|
Re: لعبة الاقتباسات وأشباه الاقتباسات (Re: عليش الريدة)
|
لعبة الاقتباسات وأشباه الاقتباسات
لدي صديق لا يزورني إلاّ عندما يكون متكدرا،فكلّما ألمت به مصيبة هرع إلي، أمّا سوى ذلك فلا..لكنه لايأتيني ليشكو،وإنما ليحكي..يظل يحكي ويحكي عن هرطقات كثيرة،دون أن يقول شيئا واضحا عن مصيبته أو سبب كدره الذي به أتى إليّ،ثم بعد أن يفرغ في أذني كل تلك الشحنات من المواد شديدة الخطورة يعود لاهثا وبنصف إغماضة ليسألني : ماذا تقول؟ وأنا بطبيعة الحال كنت في كل مرة يأتيني فيها أعلم أن هناك شيئا يكدره، فالحزن كما أنتم قد جربتم، له جينته العنيدة التي يصعب تنحيها أو تذويبها ..غير أني لم تكن لدي مشكلة أبدا في هذه الطريقة التي اختار أن يحل بها همومه،أو أن يدفنها بها بالأحرى..فهذا خيار يعود إليه هو وحده في المقام الأول.. لكن كانت مشكلتي الكبرى في هذه الطلاسم التي أُضطّر في كل مرة لسماعها دون أن افهمها، ولا يتوقف سوء الأمر عند ذلك السماع فحسب،بل لأن صديقي لايقبل أبدا أن أعبّر له عن عدم استيعابي لما يحكي، ولأنه كذلك لا يتنازل أبدا عن طرح سؤاله اللحوح: ماذا تقول؟ كنت مضطرا أيضا لصياغة ردود ما علي تلك الطلاسم. وهداني تفكيري بعد أنضبت تلك الهجمات المتكررة،كل معيني من الردود المتعارف عليها في مثل هذه الأحوال،وأيضا كل تلك التي تخيلتها،إلي حيلة طريفة وعجيبة،وهي أن أقوم بحفظ بعض الاقتباسات الجاهزة من أقوال الحكماء والفلاسفة المشاهير، ثم حسب تخميني لما يدور في الخط العام لسير الحكي الذي يجري أمامي، أحدد أنسب اقتباس منها، واحتفظ به في ذهني حتي إذا ما جاء السؤال الذهبي :ماذا تقول؟ عندها اضغط علي الزناد وأقذف برصاصة ذلك الاقتباس في أذن صديقي العجيب هذا.. ومنذ أول يوم طبقت فيه هذه الفكرة لاقت معه نجاحا منقطع النظير ،أوربما يكون فشلا منقطع النظير..ليس هناك يقين..لكن الظاهر الذي ظل يحدث أمامي هو أن كل تلك الاقتباسات التي جمعتها ووعيتها، لم تكن مناسبة لما يحكي به صديقي، أو قد تكون غير المناسبة هي فقط الكيمياء التي بها اختار الاقتباس.. ليس هناك يقين أيضا..علي أي حال كان صديقي يدفن وجهه في كفيه ثم يغرق في موجة عاتية من الضحك في كل مرة أسدد فيها على طبلة أُذنه تلك الرصاصة الضبابية والمعبأة أيضا بالبارود الضبابي..ولأنه كانت تظهر عليه أحيانا في بعض لحظات الصفاء النادرة،سيماء تأنيب الضمير من اعترافه لحد ما،بحقيقة أن مايصبه في أذني مجرد ترهات فقط ولاشئ خلاف ذلك،لذلك لم تكن تراوده الجرأة أبدا ليسألني ماعلاقة ما قلته بما قاله. ولأننا لم نهتم يوما لضرورة أن يجمعنا قياسٌ للأشياء واحد وواضح ومحدد ،لذا لم أكن أدري بصورة يُطمأن بها،هل كان صديقي عندما يأتيني يريد أن يسمع مني المناسب لمشكلته تلك المخبأة، أم يريد أن يسمع غير المناسب لها..لم يكن هناك يقين أيضا..لكن اليقين الوحيد الذي أتحصل عليه بينما أنا في معيته هو أني أوقن أن اليقين أبدا لم يكن ثالثنا في أي لحظة زارني فيها صديقي هذا.
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/icon_edit.gif)
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
لعبة الاقتباسات وأشباه الاقتباسات | عليش الريدة | 08-27-15, 01:07 PM |
Re: لعبة الاقتباسات وأشباه الاقتباسات | علي دفع الله | 08-27-15, 02:20 PM |
Re: لعبة الاقتباسات وأشباه الاقتباسات | عليش الريدة | 08-27-15, 03:09 PM |
Re: لعبة الاقتباسات وأشباه الاقتباسات | عليش الريدة | 08-27-15, 08:31 PM |
Re: لعبة الاقتباسات وأشباه الاقتباسات | عليش الريدة | 08-28-15, 05:19 AM |
Re: لعبة الاقتباسات وأشباه الاقتباسات | عليش الريدة | 08-28-15, 08:11 AM |
Re: لعبة الاقتباسات وأشباه الاقتباسات | عليش الريدة | 08-28-15, 01:57 PM |
Re: لعبة الاقتباسات وأشباه الاقتباسات | سيف النصر محي الدين | 08-28-15, 06:11 PM |
Re: لعبة الاقتباسات وأشباه الاقتباسات | عليش الريدة | 08-29-15, 05:54 AM |
Re: لعبة الاقتباسات وأشباه الاقتباسات | محمد عبد الله حرسم | 08-30-15, 05:47 PM |
Re: لعبة الاقتباسات وأشباه الاقتباسات | عليش الريدة | 08-30-15, 09:11 PM |
Re: لعبة الاقتباسات وأشباه الاقتباسات | سيف النصر محي الدين | 08-30-15, 09:30 PM |
Re: لعبة الاقتباسات وأشباه الاقتباسات | عليش الريدة | 08-30-15, 09:42 PM |
|
|
|