Quote: ثالثاً: لماذا تصدت الرابطة الشرعية للترابي والصادق المهدي؟والجواب واضح لكل ذي عينين، أما أصحاب الفطر المطموسة، والبصائر المعكوسة، فالله حسيبهم وكافينا إياهم.
السبب أنهما أنكرا ما هو معلوم من دين الله ضرورة، بنفي ما أثبته الله ورسوله وإثبات ما نفياه، وإليك طائفة من الطوام العظام والضلال البين، وما حكمنا عليهما إلا بما سطره بنانهما ونطقت به ألسنتهما.
كنا في أول الأمر نطالب بالمراجع التي وردت فيها هذه الضلالات والانحرافات، لكن والحمدلله كفينا ذلك لنشر ذلك في الفضائيات والإذاعات وبما سودا به الصحف والكتب والمجلات.
فقد نجسا الجو بنشر ذلك على الهواء مباشرة ولوثاه ودنساه، وأذيا بذلك أسماع الملائكة المقربين وعباد الله الصالحين، فعليهما من الله ما يستحقانه، وعلى وسائل الإعلام التي تنشر هذا الضلال، وتروج له، وتفتح لهما المجال، وتسوق لما يقولانه الجزاء الأوفى يوم يبعث من في القبور ويحصل مافي الصدور، وهو آت وكل آت قريب، وما تقوم به هذه الوسائل وتظنه هيناً هو عند الله خطير عظيم وإثم مبين، والله الموعد.
نماذج ما أنكراه مما هو معلوم من الدين ضرورة ومعلوم عند سائر المسلمين جزاء من يفعل ذلك.
(أ) الترابي:
إنكاره للقيامة الجامعة. بحجة: أين الأرض التي تسع كل الخلق؟
زعمه أن إبراهيم عليه السلام كان مشركاً قبل البعثة. رداً لقوله تعالى: "وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ"([7]).
إنكاره نزول عيسى عليه السلام، وقد نطق بنزوله القرآن الكريم، وشهدت بذلك سنة سيد المرسلين، وأجمع عليه أهل الإسلام.
زعمه أن حواء أول الخلق وليس آدم عليهما السلام.
إنكاره للحور العين، رداً لقوله عز وجل: " حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ * فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ"([8]). وقوله: "إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء"([9]). مع أنه قبل ذلك زَوَّجَ منهن لعدد ممن استشهد في الجنوب ـ تقبلهم الله ـ في بدعته المنكرة: عرس الشهيد.
إنكاره حد الردة.
إنكاره حد رجم الزاني المحصن.
سعيه الحثيث لخلط الأديان في المؤتمرات العديدة التي عقدت ودنست بها الخرطوم ـ مؤتمرات تـوحيد الأديان، والحزب الإبراهيمي ـ رداً لقوله عز وجل: "إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ"([10]).
إنكاره عصمة الأنبياء إلا من الناس.
إنكاره عدالة الصحابة.
زعمه أن الاشتغال بالغناء والموسيقى وامتهان ذلك سبب من أسباب دخول الجنة.
قوله عن حديث الذباب الذي ورد في أصح كتاب بعد كتاب الله ـ صحيح البخاري ـ : (لا آخذ فيه بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أسأل عنه عالم الدين، وآخذ فيه بقول الطبيب الكافر).
والغريب أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينف نقل الذباب للقاذورات و"للميكروبات" ولكنه أرشدنا إلى وسيلة التخلص من ذلك، والأمر بغمسه إذا وقع في الإناء أمر إرشاد، فمن لم تطب نفسه ولم يغمسه ويشرب فلا حرج عليه البتة، ومن فعل ذلك موقناً بصدق رسوله لن يصيبه من ذلك مكروه أبداً.
رده لحديث: "النساء ناقصات عقل ودين".
أجاز للمسلمة أن تتزوج الكافر.
هذا قليل من كثير، وغيض من فيض، مما سمعناه وقرأناه، وما خفي أعظم.
(ب) صادق المهدي([11]):
اعتراضه على تفضيل رب العالمين للذكر على الأنثى في الميراث رداً لقوله تعالى: "لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ"([12]).
اعتراضه على مشروعية تعدد الزوجات على الرغم من أنه هو معدد، رداً لقوله تعالى: "فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ"([13]).
إنكاره للنقاب وزعمه أنه مجرد عادة.
رده لعدد من الأحاديث من جملتها: "النساء ناقصات عقل ودين". ورحم الله الشيخ أبا زهرة عندما كان أستاذاً في الجامعة الإسلامية بأم درمان وقالت له إحدى المتفلتات المتمردات على الشرع: صحيح أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "النساء ناقصات عقل ودين؟!" . قال لها: نعم، ولكنه يعني بذلك أمثال عائشة، وحفصة، وفاطمة رضي الله عنهن. أما أنتن فليس لكن عقل ولا دين. أو كما قال رحمه الله.
أجاز للمرأة أن تصلي إلى جنب الرجال، وما أفصح عن العلة، ولعلها لكي يزدادوا خشوعاً في صلاتهم؟!
إجازته للفوائد الربوية، فليبشر بحرب من الله ورسوله لمن أباح ذلك: "فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ"([14]).
وصفه لشريعة رب الأرباب بأنها شريعة القطع والبتر، وزعمه أن القوانين التي عمل بها في عهد الرئيس السابق جعفر محمد نميري رحمه الله لا تساوي المداد الذي كتبت به.
والحق أنها كانت موافقة لمذهب جمهور أهل العلم، وتُجنب فيها أي قول شاذ حسبما علمنا.
إن الصادق المهدي يعاني من تناقض كبير بين ما جاء به من أوليائه الإنجليز من أفكار التحررـ والدعوة إلى تَفَسُّخ المرأة من حجابها، وبين ما كان عليه أنصار المهدي من محافظة، ولذلك يرمي جده المهدي بالتشدد فيقول: (لقد كانت الأحكام الخاصة بالمرأة والتي أصدرها الإمام المهدي متشددة جداً وذلك لأن ظروف المجتمع السوداني في مطلع القرن الرابع عشر الهجري كانت كثيرة الانحلال والتفسخ) ([15]). ويقول في نفس الكتاب بعدها بصفحات: (ربما سأل سائل عن تشدد الأحكام الفقهية التي أصدرها الإمام المهدي بشأن المرأة فلماذا كانت صارمة لهذه الدرجة من الصرامة؟ وكيف نتجاوزها نحن الآن؟ لقد واجه الإمام المهدي ظروف تفسخ وانحلال في المجتمع مما أوجب التشدد في الأحكام الفقهية).
وهل هذا التفسخ والانحلال الذي تشدد بسببه جدك في القرن الرابع عشر الهجري، لا يوجد اليوم؟ أم أنه زاد أضعافاً مضاعفة مع فضائيات التهتك وانترنت الإباحية والفجور؟ إنه الهوى.
نكتفي منه بهذا القدر من الغثاء، وقد تركت الكثير مما سمعناه منه.
ثبت بذلك أن الذي دفعنا للرد عليهما هذه الأقوال المنكرة المخالفة لما هو معلوم من الدين ضرورة، ولو كفوا شرهم عن ديننا لما تعرضنا إليهما في السياسة العصرية التي فشلا فيها فشلاً ذريعاً، وكانت بضاعتهما فيها بضاعة مزجاة بائرة، لأن العبرة بالخواتيم لأنها ليست سياسة شرعية وإنما هي باطل دل على باطل، ولا كذلك عن نبذ قومهم لهما وتبرء الكثير منهم، وانشطارهم عنهم، وكل هذه الإخفاقات إنما هي ثمرة لمحاداتهما ومشاقاتهما لله ورسوله.
رابعاً: نحن والله أنصح للترابي وصادق المهدي من أبنائهما وأتباعهما
وذلك لإسداء النصيحة لهما، فالنصيحة هدية قيمة بأي أسلوب جاءت، ولا يحل الاستنكاف عن قبولها ولهذا قال الخليفة الراشد الملهم عمر: رحم الله امرءًا أهدى إليَّ عيوبي.
ولهذا قال ابن أبي ذئب لأبي جعفر المنصور رحمهما الله عندما نصحه وأغلظ عليه في النصيحة عندما سأله عن رأيه فيه. قائلاً: (ورب البنية([16]) إنك لجائر) فلما هم أحد المتزلفة أن ينال منه نهاه ابو جعفر قائلاً: كف يا ابن اللخناء. عندها قال له ابن أبي ذئب: (والله إني أنصح لك من ابنيك) أو كما قال.