|
الكفر الـمَخَرَّز
|
09:27 PM October, 07 2016 سودانيز اون لاين عبدالعزيز الفاضلابى-Brooklyn, NY مكتبتى رابط مختصر ونحن صبية ,, كنا نلهو ونلعب فى فناء القرية الذى نُسَمِّيه {السِهِيلَة} وكانت كورة الشُراب والدافورى حيث نمضى سحابة يومنا فى اللعِب لايوقفنا الا الشعور بالجوع فينفض جمعنا وتخلو السِّهِيلة ويتلاشى غبار تلك الاقدام الصغيرة التى كانت تركل الكورة ,, نذهب لنملأ البطون الصغيرة بطعام الفطور الذى عكفت الأمهات على اعداده منذ شروق الشمس الى وقت الضحى ,, لنعود للتجتمع من جديد فى السِّهِيلة نتفيأ ظلال الحيطان لأن اقدامنا الحافية لن تحتمل رمضاء الظهيرة فنجلس فى الظل نلعب السيجة وسفرجت وهودنا ياهودنا ,, حتى يحين وقت الغداء فنسبق عودة الآباء من الحواشة او الورشة وندلف الى الطرُمبة التى لايخلو منها دار ونُشَطِّف ارجلنا وايدينا ونغسل الوجوه التى علاها غبار الدافورى وثبَّته العرَق على تلك الوجوه لنزيلها حتى لاتكون شاهداً علينا ,, والوالدات يساعدننا فى ازالة كل اثارة من غبار وتعمية كل علامة تدل على جرح او كدمات تثبت علينا مانهينا عنه. نتناول طعام الغداء وبعده يخلد الكبار الى قيلولة ثم تبدأ الحياة بُعَيد القيلولة عِند الأصيل ,, فيخرج الرعاة بالسعية الى البرية ويذهب الآباء والأمهات الى الجروف فمنا من يتبعهم ليمضى الوقت الى غروب الشمس فى صيد السمك ,, والعوم تحت ناظرى ابويه او يطارد {القيِّل قَيِّل} والفراشات وفى زمن الحصاد يشتغل بصيد القمرى والدباس والبَليب. وبعضنا يعود الى السِّهِيلة لنواصل لعبنا حتى المساء. يمضى بنا العمر ونلحظ ان كورة الشراب ما عادت تناسبنا فنجتمع جلوساً على الارض ويقترح بعضنا أن نجمع فلوساً لنشترى كورة كَفَرْ. نتحمَّس للفكرة فتواجهنا مشكلة التمويل فتجيئ الاقتراحات ويفوز الاقتراح القائل كل واحد يدفع ريالاً ,, وننتخب أحدنا ليكون أميناً على المال وهو نفسه اميناً على الكَفر والمنفاخ الذين اشتريناهم من سوق عطبرة. صار الآن لدينا الكَفَر والسِّهِيلة ملكنا لاينازعنا فيها احد ولايطمع فيها طامع كل واحد فى القرية راضٍ بما عنده ,, اخترنا اسماً لفريقنا ,, النجوم ,, فقلَّدنا اولاد الحى الشمالى من القرية واشتروا كفراَ وسموا فريقهم النيل ,, وصارت المنافسات تجرى بيننا ,, وكانت اللقاءات بيننا تتم استجابة لدعوة طرف للطرف الاخر ليتبارى معه ,, وكنا عندما نتشاجر لأسباب مزاجية ويحرد احدنا يقول: انا ما عاوز اشتراك معاكُن يا ترَجِّعوا لى ريالى او اقطع حته من الكفر بقدر مساحة الريال ,, والبشارة ان الكفر المخَرَّز لم يحدث ان قَطَّعناه إرَبا رغم عقولنا الصغيرة اختلفت فيما بينها لكنها اتَّفَقت أن يبقى الكَفر ملكاً لنا جميعاً يسعدنا نلهو به ولكن لانُمَزِّقه. تلك كانت قصة كفر ,, والآن هى قصة وطن.
|
|
|
|
|
|