الأستاذ محمود: بين "إنصاف" عبدالله الفكي و "تحامل" محمد محمود. بقلم إبراهيم عبد النبي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-13-2024, 09:40 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-11-2015, 03:03 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49044

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله (Re: Yasir Elsharif)

    الأستاذ محمود: بين "إنصاف" عبدالله الفكي و "تحامل" محمد محمود (5)

    في الحلقة الرابعة استعرضتُ مزيدا من أوجه (التجاذب) لدى محمد محمود في تعامله مع (طه) ومع (فكر طه)، كما أبرزتُ في نهاية الحلقة، جانبا من سمة (التناقض) في (تفكير) محمد محمود نفسه: فهو من جهة يدعو إلى تجاوز الدين، مرة واحدة، وإلى الأبد، بل يدّعي أن (النبوة) من (صنع الأنبياء)! ويتبنى هذا الموقف تحديدا عندما يتحدث في سياق (الإسلام)، مرتديا بزّة (العقلاني) و (العلماني)، ليظهر في المجتمعات المسلمة، بمظهر المثقف المستنير (الثائر)، و (داعية التحرر) من وهم (الخرافة)، و (عقابيل الدين)!

    أما في مواجهة جمهوره في الغرب، حيث يعمل، فالدكتور، عندما يتحدث عن (الدين)، يحب أن يعزف نغمة التيار (السطحي) السائد، حيث يكون حريصا على أن يعكس (انبهاره الدائم باستكشاف وفهم وتحليل العقائد الدينية، الظاهرة والباطنة والمفترضة) و (شغله الدائم بأثر الدين "العميق" في تشكيل وتكييف وعي الناس ونظم القيم في كافة المجتمعات عبر التاريخ الإنساني)! ولا ينسى أن يحدثهم عن أن (ما يجذبه ويروقه "بالتحديد" في تدريس الأديان هو أن التدريس نفسه يصبح عملية تعلم مستمرة حيث يجد المرء نفسه في عملية تفاعل مستمر مع أفضل العقول في هذا المجال)!! وعلى هذا، فإن المرء ليحار: هل دافع هذه الأحاديث هو مجرد (الاندغام) و (الانسجام) مع (سبل) العيش، والتوظيف، في الغرب، أم أنها أصيلة، ونابعة عن (حس) صادق؟! وإلا، فأيهما الأصل: أحاديث الدكتور الموجهة للمسلمين عن (الحاجة الملحة لتجاوز الدين) و (التأكيد على نفي أي دور له في المجالات "السياسية" و "الاقتصادية" و "الاجتماعية")؟ أم أحاديثه الموجهة للغربيين عن (أثر الدين العميق وبقائه واستمراره، كمكون حيوي، ودوره الفعال في كافة المجالات "السياسية" و "الاقتصادية" و "الاجتماعية" الخ)؟؟

    عليه، وفي ظل هذا التناقض، لا بد أن يثور سؤال منطقي، وهو: هل يكون (الدين) الذي يتحدث عنه محمد محمود بهذا الإعجاب، والانبهار، والانجذاب، هو نفسه (الدين) الذي يدعو الدكتور المسلمين، والسودانيين على وجه التحديد، إلى تجاوزه؟ أم أن (التجاوز)، عند الدكتور، مقصود به دين (الإسلام) حصرا!؟

    والإجابة يمكن أن نستشفها من قول محمد محمود هذا، الوارد في مقال له (نشر حديثا) في الأسافير، بعنوان (نحو مدارس علمانية) حيث يقول:
    (إذا نظرنا لليهودية والمسيحية والإسلام فإننا نجد فرقا واضحا ومثيرا للقلق. فبينما قبلت المسيحية – واليهودية في ركابها – بواقع التعدد الديني ومبدأ الحرية الدينية نجد أن الإسلام في تجلياته الناشطة لا يزال يقاوم ذلك. وهذه المقاومة لحق حرية الفكر والضمير والتعبير تجسّدها في السودان المادة 126 في القانون الجنائي التي تنصّ على ”قتل المرتد“ ومواد الردة الشبيهة بهذه المادة في عدد من البلاد الإسلامية. هذا الرفض للحرية الدينية وحرية الفكر الذي يصل حد التجريم والإعدام لا نجده في عالم اليوم إلا في الإسلام. فاليهودية والمسيحية على تجريمهما وقتلهما للمرتد في الماضي قد تجاوزتا هذا الموقف وقبلتا مبدأ الانسجام مع قيم حقوق الإنسان التي تسود عالمنا اليوم. وما يفسّر هذا الاختلاف بين هذه الأديان – رغم أرضيتها التوحيدية المشتركة – هو أن المسيحية واليهودية قد دخلتا في ”مصالحة تاريخية“ مع العلمانية وقبلتا بمبدأ فصل الدين عن الدولة، بينما أن الإسلام بشكل عام ما زال يقاوم ذلك، بل ونجح في إقامة أنظمة حاكمة تستمد شرعيتها من إقامة الشريعة وبنيات سياسية مؤثرة وعابرة للقارات تنشط في معارضة العلمانية والدعوة ”للحكم بما أنزل الله.)!!

    كلام الدكتور هذا، يؤكد أن الدكتور يحب، لأمر ما، أن يعكس (الإسلام) على أنه فقط (الممارسات الحالية) للمتطرفين، ومغيّبي الوعي، من المسلمين! ولا شك أننا إذا عايرنا (الدين)، بمعيار الدكتور هذا، فإن هناك من (متطرفي اليهود والمسيحيين) من يدعو إلى، ويرتكب، أفعالا مماثلة لما يدعو إليه، ويرتكبه، متطرفو المسلمين! فهناك متطرفون يهود ومسيحيون يهاجمون عيادات تحديد النسل، مثلا، ويقتلون الأطباء! وهم يفعلون ذلك من (منطلق ديني)، مستندين إلى نصوص دينية، عندهم! وللمزيد يمكن الاطلاع على كتاب: (العلمانية على محك الأصوليات) لكارولين فوريست، وفياميتا فينر، ترجمة غازي أبو عقل، وهو من إصدارات رابطة العقلانيين العرب! والناشر: دار بترا للنشر والتوزيع، سوريا - 2006! جدير بالذكر أن الكاتبتين تطلقان على مثل كلام محمد محمود أعلاه، عن اليهودية والمسيحية، ودخولهما في مصالحة (تاريخية) مع (العلمانية)، وقبولهما للتعددية الخ، وصف (العلمانية الرخوة)!

    لهذا، نظل نقول، ونؤكد:
    لا حل إلا في المستوى العلمي من الدين، الذي يمثله الإسلام، والذي تلتقي عنده كافة الأديان، حيث تنتهي العقيدة ويبدأ العلم، كما يبشر به (فكر) الأستاذ محمود محمد طه!

    ولكن، للأسف، الدكتور له (عداء مقيم) مع (فكر طه)! وهو دائم الوصف له بأنه (فكر ذرائعي)! ليس هذا فحسب، بل إنه يعمد إلى تشويه (فكر طه)، دون وجه حق، كما نرى!

    ولمزيد من التدليل، على قصور حجة الدكتور، حتى عن معرفة العلمانيين الحقيقيين، أفترض أن الدكتور، لا بد مطلع، بحكم تخصصه، على جانب من أسباب تقاعس ولاة الأمر في الدول الغربية الكبرى، مثلا، عن حسم الأمر في سوريا، برغم المعاناة الماثلة للعيان، وبرغم مناداة المستنيرين من المثقفين والبرلمانيين لهم! فهذا التقاعس، كما قد يعلم أصحاب التخصص، له (منطلقات دينية) محضة، في الأساس، تتعلق بنبوءات ظهور المسيح! أم لعل الدكتور، بما أنه حديث عهد بنقد (الدين المقارن)، لا يعرف ذلك؟؟ على كل حال، الأمر ليس سرا، ويمكن لأي أحد من الناس أن يطلع على الروابط التالية:

    1- صحيفة (التايم)، على الرابط التالي:
    http://swampland.time.com/2013/08/29/some-evangelicals-see-biblical-prophecy-in-syrian-crises/http://swampland.time.com/2013/08/29/some-evangelicals-see-biblical-prophecy-in-syrian-crises/


    2- صحيفة (يو اس توداي) على الرابط التالي:
    http://www.usatoday.com/story/news/nation/2013/09/08/some-see-biblical-visions-of-doom-in-syria-trouble/2780827/http://www.usatoday.com/story/news/nation/2013/09/08/some-see-biblical-visions-of-doom-in-syria-trouble/2780827/


    3- الموقع التبشيري (رابشر ريدي) على الرابط التالي:
    http://www.raptureready.com/featured/gillette/Isaiah_17.htmlhttp://www.raptureready.com/featured/gillette/Isaiah_17.html


    الشاهد، مما يطالعنا من كتابات الدكتور، أنه يتحدث بلسانين: فرؤيته (للدين) التي يبديها، في المجتمعات الإسلامية، خصوصا السودانيين، فيما يخص الإسلام، تتناقض تناقضا تاما مع رؤيته (للدين) التي يعكسها، للدوائر الغربية! فرؤيته (للدين) التي يعكسها للدوائر الغربية (متسقة) مع النظرة (الظاهرية) السائدة في المجتمعات الغربية، لدين (اليهودية) ودين (المسيحية)، كما أنها (متسقة)، من باب أولى، مع (رؤية) شعبة دراسات الدين المقارن بجامعة تافتس الأمريكية، التي يرأسها، ويدرّس فيها!

    فللدكتور، من على منصة (موقع التجاوز)، خطاب موجه للمسلمين، يقرر فيه أن تجاوز الدين (اقرأ: الإسلام) أصبح أمرا (ملحا)، لا بد منه! حيث يقرر:
    (إننا عندما نتحدث عن "التجاوز" فإن حديثنا لا يقتصر على هذا المعني ”الداخلي"، )لو شئنا) للتجاوز، وإنما يمتد لمعني آخر هو في واقع الأمر المعني الذى نريد، أي التجاوز بمعناه ”الخارجي“ (لو شئنا)، ونعني به تجاوز الدين، أى دين، لأن هذا التجاوز، في تقديرنا، شرط لازم من شروط تحقيق حريتنا على كل مستوياتها )سواء كانت حرية فكرية، وهي الحرية الأم، أو حرية أخلاقية أو حرية اجتماعية أو حرية سياسية). وهذا التجاوز للدين والانعتاق منه لم يكن أمرا ملحا كإلحاحه في عالمنا اليوم، إذ أنه عالم بدأت كل الحدود والفواصل فيه بالتهاوي والانهيار والذوبان وأصبحت فيه مصائر كل البشر متداخلة ومتشابكة وأصبح فيه مصير الكوكب الأرضي نفسه معلقا بأفعال البشر. وبذا فإن عالمنا اليوم يواجهنا بتحد كبير وعاجل لا نستطيع منه مهربا وهو تحدى المواطنة العالمية التي تتطلب الخروج من ذاكرة الماضي ومحدوديته وتحيزه والمشاركة الفاعلة في خلق وعي جديد وذاكرة جديدة وعالم جديد. هذه المشاركة الفاعلة تتطلب في تقديرنا ضمن ما تتطلب تجاوز الدين).

    ومن على منصة دورية (سودان نيوز اند فيوز)، العدد 20، يوليو 1996، يبدو الدكتور أكثر تحديدا، حيث يوصي العلمانيين في المجتمعات الإسلامية _خاصة_ بما يلي:
    (العلمانيون في المجتمعات الإسلامية عليهم أن يقنعوا الناس أن الدين لا يقدم أي حلول سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو قانونية لمجتمعات عصرنا الحاضر المعقدة، التي تطمح إلى أن تكون مجتمعات حداثية معاصرة تندغم في "القرية العالمية". إن الحل لمشاكلنا ينشأ من التعامل العقلاني الفعال مع هذه المشاكل. المشاكل لا يمكن أن تعالج بالرجوع إلى عقائد موروثة من الماضي)!

    Secularists in Muslim societies have to convince people that religion does not offer political or economic or social or legal solutions in our present-day complex societies that aspire to be modern societies integrated into a "global village". Solutions to our problems arise out of an active rational grappling with these problems. Problems cannot be addressed by appealing to traditions inherited from the past.


    ولا يخفى أن (الدين) المقصود هنا، هو دين (الإسلام)، تحديدا!

    أما عندما يعتلي الدكتور (المسرح)، أمام جمهوره من الغربيين، فللدكتور نغمةٌ أخرى، يعزفها! حيث يفضّل اللحن الذي يرى أنه يناسب المقام، ويعكس (انبهاره وانشغاله الدائم بظاهرة الدين وأثره العميق في تشكيل قيم الناس وتكييف وعيهم الخ..)! بل إنه، وبصفته رئيسا لشعبة (الدين المقارن) في جامعة تافتس، لا ينسى أن يؤكد أهمية الدين (سواء كان "عقيدة" أو "مؤسسة تنظيم اجتماعي")، حيث يقول الدكتور ما يلي:
    (دراسةُ الدين مكوّنٌ حيوي في مناهج الآداب والعلوم الحديثة. فالدين، سواء كنظام عقيدي أو مؤسسة تنظيم اجتماعي، قد ظل موجودا لآلاف السنين، وهو يمس ويؤثر في حياة أغلبية الناس في عالمنا الحاضر – حتى الناس غير المتدينين).
    المرجع: نشرة صحفية لشعبة الدين المقارن منشورة على موقع الجامعة (عدد يناير 1999)!

    هنا نسمع الدكتور، من على منصة (جامعة تافتس)، يتحدث عن الدين كمؤسسة (تنظيم اجتماعي) تؤثر في حياة أغلبية الناس (ومن ضمنها حياتهم الاجتماعية)، في عالمنا الحاضر، بمن فيهم (غير المتدينين)! ولكن من على منصة (المجتمعات الإسلامية)، نسمعه يدعو (علمانيي هذه المجتمعات) إلى إقناع مجتمعاتهم بأن الدين _(الإسلام طبعا!)_ لا يمكن أن يقدم أي حلول، على المستوى (الاجتماعي)!! الواضح أن الدكتور يطبّق (نسخته) الخاصة من مبدأ: (لكلّ مقامٍ مقال)! ولكل مقال (مقابل)، بالطبع! خصوصا أن جامعة تافتس لها رسالة محددة، منذ أن تأسست، في أربعينات القرن التاسع عشر، كجامعة (كنسية) تابعة للكنيسة العالمية (يونيفيرساليست شيرش)!

    ولهذا، ليس مستغربا أن تتسق (رؤية) الدكتور (الإيجابية) للدين، مع الرؤية (الإيجابية) لشعبة دراسات الدين المقارن التي يرأسها، في هذه الجامعة! وإن يكنْ هذا (الاتساق) من منطلقات (الواجب الوظيفي)، البحتة! فشعبة مقارنة الدين، (تثبت) على موقعها الإلكتروني الرؤية (الإيجابية) التالية، للدين:
    (لماذا ندرس الدين؟
    لقد ظل الدين ملازما لنا على الدوام. فعبر التاريخ ظل الدين مجيبا عن أعمق الأسئلة التي تثور في أذهان البشر، واحتل موقعا مركزيا في حياة كافة الحضارات والثقافات. وعندما نعود بفكرنا إلى فجر الوعي البشري نجد الدين حاضرا في كل ناحية، أينما ولّينا وجوهنا.
    هذا الكلام قد يصدق في حق الماضي، ولكن ماذا عن الحاضر، وماذا عن المستقبل؟ في الآونة الأخيرة برز من بين النقاد من يقول إن الدين في طريقه إلى الزوال. فالتكنولوجيا والعلم قد غيرا وجهة نظرنا إلى العالم بصورة كبيرة وبارزة، مما دفع البعض إلى القول إننا دخلنا مرحلة جديدة من الوجود البشري، لا يسعنا فيها الدين. ويقولون إن الدين سيصبح حقا، وعما قريب، أثرا من الماضي.
    إن هذه الإشاعات حول زوال الدين في عصرنا الحاضر، تبدو تبسيطية، وغير ناضجة – وربما لا تكون فيها جميعا أي ذرة من الصحة على الإطلاق. الدين باق ومستمر، وهو في توسع غالب الأمر، حتى مع بروز وتنامي الاتجاهات العلمية وغير الدينية. إننا لا نزال نجد الدين في كل مكان، في التلفزيون، في السينما، وفي أغنياتنا المحبّبة، وفي مدننا، وأحيائنا. إننا نجد الدين يحتل موقعا مركزيا في المشاكل العالمية والنزاعات الثقافية. إننا نرى الدين مؤثرا وفاعلا في حياة الأشخاص الذين نعرفهم ونحبهم، وفي أنفسنا، في متقلب حياتنا، وفي سياق معاناتنا لالتزام عقائدنا الدينية.
    فلماذا يظل تيار الدين حيا ونابضا؟ هناك أسباب عدة لذلك، ولكن السبب الوحيد الأكيد هو: أن العقائد الدينية قادرة على التكيف والتواؤم بطرق هامة ومؤثرة. وبالنسبة للعديدين، فإن الدين المعاصر يمكن أن يستوعب الشكوكية، والعلوم، والعلمانية، مما يجعله محافظا على قوة دفعة وفتوته في عالمنا المعاصر بتغيراته المتسارعة.
    على العموم، الدين قوي وفعال وباقٍ، ولا دليل على أنه إلى زوال. إن الدين مصدر التزام صادق، وتعبير بليغ، وفعل مباشر، وحوار مكثف. وبالنسبة للمتدينين وللمراقبين _بل بالنسبة لكل من يرغب في أن يعرف بيئته والعالم من حوله – فإن الدين ظاهرة جديرة بالاهتمام والاستكشاف، وتحتاج إلى مزيد من الفهم، والاستيعاب)!

    (Why Study Religion?
    Religion has always been with us. Throughout history, it has expressed the deepest questions human beings can ask, and it has taken a central place in the lives of virtually all civilizations and cultures. As we think all the way back to the dawn of human consciousness, we find religion everywhere we turn.
    This may be true of the past, but what about the present—and the future? In recent times, critics have suggested that religion is on the way out. Technology and science have changed our view of the world radically, leading some to say that we've entered a new stage of human existence, without religion. Soon, they argue, it will truly be a thing of the past.
    In our day and age, rumors of religion's demise seem very premature—and perhaps there's no grain of truth in them at all. Religion persists and is often on the rise, even as scientific and non-religious perspectives have become prominent. We still find religion everywhere, on television, in film, in popular music, in our towns and neighborhoods. We discover religion at the center of global issues and cultural conflict. We see religion in the lives of the people we know and love, and in ourselves, as we live out and wrestle with our own religious faith.
    Why does religion continue to thrive? There are many reasons, but one thing is certain: religious traditions are adaptable in important ways. For many, contemporary religion even has room for skepticism, science, and the secular, which allows it to keep going strong in our rapidly changing world.
    Overall, religion is powerful and persistent, and it shows no signs of disappearing. It provokes heartfelt commitment, eloquent expression, forthright action, and intense debate. For both practitioners and observers—for everyone who wants to be informed about the world around them—religion is an intensely curious phenomenon that calls out for better understanding.)


    دعونا نعدْ قراءة الفقرة التالية، من رد (شعبة الدين المقارن)، على من يقولون بتجاوز الدين، وكأنها تقول (لرئيس الشعبة): (إيّاك أعني)، حيث يرد:
    (في الآونة الأخيرة برز من بين النقاد من يقول إن الدين في طريقه إلى الزوال. فالتكنولوجيا والعلم قد غيرا وجهة نظرنا إلى العالم بصورة كبيرة وبارزة، مما دفع البعض إلى القول إننا دخلنا مرحلة جديدة من الوجود البشري، لا يسعنا فيها الدين. ويقولون إن الدين سيصبح حقا، وعمّا قريب، أثرا من الماضي. إن هذه الإشاعات حول زوال الدين في عصرنا الحاضر، تبدو تبسيطية، وغير ناضجة – وربما لا تكون فيها جميعا أي ذرة من الصحة على الإطلاق. الدين باقٍ ومستمر، وهو في توسع غالب الأمر، حتى مع بروز وتنامي الاتجاهات العلمية وغير الدينية)!!

    ثم، لنقرأ، على ضوء رؤية شعبة الدين المقارن (الإيجابية) أعلاه، رؤية (رئيسها) الدكتور (السلبية)، هذه المرة، للدين _اقرأ: الإسلام_ التي يبديها للمسلمين، حيث يدعو إلى (تجاوزه)، ويبشر (بزواله):
    1- (إننا عندما نتحدث عن التجاوز فإن حديثنا لا يقتصر على هذا المعني ”الداخلي"، (لو شئنا) للتجاوز، وإنما يمتد لمعني آخر هو في واقع الأمر المعني الذى نريد، أي التجاوز بمعناه ”الخارجي“ (لو شئنا)، ونعني به تجاوز الدين، أى دين، لأن هذا التجاوز، في تقديرنا، شرط لازم من شروط تحقيق حريتنا على كل مستوياتها )سواء كانت حرية فكرية، وهي الحرية الأم، أو حرية أخلاقية أو حرية اجتماعية أو حرية سياسية). وهذا التجاوز للدين والانعتاق منه لم يكن أمرا ملحا كإلحاحه في عالمنا اليوم، إذ أنه عالم بدأت كل الحدود والفواصل فيه بالتهاوي والانهيار والذوبان وأصبحت فيه مصائر كل البشر متداخلة ومتشابكة وأصبح فيه مصير الكوكب الأرضي نفسه معلقا بأفعال البشر. وبذا فإن عالمنا اليوم يواجهنا بتحد كبير وعاجل لا نستطيع منه مهربا وهو تحدى المواطنة العالمية التي تتطلب الخروج من ذاكرة الماضي ومحدوديته وتحيزه والمشاركة الفاعلة في خلق وعي جديد وذاكرة جديدة وعالم جديد. هذه المشاركة الفاعلة تتطلب في تقديرنا ضمن ما تتطلب تجاوز الدين).

    2- (العلمانيون في المجتمعات الإسلامية عليهم أن يقنعوا الناس أن الدين لا يقدم أي حلول سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو قانونية لمجتمعات عصرنا الحاضر المعقدة، التي تطمح إلى أن تكون مجتمعات حداثية معاصرة تندغم في "القرية العالمية". إن الحل لمشاكلنا ينشأ من التعامل العقلاني الفعال مع هذه المشاكل. المشاكل لا يمكن أن تعالج بالرجوع إلى عقائد موروثة من الماضي)!

    ألا يصح القول إن (الدكتور) قادر على أن يعيش (التناقض)، في أقصى تجلياته؟! فالدكتور، عندما يخاطب المسلمين، بصفته (علماني وملحد)، يقول لهم إن تجاوز الدين _اقرأ الإسلام_ إنما هو: (شرط لازم من شروط تحقيق حريتنا على كل مستوياتها "سواء كانت حرية فكرية، وهي الحرية الأم، أو حرية أخلاقية أو حرية اجتماعية أو حرية سياسية". وهذا التجاوز للدين والانعتاق منه لم يكن أمرا ملحا كإلحاحه في عالمنا اليوم)! وأن على العلمانيين في المجتمعات الإسلامية أن يقنعوا الناس أن الدين لا يقدم أي حلول سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو قانونية لمجتمعات عصرنا الحاضر المعقدة!!

    ولكنه، عندما يخاطب الغربيين، بصفته رئيس شعبة الدين المقارن في جامعة تافتس الأمريكية، يقول لهم:
    1- (لقد ظللت دائما مبهورا بظاهرة الدين (في جميع تجلياتها). لقد ظللت دائما مشغولا باستكشاف وفهم وتحليل العقائد الدينية، الظاهرة والباطنة والمفترضة، وأثرها العميق في تشكيل وتكييف وعي الناس ونظم القيم في كافة المجتمعات عبر التاريخ الإنساني. وما يجذبني ويروقني بالتحديد في تدريس الأديان هو أن التدريس نفسه يصبح عملية تعلم مستمرة حيث يجد المرء نفسه في عملية تفاعل مستمر مع أفضل العقول في هذا المجال (عبر القراءات التي أحيلها على طلابي) وسماع آراء الطلاب ووجهات نظرهم. إنها عملية تفاعل مستمر، وتوسيع لآفاق المرء المعرفية، وهذه من أكثر الجوانب إمتاعا فيما أقوم به)!!

    2- (دراسةُ الدين مكوّنٌ حيوي في مناهج الآداب والعلوم الحديثة. فالدين، سواء كنظام عقيدي أو مؤسسة تنظيم اجتماعي، قد ظل موجودا لآلاف السنين، وهو يمس ويؤثر في حياة أغلبية الناس في عالمنا الحاضر – حتى الناس غير المتدينين)!!

    لعله، قد اتضح الآن أن الدين الذي يدعو الدكتور لتجاوزه هو دين (الإسلام) حصرا؟ خصوصا في ظل قوله الذي أوردته آنفا عن (اليهودية) و (المسيحية)، في بداية الحلقة! إذ لا يستقيم، عقلا ولا منطقا، أن يدعو المرء إلى تجاوز (دين) ظل مصدرا للأثر (العميق في تشكيل وتكييف وعي الناس ونظم القيم في كافة المجتمعات عبر التاريخ الإنساني)! وهو (باقٍ ومستمر، وهو في توسع غالب الأمر، حتى مع بروز وتنامي الاتجاهات العلمية وغير الدينية) وسيظل (قادرا على استيعاب حتى "العلم" و "الشكوكية" و "العلمانية")! حسب (رؤية) شعبة الدكتور هذه:
    (الدين المعاصر يمكن أن يستوعب الشكوكية، والعلم، والعلمانية، مما يجعله محافظا على قوة دفعة وفتوته في عالمنا المعاصر بتغيراته المتسارعة)!

    لقد استرسلتُ في إيراد المقتطفات أعلاه، للدكتور، لأعكس (التناقض والاضطراب) الذي يكتنف كل (تفكير) الدكتور تقريبا، وينعكس، أكثر ما ينعكس، في كتاباته! فالدكتور يدعو إلى (تجاوز الدين) مرة واحدة، وإلى الأبد! هذا ما يقوله للمسلمين! ولكنه هو في ذات الوقت يؤكد للغربيين إن (الدين مكون حيوي)، وإنه ذو (أثر عميق في أخلاق الناس وفي تشكيل قيمهم ووعيهم)! ثم إنه يرأس شعبة الدين المقارن في جامعة تافتس، ورؤيتها تقول إن الدين باق ومستمر، وأن القول بتجاوزه، أو زواله، قول (ضحل) و (تبسيطي)!

    أكثر من هذا: فإن الدكتور، الذي يدعو البشر _اقرأ: المسلمين_ إلى تجاوز الدين، والخروج من أسره ووصايته _أي (إخراجهم من ملكوت الله)_ ويطعن في صحة النبوة، ظل يشارك، منذ عام 2006، في (اللجنة الاستشارية) لمركز أكسفورد لعلم أخلاق الحيوان! ورعاة هذا المركز يتبنون ما يسمونه (لاهوت الحيوان)، ويعتبرونه ثورة على (لاهوت التحرير)! حيث يدعون إلى (إدخال الحيوانات في ملكوت الله)! ويذكّرون الناس بميثاق (نوح)! إذن: الدكتور، كما نرى، وعلى شدة جهده في إخراج (البشر) من ملكوت الله، عبر دعوته لهم إلى تجاوز الدين، وطعنه في مبدأ (النبوة)، حريصٌ جدا على مساندة مشروع (إدخال الحيوانات) في (ملكوت الله)، عبر (العودة) إلى (ميثاق نوح)! وللمفارقة، الدكتور عضو في اللجنة الاستشارية لهذا المركز بصفته (مفكر إسلامي)! فهو أحد مفكرين إسلاميين (اثنين) في اللجنة الاستشارية!

    ولا ينسى الدكتور أن يحدثنا في كراسة التجاوز عن (لاهوت الحيوان) هذا، مقتطفا من كتاب اللاهوتي المعاصر أندرو لنزي (Animal Theology)! وجدير بالذكر أن اللاهوتي المعاصر (أندرو لنزي)، هذا، هو (رئيس) مركز أكسفورد لعلم أخلاق الحيوان، الذي قلنا إن محمد محمود يعمل عضوا في لجنته الاستشارية! فلنسمع الدكتور يحدثنا عن (لاهوت الحيوان):
    (مفهوم”العهد الجديد“ هذا هو عودة على مستوى معين لفكرة ميثاق نوح. ونقول ”على مستوى معين“ لأن ميثاق نوح يشمل البشر والحيوانات، بينما أن الفكرة المسيحية فكرة ذات ”مركزية بشرية“. فرغم أن المسيحية تطرح عبر عيسى ميثاقا جديدا إلا أنه ميثاق يقتصر على البشر فقط. هذا الطرح السائد لميثاق ”العهد الجديد“ ثار عليه مؤخرا لاهوتيو ما يعرف الآن بـ ” لاهوت الحيوان“ (animal theology) وهو لاهوت يوسّع دائرة لاهوت التحرير ( liberation theology) ليشمل الحيوانات والبيئة الطبيعية. يقول اللاهوتي المعاصر لنزى (Linzey)، أحد أبرز ممثلي هذا التيار:
    "كثيرا ما يُغْفِلُ اللاهوتيون اغفالا عمليا ... أن ميثاق نوح يشمل كل المخلوقات الحية. فالله لا "يصطفي" البشر فقط بل سائر المخلوقات الحية، بل والأرض نفسها. والسؤال الذى يجب أن نطرحه إذن هو: ما الذى يتوجّب علينا في علاقتنا الإنسانية بالمخلوقات الأخرى إن كان الله الخالق قد شاء أن يحبهم ويحقّقهم ويثبّتهم في ميثاق مع نفسه أو مع نفسها من غير أن ينفصل هذا الميثاق عن الميثاق مع البشرية نفسها الذى أقامه الله عبر عيسى المسيح؟ إن لاهوت القرون الوسطى... قد أنكر أية مسئوليات أخلاقية للبشر تجاه الحيوانات... وبذا أخرجهم من دائرة الرابطة البشرية... وفي معارضة هذا فإننا نحتاج للتأكيد على الطبيعة الملائمة وذات المغزى الروحي لميثاق الله الذى يشمل الكل).Animal Theology, p. 69 - 70."

    هذا جانب من تناقضات (تفكير) الدكتور فيما يخص القضايا العامة! ولذلك، ليس بدعا أن تكون كتابات الدكتور، فيما يخص (طه) وفكره بسبيل من هذا التناقض! بل ربما هي (سبب) له! فالتجربة علمتنا أن من يتهم الأستاذ محمود بشيء، لا بد واجد صدى (الاتهام) في نفسه! وهذا ما يسمى في الدين بقانون المعاوضة! كما تدين، تدان! وعلى هذا، نجد الدكتور يقرر خلاصة سلبية محددة، في حق طه، على صفحة من صفحات كتابه، ثم يعود ليقرر نقيضها في صفحة أخرى! وقد أوردت أمثلة عديدة على هذا، وأضيف إليها هنا، نقض الدكتور لتأكيده على صفحة 38 من كتابه، عن أن طه، في مشروعه الإصلاحي والتجديدي، مدين لمحمد عبده، ومتأثر به! وقد أوردت هذا التقرير سابقا، وأعيده هنا:
    (إن طه مدين، بالتأكيد، في "خطابه الحداثي" و "نهجه الإصلاحي" لمشروع محمد عبده، بالرغم من نزعة طه للتركيز على أوجه القصور في مشروع محمد عبده)!

    هذا قول الدكتور، على صفحة (38)، ويفترض من واقع ما تسر من معرفة بأسلوب الدكتور، حتى الآن، أن لا يفاجأ القاريء بوجود تأكيد آخر، على صفحة (143) من نفس الكتاب، ينقض به الدكتور تأكيده أعلاه! وهذا ما حدث فعلا! فالدكتور يؤكد على صفحة (143) إن مشروع طه الإصلاحي والتجديدي (مختلف جدا) عن مشاريع كافة الإصلاحيين والمجددين الإسلاميين، بمن فيهم (محمد عبده) نفسه! فبعد أن حكى محمد محمود أن النموذج الذي ظل يداعب خيال المجددين والحركات الإسلامية، ويأسر ألبابهم، ماضيا وحاضرا، هو نموذج (دولة المدينة)، ولذلك، فهم، جميعا، يتبنون الدعوة إلى العودة إليه، وإحيائه! ذهب ليقرر عن (طه)، ومشروعه التجديدي، ما يلي:
    (طه، على النقيض منهم، يتبنى حركة تجديدية ذات طابع (مختلف جدا). فهو لا يريد العودة لإحياء نموذج دولة المدينة. بل هو يدعو للعودة إلى مرحلة الدعوة المكية. والحجة الراديكالية التي يقدمها طه في هذا الخصوص هي أن الهجرة مثلت خطا فاصلا بين رسالتين للإسلام: رسالة مكة، ورسالة المدينة)14.

    هكذا: على صفحة (38)، حرر الدكتور (صك ديْن)، على طه، لصالح محمد عبده ومشروعه! وعلى صفحة (143)، (أبطل) ذلك (الصك)، وألغى أثره!

    وعلى إثر هذا، يظل السؤال قائما: ما هو دافع محمد محمود لنقد وتحليل فكر (طه) من أجل تعريف الأمريكان به، كما يزعم؟ خصوصا أنه يدعو إلى (تجاوز الدين)، وله رأي ثابت أن فكر طه (فكر ذرائعي)! وهو يعلم أن (طه) يطرح فكره كمخرج (وحيد) و (لازم) من (أزمة) العصر الراهن! علما بأن (الفكر الذرائعي)، كما هو معلوم، هو الفكر الذي يعمد إلى التبرير وإيجاد الأعذار للتخارج من (الأزمة)، حيث لا يمكن التبرير، ولا تجدي الأعذار! وهذا ما قاله محمد محمود فعلا، فيما يخص فكر (طه)! فلنسمعه، على صفحة (266) من كتابه، يحدثنا عن (أزمة الإسلام) والتكتيك الذي اتبعه (طه) لإنقاذ الإسلام من أزمته:
    (أدرك طه جيدا أن الإسلام عالق وسط "أزمة"، وفي محاولته لاستنقاذه عبر تزيينه بقيم عصره، فإن طه مستعد لأن يفصل ويعزل كافة آيات الوحي التي أنزلت بعد الفترة المكية، وما تبعها من تاريخ، من رسالة الإسلام الأساسية للبشرية. ومن أجل أن يتسنى له ذلك، اضطر طه لقبول نظرية النسخ التي تلغي العموميات، بدل الخصوصيات – وهو ادعاء لا يمكن أن يجيزه الشاطبي)!

    (Taha can readily see that Islam is in the midst of a crisis, and in his bid to invest it with the values of his age, he is willing to disconnect all post-Meccan revelations and history from the real message that Islam intended for humankind. To do this Taha had to accept a theory of abrogation that supersedes the universals rather than the particulars – an assumption that al-Shatibi cannot entertain).


    جدير بالذكر أن قول الدكتور إن طه اضطر إلى قبول (نظرية النسخ) التي تلغي (العموميات) بدل (الخصوصيات)، إنما هو قول من (نسج خيال) الدكتور، لا وجود له في أحاديث ولا كتابات طه!! فطه يستدل على وجود إمكانية النسخ المعاكس من القرآن، في الآية: (ما ننسخ من آية، أو ننسئها، نأت بخير منها أو مثلها)! ويقول إن معنى هذا: ما ننسخ من حكم آية أو نرجيء تطبيقها، لعدم مناسبتها لحاجة العصر السابع، نأت بخير منها: "أي أكثر مناسبة لحكم الوقت في القرن السابع"، أو مثلها: "أي نعيدها هي نفسها، للتطبيق، حين يحين وقتها، ويتأذن تطبيقها"!

    ولعل القاريء لن يفاجأ، الآن، إن علم أن (محمد محمود) _نفسه_ على علم برأي (طه) هذا! فلنستمع له، يناقض نفسه بنفسه، حين يقرر على صفحة (218) من كتابه إن طه هو (الوحيد) الذي قال بعكس مبدأ النسخ (نسخ المحكم، وإحكام المنسوخ)، حيث المنسوخ هو الحكم الأعلى، والناسخ كان الحكم المتنزل للأمة في القرن السابع! وقد وصف الدكتور قول (طه) هذا بأنه (رأي جريء)! فلنسمع الدكتور:
    (بالرغم من أن طه لم يخض في التفاصيل الخاصة بأحكام النسخ كما فعل بعض المفكرين الإسلاميين المعاصرين، إلا أنه "يعارض" الرأي العام الذي يقول إن النسخ نهائي، وأحادي الاتجاه. وبالتالي، فهو (ينقض) الإجماع التاريخي الذي يقول إن الآيات المدنية نسخت وإلى الأبد الآيات المكية. بل هو يؤكد الإمكانية، بل في الواقع، الضرورة المطلقة التي تستوجب وتحتم إعادة إعمال عملية النسخ، بحيث ننسخ الآيات المدنية، الآن، ونحكم الآيات المكية. وقد استند طه في هذا إلى "رأيه الجريء" القائل بأن الرسالة الأساسية للإسلام، هي الرسالة التي نزل بها القرآن المكي أولا، وليست ما نزل لاحقا في مرحلة دولة المدينة)!

    على أن أبلغ شيء، عندي، في التدليل على (تحامل) الدكتور، أن الدكتور لا يرضى أن يُتهم، بما اتهم هو به (طه)! فقد غضب الدكتور غضبة (مضرية)، حين ألمح أحد نقاد كتابه (صناعة النبوة) إلى أنه اختلس أقوال آخرين! فهاجم من اتهمه، وذهب مذاهب شتى ليؤكد (أصالته) فيما كتب، وفي منهجه (النقدي) المتفرد في مجال نقد النبوة! فالدكتور انفعل جدا، عندما ألمح السيد/ خالد موسى _الذي تصدى لنقد كتابه حول (صناعة النبوة)_ إلى أنه تأثر بالمستشرقين، و (اختلس) أفكارهم! فذهب الدكتور ليؤكد إنه (أصيل) فيما قال، و (لم يتأثر بأحد)! وقال إنه استند إلى المصادر الأساسية القديمة ومنها (القرآن)! لنسمع:
    (من الضروري أن أعيد تأكيد ما تبرزه خطتي المنهجية في كتابي عن نبوة محمد: إن كتابي "لم يعتمد البتة" على أي قراءة حديثة للسيرة كمصدر، وإنما اعتمد في مصادره اعتمادا كاملا على أعلى المصادر التراثية وأقدمها. ولقد وضّحت منهجي هذا في المقدمة عندما قلت: "وفي الرجوع للمادة الإسلامية، وهي مادة تتميّز بضخامتها وسعتها وتكرارها، قررنا أن ننهج نهج تركيز وانحصار بالاعتماد على مرجعين أوليين هما "القرآن" وصحيح البخاري "الذي يعتبر أصحّ كتاب بعد القرآن" بالإضافة لمراجع أساسية أخرى)!!

    فلماذا يكون (حلالا) للدكتور أن يدعي أن (القرآن) هو المصدر الرئيسي الذي استقى منه، في حين (يحرّم) ذلك على (طه)؟ فقد قال عن طه: (وهذا الادعاء بأنه استقى معرفته من القرآن، ادعاء يصبغ أسلوب طه في كافة أعماله، حيث يصر دائما على أن جميع أفكاره مستندة إلى القرآن)!

    على كل حال: بالرغم من تقريع الدكتور، للناقد خالد موسى، وإعلانه أنه (أصيل) في كتاباته، ومنهجه، ولم يتأثر بأحد، إلا أنه لم ينس أن يشير إلى (احتمال) وجود بعض (التقاطعات) فيما كتب مع كتابات مفكرين آخرين، معلنا أن هذا (أمر طبيعي) في (جسم العمل الأكاديمي)! فلنسمع الدكتور:
    (ورغم أنني أنتمي لما يمكن أن يوصف بالمدرسة النقدية للنبوة "وهي مدرسة ينتمي لها الكثيرون وإن كنت لا أعد وات من بينهم إذ أنه ينطلق من موقع الدفاع عن النبوة بتجليها اليهودي والمسيحي"، إلا أن كتابي لا يمكن أن ينسب لاجتهادات وات أو غيره. "من الطبيعي" أن تكون هناك "تقاطعات هنا وهناك" (وهو أمر طبيعي في جسم العمل الأكاديمي) إلا أن ما أقدمه يعكس "قراءتي" للسيرة اعتمادا على "المنهج الذي اتّبعتُه" والأدوات التحليلية التي استخدمتها و"موقفي الفلسفي" من النبوة والدين الذي يشكّل الإطار العام لموقفي النقدي، ومناقشة كتابي ومحاكمته يجب أن تتم على أساسِ هذه العناصر)!!

    الدكتور قال: (كتابي لا يمكن أن ينسب لاجتهادات وات أو "غيره") ولكنه، مع ذلك، قال: (من الطبيعي أن تكون هناك تقاطعات هنا وهناك)!! وأنا لا أنكر على الدكتور أن يكون قد مرّ، في (طريق نقد النبوة)، ببعض (التقاطعات) هنا، وهناك، كما يقول! ولكن، أرى أنه من (غير الطبيعي)، بلا شك، أن تكون هذه التقاطعات متشابهة، لحد تطابق العبارة أحيانا، ثم لا يذكرها! فمن مطالعتي للفصل الأول، من كتاب الدكتور، لاحظت أن هناك تقاطعات في هذا الفصل، متماثلة تماثلا شديدا، مع كتابات مفكرين غربيين آخرين، ولكن الدكتور لم يشر إليهم، ولم يذكرهم، ضمن قائمة مراجعه! وأخص بالذكر هنا، ما يلي:

    1- المرجع الأول:
    1- Constructs of Prophecy in the Former and Later Prophets and Other Texts
    Edited by: Lester L. Grabbe and Martti Nissinen
    Published: 2011, by the Society of Biblical Literature – Atlanta


    وهو يحتوي على مجموعة بحوث في نقد الدين لعدد من المفكرين..

    2- المرجع الثاني:
    2- God: A Biography, Jack Miles – 1995

    وهذا الكتاب صدرت ترجمة بالعربية بعنوان: (سيرة الله – جاك مايلز – ترجمة: ثائر ديب - الطبعة الأولى 1998 – الناشر: دار الحوار للنشر والتوزيع، سوريا، اللاذقية)

    3- المرجع الثالث:
    كتابات المفكر ألان واتس (1915 – 1973)، وهو بالطبع غير (وات مونتغمري) الذي ذكره السيد/ خالد موسى.. وأخص بالذكر ثلاثة كتب له، هي:

    1- Beyond Theology, the Art of Godmanship – Meridian Books, The World Publishing Company, 1968.
    2- The Book on the Taboo Against Knowing Who You Are, First Edition, 1969, Jonathan Cape Ltd.
    3- The Wisdom of Insecurity: A message of an Age of Anxiety – 1951.


    أواصل في الحلقة القادمة، بإذن الله، وبعونه..

    إبراهيم عبدالنبي
                  

العنوان الكاتب Date
الأستاذ محمود: بين "إنصاف" عبدالله الفكي و "تحامل" محمد محمود. بقلم إبراهيم عبد النبي Yasir Elsharif02-21-15, 12:35 PM
  Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله الفكي و andquot;تحاملandquot; محمد Yasir Elsharif03-01-15, 07:39 AM
    Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله Yasir Elsharif03-12-15, 06:28 PM
      Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله النذير حجازي03-13-15, 09:43 PM
        Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله Yasir Elsharif03-27-15, 08:33 PM
          Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله Yasir Elsharif04-11-15, 03:03 PM
            Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله Yasir Elsharif04-26-15, 01:06 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de