دولةُ الخلافة بالدَّالَيْن؛ الدِّين والديالكتيك (هى مفهوم أيديولوجى) غير قابلة للحياة
مدخل:
دولة الخلافة هى "مفهوم أيديولوجى" تعمل تحت مظلته معظم تنظيمات الإسلام السياسى اليوم، وتستوى فى ذلك المنظومات السنية (الصوفية والوهابية) والشيعية (بطوائفها المختلفة) والأخوانوية. وهو مفهوم جامع تنبسقُ منه أيديولوجيات قطرية (كالمشروع الحضارى فى السودان، النهضة فى مصر، والنهضة فى تونس، إلخ) قد تختلف فى المسمى، ولكنها كلُّها تنتهى عند مفهوم الخلافة.
فالزج بدولة الخلافة - هذا المفهوم الأيديولوجى – الآن، يَنُم عن عدم دراية تامة بمسطورات التاريخ، ويفضح قصور التفكير الدينى الراهن إذا ما قورن بالتفكير الدينى فى سالفِ الأيام (والمقارنة فى الأصل لا تستقيم)، فى أزمنةِ الأنوار المحمدية والإسلام الراشدى. فالرسول صلى اللهُ عليه وسلم القائل فى رواية البيهقى: "إنَّ اللهَ بدأ هذا الأمرَ نبوةً ورحمةً، وكائناً خلافةً ورحمةً، وكائناً مُلكاً عضوضاً، وكائناً عُتُوَّةً وجَبْريةً، وفساداً في الأمَّةِ؛ يَسْتَحِلُّونَ الفروجَ والخمورَ والحريرَ؛ ويُنْصَرونَ على ذلك، ويُرزقونَ أبداً، حتى يَلْقوا الله عزَّ وجلَّ"، والذى يقول، صلواتُ ربى وسلامُهُ عليه، فى رواية إبنِ أبى شيبة: "... يا معاوية إن مَّلَكتْ فأحْسِنْ"، يُهيئنا لسيرورة محتدمة بالصيرورة، والرجوع فيها إلى الوراء جريمة ضد الدين، ضد العقل، ضد التاريخ، ضد الفاعلية.
وفى هذه المداخلة نريد أن نثبتَ كلَّ ذلك؛ أىْ أنَّ دولة الخلافة بالحيثيات الدينية والجدلية، هى دولة غير قابلة للتطبيق، غير قابلة للحياة. وفى تقديرى يظلُّ الدفعُ بهذه الدولة فى واقع بعد – حداثوى، نوع من جنون البشر، نوع من الإنتحار السياسى. خاصةً إذا علمنا أنَّ النظام الليبرالى الحالى يمر بمرحلة تطور تعتبر كل العروش العربية الحالية عروش عليلة الليبرالية وغير متناغمة مع عالم عبر – حداثوى، ولذلك رمتها بحروب رأسمالية أُخرى، واختارت لها إسماً أيديولوجياً جميلاً يحضُّ النَّاس على فناءِ أنفسهم، وهو "الربيع العربى". فهل يا تُرى، نظام ليبرالى يفعل كلَّ هذا الفعل بحلفائه من العرب، يسمح بإقامة دولة خلافة أكثر تمسكاً بالماضى من العروش الحالية!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة