|
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) (Re: ابو جهينة)
|
و بوجود و بروز سمات العرق الزنجي في كافة أهل السودان من (الشعر الأكرت ) و ( الأنف الأفطس ) و البشرة ( السوداء أو السمراء ) فإن غالبية الذين يُرجِعون أنسابهم و إنتماءهم لقبائل أو أسماء عربية في الجزيرة العربية ما هو إلا تمسك و تعلق بأهداب ببعض الإستعلاء الذي كان يمارسه الغزاة من العرب ( و بالطبع يندرج ذلك على الإستعلاء التركي و ما خلفوه من دماء في بعض الأسر و القبائل) .. فالعرب كانوا ينظرون إلى أنفسهم بأنهم بدخولهم السودان و تزاوجهم مع ( الزنوج و النوبة وبقايا أحباش مملكة أكسوم المتشبثة بالبقاء في السودان ) فإنهم قد سكبوا في دماء هذه القبائل فقط شرف اللون و اللغة و الدين و بالتالي الإنتساب هذا المبتور ، هذا الإنتساب ( القِشْرة ). و بإنزواء العرق العربي و بقاء ( بعض من دمائهم بنسب متفاوتة في بعض القبائل و بعض القبائل العربية الخالصة ) فإن المتشبثين بنقاء الدم العربي فيهم يجب أن يقارنوا ما بين السوداني ( كعربي ) و اللبناني ( كعربي ) على سبيل المقارنة و المثال. فلو إستثنينا اللغة فإن كل المؤشرات تقول بأن هذا الأسود الذي يتكلم بفصاحة العرب ما هو إلا ( إفريقي أسود بلسان عربي مبين و ثقافة عربية ) و كأنه يقول ضمنا : أنه لمن الفخر و دواعي الإعزاز أن يتكلم شخص بمواصفاته الشكلية و الخَلْقية بلغة القرآن و لغة العاربة و قحطان .. أو هو في سبيل المقاربة أمر يشبهونه بشعوب دول (الكمنولث) التي لا تزال ترتبط بحبل سري ( هو حبل الإقتصاد و اللغة ) مع الإمبراطورية التي لم تك الشمس تغيب عنها ( بريطانيا ). بينما شرف إنتمائنا يجب أن نرُده إلى كينونتنا الحالية كسودانيين ، وسودانيين فقط بدمائنا (الكوكتيل ) ، و ألواننا التي تحدث عن حكمة الخالق التي قبضتْ من كل تراب الكون قبضة ليخلق منها أبو البشر( آدم ) فكنا خير مثال لهذه التركيبة الإلهية فجاءت هذه البانوراما اللونية السودانية ). يبرز هنا أيضاً سؤال : ماذا لو كانت لغة الأمهرا أو التغراى أو النوبة أو الدينكا أو أي لغة نيلية مثلاً قد طغتْ على ألسنتنا رغم وجود الدم العربي واللغة العربية ،، كقبيلة العفار بالصومال وجيبوتي الذين يحتفظون بلهجاتهم الموروثة بينما يؤكدون وجود الدم العربي فيهم بنسب تتساوى مع بعض قبائلنا التي تُرْجع أصولها للحسين بن على كرم الله وجهه و إلى العباس و إلى قبائل عدنان و قحطان ؟ صناعة سودانية تشكو البوار : من اللافت للنظر هو إستعلاؤنا الذي يذكرني بذلك الطوق المغناطيسي الذي يلبسه بعض المطلوبين في أمريكا ليتم تحديد أماكن تواجدهم في نطاق معلوم للشرطة ، فلا يغادر لابس الطوق المكان المحدد له و إن حاول إختراق نطاقه فإن كل شرطة المنطقة تعلم بأمره .. فيعيدوه صاغراً. و هذا ما كان من إمر إستعلائنا .. إستعلاءٌ لا يتجاوز حدودنا الجغرافية و جغرافيتنا البشرية ، لا تتعدى حدود التعامل داخل الوطن و لكن خارجه فإن جرس الزنوجة سرعان ما يتم تعليقه على رقابنا لتموسق رناته جنبات إنتمائنا اليتيم.. إستعلاء موغل في المحلية بينما ينهال علينا نفس الإستعلاء في كل الدولة العربية مهما حاولنا أن نلحق بآخر عربة في قطار العروبة و الذي يجعل كل الأنوف متساوية حتى و إن شابهتْ أنوف أصحاب الدماء الزرقاء.. حتى ( الحلبي ) منا هو عبد و لو توهج بياضاً أو وقف لونه نِدَّاً لألوان السادة و مدمني النخاسة في أسواقها العلنية والمستترة. إنتماء بلا وجيع و وجعٌ منتمي إلى المجهول أو : ( انتماء مبتور كالحب من طرف واحد ): و هو إستعلاء موسوم بإنتماء غير موثَّق في أضابير التاريخ السوداني بشكل يستند على علم الأنساب أو تسلسل الأسماء ، و لكنه إنتماء يستند على أسماء تتناقلها الأسرة عن الأسرة و الأب عن الجد و الكابر عن الكابر و كلها أنساب و أسماء تصب في صحاري الجزيرة العربية ومضاربها و قبائلها ، بينما لا نجد بالمقابل أي بحث للجذور التي رماها أجداد أهل الجزيرة العربية في غَيَابَة عتامير السودان و أحراش غاباته و صحاريه و تلاله و جباله ، و كأنَ هؤلاء الأجداد من الجزيرة العربية قد أتوا فقط فاتحين و مُحَسِّنِين للنسل أو أنهم قضوا أوطارهم حينما أتوا غزاة وفاتحين، ثم إنطلقوا إلى جهة أخرى يجربون فيها فحولتهم و يمزجون حيَامِينَهم بأعراق أخرى . لا أحد من العرب العاربة يبحث عن جينات أجداده المدلوقة في أرحام هؤلاء الأفارقة ، و كأن أجدادهم هؤلاء قد دلقوها مع ماء ( قِرابهم ) فإنسربتْ بين طيات الرمال أو كأن بذورهم التي بذروها قد إندثرتْ بمجرد إغتسالهم من ( رجس الجنابة ) بمياه النيلين و ( الفولة ) و ( العِدْ ) و من ثَم َّ إستودعوا ( الركوة و الإبريق والمآذن ) سر حمْل زوجاتهم و سراريهم ثم بعدها يمموا شطْر الكعبة يسألون الله المغفرة حيث أنهم أسكنوا من ذريتهم بوادٍ ذاخرٍ بالزرع و الضرع ونفوس تعتلج في بوتقة الهوية المفقودة و أرواح مسكونة بوسواس الهوية الخناس. من المفارقات أن نجد أشخاصاً من دولة كالـ ( المَجَر ) يأتون من أقصى شمال أوروبا باحثين عن بذرة بذرها رجل منهم بإحدى فروع الحلفاويين و كوَّن فرع ( المجراب ) .. قابلت ( مجرياً ) كان مع فوج سياحي لزيارة ( قصر الحمرا ) بمنطقة الأندلس بأسبانيا .. فدار بيننا حديث طال ( المجراب ) و تاريخهم فدهشت لما يعرفه الرجل عنهم و عن منطقتهم و تاريخ دخول ذلك المجري لبلاد النوبة و البعثات المجرية التي زارت المنطقة و الباحثين و المهتمين. كان يتحدث بإنبهار خاصة بعد أن عرف أنني نوبي و منطقتي قريبة من وادي حلفا. إتكاءة : ( بلح الشام و عنب اليمن ) : أُعْجِب الغراب ذات مرة بألوان ريش الطاوؤس .. فدهن ريشه بألوان زاهية و إندسَّ مع سرب الطواويس.. و عندما حاول تقليد أصواتها و مشْيتها عرفته و طردته من سربها شر طردة .. وعاد الغراب إلى الغدير حزيناً ينظر في سطح الماء إلى ألوانه التي لوَّن بها ريشه .. فأنكرته أسراب الغربان و نقرته بمناقيرها حتى مات. و نحن الآن نقف في برزخٍ نتوسط الطواويس و الغربان .. فلا طواويس العروبة تعترف بألواننا حتى و إن جعلناها ( فسفورية ) و لا غربان إفريقيا تعترف بنا لأنها تدمغنا بتهمة الدم الممزوج. (هنا تكمن تثييت الهوية السودانية بكل أبعادها و مزيجها الفريد ). و هو أيضاً إستعلاء عرق على عِرْقٍ ، بحيث يمكننا تشبيهه بنظرة ( الأعور ) للأعمى .. فالأول قد يصير ملكاً على مملكة الثاني بينما الأول نفسه مهدد باللحاق بالثاني في أي سانحة خاطئة أو مقصودة بضربة عشوائية قد تطال عينه الصحيحة. إستعلاؤنا ( الأعور ) تكمن مشكلته الكبرى في أنه إستعلاء ( أعمى ) لا يُدْرِك بأن مَنْ يَسْتَعلي عليهم هم ( عيْنه الأخرى المطموسة ) .. فكلنا في ( الإنطماسُ ) سودانُ . إذن هو إستعلاء ( أعور ) يتكيء على ( عصا إنتماءٍ نخره السوس ) بينما هو في أغفاءة كاذبة كنَوْمة الدجاج ينام محتضناً أحلام إنتمائه و يصحو على واقعه .. و هو إستعلاء يسنده إنتماء لعرقٍ متنامي الإستعلاء على كل الأعراق .. كانتونات التمييز العرقي : من المضحك المبكي أن نجد أن الإستعلاء العرقي و التمييز في السودان يتنوعُ تَنَوُّع مناخنا ومناطقنا الجغرافية. ففي الشمال قطنتْ قبائل ( تتحدث العربية ) و سكنتْ مع القبائل ( النوبية ) .. الفرق الوحيد بين العرقين بأن النوبة يمتلكون السواقي و الجروف .. أما العاربة فهم تجار أو زراع أو مهن أخرى، والمفارقة تكمن في أن النوبة يطلقون على الشخص ( النوبي الصميم منهم ) و الذي يكون بلا أرض أو نخيل أو جروف ، يطلقون عليه لقب ( آراب ) .. يعني مثله مثل العربي .. الذي لا ممتلكات له تربطه بهذه الأرض. ثم ساقتني الأقدار إلى الجزيرة التي يمتلك معظم أهلها الحواشات .. و أيضاً وجدت هناك أن بعض النوبة ( دناقلة و محس ) يسكنون في هذه القرى بين أهل الجزيرة ، و بما أنهم نازحون للجزيرة فإنهم لا يمتلكون حواشات بها ، لذا نجد أن أهل الجزيرة يطلقون على كل من لا يملك حواشة أو أرض ، يطلقون عليه لقب ( دنقلاوي ) ..
نسْل آدم .. في قبضة اللوائح :
معظم السود في أي بلد ديمقراطي يملكون ثقة زائدة بالنفس و هم يعلمون تماماً بأن أي نوع من هضم الحقوق أو إطلاق نعوت عرقية لها من القوانين الرادعة التي تجعل كل من يزمع أن يرتكب نوعاً من هذا الإستعلاء يفكر ألف مرة قبل أن يُقْدم عليه. و رغم هذا لا زال الإستعلاء يُمارَس بين الفينة و الأخرى و يطل برأسه هنا و هناك. مشكلة بعض المُسْتَعْلَى عليهم.. أنهم ينزوون بهذا الشعور المذل و ينطوون على أنفسهم ويمارسون ردة الفعل بطريقة مكبوتة.. فيتعالى ويتنامى هذا الشعور حتى يصل إلى أقصى درجاته فتنطلق لا تُبْقي و لا تَذَر.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-15-14, 07:44 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-15-14, 07:47 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-15-14, 07:49 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-15-14, 07:50 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-15-14, 07:54 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-15-14, 07:57 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-15-14, 07:59 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | طه جعفر | 12-16-14, 02:56 AM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | طه جعفر | 12-16-14, 02:59 AM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | تبارك شيخ الدين جبريل | 12-16-14, 04:24 AM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | حامد بدري | 12-17-14, 09:49 AM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-17-14, 01:37 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-17-14, 03:00 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | Osman Dongos | 12-18-14, 08:31 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-18-14, 08:48 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-19-14, 07:03 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-18-14, 08:53 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | خالد حاكم | 12-19-14, 02:44 AM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-19-14, 07:07 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-19-14, 07:07 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-22-14, 04:22 AM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | Fathelrahman Abdelgadir | 12-22-14, 08:18 AM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-22-14, 06:01 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | Osman Dongos | 12-22-14, 07:17 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-22-14, 10:22 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | Abdullah Idrees | 12-22-14, 10:49 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | Osman Dongos | 12-23-14, 03:11 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | Abdullah Idrees | 12-23-14, 09:26 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | Nasr | 12-24-14, 00:51 AM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-24-14, 04:52 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-24-14, 07:48 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | خالد حاكم | 12-24-14, 08:24 PM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | Osman Dongos | 12-25-14, 05:05 AM |
Re: الهوية : بين الإستعلاء والإنتماء (3) | ابو جهينة | 12-27-14, 06:42 PM |
|
|
|