الأستاذ محمود: بين "إنصاف" عبدالله الفكي و "تحامل" محمد محمود. بقلم إبراهيم عبد النبي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-13-2024, 01:21 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-27-2015, 08:33 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 49048

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله (Re: النذير حجازي)

    تسلم يا عزيزي النذير
    ـــــــــــــ
    الأستاذ محمود: بين "إنصاف" عبدالله الفكي و "تحامل" محمد محمود (4)

    تساءلتُ في الحلقة السابقة: لماذا يتعمد محمد محمود تشويه فكر الأستاذ محمود؟ وأدليتُ بطرف من الإجابة، حيث قلتُ إن الدكتور لا يتوقع خيراً يأتي من جهة الإسلام! فالإسلام، عنده، بمستوى واحد هو الذي ينادي به المتطرفون! ولهذا، لا يطيق أن يسمع أو يقرأ عن وجود مستوى ثانٍ في الإسلام، أرقى، وأكمل، وأقدر على حل مشكلة المسلمين، ومشكلة غيرهم، اليوم! ومن أجل ذلك، يعكف الدكتور، عن علم وقصد، على تشويه فكر (طه)، وتقديم صورة مناقضة عن (طه)، ومواقفه، ومواقف حركته، متخذا من (النقد) و (التحليل) ستارا! علما بأن الدكتور غيّر مجال تخصصه، من أستاذ (أدب إنجليزي) إلى أستاذ (دراسات إسلامية) في شعبة (الدين المقارن)، بجامعة (تافتس)، في الولايات المتحدة الأمريكية! ولا عجب!! فقد سبقه آخرون، في تغيير تخصصاتهم ليصبحوا مدرسي (دراسات إسلامية)، خدمة لذات الغرض، وهو: (تعريف الأمريكان بفكر طه)!! اقرأ: (تشويه فكر طه)!!

    أواصل، فيما يلي، استعراض ملامح أخرى، أشد قتامة، لتحامل محمد محمود على الأستاذ محمود! فالدكتور، يسعى، عمليا، لتجريد (طه) من كل شيء: حتى من مزية أنه (مفكر)! بل لتجريده حتى من مجرد أن يكون (واسع القراءة والاطلاع على أفكار الآخرين)! وهي (التهمة) التي كالها له، في غمرة انفعاله، في (نوبة) أخرى من (نوبات) تحامله! فقد قرأنا، في الحلقة (2)، محمد محمود يقول إن (طه)، بعكس ما يدعي، ذو اطلاع واسع على الفكر الليبرالي الغربي! بل (استلف) من المذهب الليبرالي مفهوم (الفردية)، وطوره، لينسبه إلى نفسه!

    ففي النص التالي، من كتابه، (بدءا من صفحة 37)، يخبر الدكتور قراءه أن (طه) متأثر بابن عربي، ومنجذب إلى فكره! ولكن الدكتور، لا يعلم على وجه التحديد متى بدأ هذا (التأثر) و (الانجذاب)! وكالعادة يطلق محمد محمود (خلاصات جاهزة)، دون أن يسمّي المراجع التي اعتمد عليها! فلنسمع الدكتور (الناقد):
    (من بين الصوفيين "الراديكاليين" فإن ابن عربي هو الأكثر نفوذا وتأثيرا، ومن ثم، فهو الأكثر تعرضا للهجمات القاسية من دعاة (السلفية)، قدماء، ومحدثين! وليس واضحا في أي مرحلة من مراحل تطوره الفكري انجذب طه إلى فكر ابن عربي، خصوصا إلى نظرية (وحدة الوجود) عند ابن عربي، التي أصبحت حجر الزاوية لفكر طه الديني. وباعتبار ما يقوله طه عن استقلالية فكره، وإحساسه بأنه يحتل مكانة روحية رفيعة، ليس مفاجئا أن يعلن أخيرا أنه شخصيا حقق مرحلة الشهود الذاتي لله. وبالرغم من أن طه "لم ينكر" تأثره بابن عربي، إلا أنه كان يحب أن يؤكد إن تجربته الروحية فريدة لم يتأثر فيها بأحد. وقد أكد أن مشروعه الخاص فريد وجديد، ومتفوق على كل المشاريع السابقة بما فيها مشروع ابن عربي. وقد "أنكر" طه أن يكون قد تتلمذ فكريا على أي مفكر أو عالم صوفي قبله، حيث اعترف بأنه طبق المنهاج النبوي فقط، وأقر بالفضل في هذا للنبي وللغزالي)!

    لاحظوا التناقض في سياق سطرين فقط بين (طه لم ينكر) و (أنكر طه) حيث يقول: (بالرغم من أن طه "لم ينكر" تأثره بابن عربي) ويقول: (وقد "أنكر" طه أن يكون قد تتلمذ فكريا على أي مفكر أو عالم صوفي قبله)!!

    ومواصلا، في ذات السياق (على صفحة 38)، يتطرق الدكتور إلى إجابة الأستاذ محمود على سؤال السيدة هود جكنز، عن (قراءاته)، حيث أجابها أنه (قرأ شذرات من هنا وهناك)! ولكن، محمد محمود ينصح قراءه أن (لا يحملوا قول "طه" هذا على محمل الجد)!! فلنسمع الدكتور (الناقد):
    (وعلى ضوء موقفه هذا من "إنكار" أن يكون قد تأثر فكريا بأحد معين، فإن طه عندما سئل عن "قراءاته" الفكرية أكد قائلا: "لقد طبقتُ المنهاج وقرأتُ قليلا – شذرات من هنا وهناك". علما بأن هذه "الشذرات من هنا وهناك" لا تتضمن كتابات المفكرين المسلمين المعاصرين، ولكنها تضمنت كتابات "ماركس، ليني، "برتراند" راسل، "جورج برنارد" شو واتش جي ويلز". إن إجابة طه أنه لم يقرأ للمفكرين المسلمين المعاصرين يجب أن تؤخذ على أنها تأكيد، من جهة، على أنه ليس قارئا منهجيا، ومن جهة أخرى، على أنها تعكس أسلوبه "المتّبع" في تأكيد "أصالته" و"سلطته" الفكرية فيما أتى به! إلا أننا يجب أن لا نحمل قول طه هذا على محمل الجد، فهو قد كان على وعي ومعرفة بالاتجاهات الفكرية الرئيسية والحوارات الخاصة بالفكر الإسلامي المعاصر! فقد كان الفكر الإسلامي لطبقته من "الأفندية" متأثرا جدا بمحمد عبده ومذهبه الفكري. وكان لمحمد عبده أثر بارز في السودان بسبب هيمنة الاحتلال المصري من جهة، وبسبب استعداد ورغبة المتعلمين السودانيين للرضوخ للأثر الفكري للمصريين الساعين لفرض هيمنتهم الفكرية على الآخرين، من جهة أخرى! إن طه مدين، بالتأكيد، في "خطابه الحداثي" و "نهجه الإصلاحي" لمشروع محمد عبده، بالرغم من نزعة طه للتركيز على أوجه القصور في مشروع محمد عبده)!

    الواضح أن الدكتور (ممتعض) جدا من (إصرار) طه (الدائم) على القول بأنه (أصيل) في فكره، وإنه تلقاه (كفاحا)! كما أنه (مستاء) أيضا من (إصرار) طه (الدائم) على إسناد أفكاره من القرآن! ولذلك نراه محتفيا، غاية الاحتفاء، بنقد محمد محمد علي للأستاذ محمود! خصوصا نقد محمد محمد علي لتعريف الأستاذ للمعرفة على أنها (التذكر)! حيث قال محمد محمد علي إنه يرى فيها (أفلاطون) ماثلا! فالدكتور _في ملحوظته رقم (33) على صفحة 252، يحدث قراءه بما يلي:
    (محمد محمد علي، ربما كان أول شخص يشير إلى الأصل "الأفلاطوني" لحجة طه أن المعرفة عبارة عن "تذكّر". ولكن طه نفى ما قاله محمد محمد علي، وأصر على أن علمه مستمد من القرآن.. "المرجع: رسائل ومقالات، الكتاب الثاني، صفحة 7 – 8".. وهذا الادعاء بأنه استقى معرفته من القرآن، ادعاء يصبغ أسلوب طه في كافة أعماله، حيث يصر دائما على أن جميع أفكاره مستندة إلى القرآن)!

    إذن (ادعاء) طه بأنه استقى معرفته من القرآن، و (إصرار) طه (الدائم) على أن جميع أفكاره مستندة إلى القرآن هو مصدر إزعاج للدكتور! ولذلك، هو يخبر قراءه، دون أي دليل، أن طه أخذ أفكاره من ابن عربي، والجنيد، والبسطامي، والحلاج، وغيرهم من الصوفية! بل حتى فكرة (التجديد الإسلامي) أخذها طه من محمد عبده!! كما يقرر الدكتور أن طه، بعكس تصريحه للسيدة جكنز، (مطّلع) على الفكر الغربي أيضا، وقد استلف منه (فكرته التأسيسية) عن (الفردية)، كما استعرضتُ قوله في حلقة سابقة! وأعيده هنا:
    (الفكرة التأسيسية لطه بخصوص موضوع "الفردية" التي تحققها الصلاة، وبالرغم من أن طه يصر على أن ما أتى به ناتج عن تلقي كفاحي من القرآن، فإنه بلا شك قد استمدها من أفكار المذهبية الليبرالية الغربية، حيث طور هذه الأفكار ليؤكد فكرته هو عن "الفردية")!

    عليه: إذا (حملنا) كلام محمد محمود هذا على (محمل الجد)، فإننا يجب أن نصدق أن طه اطلع على أفكار هؤلاء جميعا (مفكرين مسلمين "قدامى ومحدثين"، ومفكرين غربيين) واستوعبها، ثم اختلسها، ونسبها إلى نفسه! ولهذا يجب أن لا نحمل على محمل الجد قول (طه) إنه قرأ فقط (شذرات من هنا وهناك)!

    والوضع كهذا، فإني، ولغرض إقامة الحجة على الدكتور، وإثبات تحامله، سأذهب معه إلى نهاية الشوط: دعونا نسلّم للدكتور أن (طه) اطلع على كل هذه الأفكار (إسلامية وغربية)، ووعاها، ثم أخذها، ونسبها إلى نفسه! فهل يُرضي هذا الدكتور ويشفي (غليله)؟؟ لا!! فالدكتور، للأسف، لن يهدأ له بال حتى يجرد (طه) من كل شيء! حتى نيشان (القراءة) و (الاطلاع) و (اختلاس) أفكار الغير، الذي منحه له في سياق (تحاملي)، سابق، يعمد إلى سحبه منه، في سياق (تحاملي)، لاحق!

    الدليل؟!؟ لنسمع الدكتور، فيما يلي، يشكك في (تقرير) المؤرخ محجوب عمر باشري الوارد في كتابه (رواد الفكر السوداني)، في سياق محايد، عن (طه)، وقراءاته الواسعة، واطلاعه على الفكر الغربي! حيث كتب باشري، في كتابه المذكور، عن محمود محمد طه، ما يلي:
    (كان قارئا نهما في اللغتين العربية والإنجليزية، ودرس مذاهب الفلسفة وكل أنواع المنطق، حتى المنطق الوصفي والمنطق الجدلي وله دراسات عن مدرسة الجدليين منذ الفيلسوف الألماني هيجل حتى ما كتبه ماركس وتفرع منه، ما كتبه منظرو الماركسية، وله دراسات عن المنطق الرياضي واعتراضات على وايتهيد وراسل كما له اعتراضات على مدرسة هيجل)!

    هذا ما كتبه باشري! وهو يتفق مع ما قاله محمد محمود، الذي أوصى قراءه أن (لا يحملوا على محمل الجد) كلام طه عن أنه قرأ قليلا: (شذرات فقط من هنا وهناك)! والغريب أن من ذكرهم باشري، هم أنفسهم من ذكرهم محمد محمود! ولكن محمد محمود، للعجب، لا يوافق باشري! إذ يبدو أنه (لا يستسيغ) أن يقول أحد عن طه أنه (واسع الاطلاع) أو (له دراسات في مجالات الفكر الغربي)، حتى في سياق (محايد)، كسياق المؤرخ (باشري)!

    لذلك: يعلق الدكتور على كلام (باشري) هذا، في إيضاحه رقم 90، على نهاية صفحة 238، وبداية صفحة 239، بما يلي:
    (المصدر الذي استقى منه باشري هذه المعلومات المفصلة حول قراءات طه المبكرة، ودراساته "المفترضة"، غير واضح. ومن الجائز أن يكون باشري "مدفوعا" بتقديره واحترامه العظيم لطه، وإعجابه هو الخاص بالفكر الغربي، لدرجة أن جعل من طه مفكرا ذا قراءات واسعة ومنهجية في الفكر الغربي الحديث)!

    تُرى: ماذا يفعل (طه)، ليرضى عنه الدكتور (الناقد)؟! إن قال طه بنفسه إنه ما تأثر بأحد، وما قرأ كثيرا، يقول لنا الدكتور: لا تصدقوه! بل هو قرأ، واطلع، وتأثر، وأخذ، ونسب إلى نفسه! وإن كتب مؤرخٌ محايد، إن (طه) قاريء (نهم) و (واسع الاطلاع)، يقول لنا الدكتور أيضا: لا تصدقوا (الزول) دا! فهو يكتب (مدفوعا) بتقديره واحترامه (العظيم) لطه!

    لا أدري لماذا يراودني إحساس أن الدكتور ربما انطبع في ذهنه أن (النَقْد) يعني (النَقِد)، بكسر القاف، خصوصا أنه (حديث عهد) في هذا المجال، و (متقحّم) له! فأنت لا تجد، في كتابه، (فكرة) أو (موقفا) للأستاذ محمود، إلا ألصق عليه (خلاصة سلبية) جاهزة، ليشوهه بها!

    وفي هذا، الدكتور لا يتورع عن شيء! فقد تطاول، لينال بالتشويه والانتقاص حتى ذلك الموقف المشهود على المقصلة! حيث اعتبر (إعدام) طه (تشكيكا) في (صحة) و (توازن) موقفه! ورأى في (مصيره النهائي) الذي لاقاه (عنصرا من عناصر العقوبة الإلهية) و (الطرد)!! هكذا!! ثم ذهب ليؤكد إن هذه (الدلالات السلبية) لم تكن خافية على (حس الجمهوريين الصوفي)! ولذلك عمدوا إلى (التبرير) عبر التأكيد إن (موت طه كان في الواقع عملا تم باختياره هو)! (صفحة 33 – 34)!

    فهل يمكن أن يكون هناك (تحامل) و (كراهية) أكثر من هذا!

    ولكن: برغم كل هذا _بل ربما بسبب هذا_ يخبرنا عبدالله الفكي (الباحث) أن محمد محمود قد التزم منهجا علميا صارما في كتابه! ويعلن بروفيسور عصام البوشي _ كاتب مقدمة كتاب الفكي _ في ندوة عامة، أن كتاب محمد محمود (من أفضل ما كتب عن محمود محمد طه)، معلقا على نقد د. القراي، في ذات الندوة، للكتاب! ولا أخفي أنني بتُّ أخشى أن يكون (إمعان الدكتور في التشويه) هو (المعيار) الذي تم على أساسه (تثمين) كتاب الدكتور! فنحن نعيش في زمانٍ طُفّفت فيه (المعايير) وطاشت (السنج)!

    ولعله، من قبيل إضفاء المزيد من (البهارات)، لتسويغ (تعريف) قراء (الإنجليزية) بفكر (طه)، قرر الدكتور أن يدمج (طه) و (فكره) و (حركته)، في (باقة) واحدة، مع فكر (سيد قطب)، وحركة (الإخوان المسلمين)! هكذا! ولتشرب (الأفضلية) من البحر! وليخلد (المنهج العلمي الصارم) في الجحيم!

    فلنقرأ (فخامة) الدكتور الناقد، على صفحة 38 و 39 من كتابه _ظانا أن قد خلا له الجوُّ_ يعرّف قراءه، بالإنجليزية، (أكثر فأكثر) بالرجل (طه) وفكره وحركته، حيث يحدثهم، بإنجليزية رصينة، حديث العارف، الخبير، بما يلي:
    (بالرغم من أن طه كان معارضا فكريا وسياسيا للإخوان المسلمين، خصوصا النسخة السودانية للإخوان المسلمين،93، إلا أن الحركة التي أنشأها تتشارك في خصائص أساسية مع مفهوم سيد قطب لنموذج حركة التجديد. ففي فكر سيد قطب حركة التجديد يجب أن تكون "انعزالية"، حيث يجب أن "تقاطع المجتمع" و "تعزل نفسها" عنه، لأن المجتمع يعيش في حالة جاهلية، لا تختلف عن جاهلية المجتمع المكي عندما بدأت بعثة محمد. وقد تم استخدام مفهوم "جاهلية القرن العشرين" كحكم إقصائي شامل وكاسح، يشمل، ليس مجتمعات غير المسلمين فحسب، بل المجتمعات الإسلامية أيضا. وعلى هذا، فقد كانت حركة الجمهوريين "حركة انعزالية"، ولديهم "إحساس عالي جدا بالتميز الشخصي". ومثله مثل مفكري الإخوان المسلمين استخدم طه أيضا مصطلح "الجاهلية" في الإشارة إلى الوضع الراهن، بالرغم من أنه استخدمه بافتراض إيجابي هام، هو أن جاهلية العصر الحاضر أرقى من الجاهلية التي كان عليها الناس في العهد النبوي الأول. كما أنه طه، وفي تقييمه لمساهمات محمد عبده وحسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، امتدح الوعي السياسي ونزعة الإصلاح، عند البنّا. ولكنه استخدم نفس التصنيف ليدين جماعة أنصار السنة السودانية، المنبثقة عن الحركة الوهابية، حيث لم يكن راضيا عن مهادنتهم للاستعمار. والأهم من ذلك، أنه لم يكن معجبا بآرائهم الإصلاحية، حيث ذكر إنه "لا يمكن أن يأتي منهم خير" – المرجع: أسئلة وأجوبة – صفحة 76)!

    هنا لا أحتاج أن أدافع عن (الأستاذ محمود)، في وجه (تحامل) محمد محمود هذا! ويكفي أن ألفت نظر القاريء إلى أن فكرة (سيد قطب) القائلة بضرورة (انعزالية) حركة التجديد، و (مقاطعتها المجتمع)، الخ، تجد سندها في صلب دعوته إلى (استعلاء الإيمان)! و (استعلاء الإيمان) مبدأ معروف في حركة الإخوان المسلمين، وهو مستمد من توجيهات مؤسس الحركة (الإمام حسن البنا)، إلى الإخوان المسلمين! فالإمام حسن البنا خاطب الإخوان المسلمين بما يلي:
    (نحن أيها الناس، ولا فخر، أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحملة رايته من بعده، ورافعو لوائه كما رفعوه، وناشرو لوائه كما نشروه، وحافظو قرآنه كما حفظوه، والمبشّرون بدعوته كما بشّروا، ورحمة الله للعالمين.. "ولتعلمّن نبأه بعد حين".. أيها الأخوان المسلمون: هذه منزلتكم، فلا تصغّروا من أنفسكم، فتقيسوا أنفسكم بغيركم)!!

    اقرءوا التوجيه أعلاه، وقارنوا!! أين هذا مما تعرفونه عن الأستاذ محمود، وتلاميذه! أعتقد أن محمد محمود بإصداره هذا التقرير المجحف، في حق الأستاذ محمود، غير جدير بأن يحدّث الناس، في أي مستوى، عن الأستاذ محمود! ناهيك أن يتصدى لتحليل فكره! ولكن، العزاء أن باطل محمد محمود هذا لا يجوز إلا على مغرض، ولا يضر به إلا نفسه! فالأستاذ محمود قد شهد له، ولتلاميذه، العديدُ من الناس، حتى من الإخوان المسلمين أنفسهم، بالتواضع الفكري والسلوكي، واستقامة الخلق، ولين الجانب، ومحبة الناس، والسعي في خير الناس (مؤيدين ومعارضين)، سواء بسواء! والفضلُ ما شهدت به الأعداء!

    على أنّي أقدم، هنا، كمثال في دحض تخرصات محمد محمود، توجيها واضحا ومحددا، من ضمن توجيهات كثيرة مماثلة من الأستاذ محمود لتلاميذه! حيث يوجّه الأستاذ محمود، تلاميذه، بما يلي:
    (يجبْ أن تكونُوا واسعي الأفق، واسعي الصّدر، في مواجهة المعارضين! همْ أعوانكُم! نحن، وهم، ماشين في طريق واحد! نحن بنشوفهم! هم ما بشوفونا! يُعذَروا على ذلك! فكونُوا رفيقين بيهُم! وكونُوا محبّين ليهُم! وإنْ كرهتمْ أخطاءهم، وسلوكهم! لكنْ يجبْ أن تكون في السعة البي تخلّينا نكون محبّين، لنوصّل ليهمْ الخير! والخير لمّن ينزل من نفوس محِبّة، يجدْ الاستجابة.)!

    شتّان بين (ما يريده محمد محمود) وبين (واقع الحال)! (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم)!!

    على كلّ حال، كتابات الأستاذ محمود، وأحاديثه، عن الإخوان المسلمين، مبذولة لمن يرغب على موقع الفكرة الجمهورية (http://www.alfikra.org)،http://www.alfikra.org)، خصوصا سلسلة الكتب المعنونة: (هؤلاء هم الإخوان المسلمون)! فليطالعها من يشاء! بدلا من الأخذ عن (المغرضين) و (الموتورين) وأصحاب الأجندة الخاصة، مدفوعة الثمن!

    وبما أني، هنا، معنيٌّ بكشف وإثبات تحامل الدكتور، سأعمد إلى مواجهته بأقواله هو نفسه (المبثوثة) في صفحات كتابه، عن (طه) و (فكره) و (حركته)! وهي أقوال تخالف تقريره أعلاه، بصورة قاطعة، وحاسمة! حيث يبدو أن الدكتور لا يلقي بالا لضرورة أن يكون (ذَكُورا)، في غمرة (انفعاله) و (انشغاله) بلصق (خلاصاته) الجاهزة على (طه) و (فكره) و (حركته)!

    يقول الدكتور، مثلا، على صفحة 233 من كتابه، في الملحوظة رقم: 35، ضمن ملحوظاته على الصفحات 23 – 24، عن (فكر وحركة طه) ما يلي:
    (بالرغم من أن الأصل الاجتماعي لغالبية الجمهوريين يضعهم فوق خط الفقر، إلا أن مذهبهم الفكري الاشتراكي جعلهم يعيشون معيشة الفقراء، حسبما لاحظ دوران "عن حق". المرجع: خالد دوران "الإخوان الجمهوريون في السودان: حركة إصلاح إسلامي". وفي هذا الإطار، يقف الجمهوريون في "تناقض واضح" مع "حركة الإخوان المسلمين السودانية" التي يتجه مذهبها الفكري إلى الدفاع عن الرأسمالية، و "أعضاؤها يجدون راحة روحية في الاحتفاء بتكديس وجمع الأموال").

    هذا اعتراف واضح من الدكتور!! يمثل نقضا مبينا لخلاصته المقتطفة أعلاه من صفحة 38 - 39 (من كتابه)! وإلا: فكيف يعتزل المجتمع، ويقاطع أفراده، و (يستعلي) عليهم، من (يتواضع) ليعيش عيشة الفقراء منهم، برغم وضعه الاجتماعي الذي يسمح له بالمعيشة فوق خط الفقر؟ وكيف يتساوى (الزاهد) مع (من يجد راحة روحية في تكديس وجمع الأموال)؟ اللهم، إلا أن يكون الدكتور يفهم (الاعتزال) و (الاستعلاء) و (المقاطعة)، بمعنى: (أن "يتواضع" المرء و "يعيش" عيشة الفقراء، بالرغم من مستواه الاجتماعي الذي يسمح له بالعيش فوق مستوى الفقر)، و (أن يجوب الشوارع راجلا، يناقش المارة رجالا ونساء في شئون الفكر والسياسة والاجتماع)، و (أن يتجافى عن الاحتفاء بجمع المال وتكديسه)، الخ..

    وهنا، تقرير ثانٍ صادر عن الدكتور، على صفحة 32 من كتابه، ينقض أيضا ما افتراه، في حق الأستاذ محمود، حيث يقرر بنفسه ما يلي:
    (طه رجل ينضح بالجاذبية، واللطف، والحيوية. وقد عاش حياة تتسق مع نموذجه الصوفي في الزهد. فقد عاش في بيت بسيط من الطين، وكان يلبس ثيابا بسيطة، ويحرص على أن لا يحمل، أبدا، في جيوبه نقودا، وكان لا يأكل اللحم)!

    ثم، هذا تقرير ثالث للدكتور، عن (فكر) طه، حيث يحدثنا الدكتور (في "إيضاح رقم 93"، صفحة 239 من كتابه) حديثا ينقض (خلاصته) على صفحة (38)! فهو على صفحة 239 يتحدث عن وضوح (الاختلاف الايديولوجي) بين (فكر طه) و (فكر الإخوان المسلمين) منذ (مرحلة مبكرة)! أليس هذا عجبا؟ فلنسمع الدكتور:
    ملحوظة 93: (الاختلاف الأيديولوجي بين فهم طه للإسلام وفهم مدرسة الإخوان المسلمين كان واضحا منذ مرحلة مبكرة. ففي مراحل نشوئها الأولى، تعرضت حركة الإخوان المسلمين السودانيين لتشظيات عديدة، وفي محاولة لحل أزمة الحركة، سافر محمد يوسف، أحد قادة حركة الإخوان المسلمين في أوساط الطلبة، عام 1951، إلى رفاعة، ليلتقي طه، بغرض استكشاف ما إذا كان بإمكان طه قيادة حركتهم. ولكن "بعد نقاش طويل" قرر "يوسف" أن أفكار طه "أكثر انفتاحا وتحررا" من أن يتولى قيادة حركة، كحركة الإخوان المسلمين" – المرجع: كتاب عبدالوهاب الأفندي: ثورة الترابي "لندن – جراي سيل، 1991"، 65..)!!

    على كلّ حال: كلما أتمعن أسلوب محمد محمود، وأطالع أوصافه المتكررة التي يطلقها على الأستاذ محمود وعلى الجمهوريين _دون دليل_ من قبيل: (أسلوب طه الذرائعي المعتاد)، (الجمهوريون لديهم إحساس عالي جدا بالتميز الشخصي)، (الجمهوريون يشعرون أنهم متميزون فكريا)، (الجمهوريون يعتقدون أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة)، (الجمهوريون حركة صفوية) الخ، أشعر أن محمد محمود ينطلق من إحساس معين (بالدونية) تجاه الأستاذ محمود والجمهوريين! وما هذه (الأوصاف) التي يطلقها إلا (إسقاط تعويضي)! فهو متنازع، ويعيش تناقضا حادا، بين ما يعرفه حقيقة عن (طه) وفكره، وتلاميذه، وحركته! وبين غيرته الشخصية منهم، وشعوره بالدونية تجاههم! ومن ثم حاجته الداخلية لطمر وكبت هذا الشعور بالغيرة، والدونية، محفوزا بآلية (الدفاع الذاتي التلقائي)!

    فمحمد محمود، أقر بنفسه في كتابه، أن له نقاشات كثيرة، امتدت عبر فترة طويلة، مع الجمهوريين! وبالطبع لا بد أن تكون مرارات معينة قد ترسبت نتيجة هذه النقاشات! ولهذا نجد الدكتور دائم التكرار، بلا مبرر، لهذه الأوصاف، دون إيراد دليل من أقوال الجمهوريين أو كتاباتهم أو مواقفهم، عليها، أو القول إنها (انطباع شخصي) ناتج عن تجارب شخصية، مع نفرٍ معدودين من الجمهوريين! بل هو يطلق الأوصاف بصورة معممة على جميع الجمهوريين! والدكتور، قطعا، لم يناقش جميع الجمهوريين، ولا يعرفهم جميعا، ليطلق عليهم أحكام معممة، بهذا الشكل!

    غالب حدسي، أن ما يزعج الدكتور، ويثير غيرته أكثر، أن الجمهوريين (بالرغم من تفوقهم العقلي) يعرفون للعقل مكانته، ولا يوافقون على (إعلاء شأن العقل) بحيث يجعلونه حكما على الأشياء: (ينفي) و (يجحد) و (ينكر) كل ما لا يعقله! ولربما حجّه بعضهم في هذا الخصوص، وسفّه من اعتقاده غير المنطقي، في العقل! فالعقل، عند الأستاذ محمود والجمهوريين، عرضة لآفات كثيرة: المعنوي، منها، والمادي! وعلى راس الآفات المعنوية الهوى: هوى النفس! وعلى راس الآفات المادية: المرض!

    فنوبة (ملاريا)، تطير في الرأس، مثلا، كما يقول (طه)، قد (تلخبط) كيان العقل، و (تزلزل) شأنه! فلا يقدر على تمييز الحلو من المر، ولا الطيب من الخبيث! هذا، بغرض التذكير، لمن أراد أن يذكّر! ولذلك: الأستاذ محمود يقول إن من أكبر دلائل الجهل، أن يجحد الإنسان وجود ما لا يعلم، لمجرد أن (عقله قد عجز عن إدراكه)! ويجدر أن أذكر في هذا السياق أن الدكتور أسس موقعا (لتجاوز الأديان)، معلنا إن الهدف منه هو: (الإعلاء من شأن العقل) و (تجاوز الدين) مرة واحدة، وإلى الأبد!

    علما بأن الدكتور، حتى في دعوته هذه المعلنة إلى (تجاوز الأديان)، لا يتحلى بصدق الدعاة، ولا بأمانة الأكاديميين! فهو، عمليا، لا يعيش دعوته هذه! حيث يتبنى، على المستوى العملي، الدعوة إلى (العلمانية)! والعلمانية (دين)! كما أنه، على المستوى الأكاديمي، لا يدرّس طلابه (تجاوز الأديان)، ولا يدرسهم جميع الأديان حتى! بل يعد لهم، ويدرّسهم، مقررات حول (الإسلام والحداثة) و (مدخل إلى القانون الإسلامي "الشريعة") الخ! ويحدث محاوره عن انبهاره هو شخصيا وانشغاله باستكشاف وفهم (أثر العقائد الدينية "العميق" في تشكيل وتكييف وعي الناس ونظم القيم في كافة المجتمعات عبر التاريخ الإنساني)!!

    فلنسمع الدكتور يجيب على أسئلة صحيفة "جامعة تافتس"، حيث يدرّس:
    (سؤال: ماذا سوف تدرس السميستر القادم؟
    إجابة: السميستر القادم سوف أدرّس كورسا حول (الإسلام والحداثة) وكورسا عنوانه (مدخل إلى القانون الإسلامي "الشريعة")!

    (سؤال: ما هو أكثر ما يمتعك في التدريس في مجال الدين؟
    إجابة: لقد ظللت دائما مبهورا بظاهرة الدين (في جميع تجلياتها). لقد ظللت دائما مشغولا باستكشاف وفهم وتحليل العقائد الدينية، الظاهرة والباطنة والمفترضة، وأثرها العميق في تشكيل وتكييف وعي الناس ونظم القيم في كافة المجتمعات عبر التاريخ الإنساني. وما يجذبني ويروقني بالتحديد في تدريس الأديان هو أن التدريس نفسه يصبح عملية تعلم مستمرة حيث يجد المرء نفسه في عملية تفاعل مستمر مع أفضل العقول في هذا المجال (عبر القراءات التي أحيلها على طلابي) وسماع آراء الطلاب ووجهات نظرهم. إنها عملية تفاعل مستمر، وتوسيع لآفاق المرء المعرفية، وهذه من أكثر الجوانب إمتاعا فيما أقوم به)!!!

    أواصل في الحلقة القادمة، بإذن الله، وبعونه..

    إبراهيم عبدالنبي
                  

العنوان الكاتب Date
الأستاذ محمود: بين "إنصاف" عبدالله الفكي و "تحامل" محمد محمود. بقلم إبراهيم عبد النبي Yasir Elsharif02-21-15, 12:35 PM
  Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله الفكي و andquot;تحاملandquot; محمد Yasir Elsharif03-01-15, 07:39 AM
    Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله Yasir Elsharif03-12-15, 06:28 PM
      Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله النذير حجازي03-13-15, 09:43 PM
        Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله Yasir Elsharif03-27-15, 08:33 PM
          Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله Yasir Elsharif04-11-15, 03:03 PM
            Re: الأستاذ محمود: بين andquot;إنصافandquot; عبدالله Yasir Elsharif04-26-15, 01:06 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de