بسم الله الرحمن الرحيم ولئن مضى فقد خلفكم وفيكم منه الجلد والاستقامة (( كلمة في رثاء صاحب الفؤاد المعطاء )) المرحوم الأستاذ / حسن أحمد يوسف .. طيب الله ثراه الحمد لله نحمده ونستعينه على ما أصابنا وحل بنا ، نسأل الله الهداية والقلوب الخاشعة ، والألسن الشاكرة الذاكرة . الحزن يعمر القلب ولئن تقلد الانسان التعازي وضروب المواساة ، فإن ما رأيته فيكم أهلي وعشيرتي الأبرار من الجلد والصبر على المكاره ، يكاد لا يبقى منه شيء ... لا أنكر أن موته قد هزني هزا عنيفا ، فعرفت أن لفقد هذا الوالد طعما غير ما كنت أظن .. ومع التسليم التام بقضاء الله والمعرفة اليقينية بأن يوما كهذا لا بد قادم ، إلا أن الطعم كان مرا واضطراب الجوانح جد عنيف . لا سيما والفقيد هو من تعرفون . لا تسمع صوتا لكائنات الله إلا وكان مختلطا بصوته ، يقف بينك وأحاديث نفسك لتتمثل قيمه وأنت تحدثها ؛ كان ولم يزل ما تفر خاطرة الى الذهن ألا وسابقها خياله إليه حسن أحمد يوسف . اسم محفور في الذاكرة ، نفس تبرق من صفائها ، رجل فاضل جليل تمدد على مشاعر الناس فأضحى ملء السمع والبصر ، اختاره الله في من يختار من عباده فهو من نوادر الرجال في أيامنا هذه ، وممن يستحقون التكريم و التسجيل لحياتهم لما كان له من مكانة اجتماعية رفيعة . لقد نشأ الفقيد في بيت رفيع الأصل ، وكان بمستوى هذا البيت في مكانته ، ومثالا للتواضع والبساطة ، وعلى الرغم مما أنعم الله عليه وعلى آل بيته من فضله الواسع ، فإنه آمن بالبساطة وجعل الجوهر مبدأ له قبل المظهر ، وسفه مباهج الدنيا وبهرجها وعمل دائما وأبدا لأخراه ، يصل الأرحام ، يصلح ذات البين ، يواسي الفقير ، يشد من أزر الضعيف ، ينفق في سبيل الخير الكثير ، والخير هو أهله وطريقه ، فقد كان لكل ذي حاجة خير سند وناصح ومعين ، كان لايبخل بالمشورة على أحد ، فيشير بعقله الراجح ، وفكره الثاقب ، وحكمته ورأيه السديد .. كان ذا شخصية قوية ونفوذ في العائلة كبير ، وله مواقف يعجز عن وقوفها الكثيرون ، ففرض بذلك احترامه على الجميع ، ونال منهم ما لم ينله غيره من تقدير وتبجيل. هذا بعض من ملامح الفقيد الذى ضرب مثلا آخر في مواجهة المرض الذي وضع حدا لحياته الحافلة فمثلما كان يجلس قرب رأس الكثيرين ممن ودعوا هذه الحياة رجالا ونساء يلقنهم الشهادتين ويشجعهم على مواجهة الموت ، فإنه واجه الموت بنفس القوة والصبر والإيمان ، فودع هذه الحياة بنفس راضية مرضية ، تاركا وراءه العمل الطيب ، والذكر الكريم ، والسمعة العطرة .. تاركا وراءه علما ينتفع به من خلال ما ساهم فيه من منشآت علمية وتربوية .. تاركا وراءه أولادا صالحين بإذن الله ، يدعون له ، هم كل أفراد عائلته ومعارفه ومن كان يغمرهم بفضله وعطفه ، رحمه الله وأكثر فينا من أمثاله رجالا يعرفون الله ويفعلون الخير ويخدمون مجتمعهم .. رحمه الله فإنه لم يكن فريدا بين الرجال في عصره فحسب ، بل كان رجلا لا كالكثير من الرجال أخي وصديقي الدكتور / علاء الدين حسن أحمد يوسف ، حفظه الله ومد له من أسباب الحياة الهادئة الهينة ما كان بغيتي ومناي ... الابن الصالح الذي يدعو لوالده واحدة من ثلاثة أعمال للمرء لا تنقطع بموته ، ولئن مضى الوالد فقد خلفكم وفيكم منه الجلد والاستقامة ، الانتباه وحسن التفكير ، التدبير والتدبر . ليس بكاف حملكم هذه القيم ، إنما الوفاء الحق أن تورثوها أبناءكم بإذن الله فيتصل الحفدة بالجدود بحبل متين من القيم الرفيعة ، وما مات من مشت سيرته بين الناس قيما تحيى في أبنائه ، خلقا يمشي في خلق حسن بوجوه نيرات وسع الله في رحمته ، وأحسن قبوله ، وجعل الفردوس الأعلى مستقرا له أيها الجمع الكريم ، اطلبوا لفقيدنا عند الله الرحمة ، يرحمكم الله
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة