمد الحسن للغة الفرنسية، عن ألأرض 1- الأرْض :
أين سأضعُ قدميَّ الأرضُ جَمـْـــرٌ ....... الأرضُ عَـــــدم ....... الأرضُ مزبَلةٌ للحُزن . فكيفَ سأنتعِلُ بَسمَتِي العَارِيةُ والنِّسيانُ يقتنصُ ما تبِقّى مِن ظلٍ ويَمنحُنِي للطِّين فالعدمية هنا صارخة حتى في تعريف ثوابت العالم التي لها ألف شكل عند المعذبين، والمعذبون بالشعر أكثر سهاد وألم على الإطلاق، حيث انه تتراكم الأشياء، التي تعني "عذاب" مهما حاولت من تحوير تمظهرها، لتلعن الدواخل، وتجثوا على ربى الحزن الاسيف، المتاهات العبثية للمصليين بتلك النار الرخيصة، تؤدي الى عوالم تجعل النفوس تقدس العدم، لذلك يقول سيدنا عاطف " أجمل الناجين من الذبح صار يعبد خنجرا" ، فعندما يصبح الموت هو الملاذ الحتمي، يُعبد؛ وكذلك الحال مع الحزن والمباهج، ومن منا لا يعلم أن ثمانين بالمائة من دوافع الشباب المتشددين، الذين يفجرون أنفسهم في أوروبا هي المباهج التي عاشوها عيانا في ملاهيها الصاخبة. الموت ليس مخيفا في ذاته؛ ولكن العدم هو الذي يمنحه سلطة الروع، لذلك عندما يصبح العدم حكم في أرض هي " مزبلة للحزن" يكون للموت ألف مجد ومجد، وبيرا عندما يحاكم النسيان بجعله متربصا بالظلال، يقصد محاكمة المجتمع الذي أضحى بذاكرة اسماك صغيرة، تافهة بالنظر الى عالم البحر الخرافي، ستُمحى من الوجود، هي وذكرياتها عند أول محك للافتراس، إذاً هشاشة المجتمع هي المجرم الأكبر وليس ذلك النسيان، وهنا الرمزية المطلقة، لأنها تُلبد الحقيقة تحت طبقات كثيرة من الرموز، " النسيان/الهشاشة/ ثم الفعل". هنا ثمة سؤال سيقفز مفاده" ما هو ذلك (الفعل) المقصود؟" تُرى هل سيجيء ذلك اليوم الذي سيجد هذا السؤال من يخرسه، في ظل هذا التيه الذي يعيشه المجتمع السوداني!. وهذا التساؤل أيضا ليس للإجابة، الغوص في العوالم البيراوية "طبقات سيدنا بيرا عليه السلام" يحتاج لأكثر من بوست على هذا الفضاء الافتراضي. يحتاج لاستعداد اكبر، لسكون وعمق،لمخيلة موت أصدق من تلك التي تحتفظ بها مؤخرات أدمغتنا. ذات ليلة رتيبة، مررت أصبعي على شاشة الهاتف الصغيرة ضاغطا على ارقامها الضوئية لتسمح لي بالمرور نحو أشيائي التي أتسلى بها في المنفى والتي من بينها مواقع التواصل، مكتبة الكترونية،أخر تحديثات التحكم الالى،وأخيرا لعبة البوكيمون قو؛ وأنا أتكئ على الأريكة ويديّ موزعتان بين كأس القهوة والشاشة الضوئية، وقع بصري على نص يغري بأكثر من المطالعة السريعة على حائطه الفيسبوكي، كان هو ذات النص الذي اطلعت علية مرات عدة!، ولكن الإحساس مختلف في تلك الليلة الظلماء، فبعض المرات يكون البين مادا بصر السهاد في ليلة مظلمة ، والليالي المظلمة لها رهبة تدقدق القلب بوخز التذكر، حدث ذلك وأنا اقسم بصري بين الشاشة الصغيرة والسماء التي تنتصر لظلمتها رغم كيد ضياء المدينة الشاهقة، فالإنسان عندما يترك بلده يصبح مصابا باعتباط الحنين؛ فأيما شيء او موقف، ظاهرة، أو حتى تصرف عابر، تستطيع مشاعره أن تجعله موشي بذكرى تخص بلده، حيث لا جديد سوى قداسة البعاد، وسطوة المسافات، سنقرأ النص هنا وهو ذات النص الذي أقتطفنا منه رؤية الموت اعلاه، ولا ريب في أني سأظل أقرأه مرات كثيرة بعد دونما أجبركم على تجشم موته.
السِّيرةُ الذَّاتِيَّة للمَوت
بيرا كورا أشَيِّدُ قُطِّيَتِي مِن أَشلاءِ اللَّيل وأَسقِفُهَا بِمَا تَدَلَّى مِن عِطرُكِ أوصِدُها مِن جَمِيع الجِهَاتِ الأَلْف حتَّى لا تَشعُر الطُّرُقاتِ بالبَردِ الآتِي مِن تَحتِ إِبطَيكِ أَنحَتُ مَوتِي أَنفُخُ فِيهِ أُمنِيَتِي العَقِيمَة يَطِيرُ مَوتِي وَيحُطُّ عَلى كَتفُكِ يُغَرِّدُ.... تَسمَعِينه وحدُكِ كَتَثاؤُبِ نَهدَيكِ يَقرَأُكِ شَيئاً مِن تَضَارِيسِ الصَّدَى و إِِحتِضَار المَطَر تَلمَحِينَ إذّاكَ الشُحُوب إِخضِرارُ المَسَافة بَينَ المَدِينَة و الغِيَاب بِطُولِــــــ ( فََرقََعَة وَسَرابٌ مُعَلّب ) و أَنا كَمَا الرِّيح ... لََم أََحظََ بِوَقتٍ كَافِي لِأَختَار مِيلَادِي لَكِنِّي اِخترتُ مَوتِي فطُوبَى لِلمَوتُ وَطُوبَى لِي هُنا لِلمَوت مَعنىً واحدٌ وَلكِن بَعدُ المَوْت يَصِيرُ لَِلمَوت أَلفِ مَعنىً وَ مَعنَى هُنا لِلمَوت لَونٌ وَاحِدٌ وَلكِن بَعدُ المَوت يَجِيئُ المَوت بِأَلفِ لَون فلتَعِدِّي لِي مَا استَطَعتِ مِن شَفَتَيكِ و مِن شُذُوذِ العِطْر إِنّكِ لَا يَعنِيكِ المَوتُ او الحَياة بِقَدرِ مَا يَعنِيكِ الحُب وَلكِن يا حَبِيبَتِي لَا كَرامَة لِعَاشِق ٍحَيّ ! هَا هِي المَدِينَةُ عَشِيقَةُ الخَوف وَإِحتِشَادُ النَّسيَان تَبِيعُ صُكُوك الغُفران ِلِلجُوع تُمَوسِقُ الدِّمَاء , تُدمِي المُوسِيقَى وَ الأَرغِفَةُ تَتَسَوَّلُ العَابِرِينَ بِبَابِهِنَّ تَحَرُّشاً , وَالعَابِرُون يَرُدُّون بِتَقَزُّز ٍ: مَعَــــــــــــــــــــــــاذُ الجُوع ! تَحزَنُ الأَرغِفَةُ , يَهرَعنَ صَوبَ المِرَايا , يَبكِين , يَبكِينَ بِحُرقَة ٍ, مَا عُدنَ يَملِكنَ أَثداءً جَمِيلة , كَمَلاكِ المَوت , يَبكِينَ عُذرِيَّتِهِنَّ , يَبكِينَ حَتَّى تَتَقَلَّمُ أَظَافِرِهِنَّ , يَبكِينَ ثُم يَبكِينَ ثُم يَبكِين, يَنفَرِطُ اللَّيل , تُشهِرُ الرَّوَاكِيبُ إِيمَانها بالشَّمس , تَركَع , تَسجُد , تُسَبِّحُ بِـــــحَرِّ شَمسِهَا وَ الشَّمسُ حُبلَى بِأصوَاتِ الُّرصَاص , عَوِيلُ النِّسَاءُ الطُّبُول , صِرَاخُ الأَرضِ مِلءُ السَّمَاء غَيرَ َأنَّ أَنَامِلُ السَّمَاءِ مُخَضَّبَة ٌ لَا تَدرِي مَا الأَلَم , وَ كُلَِّ مُشتَقَّاتِ الحَنِين أَمَّا الوَطَن ؟ الوَطَنُ كَائِنٌ مِيتَافِيزِيقِي , يَعُوسُ حُضُورَهُ بِدِمَائِنَا , يَتَلصَّصُ عَلى قَصَائِدِ الحُب , يَسرِق , يَزنِي يَبكِي , فَيَمُوتُ الأَطفَالُ كَي يَسكُت يَضحَكُ , فَيَمُوتُ العَجَائِزُ إِختِنَاقاً يَنزِفُ , فَنُعَوِّضُهُ خَمراً عُذراً قَصِيدَتِي عُذراً حَبِيبَتِي فالسّاعة الآن ... غَداً , وفي ما مَضى مِن وقتٍ لازِبْ تَظَلُّ السّاعةًُ مَوتٌ و مَحضُ " جَنْجَوِيدْ " - تَصَدُّإِ الطُّرُقات.... - تَقَلُّص السَّماءِ فَوقَ " تَابِت ".... - وَظُهُورُ نَبِيّ ٍفِي مُعَسكَرِ " كَلمَة" ـــ عَنَاوِينٌ بَارِزة في أخبَارِ " رَادِيُو دَبَنقَا " ــــ لِهذِهِ الأَرضُ شِفَاهٌ مِن دُخَان لكِنِّي يَا حَبِيبَتِي...... وَبِمَحضِ إِرادَتِي..... سَأَمُوت ........ حَاضِناً هَاتِيكِ السُّجُون سَأَمُوتُ عَلى بُعدِ عدَّةِ قُبلَات ٍمِن بَارُودِ الرُّصَاص لَا تَبكِينِي وَلَا تُكَفِّنِي نَعشِي بِقُمَاش بَل كَفِّنِينِي بِقَصَائِدِي وَلَا تَقبُرِينِي فِي تَابُوت بَل ابذُرِينِي فِي طَبلِِي المَهدُور وسِأكُونُ حُرّاً.... مُحتَقِباً دُمُوعَ ُأمِّي آنَ مَولِدِي حُرَّاً ... كَمَا الجُوع , كَمَا المَوت . !
تلبو
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
في رحاب الشاعر بيرا كُورا "قراءة ونصوص" | Dahab Telbo | 11-03-16, 10:06 PM |
Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوصandq | Dahab Telbo | 11-03-16, 10:11 PM |
Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص | Dahab Telbo | 11-03-16, 10:26 PM |
Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص | Dahab Telbo | 11-04-16, 01:34 AM |
Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص | Dahab Telbo | 11-04-16, 08:56 AM |
Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص | Dahab Telbo | 11-04-16, 10:04 AM |
Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص | Dahab Telbo | 11-04-16, 09:02 PM |
Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص | Dahab Telbo | 11-06-16, 08:50 PM |
Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص | Dahab Telbo | 11-06-16, 09:14 PM |
Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص | Dahab Telbo | 11-08-16, 06:21 PM |
Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص | Dahab Telbo | 11-08-16, 06:29 PM |
Re: في رحاب الشاعر بيرا كُورا andquot;قراءة ونصوص | Dahab Telbo | 11-08-16, 06:38 PM |
|
|
|