أذكر كنا ندّبا في العماير اللسا بتتبني! وما كنا صغار، لكن السترة المستحيلة في الحي ال بيوتو متلاصقة والناس كلها أهل كانت بتفرض علينا كدا. كنا بنكضب علي روحنا وكانت دايماً معانا زي دي، اسطوانة الغنية دي، والحاجات التانية! الموجي في مقدمته دي أتعبنا جداً مع الخيال. فالمقدمة تشرح للمستمع خرابيط قارئة الفنجان، تهيئه بطريقة ما أن في الأمر حديث بين القارئة والجان المتعاون معها. وطبعاً الخرابيط دي مع الخربطات اللي كنا بنعمل فيها كانت بتدخلك في أحسايس مختلفة، فكان منا مَن يهرب ومَن يستأذن فيما لا حوجة لإذن وكذلك كان هناك الأبالسة الذين يستثمرون اللحظة المسروقة، وهي ليست مسروقة بشكل جيد، والمشاعر الناجمة عنها وكله لمصلحة مقلب نضحك عليه لأيام بعدها. في يوم ونحنا آخر مزاج والغنية نبدي ونعيد في مقدمتها ونتفلسف، بدءً، ثم نخاف من قوة الموسيقى، لاحقاً، في ذلك اليوم داخل عمارة مظلمة غير مكتملة وصاحبها مغترب قام واحد أبليس كبير قال هو ماشي البيت، إنو أصابه صداع، وخرج ونحن بعده، وبعد كم جبدة، تُهنا أيما توهان مع: يا ولدي قد مات شهيداُ من مات فداءً للمحبوب! آخر استمخاخ، وفجأة نسمع صوت صاحب العمارة وهو يدخل على عمارته، نفس صوته الذي نعرفه من نحن صغار، لم نسمعه قريباً لكنا لن ننساه، فما كان منا إلاّ أن (تلّبنا) أقرب حيطة، ممكنة التتليب، وسقطنا أمام باب مطبخ، أمام سيدة وهي تطبخ عشاء لزوجها أو حاجة زي دي ثم هرولنا إلى باب الخروج من بيتها دون أن نحييها تحية المساء أو ما شابه، خرجنا كأن شيئاً لم يحدث! لكنها لاحقتنا بعبارة: هو الجامعة دي قافلنها لمتين؟ كنا كبار موش؟ الموجي بعد أن يحكي لك بصوت الجان وهو ينقل نصائحه لقارئة الفنجان، ينتقل بعدها في جملة موسيقية متصاعدة، ينفتح بعدها، أو ربما يتلّب هو في، وسط القاهرة ونواحي السيدة ويتلوى بالناي حيث لا ليل لأي شيئ ولا نهار، ويذّكرك أن أصحو إنها القاهرة وإنها قصيدة لنزار قباني! ثم لا يرحمك بالاورجن في آخر المقدمة فمنه بعضٌ من الجنون، والجن وقراءات ملتبسة للمصائر! نسيت أن أقول إن صاحبنا قلّد صوت صاحب العمارة، في واحدة من قدراته، وصاحب العمارة لم يحضر إلاّ بعد ذلك بسنوات!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة