مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إبراهيم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-26-2024, 07:30 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-07-2015, 02:19 PM

أبوبكر عباس
<aأبوبكر عباس
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 3496

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إبراهيم

    02:19 PM Sep, 07 2015
    سودانيز اون لاين
    أبوبكر عباس-الإمارات
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    طريق المعرفة والحرية: حول السيرة الذاتية لحيدر إبراهيم علي .. بقلم: د. محمد محمود

    أزمنة الريح والقلق والحرية: سيرة ذاتية
    حيدر إبراهيم علي
    (1)
    رغم أن صدور الكتب السودانية من القاهرة أو أماكن أخرى خارج السودان أصبح أمرا مألوفا وعاديا لا يثير استغراب السودانيين أو يستوقفهم إلا أنني وجدت نفسي أتوقف وأتساءل عن مغزى صدور هذه السيرة المفكِّرة بالذات خارج السودان. هذه السيرة ما كان في الراجح الغالب من الممكن أن تصدر في السودان حتى لو كتبها المؤلف في وطنه، لأن واقع فقدان الحرية لا يسمح بذلك. وهكذا ومنذ الوهلة الأولى تصبح هذه الواقعة البسيطة وحتى قبل أن يدخل القارىء عالم الكتاب جزءا من قصته، فمُفْردة الحرية التي تَرِد في العنوان لا تتعلق بالمؤلف فحسب وإنما بالوطن أيضا.

    هذه السيرة كتبها حيدر إبراهيم علي وقد اجتمعت عنده من "خير الدنيا" (التعبير مستعار من الكتاب ويأتي في صدر الفصل الأخير) بصيرة المفكر، وخبرة الأكاديمي العالِم، وحساسية صاحب الذائقة المنفتح على الشعر والموسيقى، ووجدان الوجودي المبتلى بخيار الحرية، والتزام المثقف المسكون بهموم وطنه.

    كان للكاتب المصري التقدمي سلامة موسى أثر حاسم في التشكيل المبكر لوعي حيدر (مثلما كان له نفس الأثر على وعي الكثيرين بما في ذلك كاتب هذه السطور). وكان لكتابين من كتب سلامة موسى أثرهما الخاص على حيدر مما جعله يعتبره "أباه الروحي" وهما كتاب تربية سلامة موسى وكتاب هؤلاء علموني، اللذان يتحدّث فيهما عمّن أثّروا على تكوينه الفكري. وعنوانا كتابي سلامة موسى هذان يلخصّان إلى حد بعيد الموضوعين الأساسيين اللذين تركّز عليهما سيرة حيدر وهما تربيته ومن علّموه بشكل مباشر أو غير مباشر.

    (2)

    وتعليم حيدر لا يختلف عن تعليم كل طفل في أنه يبدأ من بيته وبيئته المباشرة، إلا أن البيئة المباشرة في حالته كانت بيئة ذات خصوصية إذ أن عمل والده في الشرطة أو البوليس عنى نشوءه في مساكنها. ويقول عن تلك الفترة متأملا ومقيّما: "انتميت في سن مبكرة للعيش في الإشلاق (أو القشلاق)، وكان لحياة الإشلاق بصماتها القوية والخالدة على شخصيتي، وعلى تكويني النفسي والروحي مستقبلا. فقد حظيت بحب وود يصلان حد التدليل المحبب أو اليقظ، وليس المفسد. فأنا لم أتعلم الاشتراكية من الكتب، فقد عشتها عمليا، ثم بحثت عنها، لاحقا، فكريا ونظريا، وليس العكس" (ص 15). وعندما دخل المدرسة نشأت بينه وبين القراءة علاقة انجذاب وانبهار وثيق عبّر عنه بقوله: "أحسست مبكرا بوجود سحر في الحروف والكلمات ... وكانت الحروف تبدو لي كمفاتيح تدخلك لعوالم مسحورة وبلا خوف منها لأنك تملك أعنة المعرفة وتعرف ما هي" (ص 67). وهذا الانجذاب للقراءة والتعلّق بها الذي يفتح للإنسان الأفق الفسيح لامتلاك "أعِنَّة المعرفة" وضع في يد الصبي اليافع المفتاح للانطلاق في طريق موازٍ لطريق التعليم النظامي، طريق ما يوصف عادة بالتثقيف الذاتي. وفي حالة حيدر فقد كان محظوظا إذ أن صدف الطريق حولّت مغامرة التثقيف الذاتي لمشروع أكبر من مجرد زيادة معارفه لتصبح المغامرةُ مشروعَ تحوّل ذاتي جذري وبداية رحلة لا تزال تتواصل مسيرتها.

    وعندما اكتشف سلامة موسى انفتح وعيه في الحال على قضايا مثل "الحرية، والاشتراكية، وحقوق المرأة، ونظرية التطور" (ص 83). وبمثل هذا التشبّع والاستعداد، كان من الطبيعي، عندما حانت لحظة الانتماء السياسي، أن ينتمي لليسار ويصبح وهو طالب في المرحلة الثانوية عضوا في الجبهة الديمقراطية وينفتح على الماركسية.

    كان الأثر الأول والمبكّر على تكوين حيدر هو الأثر المصري بزخمه الآتي عن طريق المجلات المصرية وباقي المطبوعات من روايات وكتب غير روائية بالإضافة للإذاعة وللأفلام المصرية. إلا أن الأثر الغربي كان حاضرا وقويا منذ فترة مبكرة أيضا. فإن كانت مصادر سلامة موسى في حديثه عن نظرية التطوروشارلس دارون والاشتراكية التي تعكس أثر برنارد شو والمدرسة الفابية مصادر تعكس الأثر البريطاني، وإن كانت الماركسية تعكس الأثر الألماني، فقد دخل تكوينَه أثرٌ فرنسي أيضا هو أثر الفلسفة الوجودية التي غزت العالم العربي عبر بوابة بيروت، خاصة ترجمات سهيل إدريس لجان بول سارتر، أب الفلسفة الوجودية المعاصرة. ومما يكتبه حيدر عن الوجودية يتّضح أن ما جذبه لها هو ذلك الموقف الفلسفي الذي لا ينظر للإنسان كجوهر ثابت أو كماهية معطاة وإنما كوجود ومشروع مفتوح يكتسب معناه من تفاعله مع الواقع المتغيّر عبر حَمْله لمسئولية الحرية وخياراته التي تصوغ حياته وعبر التزامه الذي يجعله في حالة كفاح مستمر من أجل تغيير عالمه وإثراء وجوده بالخروج من اغترابه وتحقيق أصالته (authenticité — وهي مفهوم وجودي يجب ألا يختلط بمفهوم محمود محمد طه للكلمة) وتمديد أفق حريته. صادفت هذه الدعوة للحرية ميلا في نفس الشاب المتمرد وأعطته بوصلة أخلاقية ظلّ يهتدي بها طوال حياته.

    (3)

    والملاحظ أن طبيعة المؤثرات التي تعرّض لها حيدر منذ شبابه الباكر أبعدته عن مؤثرات الفكر الإسلامي، وخاصة فكر الإخوان المسلمين الذي كان ولا زال مطروحا بقوة في مقابلة الأفكار الأخرى وخاصة الماركسية. ولكن ماذا عن أثر الإسلام العام كواقع ثقافي (أو أنثروبولوجي بلغة الاجتماعيين)؟ يرتبط هذا الأثر في حالته بطفولته وبالدور الذي لعبه جده لأمه، أحمد، في حياته. وعن جده يقول: "لم يكن درويشا أو مشعوذا بل مثقفا قرويا ... فقد كان شديد الارتباط بالواقع ويفهمه جيدا. وكان يقرأ مجلة (الرسالة) المصرية لـ (أحمد حسن الزيات)، في تلك القرية النائية [القرير]. وقد يكون هذا من تأثير المدينة التي عمل فيها أثناء فترة الجندية. وكان لديه العديد من كتب الفقه والسيرة. ومن تميزه أنه رغم غلبة الطريقة الختمية عدديا في البلد، فقد كان الأحمدي أو الإدريسي الوحيد في القرية. وكان موكب احتفالات الختمية السنوية (الحولية) حين تمر أمام منزلنا تتوقف قليلا، ليردد بعضهم منذرا ومهددا "يا منكرين فويلكم"". وعن موقف الجدّ هذا يقول: "وقد كان ذلك هو الدرس الأول في تربيتي مبكرا على عدم تهيّب وخشية الاختلاف، ومفارقة القطيع، ونسق الفكر الجمعي". ولعل أكبر تقدير عبّر به الحفيد عن دَينه للجد هو إهداؤه رسالته للدكتوراة له قائلا: "إلى جدي أحمد بابكر، الشاعر، والفكي، والجندي، والمزارع". وهو قد حمل دائما في جوانحه تعلقّا وتوحّدا بالجد إلى حدّ أنه يقول: "وأحيانا، أتمنى لو أنني قد كنته ... لكفاني ذلك كل هذا القلق، والاغتراب والغربة، والرياح التي ظلت تتجاذبني ... " (ص 30).

    وبعد بلوغ تعليم حيدر النظامي مرحلته الأخيرة بالتخرج من معهد المعلمين العالي وجامعة القاهرة فرع الخرطوم فإنه ظل يطمح لنيل بعثة تتيح له مواصلة تعليمه فوق الجامعي ونيل الدكتوراة. إلا أن ذلك الطموح لم يتحقّق عبر بعثات معهد المعلمين العالي فقرر أن يشقّ طريقه التعليمي بالدخول في مغامرة الخروج لأوربا. وانتهى به المطاف إلى فرانكفورت — تلك المدينة "الأنثى الساحرة والمبهرة ... تلك المرأة الأربعينية بساقيها الطويلتين الرشيقتين، وشعرها الأشقر ... المرسل بفوضى خلاّقة ... " (ص 216). وفي فرانكفورت انفتح على تجربة حياتية وآفاق معرفية جعلته يعتبر فترته فيها ميلادا ثانيا.

    (4)

    وصل حيدر فرانكفورت وأوربا لا تزال تضجّ بغليان 1968، وهو غليان كانت تقوده قوى اليسار الطلابي ورؤى اليسار الجديد الذي لعبت مدرسة فرانكفورت، وخاصة هربرت ماركوزه، دورا مقدّرا في تشكيل وعيه وحساسيته (ما أسماه ماركوزه "بالحساسية الجديدة"). كان واقع الغليان هذا والثورة والبحث عن بنيات لعالم بديل منسجما مع رؤية الشاب الآتي من أفريقيا والعالم العربي وهو مشبّع بأحلام التحرر والانعتاق من أسر الماضي والميراث الاستعماري. وكانت فترة فرانكفورت فترة معاناة وقلقلة في العيش، وفترة اغتراف أكاديمي وانكباب على أطروحة الدكتوراة، وفترة نشاط سياسي وتضامن قوي مع مختلف قضايا التحرير في العالم. وكانت أيضا، على الصعيد الشخصي، فترة علاقة عاطفية متوتّرة وعاصفة انتهت بالفشل وخرج منها بجراح أعانته عندما التأمت على العودة لنبع حبه الأول الذي حُجب عنه فتزوّج المرأة التي أصبحت شريكة حياته وأم ابنه وابنته اللذين أصبحا قرّة عينه.

    (5)

    وبعد فرانكفورت وجد حيدر نفسه في قبضة واقع جديد لا صلة له بالواقع الذي كان يحلم به. وجد الوطن قد أضحى أرضا طاردة وأن فرصه وفرص الآلاف غيره من أبناء جيله ضاقت ولم تعد تسعهم إلا دول البترول في ظل هيمنة موازين اقتصادية جديدة. وعمل في ليبيا والسعودية والخليج. وعاد للسودان ليخرج بعدها للعمل في المغرب، ثم عاد مرة أخرى للوطن ليخرج مرة أخرى إلى مصر التي أصبحت منفاه الجديد.

    ورغم واقع "أزمنة الريح والقلق" التي وجد نفسه في مهبها فإنه عمل على تهيئة ظروف "زمن الحرية" فأنشأ أهم صرح شهدته الحياة الفكرية السودانية على مدى العقدين الماضيين وهو مركز الدراسات السودانية. ويلخّص رسالة المركز وإنجازاته منذ تأسيسه في صيف عام 1992 حتى الآن قائلا: "حدد المركز أغراض تأسيسه في الكتابة والتوثيق ونشر ثقافة العقلانية والتنوير. فقد أصدر المركز أكثر من مائتين وعشرين (220) عنوانا منتقاة جيدا، وداوم على إصدار مجلة دورية: "كتابات سودانية" وصلت للعدد 56 لتكون من أطول المجلات عمرا في تاريخ البلاد. وكان يصدر سنويا تقريرا استراتيجيا، 12 عددا ... وقد استضاف المركز أبرز المفكرين والمبدعين العرب ... كما عقد المركز العديد من الندوات الفكرية الهامة والتي صدرت كلها في كتب بقصد التوثيق، وقد صارت مصادر أساسية للطلاب والباحثين" (ص 187). ورغم أن النظام الإسلامي أغلق المركز في ديسمبر 2012 بدعوى "تهديد الأمن الوطني" (ولا شك أن تقدير النظام سليم أن المركز يشكّل تحديا وتهديدا للمشروع الإسلامي)، إلا أن كل الدلائل تشير أن عمل المركز لن يروح هباء وأنه "لن يموت ... بقرار أمني لأنه مشروع ثقافي تنويري" (ص 189).

    (6)

    وبالإضافة لخيط التعليم فهناك خيطان آخران ينتظمان هذه السيرة الذاتية وهما خيط دائرة الأسرة الصغيرة والممتدة ودائرة الأصدقاء وخيط الهموم العامة المتصلة بواقع الوطن وقضاياه وتأملات حيدر وآرائه بشأنها.

    وفيما يتّصل بالخيط الأول فلا شكّ أنه وجد نفسه في صراع شديد وهو بصدد كتابة سيرته، وخاصة أن الطبيعة المحافظة للمجتمع السوداني تحدُّ من صراحة الخوض في الشئون العائلية والخاصة وتلجمها. إلا أنه اختار التزام جانب الصراحة فحكى عن الأسرة وهمومها ومشاكلها وعما يجمعها وما يفرّقها وعن بعض المواقف التي كادت أن تؤدي لانفساخ علاقاتها. وكان أيضا شجاعا وصريحا على المستوى الشخصي ولم يغطِ نفسه بورقة توت زائفة، وهكذا كان على استعداد مثلا أن يحكي عن أول تجربة له مع "بائعة هوى"، ويقول عنها: "لم تكن تجربة ممتعة أو "لذيذة" فقد كنت مفزوعا" (ص 52).

    (7)

    وعندما نأتي لخيط هموم الواقع الوطني نجده يعيد إثارة قضايا شغلته لفترة طويلة وكثيرا ما تعرّض لمعالجتها في كتبه أو مقالاته. وفي مقدمة هذه القضايا مسائل المثقفين والقبلية والطائفية والهُوية والديمقراطية ودور منظمات المجتمع المدني. ومسألة المثقفين ونقد دورهم وفشلهم (أو ما يسميه د. منصور خالد "إدمان الفشل") من المواضيع التي نالت تركيزا خاصا في كتابات حيدر، خاصة في الآونة الأخيرة. ولا شك أن الكثير مما يقوله حيدر (وآخرون) عن المثقفين في محله وأن بعض المثقفين لعبوا دورا رئيسيا في إخفاقات السودان وتدهوره المستمر الذي أدّى لانقسامه إلى سودانين وربما يؤدي لمزيد من التشظّي. ولكن هذا لا ينطبق على كل المثقفين — هناك أيضا مثقفون حملوا رؤية بديلة لسودان مختلف وكافحوا وما زالوا يكافحون من أجل بناء هذا السودان. وفي واقع الأمر فإن مساهمة حيدر نفسه ومركز الدراسات السودانية جزء لا يتجزأ من هذا الكفاح. وحيدر محقّ كل الحقّ عندما يربط رسالة مركزه وعمله بنوع معين من المثقفين ويقول إن المركز "امتداد لمشروع عرفات محمد عبد الله ورفاقه في (الفجر)" وأنه الابن الشرعي "لكتابات أحمد خير ومعاوية نور والأمين علي مدني وحمزة الملك طنبل والمحجوب ومحمد محمد علي وعبد الرحمن علي طه وعبد الخالق محجوب ومحمود محمد طه والتجاني الماحي"، وأن "هذه هي الروافد التي تشكل نهر الثقافة الوطنية الجادة بكل تنوعها الخصيب" (ص 189). إن توصيف حالة الإخفاق وتحديد أسبابها يجب أن يكون الخطوة الأولى الضرورية التي يعقبها طرح سؤال: ما العمل؟ إننا، كسودانيين (وخاصة كمثقفين) قد صنعنا أزمتنا وحلّ هذه الأزمة لن يأتينا من إله في السماء وإنما سيكون على أيدينا وبكفاحنا.

    (8)

    ومما تتميّز به هذه السيرة احتفاؤها بالمرأة وبالفنون إذ يعقد المؤلف لكل من الموضوعين فصلا خاصا. وعن المرأة يقول: "لازمتني المرأة في كل مراحل حياتي، وتشكلاتها، واحتياجاتها وضروراتها. فقد كانت الأم، والزوجة، والعشيقة، والابنة، والصديقة، والقضية" (238). ويقول: "إن دونية المرأة المقننة والممنهجة هي السبب الحقيقي في التخلف الشامل لمجتمعاتنا في كل المجالات. وليس ذلك نتيجة عدم مشاركة المرأة في الإنتاج والثروة والسلطة، كما تقول الدراسات الدولية النمطية والتقليدية، والتي تغرقنا في الأرقام والإحصائيات. ولكنني أعتقد أن السبب العميق للتخلف هو غياب الحيوية واللذة والإشباع الجنسي في حياتنا" (ص 239). ويرى أن الخفاض الفرعوني له دوره في تكريس التخلف "لأن الحرمان الذي يعانيه الجنسان أو نقصان الإشباع الجنسي هو بالتأكيد خصما على الإبداع والرغبة على جعل الحياة أفضل وأجمل" (ص 239). ولكن هل تفسّر هذه النظريةُ الشهوانية (أو الإيروسية) دونيةَ المرأة "المقننة والممنهجة" في مجتمعنا حقا؟ إن المحتمع الغربي، على حريته الجنسية وتحرّره الجسدي، ما زال يعاني من ممارسات تفرقة وتمييز ضد المرأة على مستوى الثروة والسلطة. ومن الضروري أن نميّز بين القوانين والممارسات في الغرب، فرغم أن القوانين لا تبيح التمييز بين الجنسين إلا أن آثار علاقات القوى القديمة الموروثة لا تزال باقية، وهي ما يمثّل الآن في هذه المجتمعات التحدّي الأكبر الذي يواجه الحركة النسوية. أما في مجتمعنا فإن المشكلة هي القانون نفسه، وخاصة مع صعود الإسلام وتشريعاته. إن إلغاء قوانين الشريعة التي تميّز ضد المرأة هو أحد التحدّيات الأساسية التي تواجه مجتمعنا الآن، وهي مهمة لا تنفصل عن المهمة الكبرى المتمثّلة في تحرير وعي المرأة نفسه وتأكيد أنها كاملة عقل وأنها تستحق المساواة الكاملة مع الرجل التي تفتح أمامها كامل فرص التحقّق والانطلاق. وعندما تحدث ثورة الوعي (والأخلاق) هذه وتنمحي قوانين التمييز وتتحقق المساواة والمشاركة فإن حياتنا ستكون "أفضل وأجمل" على كل المستويات.

    (9)

    أما عن الفنون فإن تعلّق حيدر بها يعود لطفولته التي كان محاطا فيها بغناء المدينة بالإضافة للمديح والطنبور وأغاني الرق والدلوكة والكبريتة في القرية. وتكوّنت ذائقته وهي تجمع تدريجيا ثقافة الأذن والعين لتوحّدهما معا. ويفحص حيدر، بحسّ الاجتماعي، الواقعَ المعاصر وما طرأ عليه "من تخريب الذوق السوداني واختطاف متعته بالفنون تحت النظام الإسلاموي المعادي للجمال والحب والصدق" (ص 271). ويناقش موقف النظام من الفن الغنائي (وهو الفن الأوسع انتشارا والأعمق تأثيرا) على ضوء موقفه من الفنانة ندى القلعة والفنان الراحل محمود عبد العزيز. ويرى في حالة ندى القلعة فنانة "تبث الفرح والحياة والحب" (ص 272) وأنها بهذه الصفة تمثّل نموذجا مناقضا لكآبة النظام الإسلامي، وبالتالي تحديا وخطرا واجهه النظام بمحاولة اغتيال شخصيتها، إلا أنه فشل. أما في حالة محمود عبد العزيز فإنه في رأيه رمز لفن التسلية العاطل عن الالتزام والذي يخدم أغراض النظام في تسطيح وتزييف وعي الشباب.

    وفي الحديث عن الرواية يقول حيدر: "وقد اكتشفت الطيب صالح مبكرا في قصة (عرس الزين) التي نشرت في مجلة (حوار). ولكن لازم عيب عدم المثابرة الإبداع السوداني، ولذلك لم تظهر مدارس وتيارات قوية ومؤثرة والأهم من ذلك الاستمرارية والتراكم. وفي الفترة الأخيرة ظهر عدد من الكتاب الشباب ولكنهم "جيل بلا آباء" مباشرين ووجدوا مرجعيتهم من خارج السودان، من هؤلاء: أمير تاج السر، وحمور زيادة، وأحمد الملك" (ص 259). إن هذا الحكم، في تقديري، ينطوي على ظلم كبير للطيب صالح وأثره. لا شك أن الطيب صالح هو "أب" كل الروائيين السودانيين الشباب الذين بدأوا يكتبون بعده، وأن المرور عبر بوابته بقراءة أعماله والوقوف في ساحات عالمه هو "طقس العبور" الذي لابد أن يمرّ به كل من يطمح لدخول عالم الكتابة الروائية. وفي واقع الأمر إن كان هناك خطر على الروائي السوداني المعاصر فإنه خطر عدم القدرة على الانفكاك من تأثير وأَسْر الأب.

    (10)

    يصف حيدر نفسه، وهو يلخّص ملامح موقفه الفكري، بأنه "ماركسي ووجودي وصوفي" (ص 146). ولقد استوقفني وصفه لنفسه بأنه "صوفي"، وتساءلت ما الذي يعنيه بذلك؟ وعندما تبحث في علاقة حيدر بالإسلام فإنك تلاحظ ما أشرنا له أعلاه وهو أن تكوينه الفكري شكّلته مؤثرات فكرية أبعدته منذ شبابه الباكر عن تأثير الفكر الإسلامي. وبالنسبة للإسلام نفسه فإن حديثه عنه لا يتعرّض للنظام الاعتقادي بل يقتصر على التركيز على الجانب الأخلاقي. ووعيه بالانفصال بين هذين المظهرين واضح عندما يتحدّث عن فرع أسرته في قرية الدويمات (قرب شندي) ويقول "وأخذ بعض أهل القرية من التدين مكارم الأخلاق فقط مع تسيّب ورقّة في الالتزام بالشعائر الدينية" (ص 24). أما عن تدينه هو نفسه فيقول: "لا أدري مستوى تديني، ولكني كونت قانون (code) ذاتي صارم، للمحاسبة الأخلاقية والسلوك القويم يقوم على حب الناس واحترامه باعتبار أن الأعلى من قدر الإنسان هو الإنسان" (ص 128). وهكذا فإن وصف حيدر لنفسه بأنه "صوفي" لا علاقة له بالمحتوى العقيدي للتصوف كظاهرة ترتبط بالإسلام بقدرما هو إشارة لموقف أخلاقي يرتبط عند الكثيرين عندما يستخدمون التعبير بالزهد في العالم والترفع عن الجري وراء مغرياته. ولا شك أن هذا هو المعنى الذي يريده حيدر، وخاصة أنه يؤكد مرارا على نمط حياته البسيط الزاهد (وهي حياة تسمها أيضا سمة الاغتراب والنفور من الاستقرار والركود، وتلخصها الكلمات التي يتغنى بها الكابلي: زمان الناس هداوة بال وأنت زمانك الترحال).

    (11)

    وبما أن معمار السيرة يوازي عادة الحلقات الثلاثة للحياة من بداية ووسط ونهاية، وبما أن هذه ليست سيرة وإنما سيرة ذاتية فإن حيدر قد قرّر أن يكمل الدورة الثلاثية بعد البداية والوسط وأن يخصّص فصله الأخير لتأمل دروس حياته وتأمل وجه الموت. وعندما يتأمل وجه الموت فإنه يتأمله وفي ذهنه "بعض صور الموت العظيم"، ويقول عن ذلك: "مثال ذلك (الخليفة عبد الله) في (أم دوبيكرات) حين تيقّن من الهزيمة، فرش الفروة مرحبا بموت يغيظ العدا. ويقال ان الشيخ (عقيل) حين قطعت رأسه رفض أن تقع على الأرض، فأمسك به ثم مات. ويذكر التاريخ ميتة (عبد الخالق محجوب) ورفاقه، والأستاذ (محمود محمد طه). وهذا ما سماه البياتي: الموت واقفا وأعينه إلى السماء ... "(ص 309) ويتأمل وجه الموت ويقول: "لا أخشى الموت ولكن أمقت الضعف والمرض والوهن" (ص 310).

    هذا فراق أليم وموجع للقارىء وكأن كتابة السيرةالذاتية هي في حدّ ذاتها طقس وداع. ربما يكون الأمر كذلك، وهو خيار لا يجفِل منه حيدر، إلا أن ما يكتبه يحمل أيضا دعوة قوية للقارىء بأن يتأمل وجه الموت ويتفرّسه، إذ بدون ذلك التأمل والتفرّس، ويا للمفارقة، لن تكتسب حياتنا عمقها ولن نتذوق طعمها الحقيقي ولن نحسّ بلهب طاقتها وهي تنبثّ في كل خليّة من خلايانا.

    هذه سيرة مفكِّرة متأمِّلة تستحق القراءة لأنها وهي تكشف عن عالم المؤلف تقدّم لقارئها مرآة ربما تعينه على كشف عالمه (الضمير هنا لا جنس له).

    محمد محمود أستاذ سابق بكلية الآداب بجامعة الخرطوم ومدير مركز الدراسات النقدية للأديان.

    mailto:[email protected]@hotmail.com
                  

09-07-2015, 03:41 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48960

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: أبوبكر عباس)

    سلامات يا ابو بكر
    وشكرا
    كتابة جميلة.
    التحية لمحمد محمود ومثلها لحيدر ابراهيم
    مع خالص المودة

    ياسر
                  

09-07-2015, 03:58 PM

أبوبكر عباس
<aأبوبكر عباس
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 3496

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: ومما يكتبه حيدر عن الوجودية يتّضح أن ما جذبه لها هو ذلك الموقف الفلسفي الذي لا ينظر للإنسان كجوهر ثابت أو كماهية معطاة وإنما كوجود ومشروع مفتوح يكتسب معناه من تفاعله مع الواقع المتغيّر عبر حَمْله لمسئولية الحرية وخياراته التي تصوغ حياته وعبر التزامه الذي يجعله في حالة كفاح مستمر من أجل تغيير عالمه وإثراء وجوده بالخروج من اغترابه وتحقيق أصالته (authenticité — وهي مفهوم وجودي يجب ألا يختلط بمفهوم محمود محمد طه للكلمة) وتمديد أفق حريته.
    سلام يا ياسر،
    لا أدري لماذا فتح الدكتور هذا القوس وقال:
    (authenticité — وهي مفهوم وجودي يجب ألا يختلط بمفهوم محمود محمد طه للكلمة)
    لا أدري ما الفرق؟
    ولماذا اختار الدكتور الكلمة الفرنسية وليس الإنجليزية للتعبير عن هذه الأصالة المختلفة؟!
                  

09-07-2015, 07:54 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48960

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: أبوبكر عباس)

    سلام يا أبوبكر
    أفتكر استخدام القوس كان لوضع الكلمة الفرنسية، وداخل القوس جملة اعتراضية للتوضيح كان يفترض ان تكون بين شرطتين ولكن الشرطة الثانية ربما تكون قد سقطت، وهذا استخدام لا غبار عليه. أفتكر مسألة الأصالة عند الاستاذ تبدأ بالمعنى الفلسفي وتتعداه وهذا ما لا يراه دكتور محمد محمود.

    أما لماذا استخدم الدكتور محمد محمود اللفظة الفرنسية وليس اللفظة الانجليزية افتكر عشان الارتباط بالفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر الذي كان قد ورد ذكره قبلا.

    ياسر

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 09-07-2015, 08:40 PM)

                  

09-07-2015, 08:59 PM

أبوبكر عباس
<aأبوبكر عباس
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 3496

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: Yasir Elsharif)

    صحيح كلامك يا ياسر، هي فعلا مرتبطة بسارتر، لكنني حاولت في القوقلة معرفة الفرق والمزيد لكن الروابط كلها فرنسية!
    المهم في لحظة شفت ما في فرق بين الأصابة التي سعى لها الاستاذ وبين محاولة أي انسان لتحقيق اصالته
    كدي برجع تاني احاول اكون اوضح يعد ارجع اشوف تعريف الاستاذ للاصيل
                  

09-07-2015, 09:27 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48960

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: أبوبكر عباس)

    مواصلة يا عزيزي أبوبكر
    الأصالة عند الأستاذ محمود في كتاباته بدأت بكلمة "الفردية" وهناك نص من كتاب "قل هذه سبيلي" الذي صدر في عام ١٩٥٢

    ((غاية الحياة انجاب الفرد السعيد وهي هي غاية الحكومة الصالحة .. والفرد السعيد من تمتع بجمال الجسم ، وجمال العقل. ولا يتوفر جمال الجسم ، وجمال العقل للفرد الا إذا حقق فرديته التي ينماز بها عن سائر أفراد القطيع. ولكي يحقق كل فرد فرديته لا بد من الحرية وعلي رأسها الحرية من الخوف. والحرية من الخوف تقوم علي حريتين إثنين هما الحرية من الفقر ، والحرية من الجهل ولكفل هاتين الحريتين اللتين هما إرهاص للحرية من الخوف وجب أن تكون الحكومة إشتراكية ، ديمقراطية. فالإشتراكية للحرية من الفقر ، والديمقراطية للحرية من الجهل ، وهذه الحكومة الإشتراكية الديمقراطية ، هي التي عنيناها "بالجمهورية" و سنتحدث فيما يلي بإيجاز شديد عما نريد بالإشتراكية وبالديمقراطية.))

    ياسر

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 09-07-2015, 09:31 PM)

                  

09-08-2015, 01:23 AM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: Yasir Elsharif)

    بكور علك مي مورود ؟
    لالا أتا الليلة كدا..
    أكيد دا ما جو فول ولا مزاج ستات شاي لا سبق البل..
    قول اتا وين؟
    ياخي دا مقال نقدي عميق وراقي وسلس يشبه مقام الدكتور الباحث النشط ..
    Quote: يصف حيدر نفسه، وهو يلخّص ملامح موقفه الفكري، بأنه "ماركسي ووجودي وصوفي" (ص 146). ولقد استوقفني وصفه لنفسه بأنه "صوفي"، وتساءلت ما الذي يعنيه بذلك؟ وعندما تبحث في علاقة حيدر بالإسلام فإنك تلاحظ ما أشرنا له أعلاه وهو أن تكوينه الفكري شكّلته مؤثرات فكرية أبعدته منذ شبابه الباكر عن تأثير الفكر الإسلامي. وبالنسبة للإسلام نفسه فإن حديثه عنه لا يتعرّض للنظام الاعتقادي بل يقتصر على التركيز على الجانب الأخلاقي. ووعيه بالانفصال بين هذين المظهرين واضح عندما يتحدّث عن فرع أسرته في قرية الدويمات (قرب شندي) ويقول "وأخذ بعض أهل القرية من التدين مكارم الأخلاق فقط مع تسيّب ورقّة في الالتزام بالشعائر الدينية" (ص 24). أما عن تدينه هو نفسه فيقول: "لا أدري مستوى تديني، ولكني كونت قانون (code) ذاتي صارم، للمحاسبة الأخلاقية والسلوك القويم يقوم على حب الناس واحترامه باعتبار أن الأعلى من قدر الإنسان هو الإنسان" (ص 128). وهكذا فإن وصف حيدر لنفسه بأنه "صوفي" لا علاقة له بالمحتوى العقيدي للتصوف كظاهرة ترتبط بالإسلام بقدرما هو إشارة لموقف أخلاقي يرتبط عند الكثيرين عندما يستخدمون التعبير بالزهد في العالم والترفع عن الجري وراء مغرياته. ولا شك أن هذا هو المعنى الذي يريده حيدر، وخاصة أنه يؤكد مرارا على نمط حياته البسيط الزاهد (وهي حياة تسمها أيضا سمة الاغتراب والنفور من الاستقرار والركود).

    أعجتني التفاتة الدكتور محمود النابهة وهو يلتقط لفظ ( الصوفي ) ..
    من بين الألفاظ التي اتكأ عليها الدكتور حيد ليصف ملمحه الأخلاقي و الفكري ..
    لقد قدح الدكتور زناد قريحته بحثا عن حامل يبعد أو يفصل اللفظ في ذهن د. حيد عن مستقره المفاهيمي في التراث الإسلامي ..
    ولكن أزعجني اهمال موئل للتراث الأخلاقي استوطن وجدان الأسلاف هو الأحق بشرف تلك المرجعية.
    تراث حفلت به سير التاريخ قبل أن تشق الرسالات التوحيدية طريقها إليهم ..
    Quote: إنني لا أكذب ..
    ولا اعتدي على ملكية الغير ..
    لا ارتكب الخطايا ..
    وقلبي ينفطر لمعانات الفقراء ..
    أفعل ذلك لكي أرسم الطريق للأحفاد الذين يأتون بعدي في الدنيا ومن يخلفوهم إلى الأبد.

    من مسلة خاليوت بن بيا ( بعانخي).
    :

    التحية للأخ ياسر.
                  

09-08-2015, 03:15 AM

أبوبكر عباس
<aأبوبكر عباس
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 3496

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: محمد على طه الملك)

    سلام يا ملك وشكرا ياسر
    صحي يا ملك سؤالي التاني سؤال زول ميرود ساكت، لكن ما زلت لا أرى فرق بين أصالة حيدر أو محمود أو الرسول أو سارتر نفسو!!
    ناس الفلسفة ديل بحاولوا يتوهونا ساكت

    هذا التعريف الذي صاغه الدكنور:
    "ومشروع مفتوح يكتسب معناه من تفاعله مع الواقع المتغيّر عبر حَمْله لمسئولية الحرية وخياراته التي تصوغ حياته وعبر التزامه الذي يجعله في حالة كفاح مستمر من أجل تغيير عالمه وإثراء وجوده بالخروج من اغترابه وتحقيق أصالته"
    ينطبق عليهم كلهم
                  

09-08-2015, 06:12 AM

معاوية الزبير
<aمعاوية الزبير
تاريخ التسجيل: 02-07-2003
مجموع المشاركات: 7893

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: أبوبكر عباس)

    دكتور حيدر إبراهيم من المفكرين والسياسيين السودانيين القلة الذين يمتلكون معرفة عميقة ومدروسة
    لأساس وأسباب أزمات السودان في التاريخ الحديث، وكذلك رؤية واضحة لكيفية الخروج من أزماته الحالية
    أقصد الدرْب المؤدي لباب الخروج

    لا شك أن حركته (سمها تجربته، مدرسته، محاولته الخ) سيذكرها التاريخ يوما ما
    بأنها كانت فرصة لو توفر لها حزب لقادت البلد لأن يكون بلدا
    لكن ضيعها النظام بالحصار، وخذلها -إن لم نقل حاربها- الكثيرون من رصفائه المستنيرين

    أتحدث بصيغة "كان اليأس" لأن المناخ السوداني (ربع قرن للوراء ومثله للأمام) لم/لن يمنح هذا الرجل المستقل فرصة
    نصف القرن المحشور بين القوسين أعلاه، هو نصف قرن سوق أم دفسو، الأعلى صوتا فيه هو من يبيع بضاعته

    أتمنى أن يبقى الحديث في هذا البوست في الفكر الحيدري لأن فرصته قليلة ولا تتوفر كثيرا، بعكس فرص تناول فكر الأخوان الجمهوريين
                  

09-08-2015, 11:23 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48960

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: معاوية الزبير)

    سلام للجميع
    بوستك يا أبا بكر جعلني أبحث عن مقالات أخرى فعثرت على مقالين للأستاذ جمال محمد ابراهيم أحب أن أضعهما هنا في هذا البوست..

    ـــــــــــــــــــــــــــــ
    نشر في سودانايل


    النّزوْل مِنَ الجانِبِ الآخَرِ مِنَ الجَبَل: حيدر إبراهيم في سيرته الذاتية (1) .. بقلم: جمال محمّد إبراهيم

    التفاصيل
    نشر بتاريخ: 16 آب/أغسطس 2015

    inShare



    أقرب إلى القلب:


    mailto:[email protected]@hotmail.com
    (1)

    كتب إحسان عباس: ( إني لأعلم أن الإتجاه في الحياة المعاصرة، أخذ يتشكل نحو الجماعة بخطىً سريعة، وهذا يقلل من تقديس الأبطال، ويخمل دور الفرد في الحياة، ويغيّر مفهومات الناس عن قيمة ذلك الدور، ومن ثمّ تقلّ الرغبة في السيّر عامة، ولكننا نسيء إلى روح الجماعة إذا اعتقدنا أن التجربة الفردية لا قيمة لها، فقد تزول عبادة الأفراد من النفوس، وقد يفقد الفردُ معنى التفرّد الأناني، ولكن شيئاً واحداً لا يزول هو هذه التجارب الحية، وطريقة التعبير عنها ، وكل ما سيحدث أن المفهومات الجماعية ستنعكس على تلك التجارب وتصبغها بلون جديد..)

    إحسان عباس: فن السيرة: دار صادر بيروت، ط 1 ، 1996، ص 7.

    عن دار "الحضارة للنشر" في القاهرة، صدرتْ في يونيو 2015،السيرة الذاتية للدكتور حيدر إبراهيم علي، وهي بعنوان "أزمنة الريح والقلق والحرية". و د. حيدر أستاذ فى علم الأنثروبولوجيا والإجتماع ، وباحث وكاتب معروف فى الشئون السودانية، وناشط على المستوى الوطني والإقليمي. هو أيضاً مؤسّس "مركز الدراسات السودانية"، الذي ضاق صدر السلطة بنشاطه، فجرى حظره وإغلاقه بصورة فظة، قبل أكثر من عام . وما يدعو للأسف ، فإن جهود د.حيدر التي التزمت بطرقِ السبل القانونية ليستأنف ذلك المركز نشاطه، قد قوبلت بأذن صمّاء. لإن كان عنوان سيرته الذاتية: "أزمنة الريح والقلق والحرية"، يوحي بعصفِ الرياح، واضطرابات القلق، وانطلاق الحرية، فإنّ مسيرة الرجل قد شــهدت رياحاً تهبّ، وقلقاً يفيض، وحرية تُكبت.

    (2)

    يقول الناشر مُقدماً كتاب د.حيدر ( أنه يستعرض حياة المؤلف العريضة، نوعاً وكَمّاً ، منذ النشأة والدراسة فى السودان وألمانيا،وعلاقاته بالمثقفين، وبكثيرٍ من الشخصيات العامة ومواقفه السياسية،وكذلك عمله وترحاله فى كثير الدول العربية. . . الكتاب بانوراما شاملة وممتعة لفترة مليئة بالاضطرابات في منطقتنا والعالم) . يقع الكتاب في 320 صفحة من القطع المتوسط ، ويضم بعد فصوله الممتعة، ألبوم صور ملونة توثق لجوانب من حياة المؤلف.

    يطل سؤالٌ يلحّ عليك ، وأنت تمسك كتاباً، بلغت صفحاته 328 صفحة: لماذا يكتب باحث ومفكر وناشط سياسي، ما زال في غمار نشاطاته، مثل د.حيدر، سيرته الذاتية في هذا الوقت بالتحديد . .؟

    لا يقدم الدكتور حيدر نفسه بطلاً في سيرته الذاتية ، ولا يرفع من قدر تجربته لتكون مثلاً يحتذى، أو يروّج لنجومية تجذب قراءه، أو من تستهويهم رؤيته الفكرية . فهل كتب حيدر تجربته، لتكون مرجعاً لتلاميذه النجباء ، أو لأولئك المعجبين بكتاباته ، والمتابعين لمسيرته الغنية بالتحديات. .؟ أم هو كتب لسبب يتصل بكل الذي ذكرت لك هنا. .؟

    (3)

    يكتب حيدر في السطور الأخيرة من كتاب سيرته الذاتية، وكأنّهُ يردّ على من يسأل عن مبررات كتابة أيّ سيرة ذاتية :

    ( حيلُ التملصِ من الموت كثيرة، وطرق إدّعاء الخلود تمتدّ من بناء الإهرامات وتاج محل وكل الفنون، وصولاً إلى كتابة السيّر الذاتية. .) حيدر ابراهيم ، ص 303.

    ألمح في آخر صفحات سيرته الذاتية، صادقاً مؤتمنا ، أنها محاولة في النزول من الجانب الآخر من الجبل. ذلك يوحي لك أن القصة هي عن الطلوع إلى تلك القمة، والتي بعدها بدأ النزول من الجانب الآخر عن الجبل. غير أن السيرة لا تنبيك عن كاتب هده الرهق وحاصره الملال، وصار أقرب إلى رمي سلاحه ، أوالركون إلى إجازة تعفيه من زاولة نشاطه الفكري والسياسي. كلا. . ليس ذلك حيدر ولا هو ذاك طبع عقله المتمرّد. لن يكون الفكر عرضة للتقاعد..

    (4)

    خلفية نشأة د.حيدر تعود إلى أواسط القرن العشرين، وهيَ سنوات فاصلة في تاريخ البشرية، إذا جاز لي أن أصفها، وما بيدي من الحجج ما يقنع بمنطق سوى منطق الإحساس بنبض ذلك الزمان. . ليس طرحاً متعجلاً فطيراً ، ذلك الذي يدفعنا للإدعاء أن المجتمعات الإنسانية بمختلف مجاميعها ، في الغرب أو في الشرق ، وبرغم جزافية التصنيف الجغرافي ، قد استفتحت- بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها- حقبة بدا فيها التعاون بين تلك المجتمعات، أمراً لازماً لضمان الاستقرار بعد الاهتزاز، ولبسط السلام بعد الدمار.. تلك التكلفة العالية للحرب من عام 1939م وحتى عام 1945م ، وبعد ذلك الدمار الذي أحدثته، فرضتْ نهجاً للتقارب والتعاون والتشارك، بما يجنب البشرية ويلات القتال والحروبات، كرة ثانية.

    لقد ألقتْ تلك الحقبة التي سُميت بحقبة الحرب الباردة، بظلالها على الجميع. من حسناتها أن المواثيق العالمية التي أفرزها ذلك التعاون، فتحت الباب مشرعا للدول وللشعوب المستضعفة، لرفع صوتها والمطالبة بحقها في الحرية والاستقلال السياسي والاقتصادي. دون التوغل في أحوال العالم الثالث خلال تلك الحقبة، ومحاولات بعض زعماء العالم الثالث النأي ببلدانهم عن واقع الاستقطاب، بين عالمٍ رأسمالي وعالمٍ شيوعي/اشتراكي، سنجد أن السودان الواقع تحت حكم كولونيالي ثنائي الطابع، هو من بين البلدان التي أخذت بيدها القوى الكولونيالية، في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهي السلطة التي مثلتها بريطانيا ومصر .

    (5)

    "يسقط الاستعمار".. ! أجل، كان ذلك شعار المرحلة، لكن لابدّ من أن نقرّ ، أن تلك السلطة الكولونيالية قد ارتقتْ بالتعليم في البلاد، من أطره التقليدية إلى التعليم الأحدث، وإن كان محدوداً في بداياته. يقف معهد "بخت الرضا" التعليمي، وكلية "غردون" الجامعية، ومدرسة "كيتشنر" الطبية، شهوداً على تلك الطفرة. إزدهرت المشاريع الإقتصادية التي استثمرت في الموارد والثروات الطبيعية ، وأدخلت البلاد بالتالي، إلى آفاق جديدة في النماء والتطور. تركت تلك السلطة الكولونيالية، مشروعا زراعياً مميزاً على مستوى القارة، بل وعلى مستوى العالم، هو مشروع الجزيرة.

    في بلادٍ شاسعة المساحة، فإن إنشاء سكك حديدية تربط أطرافها القصية بشبكات تقرّب المسافات، حقق قدراً من التماسك والترابط والانصهار. في بلاد تنبهت سريعاً لأقدارها ، فإن ميثاق الأمم المتحدة من جهة، وشرعة حقوق الإنسان التي أقرّها العالم عام 1948م من جهة أخرى، ساعدا في انهاء حالات الاستعمار والظلم الكولونيالي، التي طالت الكثير من الشعوب المستضعفة. في السودان ، ومثل غيره من بلدان القارة الأفريقية، جرى تليين مواقف السلطات الكولونيالية، أزاء تنامي الوعي بعد جهود الارتقاء بالتعليم، والذي أحدث حراكاً أفضى إلى بروز حركة قادتها رموز وطنية، سمها صفوة أو نخبة ، طالبت بحقوقها في الحرية والاستقلال، وفي إدارة البلاد وفق الأسلوب الذي يرتأون.

    (6)

    لقد شكلت هذه الخلفية السياسية، المساحة التي نشأ فيها جيل الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين في السودان، ولازمت حراكه شدّاً وجذباً، انعتاقاً خجولاً من قيود التقليد، وتطلعاً وثاباً نحو حداثة بعيدة المنال. ولأنّ الطبيعة الثنائية للوضع الكولونيالي في إدارة السودان بين بريطانيا ومصر، فقد تطورت الأوضاع السياسية في السودان، بما عكس ذلك التجاذب بين الطرفين ، فجعل من هذه الثنائية ملمحاً رئيساً في التطور السياسي في السودان. لقد كان انشغال الحركة الوطنية في السودان، والتي قادها المتعلمون، منصبّاً على الإقتراب أو الابتعاد من هذا الطرف أو ذاك، من طرفي الحكم الثنائي، فتشكلت ثنائية الحزبين الرئيسيين في البلاد ، وليس بعيداً عن الزعامات التقليدية، إما في تبني فكرة الوحدة مع الطرف المصري ، أو الاستقلال بعيداً عن مصر، بما يقترب من توجهات الطرف البريطاني .

    هكذا شهد السودان حزبي الإتحاديين برعاية السيد على الميرغني القريب من مصر، وحزب الأمة المنادي بشعار "السودان للسودانيين" القريب من بريطانيا، برعاية السيد عبدالرحمن المهدي .

    (7)

    فيما وزّعت زعامات البلاد جهودها، تأييداً لطرفٍ وابتعادا من طرفٍ آخر، فقد غابت حقيقة بالغة الأهمية . إن السودان الذي تشكل كيانه إبان دولة سنار، قد تكون إثر تحالف بين عناصر تدّعي أنها من أصول عربية ، وعناصر أخرى من أصول أفريقية. هي مصاهرة بين التاريخ القادم بالأثر العربي الإسلامي مع جغرافيا الأرض الأفريقية. تلك هي الثنائية التي جمعت "عبدالله جماع" و"عمارة دنقس"، لإنشاء مملكة، في جيناتها هجنة حضارية تمثلتها دولة الفونج (1504م-1820م). بعد أكثر من ثلاثمائة عام من التماسك، فإن أسباباً عديدة قادت إلى انهيار تلك الدولة ، ولكن من الواضح أن "تحالف التاريخ والجغرافيا" ، الذي استوت عليه الدولة في سنواتها الأولى، قد آل إلى ضعف وتآكل. لم تنفتح شهية الغزاة إلا بعد أن لاحظ الطامعون أن البلاد قد انفرط عقدها إلى جماعات متصارعة، وَضعُفَ المركز واستقوت الأطراف والهوامش. تحللتْ المصاهرة والهجنة إلى مكوناتها الأولى ، ثمّ آلت إلى انهيار.

    (8)

    دون التوغّل في الظروف التاريخية، فإن الثنائية التي حكمت الحراك الوطني في سنوات الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، أغفلت تجلّيات التنوّع، وأهملت التناقض الذي لم يكن بيناً بالوضوح الكافي، بين المكوّن العربي والمكوّن الأفريقي في البلاد. .

    أيقظ التمرّد في مدينة "توريت" في جنوب السودان عام 1955م- بغض النظر عن الدور الكولونيالي الذي مهّد له- مارد التناقض النائم، ونبّه الحركة الوطنية متأخراً، إلى ضرورة الالتفات لتعقيدات بناء وطنٍ، في أحشائه اختلافات قاتلة بين شماله وجنوبه. يقظة المكوّن الأفريقي، وبحكم تكوين الحركة الوطنية، المشغولة باستعرابها المتوهّم في شمال البلاد ، لم تجد استجابة آنية، لتفهّمٍ لازمٍ لذلك المكوّن المتفرّد. الحقبة التي شهدت هدوءاً بين الشمال والجنوب بعد اتفاقية 1972، امتدت لعقدٍ كامل، بدا فيه الطرف الجريح، أكثر وثوقاً للبقاء في كنف الوطن الواحد. لكن سرعان ما جرى تلاعبٌ بتناقضات الإثنيات في جنوب السودان، بما أشعل نيران الفتنة والقتال الشرس من جديد، بعد عام 1983م. ذلك في اختصار التحليل، هو الذي مهّد لاختبار الإرادة في الشقّ الجنوبي، فإذا باستفتاءٍ فطير، عجّل بانفصالٍ بدا كالمفاجأة الصاعقة، ولكن هو في الحقيقة، صنيعة أيدينا وبترتيبٍ إرادي متعمّد، لم تحيكه الصدف ولا تآمرات الخارج. فكانت "دولة جنوب السودان"، هي الوليد الشرعي لفشل النخب السودانية. .

    (9)

    خروجاً من الثنائية التقليدية التي قويت شوكتها بعدالاستقلال عام 1956م، وجدتْ التيارات المتطلعة للتغيير ، اليمين الإسلامي أو اليسار الشيوعي ، فرصاً للتنافس بعيداً عن القوى التقليدية. برز هذان التياران، ككتلتين حديثتين، قدمتا طروحات جديدة، على سبيل بناء دولة الوطن، خروجاً من قدر الثنائية المهلكة، وفي مواجهة قوى تقليدية مهترئة، بان خسرانها على طريق الإفلاس السياسي. .

    في تلك الحقبة التي شهدتْ طلعات "الحرب الباردة" سجالاً طويلاً، على مستوى العالم والإقليم، برز جيلٌ في السودان، كبر وعيه بالظرف الماثل، فآثر البقاء بعيداً، دون التورّط في تنازعات القوى التقليدية، أو الانخراط في تناقضات القوى الحديثة. لقد قرأ كثيرون ممّن يمكن تصنيفهم بـ"المستنيرين الجدد" ، تلك الاخفاقات التي ولغتْ فيها نخب من المتعلمين، ممّن تصدوا لإدارة البلاد: السياسيين "الأفندوية"، كما وصفهم حيدر إبراهيم في مصطلح دقيق، يحتويهم احتواء الغمد للسكين، وأيضاً جاءت زمرٌ من العسكريين الذين مالوا للتدخل ، تحريضاً من القوى التقليدية في حالة، وتشجيعاً من القوى الحديثة في حالات أخرى. .

    (10)

    من فئة "المستنيرين الجدد"، يمكن اعتماد د. حيدر مثالاً أكيداً للمثقف غير المنتمي، النائي عن التيارات المتصارعة في الساحة السودانية – التقليدي القحّ والأحدث وجهاً منها- لكنه لم يسلَم من مناوشات ومكايدات تلكم الأطراف . في تخصصه الدراسي الأكاديمي في العلوم الاجتماعية، إقترب د. حيدر من أفكارٍ ظلت تأسره منذ صباه ، وتأثر بها تاثراً كبيراً، وهي تحديداً الأفكار الفلسفية المتصلة بالمذهب الوجودي، وأبرز مفكريه "جان بول سارتر" و "البير كامي"، ثم "هيدجر"، الذي توسع حيدر في التعرف على أفكاره، وهو منخرط في جامعات ألمانيا، بلاد "هيدجر" نفسه. طالع حيدر كتابات الوجوديين، من ترجمات أنجزها لبنانيون ومصريون. تلك حقبة رسّخت توجهات حيدر وولعه بمباديء الحرية في أبعادها المجتمعية. ظلّ حيدر على استقلاله الفكري، بعيداً عن تأثيرات "القوى التقليدية" أو "القوى الحديثة". توطدت تجربة حيدر، وهو يتقلب في وظائف أكاديمية، أخذته إلى أطراف الخليج ، وأيضاً إلى أطراف المغرب العربي. لم تكن تلك التجارب خاوية على عروشها، بل كانت إثراءً لرؤيته الثاقبة للتحولات السياسية والاجتماعية، الدائرة في الإقليم من حوله. لكن لم يغب السودان ، بـ"دويماته" و"أم درمانه" و"خرطومه"، مدنه وقراه وبقاعه الأبعد، عن فكره ووجدانه، فكلما زاد ابتعاده الجغرافي عنه، زاد نبض الوطن في دواخله، وتضاعف قلقه الفلسفي على أحوال بلاده . ظلّ الترحال يشدّه، لا إلى حيث هو مقيم ، بل إلى حيث تؤشر بوصلة همّه الأول ، إلى ذلك الوطن الذي تشكل رؤية كاملة، منذ طفولته في "الدويمات"، وإلى صباه وشبابه، وسط أسرته ومجتمعه الصغير والكبير. .

    (11)

    في الخرطوم ، شهد د.حيدر تداعي القوى التقليدية وتآكل كسبها، فيما بدتْ نجوم القوة العسكرية في ارتفاعها والتماعها . الانقلاب العسكري الثالث جاء في 1989 لحكم البلاد بأجندا لإنقاذها من سقوطٍ وشيك، مثلما جاء في الحيثيات. آخر مغامرات من صنفوا أنفسهم لهذه الأجندا أبعدوا القوى التقليدية ، وأيضاً حاصروا قوى اليسار الحديثة وعكفوا على "تنظيف" مؤسسات البلاد، عبر سياسة تمكين واسعة النطاق. وجد الإسلاميون في النظام الجديد، والذيــن نادوا بمزج الدين بإدارة الدولــة، وجــدوا فــــي د. حيدر وفي كتاب خصصه لنقد الإسلام السياسي في السودان، ذلك الصوت المزعج في بريّة دانت لهم بالكامل ، ولا عاد ممكناً لأيّ صوتٍ أن يصرخ خارج دويّ صوت تلك السلطة الحاكمة.

    حيدر الذي صاح بأعلى أوتار حنجرته، أنه الصوت المستقل المنادي بالحرية ، برياحها ورياحينها، بهدوئها وزعازع قلقها، لم يجد آخر المطاف مكاناً يسع مركزه الذي خصصه للتداول والتدارس الفكري حول الشأن السوداني. إنهُ ممّا يدعو للأسى ، أن يخرج صوتٌ مستقل خروجا قسرياً من مكانه الطبيعي ، وأن تضيق البلاد بمن شكل رؤيته دفاعاً عن فطرة تنوّعها ، عن هجنتها الحضارية- بعيداً عن التطرف ونأياً عن غلواء أعوانه في اليسار أو اليمين- عن دورها المتفرّد، في قيادة أفق جديد للتطوّر في القارة الأفريقية بأكملها، وفي جذر انتمائها العربي أيضاً. .

    بدا الأمر وكأن د.حيدر ، أيقونة "المستنيرين الجدد" ، قد رمى سلاحه . . فهل تلك الصورة ، حقيقية أم مموهة. . ؟

    ( يتبع..)

    الخرطوم في 14 أغسطس 2015
                  

09-08-2015, 11:24 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48960

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: Yasir Elsharif)

    أيضا من سودانايل
    الجزء الثاني
    ــــ

    النّزوْل مِنَ الجانِبِ الآخَرِ مِنَ الجَبَل: حيدر إبراهيم في سيرته الذاتية (2). بقلم: جمال محمّد إبراهيم

    التفاصيل
    نشر بتاريخ: 20 آب/أغسطس 2015

    inShare

    أقرب إلى القلب:

    خواطر عن المرأة. . .

    mailto:[email protected]@hotmail.com
    (1)

    وصلا لاستعراضنا لبعض محتويات كتاب "أزمنة الريح والقلق والحرية" لصديقنا د.حيدر إبراهيم .. أقول إن بين الخاص والعام، بين الشخصي والمجتمعي ، يقف الرجل في ساحة المواجهة ، لا يحمل سكيناً صدئاً ولا سيفاً أجوفا. لا ! بل حمل حيدر سيفاً بتاراً مجلوّاً بعمق التجربة ، مصقولاً بنبل التفاعل مع واقع محفوف بالتحديات العظام، والمواجهات المثمرة . . كانت تنشئته مراوحة بين ريف ومدن. بين سكون وحراك. بين نسائم رقيقة ورياح كاسحة. قدم حيدر شهادته ، بعد أن وطأت قدماه جمراً حارقاً ، فكانت مرافعته شفافة كما الكريستال، فاقعة اللون لم يقربها حياد الرماد، ولا غشيتها إسقاطاته الداكنة . صادقة صدق جرحٍ طازج الدماء . إن كان في السياسة استثناءاً، وموقفاً متفرّداً، فهو الاستثنائي في علاقته بالمرأة . تلك التي عرفها صبية، خارجة من مهدها ، أو تلك التي اقترب من أنوثتها، فصرعته لمراحل في سنوات صباه، ثم صرعها في مراحل أخرى، أوتلك التي عرفها بعد أن استكهل أو كاد. عرفها أنثى سلطوية جديرة بالاحترام، جديرة بالاقتداء بحكم التجريب الممعن في الصدقية ، بلا تزويق يعطل ألق التقاليد العتيقة، بلا مكياج يُجمّل عادات يراها كثيرون بالية ومهترئة. ليس بعيداً عن رسوخ التقاليد، ثمة "كنداكة" خارجة من زوايا التاريخ، برغم تناغمها مع القطيع، لكنها قادرة- وهي والدة وأم وجدة- على استشفاف خاصية التمرّد عند النابه في بيئته ، حيدر ابراهيم..

    (2) تعرف الأمّ خواص جينات التمرّد ومفارقة المعتاد عند وليدها ، منذ نعومة أسنانه وعند التقام حلمة يرتضع منها، فلا ينفطم إلا وقد صار الصبي نصيراً للمرأة، منذ أن ادرك حجم أثرها في الأسرة الممتدة التي رعت طفولته وصباه، فكبرَ سادناً مكيناً من سدنة المجتمع المدني . ذلكم هو حيدر. لم يكتسب مناعة الجسد فحسب، بل أيضاً تقوّت عنده مناعة الفكرة، واستوى عنده رجحان العقل، قبل أن يحبو في رملٍ خرجتْ منه نخلات شكّل تمرها لون حياته ، ورسمت تلك الأشجار الكريمة- ببركاويها وقنديلها- تلك البصمة التي رسَخَتْ في وجدانه الناشيء، رسوخ الوشمِ في باطن اليد . . يقدّم حيدر في ثنايا سيرته الذاتية ، شهادة متقدمة عن المرأة بجرأة ، صاغها بلغة دقيقة وحذرة ، ولكنها أوفت بأغراضها. إنّ الرجل الذي عرف احترام الأنثى وهي طفلة، مثلما كبرت أمامه امرأة صبية ، ثم هي الأم والجدّة والتاريخ التليد والمستقبل القادم، كسب قدرا كبيراً في فهم المرأة وفي احترام انسانيتها. أما في التعبير عن مناصرته لها، فقد التزم الشفافية في طرح الكلمة الخالية من التمويه ، البعيدة عن التخفّي، البريئة من "التقية". ذلك ممّا ترك غلاة المُتزمتين في حيرة، لا يعرفون معها كيف النيل من طرحه الرصين ومن رؤيته الصادقة. . لأنه جسّد كلّ ذلك التكوين، فقد وطّن نفسه على أن يناصر المرأة، ظالمة- وذلك قليل- أو مظلومة، وذلك أغلب أحوالها. فساند صوت المرأة، وأيده حراً طليقا، مثلما رأى لجسدها حقه في البراءة من عنف التأديب ومن شراسة الطهارة الفرعونية، التي ما زال يتولاها نفر من الإنس، ولعلهم إلى الجنّ أقرب. . !

    (3) يقول د.حيدر عن المرأة: (لازمتني المرأة في كل مراحل حياتي، وتشكلاتها، واحتياجاتها وضروراتها. فقد كانت الأم، والزوجة ، والعشيقة، والحبيبة، والابنة، والصديقة، والقضية. وكنت منذ مولدي ذا صلة ما بامرأة ما، ولم تكن حياتي خالية من وجودها..) تستوقفني إلى ذلك، شهادة حيدر عن بذل المرأة في حقول الإبداع، مدافعاً ومناصرا. يحدّثك عن المُغنية المُميّزة في جيلها "عائشة الفلاتية". يحلل لك كيف أنهم ألصقوا بها لقب "الفلاتية"، لكأنّ ذلك المجتمع الممعن في الالتصاق بتقاليده البالية، لا يقبل أن تكون تلك المغنية التي خرجت بصوتها الجهير تغني للناس وللجندي السوداني، سودانية بمعاييرهم المهترئة. من تزمّت المجتمع والأسر السودانية تحديداً، تجاه المطربين في السنوات قبل الوسيطة من القرن العشرين، أن جاء وصفهم للمطربين من الرجال آنذاك، أنهم "صُيّاع"، بما يعني أنهم منبتين بلا أصل ولا مرجعية اجتماعية، فما بالك- إذاً- بامرأة تغنّي للرجال. .؟ "عائشة الفلاتية" أنموذج لامرأة صارت أيقونة زمانها، وأحدثت انعطافاً لافتًا في مسيرة إبداع المرأة السودانية وبذلها المفتوح . قبلتْ أن تغنّي بتوصيفها الإثني الملتبس، والذي يبعدها عن انتماءها لمجتمعها الذي مثلته، وبيئتها التي نشأت في أكنافها، وذلك في حد ذاته لهو انتصارها المكلل بكلّ نجاح.

    (4) لعلك ترى عزيزي القاريء، ما رأيت أنا من عُمق نظرٍ عند حيدر، وهو يقدّم لك رؤيته الفكرية بلغة سلسة زاهية، لتوصيف أوضاع المرأة في مجتمعٍ، يجاهد أن يخرج من طغيان التخلف . قليل من علماء الاجتماع في السودان، من التفتوا لدلالات مثل هذه الظواهر في ساحات المجتمع، فيردّونها في التحليل إلى أصولها ، وإن أثار ذلك حنق البعض، أو جلب للجريئين من أمثال حيدر، استنكاراً ممّن تكون المرأة في نظرهم "نصف رجل"، فيما يقول صديقنا حيدر معترضاً ، أنها "رجل ونصف"، مجازاً بالطبع حتى لا يخرج علينا أهل الفتوى بما يشين. . ! لحيدر طروحات تخالف أغلب طروحات سدنة التقاليد، وتناقض كلّ أساليب حماة العادات المنقولة من كهوف التاريخ، وجلّ دفوعات رعاة الخط العام ، الذين يأنفون من الخروج عن المتعارف من السلوك، فنرى د.حيدر في الضفة المقابلة، ينافح بقلمه منافحة صادقة جادة. لا يستنكف أو يتلجلج، إن حدثك حيدر بصريح اللغة أو مساررة، عن ما يسكت عنه السودانيون عادة، عن قصص عشقهم الأولى، ومغامرات الصبا الفضائحية. ولأن للمرأة مكانتها المقدرة عنده، فتراه يحدّث عن قصص عشقه باحترام لافت وتقدير مستحق. كتب عن امرأة عرفها في ألمانيا، وعاشرها المعاشرة الكاملة، ولم تثمر تلك العلاقة عن زيجة. ثم يصارح قارءه بقصة زواجه، التي ابتدرها شاباً يافعاً، ثم أرجأته ظروف المهاجر الأكاديمية، فتأجل كل شيء سنين عددا. ما كان يظن أنه قادر على استئناف تطلعه لزواج، بدأت فكرته قبل ثماني سنوات، لكنه جرّب مغامرات الهجرة الطويلة ، ونجح مسعاه آخر الأمر، وحقق تطلعه برغم العواصف والتقلبات ، فصارت له أسرة وأبناء . كسائر أولاد البلد. .

    (5) أنا أكتب خاطرة ممّا عنّ لي أن أفاكر عبرها كاتب السيرة، مِن سردٍ في سيرته الذاتية، فلا تتوقع منّي، عزيزي القاريء، أن أشركك في كلّ الذي صادفت ، ذلك الذي ألهب خيالي، أو ذلك الذي تجاوزته مستنكفاً، وتركته عامداً خلف ظهري. آمل أن يغفر لي د.حيدر تغوّلي على ما كتب، بخواطري هذي، فشهادته هي الشهادة الأكثر وثوقاً ، وهو فيما حكى يمثل الاستثناء الأفصح، واللغة الأقدر والتشكيل الأجمل. أما أنا فليس لي من فضلٍ، إلا فضل استراق المطالعة والمرافقة الحميمة ، وتقديم خلاصة ما صادفت لقراءٍ، أحثهم لمطالعة كتاب سيرته الذاتية: "أزمنة الريح والقلق والحرية". . أستطيع أن أقول إنّ حيدر، وبفطرة التنشئة الأولى، وقبل أيّ مؤثرٍ آخر، قد استشرف أفق توجهه الأكاديمي لدراسة المجتمعات من حوله، لسبب يمتّ للمرأة- بمطلق توصيفها- بصلة وتأثير، فقاده ذلك المزاج إلى الانخراط والتخصّص في دراسة علم الأنثروبولوجيا وعلوم الاجتماع. يحدّثك في سيرته الذاتية، عن تكوينه الفكري ، صبياً يافعاً في مرحلة، ثم رجلاً محدد الاتجاهات والرؤى، في مرحلة أخرى، بما عكس إدراكه بكل تلك المؤثرات .

    (6) لعل تجلّيات حقبة "الحرب الباردة" التي جئنا على ذكرها أوّل حديثنا، قد شكلتْ البيئة المؤاتية التي انتظمت العالم القريب والبعيد،فاستوعبها حيدر، ولم تغب عن ملاحظته ولا عن استكناه تداعياتها، لصياغة رؤيته وفلسفته الفكرية. ولم يكن حيدر مُراقباً محايداً يتابع عن بعد. كلا. .! كان الرجل يتفاعل بفكره مع الواقع من حوله، وذلك منذ أيام تكوينه الفكري في السودان، أو في انطلاقه إلى مهجره الأكاديمي في ألمانيا، ثم لاحقاً ما أثرى كسبه من العمل الأكاديمي ، أوما تكثفت خلاله تجاربه في العمل الانساني الحر. . دفعتْ تلك الرؤية الشفيفة بالرجل ليكون أميناً مع واقعه ، قريباً من الحراك السياسي والاجتماعي في البلاد ، فكان برغم عزوفه عن الانتماءات السياسية المقيّدة لحرية الفكر والحراك الاجتماعي ، هو الأقرب إلى تيارات المجتمع المدني . كان قد استفزه إخفاق الحكومات الوطنية المتتالية بعد الاستقلال، في التصدّي لبناء الوطن- الأمّة، فجنح لتجاوز دورها والعمل بجهد المثقف الوطني الحقيقي، باتجاه التوعية الفكرية، عبر منابر مستقلة، مثل منبر "مركز الدراسات السودانية" في الخرطوم ، الذي ضاق صدر السلطة بنشاطه فضيّقوا عليه. . من يحمل عليك ضغناً ، فلن تجد منه إلا نظر السخط حتى لو لفه ظلام دامس ، كما يقول المثل العامي عندنا (يحمّر ليك في الضلمة) ... تمعّن في شعر الإمام الشافعي:

    وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا ولنا عودة إلى أزمنة حيدر، فانتظرني ، أيّها قاريء العزيز. .

    الخرطوم في 18 أغسطس 2015
                  

09-08-2015, 01:05 PM

أبوبكر عباس
<aأبوبكر عباس
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 3496

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: Yasir Elsharif)

    غايتو يا معاوية الزبير، كلما أقول أفوتك بالوعي؛ ألقاك استعملت السلم!
    أهو أخونا ياسر استجاب لدعوتك وسوف نجعل البوست خالصا للدكتور حيدر إبراهيم فهو يستحق منا الكثير
                  

09-08-2015, 01:19 PM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: ما زلت لا أرى فرق بين أصالة حيدر أو محمود أو الرسول أو سارتر نفسو!!
    ناس الفلسفة ديل بحاولوا يتوهونا ساكت

    يا ابا بكر تحقيق الذات الفردية عند الأستاذ محمود محمد طه كما أورد الأخ ياسر مقيدة بـ " الحرية من الخوف " ..
    علامة ذلك هي " التحرر من الجهل والفقر " ..
    الوسيلة لذلك " الحكم الإشتراكي الديموقراطي " ..
    مشروع دكتور حيدر حسب وصف د. محمود ..
    مشروع " مفتوح " يفهم من ذلك أنه غير متبوع بتنظيم سياسي كما مشروع الأستاذ ..
    " لا ينظر للإنسان كجوهر ثابت أو كماهية معطاة " هذه العبارة مقصودة بذاتها للتفريق بين المشروعين..
    ذلك لأن " الذات الفردية " لدى الأستاذ مقترنة بغاية الخلق تلك الغاية التي عبر عنها بقوله " غاية الحياة انجاب الفرد السعيد " ..
    بينما الفردانية لدى د. حيدر حسب د. محمود وجود مفتوح " يكتسب معناه من تفاعله مع الواقع المتغيّر "..
    استشرق في عقل بالك نظرية التطور وأنت تقرأ هذه العبارة ..
    عبر ماذا؟
    "عبر حَمْله لمسئولية الحرية وخياراته التي تصوغ حياته" ..
    ضع في عقل بالك وانت تقرا لفظي الحرية والخيارات قوله تعالى ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)..
    و " عبر التزامه الذي يجعله في حالة كفاح مستمر من أجل تغيير عالمه وإثراء وجوده بالخروج من اغترابه وتحقيق أصالته " ..
    بعبارة أخرى على الرغم من ترابط المشروعين من حيث الفكرة الإشتراكية ومبدأ الحرية ..
    يفرق بينهما فهم كل منهما لغاية الوجود..
    ترى هل يتفق د. حيدر مع قراءة د. محمود المتماهية مع تصوراته الفكرية للوجود؟
    :
    أها أيه رأيك في قرايتي دي ؟ حالتي لا جمهوري لا ملحد؟
                  

09-08-2015, 01:24 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: Yasir Elsharif)

    العزيز د. أبوبكر عباس، والمتداخلين الأعزاء

    التحايا لكم،

    ولابد من قولة تيت، من إزجاء الشكر، للمؤلف، وللمُستعْرِضَيْن للكتاب، وأعتقد أن الكتاب

    تعرّضتْ رغائب قراءته، وبِــ نَهَمٍ عند الكثيرين، بعد ذَينك الاستعراضين؛ مع أنّ حمارَك قد وقفَ

    في " ثَنية" الأصالة!

    ثم كانت إجابة الأخ د. ياسر، وافية حول وقوع الــ Authenticite وكذلك في سبر أغوار الــمُستعرِض الأول

    للكتاب، بأن هذا فَهَم " الأصالة " المعنية، عنده.

    أنا لا أقول: إنه برغم "وفاء" إجابة الأخ د. ياسر، لتسئآلك حول فرز "أصالة" د. حيدر، من "أصالة" الأستاذ محمود،

    لا أقول: إنّك مرقت بيْ قَــدَّ القُّفَّة ..!

    لكنّك ربما، كشفتَ عن " بضع مقاتل" في ما يختصُّ بــ " عُمقك" الاستناري وُ كدا ..

    وَ ببالي إهداء ال مقطع الافتتاحي في أغنية:

    ما مِنَّك، من ال علييييييك!


    .............
    وقبل الختمة، سؤال: ألا مَنْ يدلّنا عن كيفية اقتناء كتاب الدكتور حيدر إبراهيم علي،

    وهاك الختمة

    التحايا لكم جميعا
                  

09-08-2015, 02:43 PM

أبوبكر عباس
<aأبوبكر عباس
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 3496

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: محمد أبوجودة)

    Quote: لكنّك ربما، كشفتَ عن " بضع مقاتل" في ما يختصُّ بــ " عُمقك" الاستناري وُ كدا ..

    يا أخي، في زول عندو عمق استناري، بكون نابح ورادح في موضوع الاستنارة بسبب ومن غير سبب زي ما قاعد أعمل أنا!!
    يا أخي، دي استنارة بهلوانية ساكت.
    إتّا قايلني قبل مقال الدكتور عن الدكتور دا قبل كدا سمعت بأصالة سارتر دي؟!
    أزيدك من الشعر بيت، مداخلتي بعدم الفرق بين الأصالات دي كنت قاصد أدردق بيها دكتور سيف النصر،
    وآهو الملك وياسر ما قصروا
    لكن لسع ما مقتنع
    والاستنارة تلاقيط
                  

09-08-2015, 06:07 PM

معاوية الزبير
<aمعاوية الزبير
تاريخ التسجيل: 02-07-2003
مجموع المشاركات: 7893

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: أبوبكر عباس)

    Quote: بكور علك مي مورود ؟
    لالا أتا الليلة كدا..
    أكيد دا ما جو فول ولا مزاج ستات شاي لا سبق البل..
    قول اتا وين؟
    ياخي دا مقال نقدي عميق وراقي وسلس يشبه مقام الدكتور الباحث النشط ..
    بكور يا ود الملك نفَسو قصير في الجِد
    ولا يستطيع الصمود أكثر من مداخلتين فيرجع هازلا
    نصحته يعمل العكس كثير من الجد قليل من الهزل
    حتى لا تضيع المعلومات القيمة التي ينثرها بين حكاوى اللواري والتراكتورات
    لكن تقول شنو لي مرمي قعود
                  

09-08-2015, 07:09 PM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: معاوية الزبير)

    Quote: لكن تقول شنو لي مرمي قعود

    هههه يا ود الزبير بطل هظار ..
    اخير لييييييك الزول دا واصل من جدرو..
    اتا ما خايف على كوتك يقلعا..
    لالا بالجد كدا حقو نقول الحمد الله الزول دا ما بارانا في المساق الأدبي.
                  

09-09-2015, 03:38 AM

أبوبكر عباس
<aأبوبكر عباس
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 3496

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: محمد على طه الملك)

    Quote: ويرى أن الخفاض الفرعوني له دوره في تكريس التخلف "لأن الحرمان الذي يعانيه الجنسان أو نقصان الإشباع الجنسي هو بالتأكيد خصما على الإبداع والرغبة على جعل الحياة أفضل وأجمل" (ص 239)
    حاليا يا دكتور حيدر، مجتمعات المدن تجاوزت مسألة الخفاض الفروعني، لكن هذه المجتمعات أصبحت تعاني نقصان جنسي من نوع إقتصادي؟! نسبة كبيرة من الجنسين لا تستطيع تكوين أسر والجنس المسروق لا يحقق الإشباع وبالتالي خصما أيضا على الإبداع.
    أتمنى أن يكتب لنا الدكتور عن هذه المسألة وعن كيفية البحث عن البوي فريند الشرعي أو الغيل فريند الشرعية

    (عدل بواسطة أبوبكر عباس on 09-09-2015, 06:31 AM)

                  

09-09-2015, 05:21 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: أبوبكر عباس)

    كتر خيرك يا ول ابا..
    وشكلك عامل كمين خطير..!
    كتر خير صديقنا ياسر على اشراكنا في فكرة الأصالة عند الأستاذ (مع انو ياسر شكلو زعلان من محمد محمود)
    كتر خير صديقنا واستاذنا محمد على طه الملك..على التفسير..واهم حاجة عشان تكشف الفرق في سؤالك

    (اصالة سارتر
    Vs
    اصالة الأستاذ

    والإتنين
    Vs
    اي اصالة تانية)

    الفرق واضح يا عم..وعبارة الملك في اخر سطر ليهو القال فيهو

    Quote:
    حالتي لا جمهوري لا ملحد؟


    بتوضح الفرق..

    يبدو ان اثر نزاعات الفلسفة الوجودية..كان ماخد حظو كويس في الفترة ديك..ودكتور محمد محمود اتعامل مع الفكرة بجدية ودقة..!

    اصالة الأستاذ(ووجوديته) بتشبه كتير اصالة كيركيغارد..والبعض يصفها بالوجودية الدينية..عكسا لإصالة سارتر ، وألأظرط موقف نيتشة الذي فسرها اكتر باعتمادو على اصالة كيركيغارد لكنو حدد موقف من الدين.. باعتبار انها وجودية ملحدة..يعني كيركيغارد (وبعدو الأستاذ) بيتكلموا عن وجودية (ومنها اصالة) مرجعيتها وغايتها دينية بحتة.. ناس سارتر ونيتشة الفكرة عندهم انو الدين ذاتو مؤثر وضغط خارجي يجب ان لا يكون مكون في فكرة الأصالة..!
    عشان كده ، ومتلما اشار صديقنا الملك ، الوجودية الملحدة بتعتبر الأصالة مفروض تكون غير مرتبطة بايتها ايدولوجيا (سياسة ، استاطيقا ، دين..الخ)..

    الجوطة بتحصل.. لمن الأستاذ يتفق مع سارتر في فكرة (الحرية المطلقة)..وهنا بتحدث مشكلة.. لأن الأستاذ ، مثلما سارتر، يتحدث عن (حرية مطلقة) وبداية الديباجة في (قل هذا سبيلي) بتبدأ بقرآن..ناهيك عن الحديث عن مدنية اسلامية وكده..هنا بتكون في جوطة كتيرة..و يا ريت تلاميذه وتلميذاته يكلمونا عن مفهوم (الحرية المطلقة) في الفكر الجمهوري..!

    الحرية الفردية المطلقة لا تحقق في وجود ظلال المرجعية الدينية ، لأن متل هذه المرجعية قايمة على تقييد الحرية.. فياترى ما هو رأي السادة والسيدات الجمهوريين في التناقض ده؟..وهل هم فعلا بيؤمنوا بفكرة (الحرية المطلقة)؟..

    الحرج بيكون اكبر في اخر مثال ليك الذي تطرق للحرية الجنسية..فالوجودية بتاعة سارتر عندها موقف واضح (حرية للطيش ، والمرأة عندها مجرد اداة: مافيش زواج ، ومافيش
    Common law relations
    بتاعة بوي فريند وقيل فريند ، لأنو دي في بعض المجتمعات معترف بيها ، ناهيك عن فكرة الزواج العرفي وزواج المتعة في المجتمعات الإسلامية)..
    والسؤال: هل هذا يختلف عن الحرية المطلقة بتاعة الأستاذ؟..

    من شرح دكتور محمود ان دكتور حيدر تأثر بالوجودية ، تحديدا نقطة الأصالة وتحقيقها ، ومحمود اشار الى انها تمثلت في التمرد والخروج عن المألوف..تحديدا فكرة (سلطة القطيع)..ومؤكد تجربة دكتور حيدر (وهي تجربة محتاجة كتير من الإهتمام والإلتفات) حققت اصالتها الخاصة..!


    نأسف على المشاترة والدخول من زاوية منفشخة ساكت..



    كبر
                  

09-09-2015, 03:06 PM

محمد على طه الملك
<aمحمد على طه الملك
تاريخ التسجيل: 03-14-2007
مجموع المشاركات: 10624

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال للمستنير محمّد محمود في سيرة حيدر إب� (Re: Kabar)

    Quote: شكلك عامل كمين خطير..!

    سلامات أستاذ كبر..
    أول بالتبادي حمد لله على سلامة العود ..
    وإن شاء الله تركت الأهل بسلام ..
    ما بعيد ذي ما قت يكون ود عباس عاملا فينا ..
    يعمل فيها رايح عشان يستكتب الناس ..
    بصراحة مداخلتك عن الأصالات كانت الأوفى والأوسع باعا ..
    بس باقى لى د . حيد قطع مسارات د . محمود نحو بلوغ خلاصاته ..
    ؤ عتر ليهو بحكاية مرجعيتو الصوفية ..
    ذي ما ذكرت في مداخلتي الأولى ..
    د. محمود حاول الالتفاف على النقطة دي ..
    عن طريق تفريغ شحة د. حيدر الصوفية وإبعادها عن مردودها في التراث الإسلامي ..
    محاولا نسبتها للفلسفة السارترية دون السقوط في فخ الفكر ( الجمهوري ) ..
    غاظني ياخي ..
    سارتر بتاع مين والراجل بقول أنا من القرير ..
    القرير دي مسافتا من الكرو ( مدافن ملوك نبتة ) تقطعا كداري..
    إخوانا ناس ما بعد الحداثة ديل ناكرين أصالتم الممتدة طب.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de