المواطن - يوسف احمد المصطفى -مناضل سودانى من اجل مشروع الجزيرة ..وداعا ..توثيق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-07-2024, 02:56 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-26-2015, 09:49 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المواطن - يوسف احمد المصطفى -مناضل سودانى من اجل مشروع الجزيرة ..وداعا ..توثيق

    09:49 AM Aug, 26 2015
    سودانيز اون لاين
    الكيك-
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    فقد السودان رجالا افذاذا غيبهم الموت هادم اللذات ومفرق الاحباب والجماعات ونحن فى حوجة لكل ساعة يقضونها بيننا نستفيد من خبراتهم ومن علمهم ومن علاقاتهم ورؤيتهم الثاقبة بما اكتسبوه فى مجال العمل العام .. وفى ظرف السودان الحالى ما احوجنا للقيادات النقابية والسياسية والادارية السابقة التى عملت فى فترة ازدهار الخدمة المدنية السودانية

    وفى مثل هذا االحال الذى يعيش فيه السودان ومشروع الجزيرة فقدنا الاسبوع الماضى علما وقائدا فذا ومناضلا جسورا من مناضلى مشروع الجزيرة فقدنا يوسف احمد المصطفى الذى عاش كل حياته وسط اهله ومن اجلهم ومن اجل المشروع العملاق الذى احبه ..حتى الرمق الاخير من حياته
    وسيرته العطرة وتاريخه الذى سطره ينير شعاعه دروب القابضين على جمرة المشروع اليوم فى وجه اولئك الذين يعملون ليل نهار من اجل تدميره وزواله ..
    اول مرة اسمع باسمه من صديق مشترك هو الاستاذ كامل محجوب الذى عاش بالجزيرة ووسط المزارعين وارتبطت حياته بالقرى والبوادى سجلها فى كتابه الذى سطره بعنوان تلك الايام كان دائما يذكره كاحد المناضلين الذين ساعدوه فى تنوير اهل المشروع بحقوقهم فى الخدمات وكيفية المطالبة بها.
    ومنذ بدانا حملتنا هنا فى سودانيز اولاين من اجل المشروع اجده دائما فى طليعة المشاركين فى كل حراك يدعم المشروع ويدافع عنه وحرى باهل الجزيرة بتكريم امثاله وهم اهل الوفاء وتخليدا لهذا العمل الجليل الذى قام به فى حياته وما الحياة الا اثر نتركه ويخلده لنا التاريخ وقد كان يوسف احمد المصطفى باسمه وبجهدعه قد ربط اسمه بخدمة وطنه واهله والمشروع الزراعى الذى ارتبط اسمه به
    عزائى لكل الاهل بصراصر وللاخ والصديق عبد الخالق يوسف ومحمد يوسف ولاسرته الصغيرة والكبيرة فى كل انحاء السودان

    نتواصل

    sudansudansudansudan100.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    (عدل بواسطة الكيك on 08-26-2015, 09:58 AM)
    (عدل بواسطة الكيك on 08-26-2015, 10:07 AM)
    (عدل بواسطة الكيك on 08-26-2015, 10:12 AM)
    (عدل بواسطة الكيك on 08-26-2015, 10:12 AM)

                  

08-26-2015, 09:51 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المواطن - يوسف احمد المصطفى -مناضل سودانى (Re: الكيك)

    العم يوسف أحمد المصطفى.. الإنحياز للغلابة والثورة والإستنارة ..

    بقلم: ياسر عرمان


    بالأمس 21 أغسطس 2015، غيب الموت علم من أعلام النضال الثوري ورائد من رواد الإستنارة والإنحياز للغلابة والمهمشين من أوساط حركة المزارعين السودانيين. لقد رحل العم يوسف أحمد المصطفى، أحد مؤسسي العمل الثوري في أوساط المزراعين على مدى أكثر من ستين عاماً ولاسيما مزراعي الجزيرة والمناقل. وإرتبط بنهوض حركة المزراعين الثورية التي نهضت في أجزاء متفرقة من السودان. وتصدر الأعمام الشيخ الأمين محمد الأمين وعبد الله بروقاي ويوسف أحمد المصطفى في شمال الجزيرة قيادة العمل الثوري في أوساط المزارعين المنحاز للفقراء، وإرتبطوا بالدفاع عن حقوق المزراعين وكانوا مشاعل للإستنارة ونشر الأفكار التقدمية في أوساط المزارعين والشباب وعُرفوا بالحفاظ على صلواتهم وثوريتهم، وبلغوا شأوا عظيما في التأثير على كامل الحركة الوطنية قبل إستقلال السودان وبعده.

    وعشية الإستقلال بلغت رأياتهم عنان ميدان عبد المنعم الذي شهد تدفق آلالاف المزراعين في مظاهرات تحدت الإستعمار في قلب الخرطوم وإنتزعت حق المزارعين في التنظيم وإستقلالية إتحاداتهم حتي خلدتهم أغاني البنات في ذلك الوقت التي تغنت بشجاعة الشيخ الأمين محمد الأمين (اللمين في خرطومنا قيل وبات.. واللمين غنت ليك بنات شمبات) و (اللمين الدقدق مساميرو)، جاؤا من كل أنحاء السودان. إلتقيت في سنوات سابقة وأجريت محضر نقاش مطول نُشر في جريدة (الميدان) مع أحد أكبر رواد تلك المسيرة العظيمة العم الراحل شيخ الخير ود بريمة، رئيس إتحاد مزارعي النيل الأزرق منذ عام 1957 إلى عام 1971بمنزله المتواضع في قرية كريمة البحر، وقد رافقني إليه المناضل السناري الشهير عيسي أحمد آدم (حكيم) والصديق خالد موسي.

    عُرفت هذه المجموعة بإلتحامها الوثيق مع الحركة العمالية وحركة المثقفين والنساء والشباب، وكانوا من رواد الإستنارة وساهمت بشخصيات كبيرة من قادة العمل الثوري في زيادة وعيهم بالقضايا الوطنية والإقليمية والعالمية خصوصاً المحترفين الثوريين الذين ساهموا في بناء تنظيمات المزارعين وحملت السنوات الخمسين (من عام 1950 إلى عام 2000م) أسماء كبيرة منهم. عمل يوسف أحمد المصطفى مع بعضهم من الخمسينيات حتي بداية السبعينيات، ومنهم كامل محجوب ويوسف عبد المجيد ومحمد إبراهيم نقد والتجاني الساكن جاد كريم (جلال) والعم عبد الحميد علي (عثمان جزيرة) "عثمان هوايد الليل الصمت والكتمان"، وساهمت هذه المجموعة في نمو حركة المزارعين. وبالقطع فإن الأستاذ عبد الخالق محجوب قد كانت بصماته واضحة في حركة المزارعين.

    عُرفت قيادة المزارعين بمعرفتها وإلمامها بالعمل السياسي والتنظيمي وبالإهتمام بالقضايا الوطنية وشاركوا على نحو حاسم في معارك الإستقلال وثورة اكتوبر حتي تم تمثيلهم في وزارة اكتوبر بتعيين شيخ الأمين محمد الأمين وزيراً للصحة في فترة هي الأعلى في مراقي نهوض حركة المزارعين. عُرفت هذه الحركة بعلاقاتها بإتحادات المزارعين على المستوى الإقليمي والدولي وزار قادتها الإتحاد السوفيتي والصين وتضامنوا مع قضايا الشعوب المضطهدة وساهموا في جذب مجموعات مؤثرة للعمل الثوري وقضايا التغيير، ويوسف أحمد المصطفى على نحو التحديد ذهب أبعد من ذلك واهتم بقضايا الهامش وقد رافقته للإلتقاء بالدكتورجون قرنق دي مابيور في إجتماع في العاصمة الإرترية أسمرا وأجرى معه مناقشة عميقة عن واجب الحركة الشعبية في تبني قضايا الفقراء في كل أنحاء السودان ولاسيما المزارعين، وظل دائم الإهتمام بقضايا السودان وجنوب السودان.

    على الرغم من صلة الرحم من الدرجة الأولى التي تربطه مع عمر البشير ولكنه ظل ثابتاً وقاطعاً في موقفه المعادي لدكتاتورية الإنقاذ وأسمع صوته مراراً وتكراراً لعمر البشير في كل المناسبات التي جمعتهما، وكان موقفه وموقف الأعمام الراحلين الكبار العرضي الحسين ومحمد الحسين والأستاذ المحترم مدني العرضي الحسين المحامي موقفاً مؤثراُ في الإستقامة ورفض الحكم الشمولي وإن كان على رأسه من يمت إليهم بصلة من الدرجة الأولى. أصالة عن نفسي ونيابة عن قيادة الحركة الشعبية، أتوجه بالعزاء الحار لأسرته وأهله جميعهم وللحاجة فاطمة، ولمحمد، وصديق، ومحاسن، وآمال، وقرشية، وقاسم وأماني، والطيب، ولحركة المزارعين في الجزيرة.. وندعو الله أن يتقبله قبولاً حسناً مع الصديقين والشهداء. ياسر عرمان

    22أغسطس 2015م
                  

08-26-2015, 10:06 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المواطن - يوسف احمد المصطفى -مناضل سودانى (Re: الكيك)

    sudansudansudansudan100.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  

08-26-2015, 04:05 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المواطن - يوسف احمد المصطفى -مناضل سودانى (Re: الكيك)

    الى جنات الخلد ..يا عم يوسف

    ميوم الير


    حزنت كثيرا هذا الاسبوع فور تلقى نبأ إنتقال عمنا المناضل الجسور يوسف أحمد المصطفى إالى جوار ربه.
    و إزداد حزني عندما فشلت- لظروف العمل- في مرافقة صديقنا إبن الراحل , المهندس عبد الخالق يوسف الى الخرطوم لحضور مراسم التشييع التى شارك فيه قطاعات واسعة من أهل السودان بصورة تليق بتاريخ و نضالات العم يوسف.

    كان لى شرف معرفة العم يوسف و أسرته الكريمة منذ عقود في إطار الشأن العام و سرعان ما تحول الى علاقة اجتماعية ممتدة و متينة نفخر بها .

    العم يوسف لا يحتاج الى تعريف مني فهو غنى عن التعريف و لكنني أود أن أسجل شهادتي الشخصية كيف تعلمنا منه معانى نكران الذات في العمل العام و الانحياز الى مصالح الناس و فى توجيه طاقاتهم فيما ينفع المجتمع .

    العم يوسف رحمه الله كان قامة و همة ورجل مبادى لا يعرف المساومة و قد راينا كيف سار أبنائه على هذا الدرب.

    كان بإمكانه الاستفادة بصورة او بأخرى من صلة قرابته بالرئيس عمر البشير.. فكم منا في افريقيا و والعالم العربي و العالم الثالث يرفض التقرب و التودد من السلطان و الاستفادة من الامتيازات التى تضع تحت تصرف الاقارب عندما يصل أحد أقاربهم الى سدة الحكم,

    لكن ابناء يوسف حافظوا على هذه العلاقة فى اطارها الاسرى فقط .

    كانت هذه النقطة تحديدا هى ما حبب فيه الدكتور/ جون قرنق عندما يتحدث عن شخصية عم يوسف حيث كان يرى فيه مناضلاً قاوم الاستعمار و ظل مدافعًا شرساً عن قضايا المزراعين في الجزيرة و مقاوماً أيضا لسياسات يرى فيها ضرراً كبيراً لمشروع الجزيرة.
    كان الدكتور قرنق فخوراً بالعم يوسف..

    وقد قال ذات مرة للرئيس البشير" أن أهلك و اقاربك مثل عم يوسف و ياسر عرمان هم أعضاء في الحركة الشعبية" و رد الرئيس قائلاً "هذا هو السودان ,أهلك كذلك هم معنا في المؤتمر الوطني"

    رحم الله العم يوسف رحمة واسعة بقدر ما قدم لوطنه و الهم اهله و ذويه الصبر و حسن العزاء .

    ميوم الير
    mailto:[email protected]@gmail.com
                  

08-26-2015, 07:45 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المواطن - يوسف احمد المصطفى -مناضل سودانى (Re: الكيك)

    رحم الله فقيدنا يوسف أحمد المصطفي
                  

08-27-2015, 06:47 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المواطن - يوسف احمد المصطفى -مناضل سودانى (Re: الكيك)

    رحيل يوسف أحمد المصطفى ، أحد مؤسسى وقادة حركة المزارعين الديمقراطية

    August 22, 2015



    تعزى أسرة (حريات) جماهير الشعب السودانى وحركة المزارعين والقوى الديمقراطية ، فى رحيل يوسف أحمد المصطفى ، أحد قادة ومؤسسى اتحاد المزارعين ، الذى رحل عن دنيانا أمس الجمعة 21 أغسطس .

    وتخص بالعزاء كل افراد أسرته الكريمة ، وزوجته الحاجة فاطمة وابنائه الدكتور محمد يوسف ، صديق، محاسن، آمال، قرشية، قاسم ، أماني، والطيب.

    وانا لله وانا اليه راجعون

    ----------------
    هزّ عرش ملكة بريطانيا العظمي !!
    توثيق/ حسن وراق

    "ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" صدق الله العظيم.

    من الذين صدقوا واخلصوا لقضية المزارعين وعاهدوا الله وشعبهم علي النضال من أجل الدفاع عن حقوق المزارعين ونذروا عمرهم لا يبالون بما تعرضوا له من عظائم الامور سجنا ومطاردة وتشريدا ومحاكمات ورغم أنهم فلتوا من اعواد المشانق والتصفيات واحكام الاعدام وعنابر الموت في جودة الا أنهم لم يتوقفوا عن مسيرة النضال حتي هذه اللحظة لم يمنعهم المرض او تقدم السن فلا تزال حيوية الشباب ( تتحالف ) مع حكمة الشيوخ تشكل مرجعية وتجربة وخبرة نضالية لم تنطفئ جذوتها فنارة تضئ الطريق للاجيال القادمة .

    المناضل يوسف إحمد المصطفي سيرة نضالية عطرة حديرة بالتوثيق نقدمها للاجيال كتجربة لن تتكرر خرجت من رحم الشعب السوداني ومن معاناته ومن ارثه الحضاري ومكوناته الفريدة. التقيته في داره العامرة بقرية صراصر وجدت بجانبه ابنه ، الدكتور محمد يوسف (وديوسف) وزير الدولة السابق للعمل والاستاذ المحاضر بكلية اقتصاد جامعة الخرطوم واحد أبرز قيادات الحركة الشعبية في قطاع الشمال الي جانب رفيق درب المناضل الاستاذ محمد الجاك ابوشمة نثقب في ذاكرة هذا المناضل حتي نتعرف علي ما هو شارد الي حواف السهو وما هو مسكوت عنه في تاريخ الحركة الوطنية وخاصة ما يلي دور المزارعين فيها.

    البطاقة الشخصية :

    يوسف احمد المصطفي من مواليد 1927 بقرية صراصر غرب الحصاحيصا ينحدر من أسرة جذورها من بطون البديرية الدهمشية هاجر جدهم الاكبر واسمه ( النيل ) الي قرية أم دليبة بالجزيرة (جنوب غرب ) طابت. التحق بخلوة شيخ عبدالجبار التي وطدت ارتباطه بالمشائخ والعلماء ليواصل مسيرته في التعليم ليلتحق بمدرسة رفاعة الابتدائية في 1941 ولكن وفاة والده منعته من مواصلة التعليم ليتفرغ الي مسئولية الاسرة وهو الابن الوحيد وسط عدد من الاخوات.

    الخلفية الدينية والبحث عن الحقيقة :

    استهوته مسألة البحث عن الحقيقة كاتجاه فلسفي للتبحر في علم الحديث علي يد مولانا الشيخ الطيب ابوقناية وبرفقته ابن الشيخ الامين ابوقناية وكونا معا جمعية البحث عن الحقيقة واصدروا نشرة لتعليم الحديث عرفت باسم الهدي النبوي في مدينة وادمدني لتبدأ ملاحقة الاجهزة الامنية له واتهامه بالترويج للافكار الشيوعية نظرا لان السلطات كانت تربط الفكر الوهابي بالشيوعية لموقف الوهابية من طريقة اسلام الطرق الصوفية . اتجه الي اتباع الطريقة العجيمية مع رفيقة حسن عبدالرحمن كرنديس في إطار البحث عن الحقيقة وذهب الي شيخها العجيمي الكبير والد مولانا نورالدائم في قرية البرصة بالشمالية وهنالك نهل من علمهم الفياض في الفلسفة والبرهان والخلق والتوحيد ومناهج المعرفة الربانية ومن الطريقة العجيمية انتمي لجماعة انصار السنة المحمدية وهنالك التقي برفيق دربه النضالي شيخ الامين محمد الامين اول رئيس لحركة المزارعين والذي كان من جماعة انصار السنة قبل أن يصبح شيوعيا ومن رحم انصار السنة المحمدية انطلق يوسف أحمد المصطفي وشيخ الامين للنضال من أجل قضية المزارعين بعد التحاقهما بالحزب الشيوعي السوداني وهنالك وجدا ما يبحثا عنه في البحث عن الحقيقة.

    الالتحاق بحركة المزارعين ومراحل تكوين الاتحاد:

    يورخ المناضل يوسف أحمد المصطفي لحركة المزارعين بتاريخ 1946 علي إثر الاضراب الشهير عن زراعة القطن والنضال ضد الشركة الزراعية وتوطدت علاقته مع شيخ الامين محمد الامين بواسطة احد الشيوعيين من قرية مصطفي قرشي وهو أحمد علي الحاج الحلاوي مسئول الاتصال الحزبي والذي كان يقوم بتوزيع مجلة الشرارة الحزبية

    شهد متجره بطابت والذي اصبح مركزا فيما بعد لميلاد فكرة تكوين حركة المزارعين الثورية والتي كان من مؤسسيها مع كل من,شيخ الامين محمد الامين والذي كان عضو بمجلس ريفي الحصاحيصا وعبدالرحمن الماحي والطيب الدابي وآخرين . قامت مجموعتهم هذه بصياغة البيان التأسيسي(المنفستو) لوحدة المزارعين و كان ممهورا بتوقيع شيخ الامين في حين تولي الطيب محمد الامين ( شقيق شيخ الامين) الاتصال بالاستاذ الصحفي عبدالله رجب (جريدة الصراحة) والذي قام بطباعة اربعة الف نسخة من البيان وتم توزيعه علي جميع المزارعين وبعد ذلك بدأت حركة الطواف علي القري والاقسام والمكاتب للقاء المزارعين وشرح ما جاء في البيان من ضرورة وحدة المزارعين عبر لجان اعدت خصيصا لهذا الغرض الي ان تم تتويج هذا العمل الجبار بعقد مؤتمر جامع عام 1953 في قرية ام عضام لتكوين اول اتحاد للمزارعين و حضر هذا المؤتمر ولاول مرة مزارعين من القسم الشمالي والجنوبي وبدات بعد ذلك عمليات الطواف علي المزارعين من اجل تجميع وتوحيد اكبر عدد من المزارعين حول فكرة الاتحاد وبدا الترويج لذلك عبر البيانات والصحف والاجتماعات الي ان تم عقد مؤتمر وادمدني والذي حضره اكثر من 700عضوا في عام 1953 حيث تم تكوين اول لجنة تنفيذية من 25 عضوا برئاسة شيخ الامين وسكرتارية يوسف احمد المصطفي وعباس دفع الله من مكتب درويش امينا للخزينة.

    يتواصل الحديث مع المناضل يوسف والذي افاد ايضا انهم قاموا بابتداع شكلا تنظيميا فريدا وغير مسبوق بتكوين لجنة اخري مباشرة عرفت باللجنة الوسطية اشبه بلجان الظل ولكنها تعمل علنا مكونة من 65 عضوا لتنفيذ قرارات اللجنة التنفيذية و بهذه الوسيلة تم تقسيم العمل ووضع تكليفات محددة كان الهدف منها الحاق الهزيمة باللجنة والتي كانت تخدم توجهات مدير الشركة الزراعية مستر سميث Mr. Smith C.H و كانت برئاسة شيخ احمد بابكر الازيرق وعضوية محمد عبدالله الوالي (والد جمال الوالي ) وعبدالرحيم حمدالنيل المنصوري وآخرين.

    بعد انعقاد مؤتمر وادمدني وتشكيل اللجنة التنفيذية كان ذلك بثابة انتصار ساحق علي لجنة الشركة الزراعية طلبت اللجنة التنفيذية من اللجنة الوسطية تنظيم عدد من المسيرات والتظاهرات لرئاسة المديرية و مكاتب الادارة ببركات استعراضا لقوة الاتحاد ولجنته التنفذية ومن ثم ارسال وفد الي الخرطوم لمقابلة الحاكم العام للاعتراف بالاتحاد .

    قامت مجموعة الازيرق يالاتصال بالحاكم العام للفت نظره بان مايتم من حراك وسط المزارعين ما هو الا محاولات تخريبية يقوم بها الشيوعيون واستطاعت هذه المجموعة التأثير علي الحاكم العام الذي اصدر بيانا تحذيريا للمزارعين منعهم فيه من مجرد التفكير في الحضور الي الخرطوم لانه اصدر التعليمات الي قوات الامن باستعمال القوة و الضرب في (المليان) الي حد (الابادة) وكان هذا البيان يذاع علي الاثير بصورة متكررة اثناء ساعات البث في ذلكم الوقت.

    الزحف نحو الخرطوم واحتلال ميدان عبدالمنعم :

    في صبيحة يوم 29 ديسمبر 1953 كما يذكر المناضل يوسف تحرك المزارعون في قرابة 100 لوري دفعة واحدة غير اولئك الذين سافروا من جميع أنحاء المشروع تجاه الخرطوم ليقدر عددهم الكلي ب 25 الف رغم تحذيرات الراديو وتمويها للسلطات الامنية قمنا في القيادة باستغلال القطار الي الخرطوم حتي محطة سوبا ومن هنالك كانت عربة في انتظارنا لتقلنا الي أم درمان بتوجيه من قيادة الحزب الشيوعي بينما عسكر المزارعون في ميدان عبدالمنعم والذي كان يعرف ب ( موقف 3) وفي ام درمان امضينا اليوم كله في نقاش لوضع الخطط والتدابير لمجابهة كافة الاحتمالات تحت اشراف مباشر من قبل (الشهيد) الشفيع أحمد الشيخ ومحمد سلام والذان كانا في حالة استنفار دائم حتي صبيحة اليوم التالي بينما كانت جموع المزارعين تحتل الميدان في انتظار المواجهة وفي غاية الحذر لدرجة أنهم رفضوا تناول الطعام الذي حمله لهم المواطنون تحسبا أن تكون أجهزة الامن التابعة للحاكم العام قد دست لهم السم في الطعام,

    في الصباح حضر الاستاذ كامل محجوب بعربة بها مكبرات للصوت نذيع منها علي المزارعين البيان الذي اعددناه للحاكم العام ويحوي مطالبنا بموجب المادة 75 من قانون الحكم الذاتي وأهمها الحق في إختيار قيادة للمزارعين . بدأت المواجهة عندما قام مدير مديرية الخرطوم بتوجيه أمر التحرك للعسكر بضرب المزارعين فتصدي له أحد الضباط من أبناء القطينة ويدعي مهدي مصطفي وأبطل قرار مدير المديرية. في الثامنة صباحا حضر وفد حزب الامة بقيادة السيد الصديق المهدي مطالبا المزارعين وقياداتهم بتهدئة الموقف وفي ذات المقصد حضر وفد الحزب الوطني الاتحادي بقيادة شيخ علي عبدالرحمن الامين والسيد حماد توفيق وبدأت الامور تزداد تأزما حتي قامت السلطات بارسال وفد لمقابلة المزارعين برئاسة السيد سليمان أكرت الذي كلفه الحاكم العام بأن ينتدب المزارعون 5 اشخاص ينوبون عن لجنتهم لمقابلة السكرتير الاداري لترفض القيادة هذا العرض وترضخ السلطات لطلب اللجنة وهو مقابلة جميع اعضاء اللجنة للسكرتير الاداري وهنالك كان يتواجد السيد عبدالله محمد توم من أعيان المدينة عرب وأحد المؤيدين لاتحاد الشركة الزراعية المناوئ لحركة المزارعين الثورية ، لم يتردد شيخ الامين من الاعتراض علي وجود عبدالله محمد توم حتي تم ابعاده من حضور الاجتماع الذي لم يستمر طويلا حتي تمت الموافقة علي جميع مطالب قيادة المزارعين.حدثت مشادة بين شيخ الامين محمد الامين والسكرتير الاداري الذي أعاب علي شيخ الامين الخروج علي الديمقراطية بعدم اشراك بقية قيادات المزارعين الموالين لهم ويقصد مجموعة الازيرق لتجي كلمات شيخ الامين ردا مفحما " اين كانت هذه الديمقراطية التي تتحدثون عنها الآن وأنتم تستعمرون بلداً كاملا كالسودان ، إننا كسودانيين لم نختار الاستعمار ولم نختاركم مستعمرين لنا "

    عند إنفضاض الاجتماع تم تبليغ المزارعين بالانتصار الذي تحقق علي أيدي قيادتهم بإنتزاع الحق في التنظيم وحل هيئة شئون المزارعين ليشتعل الميدان بالهتافات والتهليل والتكبير وكان مشهداً فوق التصور خاصة عندما تحركت ( اللواري ) تحمل جموع المزارعين في مشهد ملحمي يجسد النصر في أبهي صوره ولا يزال بعض أهل الخرطوم 3 يذكرون سحابة الغبار العالقة التي خلفتها حركة اللواري وهي تتحرك جنوبا بشارع الحرية نحو الجزيرة واصوات التنبيه ( البوري) تشق عنان السماء تصحبها الاكف الملتهبة بالتصفيق والحناجرالمنطلقة بالهتافات من علي جانبي الطريق

    **************
    يواصل المناضل يوسف أحمد المصطفي أول سكرتير لحركة المزارعين في الجزيرة والمناقل سيرته ومسيرته النضالية مطلقاً العنان لذاكرته ترترسل وقائع الاحداث التاريخية التي كان شاهد عصر عليها . في الحلقة الاولي استعرضنا جانبا من سيرته الذاتية وخلفيته الدينية التي قادته للبحث عن الحقيقة والتي جعلته يتنقل بين جماعة انصار السنة المحمدية التي جمعته مع رفيق دربه شيخ الامين محمد الامين ثم أنتقاله الي الصوفية والتحاقه بالطريقة العجيمية في البرصة الي ان قاده اضراب المزارعين في الجزيرة عن زراعة القطن في 1946 متصديا للدفاع عن المزارعين وكون مع مع زملاءه أول حركة للمزارعين في السودان قاموا بالاعتصام في ميدان عبدالمنعم مجبرين سلطات الحاكم العام بتحقيق مطلبهم الرامي الي تكوين اتحادهم للدفاع عن قضاياهم.

    قيام أول إنتخابات للمزارعين وبداية تآمر الحكومات والاحزاب:

    في العام 1955 قامت اول إنتخابات للمزارعين فاز فيها كل مرشحي حركة المزارعين الثورية واصبح بذلك شيخ الامين رئيسا وشخصي سكرتيرا و عباس دفع الله أمينا للخزينة (المال) . لم تستمر هذه اللجنة عاما واحدا حتي تآمرت عليها الاحزاب وحكومة ( يحي الفضلي) واسقطتها ، هذا التآمر ارتبط بأحداث عنبر جودة والذي قامت فيه الحكومة الوطنية والتي لم تمض اسابيع علي تكوينها في فبرائر 1956 لتتصدي للمزارعين في كوستي وهم يطالبون بحقوقهم لتقوم السلطات بإطلاق النار عليهم وتردي 25 منهم قتلي ويزج بالباقين في أحد العنابر ( جودة ) ليموت عددا منهم وهم حوالي 219 بالاختناق لينفجر الموقف وتحدث معارضة قوية ضد الحكومة والتي بدأت في حملة إعتقالات واسعة شملت بعض قيادات اللجنة التنفيذية ، شيخ الامين محمد الامين وشخصي لتجتمع اللجنة التنفيذية في غيابنا ونحن بالمعتقل لتوكل قيادة الاتحاد في 17/5/1956 الي السيد جابر عثمان رئيسا مناوبا مكلفا بمهام شيخ الامين والسيد أحمد علي الحاج سكرتيرا مناوبا لشخصي بالاضافة الي بابكر دكين لأمانة المال.

    قامت الحكومة وقتها بإهتبال فرصة إعتقال قيادات المزارعين و ( المكتب التنفيذي) لتعلن عن قيام إنتخابات لاختيار قيادة جديدة في عام 1957 وذلك بحضور السيد الصديق المهدي والد السيد الصادق واسماعيل الازهري ليفوز فيها السيد أحمد بابكر الازيرق ( اتحادي) رئيسا واحمد علي الحاج سكرتيرا و محجوب الامين لامانة المال.

    طوال فترة الحكم العسكري الاول ( حكم عبود ) كنا نقود عملا سرياً علي الصعيدين السياسي والنقابي الذي يقودحركة المزارعين بالجزيرة .في العام 1963 قمنا بتحريض المزارعين بالاضراب عن لقيط القطن وطالبنا بتمثيل المزارعين في مجلس الادارة وضم عملية قليع القطن للحساب المشترك ورفع نسبة نصيب المزارعين في الشراكة من 46% الي 48% لتقوم حكومة عبود بإعتقال شيخ الامين وبقية القيادات وعندما أصبح الاضراب عن لقيط القطن واقعا لا محالة منه أذعنت الحكومة مؤخرا لمطالبنا وتم إطلاق سراح المعتقلين و أصر المزارعون علي أن يخاطبهم شيخ الامين شخصيا وبالفعل وافقت الحكومة تحت الضغط والاصرار لنقوم بتوفير عربة عليها مكبرات الصوت لشيخ الامين والذي طاف علي المزارعين واعلن لهم موافقة الحكومة علي تحقيق مطالبهم ليتم رفع الاضراب . في العام 1964 أجريت إنتخابات عامة للمزارعين فاز فيها بجدارة شيخ الامين بالرئاسة وشخصي في السكرتارية وحمدالنيل دفع الله أمينا للمال ونظرا لدور هذا الاتحاد في ثورة أكتوبر تم إختيار شيخ الامين وزيرا للصحة في حكومة أكتوبر وكانت تلك آخر دورة عملت فيها لتبدأ بعد ذلك سلسلة التآمر والالتفاف و استقلال السلطات وابتداع الاساليب الدخيلة علي العمل السياسي والنقابي لتجري إنتخابات 1965 والتي كانت عبارة عن تسوية سياسية منح بموجبها حزب الامة وكان مندوبه عمر نورالدائم منصب الرئيس والذي كان من نصيب الشيخ النور النعيم ويصبح السكرتير اتحاديا وكان محمد عبدالله الوالي ( والد جمال الوالي ) وكان امين المال ايضا اتحاديا وهو يوسف ابو الكرام بمباركة الشريف حسين الهندي وكان في تلك الفترة ولاول مرة يتم تمثيل المزارعين في مجلس إدارة المشروع وقد وقع الاختيار وقتها علي السيد محمد عبدالله الوالي و عثمان جاد الله واحمد الشيخ الجيلي.

    في العام 1969 وبعد سحب الثقة من اللجنة التنفيذية والتي كانت برئاسة النور النعيم عاد شيخ الامين محمد الامين الي رئاسة الاتحاد مرة أخري وتولي الامين أحمد الفكي لاول مرة سكرتارية الاتحاد وأصبح سعد جادين أمينا للمال ولم افز في تلك الانتخابات ليتم تعييني في مجلس إدارة البنك المصري سابقا ( بنك الشعب التعاوني) وعين السيد عبدالله محمد الامين برقاوي في مجلس إدارة مؤسسة الدولة للسينما.

    أول إنقلاب في حركة المزارعين:

    في ابريل من عام 1970 قام نفر من المزارعين وابرزهم ، الصديق أحمد البشير ( عم الرئيس عمر البشير ) والسر كاسر ( من سكرتارية تحالف المزارعين حاليا ) وآخرين بإنقلاب أطاحوا فيه بالمكتب التنفيذي السابق مدعومين من وزير الزراعة وقتها عثمان ابوالقاسم وكونوا قيادة جديدة برئاسة عبدالرحيم ابوسنينة وسكرتارية داؤود عبداللطيف وتم إختيار محمد زين الدين أمينا للمال .
    بدا ظهور المرحوم الطيب العبيد ود بدر الرئيس السابق عند فوزه عام 1973 بالرئاسة ووقتها كان السكرتير حسن مصطفي عبدالحليم ويوسف أبو الكرام امين للمال ومن أبرز احداث تلك الفترة الزمنية إضراب المزارعين الشهير في يونيو 1980 ( أيام نميري )والملاحظ أن قيادة الاتحاد ظلت كما هي دون تغيير الا في بعض المواقع حيث ظل الطيب العبيد ودبدر في موقعه منذ 1973 والي أن توفاه الله عام 2008 في ما عدا تلك الفترة المؤقته التي تولي فيها عبدالجليل حسن عبدالجليل الرئاسة وعبدالله عبدالرحمن سالم من ( سرحان ) السكرتارية ومحمد زين الدين من (القليع ) أمانة المال بعد الاقصاء المؤقت لود بدر من ( قرية النخيرة ) والامين أحمدالفكي من (العقدة ) وعلي عبدالله تمرة من (الجاموسي) والذي عمل في دورات 1978 الي 1983 الانتخابية ليتعاقب علي موقعه في أمانة المال بصورة شبه دائمة اسماعيل شمبول من قرية ( ودحسين ).

    حركة المزارعين ، الانجازات والرؤية المستقبلية:

    حمل المناضل يوسف أحمد المصطفي هم حركة المزارعين مع زملائه ورفقائه المزارعين معددا جملة من الانجازات التي تحققت علي ايديهم بدأً باشاعة مبدأ ديموقراطية العمل المطلبي واقرارشعار ، لكل حزبه والنقابة للجميع وكان هذا اساس نجاح الحركة التي إلتف حولها كل المزارعين ، من الانجازات التي تحققت ، إنتزاع الحق الديمقراطي بتكوين إتحاد المزارعين وتمثيل اتحادهم في مجلس إدارة المشروع وتكثيف وتنويع التركيبة المحصولية والتوسع في زراعة القمح والتي كانت محدودة وتعديل الحساب المشترك بإدخال بعض العمليات التي كانت تقع علي عاتق المزارع مثل (قليع ) القطن ورفع نصيب المزارع في الحساب المشترك وإدخال محصول الفول والبستنة ووضع العديد من دراسات الجدوي لجعل المشروع وحدة انتاجية متكاملة بإدخال التصنيع الزراعي والانتاج الحيواني الميكنة لرفع الانتاجية وتنشيط الحركة التعاونية وسط المزارعين بداية وإدخال ولاول مرة الحاصدات الزراعية وقشارات الفول وقيام مطحن دقيق قوز كبرو ومصانع الزيوت وبناء قاعدة متينة لصناعة الغزل والنسيج . كل هذه المشاريع التعاونية الناجحة تم تدميرها بواسطة القيادة الحالية وبيعت بأبخس الاثمان الي درجة أن شهد شاهد منهم بقوله " الشيوعيين عملوها والاسلاميين لغفوها ".

    من خلال النضال داخل حركة المزارعين كانت تواجهنا الكثير من العقبات ، يواصل المناضل يوسف أحمد المصطفي في سرده التاريخي الشيق ، هذه العقبات كنا نتقلب عليها بفضل وحدة وتماسك المزارعين حول قيادتهم الا أن لكل نجاح أعداء . حملات العداء بدأت منذ الاستعمار الذي حاول ضرب حركتنا بشتي الطرق والوسائل مستخدما فيها بعض العناصر المحلية التي اعمت الغيرة بصيرتها وتحولت الي تآمر مكشوف استثمرته بعض الاحزاب السياسية التي تختفي وقت الشدة وتظهر عندما (تبرد) الحارة . من هنا كانت البداية لمحاولات تذويب حركة المزارعين داخل حوش الاحزاب وإحتواء بعض القيادات التي انجرفت وراء الاجندة الخاصة لتتعامل مع حركة المزارعين وفق منظور الكسب السياسي الذي قاد التي تفتيت وحدة المزارعين بالاضافة الي الدور الذي قامت به الحكومات المتعاقبة وخاصة الانظمة الشمولية وطوال فترة مايو والي الآن لم تشهد حركة المزارعين بعثا جديدا علي مستوي القيادة أو علي صعيد الانجازات ويكفي ما إنتهي اليه المشروع بفضيحة ما يعرف بقانون 2005 لمشروع الجزيرة والدور الذي لعبته القيادة الحالية في تنفيذ هذا القانون والذي هدف الي توجيه الضربة القاضية الي مشروع كفل كل السودان. في ظل التطور العلمي وثورة الحاسوب أعاد العالم كله والدول من حولنا صياغة خطط المستقبل لتستوعب متطلبات الالفية الثانية والعالم كله ينظر الي السودان بوصفه سلة غذاء الكون ومشروع الجزيرة المرشح الاوحد لملئ هذه السلة ولكن إذا عرف السبب بطل العجب ، إن كل هذا النقع المثار وكل هذه العجلة في تطبيق قانون 2005 هي عملية سرقة واضحة لبنيات المشروع التي تقدر بحوالي 42 مليار دولار تعتبر ملكا خاصا بالمزارعين ، دفعوا قيمته من الخصومات التي كانت تقوم بها الحكومة . ما يحدث في مشروع الجزيرة الآن ما هو الا مخطط خطير لاكبر عملية سرقة بالبلاد يستخدم فيها القانون يعني ( سرقة قانونية ) يستوجب علي المزارعين استنفار كل الجهود والامكانيات المتاحة وغيرها للدفاع عن مشروع الجزيرة لانه اصبح راسمال المزارعين وشرفهم ومستقبل أجيالهم القادمة .

    اعتقد أن مستقبل هذا المشروع لابد أن يصبح وحدة إنتاجية واحدة ومتكاملة وأن تقوم الدولة بإعادة تأهيله وفقا للمستحدثات والمتغيرات العلمية الحديثة وتوجيه عائدات الثروة النفطية (الناضبة ) لاستثمارها في النهوض بالمشروع وهذه واحدة من الرؤي والاطروحات التي يتبناها ويناضل من أجلها تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل والذي يعبر بصدق وإخلاص عن قضايا المزارعين الحقيقية ولعل هذا ما يجعلني أكثر ثقة و إطمئنان بأن حركة المزارعين الآن في أيدي أمينة وان ما قمنا بغرسه لم ولن تذروه رياح التآمر والالتفاف والمصالح الذاتية الضيقة رغم إرهاب الانظمة الشمولية والقيادات الدمي الاراجوزية التي آزرت وناصرت السلطان علي حساب قضية المزارعين .

    ***********
    L نواصل في سيرة المناضل يوسف احمد المصطفي حيث تعرضنا في الحلقات الماضية عن سيرة المناضل الشخصية وتربيته الدينية التي أهلته للبحث عن الحقيقة وتاثير التربية الصوفية اذ ينحدر من بيت يدين جده الاكبر أحمد المصطفي بالولاء الطائفي للشريف يوسف الهنديل ولعل هذا ما دفع والده بتسميته يوسف تيمنا بالشريف يوسف الهندي . البحث عن الحقيقة جعله يلتحق بجماعة انصار السنة المحمدية حيث التقي برفيق دربه شيخ الامين محمد الامين والتحق ايضا بالجماعة العجيمية في البرصة وفي عام 1946 قاده الاضراب عن زراعة القطن في الجزيرة بتشكيل وعيه السياسي ونضوائه تحت حركة المزارعين الذي وضع اساس تكوينها مع رفيقه شيخ الامين وبقية الرفاق وبينا بالتفصيل مراحل نضالية مختلفة ضد الشركة الزراعية والمطالبة بتكوين اتحادهم بعد معركة نضالية شرسة قاموا خلالها بحتلال ميدان عبد المنعم مجبرين الحاكم العام علي الموافقة بتكوين تنظيمهم اتحاد المزارعين. في الحلقة الثانية تطرقنا الي قيام اتحاد المزارعين وبداية التآمر من قبل الاحزاب والحكومات المتعاقبة والاحداث الشهيرة في مسيرة الاتحاد وتطرقنا الي حادثة عنبر جودة والتي حوكم فيها يوسف احمد المصطفي بالسجن وكان السجين رقم 161 وفي الحلقة الثانية اوردنا مسيرة لجان الاتحاد المختلفة والانجازات والاخفاقات والرؤي المستقبلية في هذه الحلقة الثالثة والاخيرة نتناول مسيرة المناضل يوسف احمد المصطفي عند التحاقه بالحزب الشيوعي ودوره من الصراعات داخل الحزب وموقفه من الحكم المايوي حتي التحاقه بالحركة الشعبية لتحرير السودان.
    مرحلة الالتحاق بالحزب الشيوعي السوداني:
    المناضل يوسف أحمد المصطفي بدأ حياته في رحلة بحث دائمة عن الحقيقة كما أوضحنا ذلك . قادته قناعاته الفكرية الي الانتماء للجماعة السلفية التي تبنت الانجاه الوهابي في نشر الدعوة الاسلامية وتصحيح العقيدة مما علق بها علي حسب رأي الجماعة ( أنصار السنة) من بدع وإنحرافات تسببت فيها الجماعات والطرق الصوفية. الدعوة السلفية كانت حديثة عهد في ذلك الزمان وكانت تمثل اسلوبا خاصا في العبادة وفي الفهم الديني والدنيوي قوبلت بالرفض من قبل بعض الجماعات الدينية وخاصة الصوفية التي تري في إنتشار هذه الدعوة خطر عليها وعلي مستقبل الدعوة الاسلامية والتي تلعب الصوفيه فيها دور مقدر في انتشارها. الترويج للدعوي السلفية في ذلك الوقت له جانب أخطر من الافكار الشيوعية التي تهدد النظم السياسية القائمة ولعل اتجاهات التغيير الثورية تمثل قاسما مشتركا بين هذين الاتجاهين المتوازيين ووقتها كانت السلطات نلاحق الشيوعيين لاعتبارات سياسية معروفة بينما تفعل ذات الشيئ بقيادات الدعوة السلفية.
    يقول المناضل يوسف ، كان التحاقي بالحزب الشيوعي قد املته قناعاتي بالبرنامج الذي كان قد طرحه الحزب وانحيازه التام لحركة المزارعين الثورية والطبقة العاملة بشكل عاموفي ذات الوقت كان برنامج الحزب يلاقي تاييدا مطلقا من جانب المزارعين لملامسته قضاياهم المصيرية بالاضافة الي أم دستور الحزب ينادي بإحترام المعتقدات الدينية ويقف الي جانب ممارسة الشعائراالدينية وهن أضرب لكم مثلا أننا كنا نرفع الاجتماعات لاداء الصلوات ولعل نظرة الحزب الشيوعي تجاه الدين هي التي ميزته عن بقية الاحزاب الشيوعية في العالم ولهذا لم يك الالتحاق بالحزب الشيوعي يشكل خطورة الا علي الانظمة السياسية وإن الهوس الديني الذي نلحظه الآن لم يك موجودا وقتها ولم يك يسمح به إطلاقا .
    يواصل المناضل يوسف " فترة انضمامي بالحزب الشيوعي كانت فترة الجبهة المعادية للاستعمار من خلال نشاطي في حركة المزارعين حيث كان الاستاذ كامل محجوب ( عليه الرحمة ) كان المتفرغ الحزبي بمنطقة الجزيرة مع المهندس عبد الحليم عمر والذي قام بترشيحي لعضوية الحزب وكان من السابقين لعضوية الحزب في تلك الفترة من المزارعين ، شيخ الامين محمد الامين من قرية معيجنة وداؤود عبد الجليل من قرية ( وادي شعير ) وعبد الرحمن الماحي من قرية ( كافي) وأحمد علي الحاج من قرية ( الحلاوين مصطفي قرشي ) وعبدالله محمد الامين برقاوي من قرية ( مناقزا الحلاوين ) وكان التكليف الحزبي ينحصر في العمل وسط المزارعين .
    الهدف الرئيسي هو بناء تنظيم ديمقراطي لحركة المزارعين يقود العمل بضم مجموعات من المزارعين بصرف النظر عن إنتماآتهم الحزبية والطائفية والجهوية لحركة المزارعين المطلبية والتصدي لقضاياهم وخلق علاقات مع الادارة لتقديم الخطط والمقترحات الرامية الي تطوير المشروع وربطه بالتوجه العلمي في جميع المجالات والتوسع بزيادة المساحات ليتحقق بذلك دخول إمتداد المناقل كاحد مشاريع التوسع الافقي ومن ضمن مشاريع التوسع الرأسي قمنا بادخال الميكنة الزراعية لزيادة الانتاج والانتاجية بالاضافة الي إحداث تغييرات في علاقات الانتاج برفع أنصبة المزارعين في الحساب المشترك مع الحكومة .
    من أساليب العمل الجماهيري أثناء أحداث عنبر جودة قمنا بتنظيم المصلين بمسجد وادمدني العتيق عقب صلاة الجمعة لاداء صلاة الغائب غلي ارواح شهداء الاحداث وذلك بميدان الحرية بمدني واثناء تحركنا نحو الميدان تم ‘تقالنا وكنا حوالي 37 شخصا لتتم محاكمتنا في صلبيحة اليوم التالي حيث أصدر علينا القاضي الباكستاني الاصل واسمه بيطار حكما بالسجن لمدة ستة أشهر . علي خلفية تلك الاحداث تم أعتقال مجموعة من الزملاء الشيوعيين في مدينة كوستي ذهبوا الي هنالك أيام الاحداث وتم ترحيلهم الي سجن وادمدني لنترافق داخل السجن وهم عبدالرحمن عبدالرحيم الوسيلة وحسن الطاهر زروق والسر الدبل ومحمد السيد سلام وبعض من القوي الحزبية الاخري بالاضافة الي جبارة أحمد ساوي من وحدة المزارعين .
    عند انقلاب عبود في 1958 أصدر الحزب الشيوعي وثيقة 17 نوفمبر انقلاب رجعي ولحيازتي تلك الوثيقة تم إعتقالي وتقديمي للمحاكمة بالحصاحيصا وحكم علي بالسجن لمدة ستة أشهر وفي سجن الحصاحيصا وجدت مجموعة من الشيوعيين علي رأسهم الاستاذ محمد الجاك ابوشمة والذي كان قد بعث ببرقية استنكار وإدانة للانقلاب مطالبا فيها الفريق ابراهيم عبود وزمرته بالتنحي ليتم القبض عليه مع موظف البريد الذي ارسل البرقية وقتها النقابي المرحوم حسن قسم السيد وكان معنا بالسجن أحمد المصطفي حسين من الحصاحيصا ( والد خالد بكداش قناة ساهور ) وعبدالله الماحي من قرية ( كافي الحلاوين ) حيث ترواحت فترات إعتقالي أثناء الحكم العسكري الأول حوالي العشرة أشهر غير فترات عقوبة السجن والتي بلغن أطولها مدة عام عقب حركة 19 يوليو التصحيحية بقيادة الرائد هاشم العطا عام 1971.
    الوضع السياسي بعد ثورة أكتوبر أصبح ينبئ بتصاعد موجة العداء تجاه الحزب الشيوعي بدوافع الغيرة السياسية من تنامي شعبية الحزب وسط طبقة العمال والمزارعين والقطاعات الاخري من مهنيين وموظفين وطلاب ونساء وشباب . بدأت تحاك المؤامرات علي المواقع التي علي قياداتها الشيةعيين و الديمقراطيين . تآمرت الاحزاب في مرات عديدة لاسقاط إتحاد المزارعين وتواصل مسلسل التآمر بإفتعال حادثة معهد المعلمين وإتخاذها ذريعة لحل الحزب الشيوعي وإبعاد نوابه من البرلمان في أول سابقة لغويض الديمقراطية واستهداف وجود الحزب في الساحة السياسية .
    تلك الاحداث وأخري كانت بمثابة تربة صالحة اتنامي العديد من الاتجاهات الفكرية الثورية وسط قوي اليسار بمن فيهم الشيوعيين والديموقراطيين من أجل وقف العداء والمد المعادي للتوجه التقدمي والديمقراطي . من بين الاتجاهات الثورية وقتها المطالبة بضرورة تأمين مسيرة تحالف قوي اليسار المستهدف وذلك عبر استنفار القوي الثورية داخل الجيش لاحداث تغيير سريع يقطع الطريق أمام قوي اليمين المتحاف لضرب اليسار وكان نتاج ذلك انقلاب 25مايو1969 أحد إفرازات الصراع الفكري والذي حسم بواسطة الضباط الاحرار أحد فصائل القوي الثورية وذلك باستلامه لمقاليد الحكم ليضع كل القوي الثورية أمام الامر الواقع في إمتحان تاريخي ..
    بدأ الصراع الفكري يأخذ أبعادا كثيرة في تقييم ما حدث في 25 مايو ، هل هو إنقلاب أم ثورة ومن ناحية أخري كان هنالك صراعا من نوع آخر تحكمه أجندة شخصية محورها إستهداف شخص الامين العام الاستاذ عبدالخالق محجوب يقوده بعض أعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي والذين وجدوا السانحة المناسبة لتصفية حساباتهم وكانت نتيجة ذلك إنقسام الحزب وما ترتب عليه من أحداث كان لها تأثيراتها في فصول من تاريخ السودان المعاصر .

    ***************
    احمد سليمان كان الوحيد الذي يعلم بانقلاب مايو!
    ()تم إخفاء انقلاب مايو عن عبدالخالق حتي لا يفشله!
    () برقاوي كاد أن (يطخ) أحمد سليمان بمسدسه!
    نواصل في سيرة المناضل يوسف احمد المصطفي حيث تعرضنا في الحلقات الماضية عن خلفية المناضل الشخصية وتربيته الدينية التي أهلته للبحث عن الحقيقة وتاثير التربية الصوفية اذ ينحدر من بيت يدين جده الاكبر أحمد المصطفي بالولاء الطائفي للشريف يوسف الهندي ولعل هذا ما دفع والده بتسميته يوسف تيمنا بالشريف يوسف الهندي . رحلة البحث عن الحقيقة جعلته يلتحق بجماعة انصار السنة المحمدية حيث التقي برفيق دربه شيخ الامين محمد الامين والذي كان من الجماعة قبل ان يصير شيوعيا .التحق ايضا بالجماعة العجيمية في البرصة وفي عام 1946 قاده الاضراب عن زراعة القطن في الجزيرة بتشكيل وعيه السياسي وإنضوائه تحت حركة المزارعين الذي وضع اساس تكوينها مع رفيقه شيخ الامين وبقية الرفاق وبينا بالتفصيل مراحل نضالية مختلفة ضد الشركة الزراعية والمطالبة بتكوين اتحادهم بعد معركة نضالية شرسة قاموا خلالها بحتلال ميدان عبد المنعم مجبرين الحاكم العام علي الموافقة بتكوين تنظيمهم اتحاد المزارعين. في الحلقة الثانية تطرقنا الي قيام اتحاد المزارعين وبداية التآمر من قبل الاحزاب والحكومات المتعاقبة والاحداث الشهيرة في مسيرة الاتحاد وتطرقنا الي حادثة عنبر جودة والتي حوكم فيها يوسف احمد المصطفي بالسجن وكان السجين رقم 161 وفي الحلقة الثانية اوردنا مسيرة لجان الاتحاد المختلفة والانجازات والاخفاقات والرؤي المستقبلية في هذه الحلقة الثالثة قبل الاخيرة نتناول مسيرة المناضل يوسف احمد المصطفي عند التحاقه بالحزب الشيوعي .في الحلقة الثالثة تناولنا مرحلة إنضمامه للحزب بعد ان كان دائب البحث عن الحقيقة عند انتمائه لكافة التيارات الدينية والطرق الصوفية ليستقر في دروب النضال عبر حركة المزارعين عضوا في الحزب الشيوعي . استعرضنا في الحلقة قيل الاخيرة الرعيل الاول من حركة المزارعين في الحزب الشيوعي وتاريخه النضالي وتعرضه للملاحقة والاعتقالات مستذكرا افرازات العدائ للحزب وظهور بوادر الانقسام حول تثييم مايو هل هي ثورة أم انقلاب نواصل الحلقة الاخيرة من هذا التوثيق ونختتم بتجربة أخطر الانقسامات التي حدثت في الحزب الشيوعي السوداني وتسببت في ما بعد في الهجمة الدموية علي الحزب بعد حركة يوليو التصحيحية والتي عرضت قيادات الحزب وعضويته للاعدامات والمعتقلات والتشريد .

    تجربة الانقسام في الحزب الشيوعي السوداني
    يواصل المناضل يوسف أحمد المصطفي ثقب ذاكرة الاحداث حول الانقسام الذي حدث عقب إنقلاب مايو والذي نظمه الضباط الاحرار وكان جعفر نميري رئيسا لمجلسه العسكري. يبدأ يوسف حديثه بأن تجربة الانقسامات في تاريخ الحزب الشيوعي لم تحظ بالتناول والبحث لمعرفة الاسباب والدوافع الحقيقية من خلفية المخزون المعرفي كأحد مرجعيات تقييم التأثيرات الفكرية باعتبارها نواة يتفتق منها الصراع وسط عضوية الحزب وتقييم جدوي وفعالية آليات إدارة الصراع الفكري داخل اروقة الحزب وتحديد الفاقد والخسائر والازمات وخمائر العكننة التي تترسب في كيان الحزب والمطلوب هو الاجابة علي كثير من الاسئلة التي ظلت تطرح علي الدوام حول الديمقراطية المركزية كأحدي آليات أدارة الصراع الفكري وعجزها في سد منافذ تسرب الصراع وإندلاقه الي حد الانقسامات . هنالك سؤال يجب ان تكون الاجابة عليه بكل شفافية ووضوح الا وهو ، لماذا ترتبط انقسامات الحزب بانظمة الحكم الشمولية العسكرية بالاضافة الي العديد من الاسئلة التي لم تثار بعد وبعد التجارب التي لم تجد الطريق الي البحث والتحليل لاستخلاص بعض الحقائق الغائبة حتي لا يصبح النقد الذاتي مجرد بيروقراطية لائحية أو سيفا مسلطا في وجه العضوية أو وسيلة إذلال وإنكسار تستهدف منطقة محرمة في الكبرياء السوداني تشكل عقبة كؤود أمام أمام إثراء الصراع الفكري و تطوير أدوات العمل الحزبي التي يقع عليها عبء تحسين الاداء الحزبي وتجويده. تجربة الانقسام في الحزب الشيوعي تحتاج لفتح جميع ملفاتها من واقع أن مياه كثيرة مرت تحت الجسر وأن هناك كثير من عضوية الحزب تأثرت بفترة الانقسامات ولم تسمح ظروف العمل السري وتأمين جسد الحزب من فتح دائرة النقاش بإعادة كثير من الاعضاء ظلوا خارج الاطار الحزبي المنظم بتأثير الانقسام أو أي اسباب أخري ولم ( يأذوا ) أو ( يخونوا) الحزب بل دافعوا عنه بشراسة تفوق بعض الاعضاء المنتظمين ولعل هذه واحدة من التعاليم التي تشربناها في الحزب والتربية الملتزمة التي حرصنا عليها ولن نحيد عنها حتي ونحن بعيدين عن الحزب حاليا.
    من خلال تجاربي مع الانقسامات أذكر أول تجربة صراع فكري لي خضتها الي حد الانقسام كانت في منطقة الجزيرة عندما كان الاستاذ يوسف عبدالمجيد المسئول السياسي والذي اصدركتابا بعنوان ( فقراء الريف ) قام من خلاله ترجمة التجربة الصينية والتي تأثر بها مع بعض الرفاق الذين إنقسموا علي الحزب و كونوا ما يعرف بالقيادة الثورية ، بعد نقاش طويل ومتواصل إنضممت لهذه الجماعة الثورية إلا أن ذلك لم يستمرطويلا حتي أعلنت عودتي الي صفوف الحزب مرة أخري وبعد نقاش طويل قاده الزملاء عبدالله عبود ومختار عبيد المسئول السياسي آنذاك .
    مايو الانقلاب والانقسام :
    انقلاب مايو رفع كل شعارات الحركة الثورية التي كان ينادي بها الحزب الذي فوجئ هو الآخر بهذا الانقلاب. احمد سليمان المحامي عضو المكتب السياسي للحزب كان الوحيد الذي يعلم بهذا الانقلاب وبكل تفاصيله دون أن يضع الحزب في ( الصورة ) وذهب أكثر من ذلك إذ أنه طلب من البعض عدم إبلاغ الاستاذ عبدالخالق محجوب سكرتير الحزب حتي لا يقوم بإفشال الانقلاب لانه كان يرفض مبدأ الانقلابات لاستلام السلطة . لم يك أحد يتصور أن يقوم الحزب بمعارضة الانقلاب الذي جاء ببرنامج الحزب والحركة الثورية . لكن المبدئية تفرض علي الحزب أن يسجل موقفا للتاريخ حول هذه التجربة والخروج منها بموقف موحد إمتثالا لمبدأ الديمقراطية المركزية داخل المؤسسة الحزبية .
    منذ اليوم الثالث للانقلاب أي في 28 مايو قمت أنا وعبدالله محمد الامين برقاوي وشيخ الامين محمد الامين والسر عبدالخالق ومحمد الجاك ابوشمة بإعلان تأييدنا للانقلاب دون مشورة الحزب وذلك باسم حركة المزارعين لتقوم الاذاعة بعد ذلك بترديد تأييدنا علي مدي ساعات البث باستمرار ولايام عديدة ، عند رجوعنا من القيادة العامة ذهبنا الي مركز الحزب لتبليغ ما قمنا به باسم وحدة المزارعين وهنالك وجدنا الزملاء من سكرتارية اللجنة المركزية واذكر منهم الجزولي سعيد وسليمان حامد الذي طلب مننا مغادرة المركز لاننا قمنا من وراء الحزب بتأييد الانقلاب وكان علينا الالتزام بتوجيهات الحزب لاننا شيوعيون قبل أن نكون حركة مزارعين ليقوم بقفل اي باب للنقاش او تبرير ما قمنا به وكانت لهجة سليمان حامد قاسية وتحمل معني الطرد . عند رجوعنا للجزيرة قمنا بتبليغ الزميل ابراهيم حاج عمر المسئول السياسي ومحمد عوض عبد الباقي المسئول التنظيمي بما قمنا به في الخرطوم وما دار في مركز الحزب و ماقام به الزميل سليمان حامد . بعد قرار الحزب بالمشاركة في موكب التأييد في 2 يونيو الشهير قمنا أيضا بالمشاركة فيه . عندما بلغ الانقسام أشده حول تقييم الانقلاب داخل اللجنة المركزية وقيام 13 عضو سكرتارية بتأييد عبدالخالق محجوب السكرتير العام و12 عضو مع معاوية سورج بدات حملات الاستقطاب والطرد من عضوية الحزب حيث تم كل ذلك في مديرية الحزب بالجزيرة والتي تم فصل مجموعة كبيرة منها كنت أنا من ضمنهم حيث كنت عضوا مرشحا للجنة المركزية في ذلك الوقت .
    عقب انقسام اللجنة المركزية عقدت مجموعة معاوية سورج إجتماعا تداوليا بمنزل أحمد سليمان المحامي في مدينة بحري وفي ذلك الاجتماع تم إعلان الانقسام وتأييد مايو بوضوح شديد وبدون تحفظ وسمي الجناح المنشق باسم الحزب الشيوعي أيضا .
    صراعات داخل الانقسام
    بعد اربعة أشهر من قيام مايو، قام وزير الزراعة عثمان ابوالقاسم هاشم بمخاطبة ليلة سياسية في قسم المسلمية بالجزيرة في إطار التحضير للاحتفال في وادمدني لتكريم عبدالجليل حسن عبدالجليل بمناسبة تعيينه وزير دولة بوزارة الزراعة . في تلك الليلة السياسية بدأت تتكشف لنا حقيقة المؤامرة التي كانت تحاك ضد الحزب الذي تعرض لهجوم شديد من قبل الوزير الذي نعت الشيوعيين بكل ما استطاع من وصف وكذلك أساء الي إتحاد المزارعين وقياداته وطالب المزارعين بلهجة آمرة بالتوقيع القسري بسحب الثقة من شيخ الامين محمد الامين رئيس الاتحاد المنتخب شرعيا وتعيين بدلا عنه عبدالرحيم أبوسنينة رئيسا وداؤود عبدالجليل سكرتيراً ومنذ تلك الوهلة عرفنا أن هذا النظام معاد للشيوعيين ولا يخدم سوي الانتهازيين وسط حركة المزارعين.
    بعد ندوة المسلمية الشهيرة تلك ذهبنا الي الخرطوم لمقابلة اللجنة المركزية للانقساميين ( مجموعة معاوية سورج ) ونقلنا لهم ما دار بالجزيرة ومن تصرف الوزير عثمان ابوالقاسم وكان الاجتماع بحضور معاوية سورج ، عمر مصطفي المكي ، الطاهر عبدالباسط وشخصي ، محاسن عبدالعال و محمد الجاك ابوشمة وخليل ابوزيد ، السر مكي وعبدالله محمد الامين برقاوي الذي قام بمهجمة معاوية ابراهيم سورج ووصفه بالمتآمر علي تصفية واستهداف الحزب و الشيوعيين لتنهال الاتهامات بعد ذلك علي سورج الذي قال لبرقاوي (( ياخي إنت ما شيوعي ودي شيوعية شنو دي ؟؟) في اللحظة لم يتمالك برقاوي نفسه وقام بفتح شنطته واخرج منها مسدسه وهم بإستعماله لولا تدخل عمر مصطفي المكي الذي جنبنا حدوث كارثة محققة ليعلن بعدها فض الاجتماع ورجعنا الي الجزيرة وكانت تلك آخر علاقة لي بالعمل السسياسي ضمن مجموعة معاوية سورج .
    وحول تجربة يوسف أحمد المصطفي مع الانقسام والتي قام بسردها دون ان يقوم بإخفاء أي معلومة ما ، اللهم الا إذا كانت الذاكرة لم تسعفة في استذكار بعض التفاصيل التي قد تقود الي المزيد من التوثيق لتلك الفترة . من هنا يبرز سؤال يفرض نفسه ، لماذا لم يقدم يوسف أحمد المصطفي نقدا ذاتيا لتجربته مع الانقسام كما تقتضي لوائح الحزب أسوة بما قام به بعض الاعضاء ، في إجابته علي هذا السؤال قال يوسف ، اولاً تم طردي من الحزب في ظروف أعتبرها غير عادية وفيها أجندة خاصة وشخصية من قبل البعض ولم تتوفر الاجواء الصالحة والسليمة التي يجب توفرها للصراع الفكري وما قمنا به من تأييد للانقلاب كنا نحسبة لا يستوجب النقد لانه تم بصفة غير حزبية والحزب بعد ذلك قام بتأييد الانقلاب كما هو معروف وما حدث يدخل ضمن النواحي التنظيمية والتي كانت مرتبكة في كثير من الاحيان وتتحمل القيادة الحزبية الجانب الاكبر في هذا الارتباك لعدم احتوائها لهذا الانقسام الذي كان يحمل الكثير من المواقف والتبريرات وتم فيه استعمال اساليب غريبة علي العمل الحزبي من خلال شخصنة بعض القضايا وظهور الكثير من حالات الاستقطاب وتأثير الشلليات (( ناس كتار اتخموا واتخذوا مواقف فاقمت من حدة الانقسام )) وكان التعامل وقتها (( البرا برا والجوا جوا )) هنالك مواقف كثيرة تغلبت عليها الاعتبارات الشخصية والصداقات وغيرها من مواقف لا تمت للصراع الفكري بشي وعموما تجربة الانقسام تحتاج الي وقفة جادة من قبل الحزب والمنقسمين لتوضيح بعض الحقائق الغائبة ورد إعتبار للبعض وإثراء جبهة العمل الفكري والصراع السياسي توثيقا لمرحلة هامة من تاريخ الحزب .
    لم تنقطع ارتباطاتي وصلتي بالعمل السياسي وعلي هدي توصيات المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي السوداني (( أجعلوا من الحزب الشيوعي قوة جماهيرية كبري )) قمنا بتأسيس اتحاد القوي الوطنية الديمقراطية والذي عملنا من خلاله فترة من الزمان إلا انني في العام 1995 أعلنت إنضمامي للحركة الشعبية وحضرت مؤتمرين للحركة في أسمرا ومصوع وكانت تربطني علاقات حميمة بالرفيق جون قرنق والذي يحفظ لي ودا خاصا وتربطني معه ذكريات ارجو أن يتسع المجال لذكرها.
    حول فترة ارتباطي والتزامي الحزبي التي أعتبرها من أنصع وأغني مراحل حياتي لم أندم عليها رغم المصاعب التي واجهتني وإذا ما تيحت لي فرصة أختيار أن، أبدأ حياتي من جديد فلن أتردد مطلقا في إختيار نفس الطريق الذي سرت فيه لان ما أكتسبته من إنضمامي الحزبي لا يمكن حصره ويكفي أن الحزب قام بتربيتي ثوريا مقاتلا من اجل هذا الوطن وادين للحزب بكل حصيلتي الفكرية وتماسكي الروحي والنفسي .
    من الشخصيات الحزبية التي عملت معها و تأثرت بها كثيرا أخص منهم الاستاذ كامل محجوب وابراهيم حاج عمر ، يوسف عبدالمجيد ، محمد علي محسي ، الطاهر عبدالباسط و آخرون أما علاقتي بالقيادة الحالية فهي علاقة زميل سابق يحفظ كل الود للجميع ولا عداء بيننا لانه لايوجد ما يستوجب العداء وارجو أن يتواصل الود بيننا من خلال القاءات والزيارات

    (عدل بواسطة الكيك on 09-09-2015, 07:32 PM)

                  

08-28-2015, 04:09 PM

محمد نور عودو
<aمحمد نور عودو
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 6230

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المواطن - يوسف احمد المصطفى -مناضل سودانى (Re: الكيك)

    ربنا يرحمه و يغفر له و يجعل مثواه الجنه ويجعل قبره روضه من رياض الجنه
    وربنا يصبركم و احسن الله عزاكم‏
                  

09-03-2015, 05:57 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المواطن - يوسف احمد المصطفى -مناضل سودانى (Re: محمد نور عودو)

    يوسف احمد المصطفى...رائد من رواد الأحلام الكبرى،


    09-03-2015 03:10 PM
    صديق عبد الهادي

    (1)
    ما من احد اظنه ينسى ذلك البوستر الدعائي الشهير وفي إطاره تلك الصورة الكارزمية للمناضل الراحل شيخ الامين محمد الامين، وبتلك اللحية المميزة التي كانت تجمع بين جلال الصوفية وثورية جيفارا.

    كان ذلك في اوائل سنوات النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي. فلقد كانت تلك الصورة تزين حوائط قرى مشروع الجزيرة، على طوله وعرضه. وهي السنوات التي لم تظهر فيها الجزيرة كقلعة للنضال وحسب وانما كقاطرة للتوجه الديمقراطي الحقيقي الذي اصبحت تخطو على اعتابه كافة البلاد، حينها.
    كان ذلك الخطو حلما جميلاً ومشروعاً، وفي وقت لم يزل يتردد فيه، وفي ارجاء الوطن قاطبةً، صدى المقاومة الباسلة للمزارعين ضد المستعمر، ومن ثم العسكر.

    كان المناضل الراحل عمنا يوسف احمد المصطفى واحداً من ركائز تلك المقاومة الباسلة، وواحداً ممن صاغوا مشروعية ذلك الحلم الجرئ.

    (2)
    إن اي مفكر رصين، او اي مؤرخ مجوِّد سوف لن تكتمل رصانته او يرقى تجويده عند التصدي لامر حداثة السودان إذا لم يتوقف مليئاً عند ذلك الانعطاف التاريخي، الذي ترتب على بروز تلك القيادة النوعية التي خرجت من بين "القرى" و"الحلال" في مناطق الانتاج الحديث، اي في مشروع الجزيرة. قيادة جديدة تحمل نوعاً جديداً من الخطاب والتفكير على غير ما اعتاد الناس عليه، سيما في ظل الاستعمار. خطابٌ وتفكيرٌ حديثان!!!.
    إجتمع الامين محمد الامين، ويوسف احمد المصطفى، واحمد علي الحاج، واحمد مصطفى ابو عاقلة وعبد الله محمد الامين برقاوي، في عام 1952، وخطوا خطوتهم الاولى، والتي قد لم يكن وارد في حسبانهم، وقتها، انهم كانوا يضعون بها مدماكاً مكيناً في بناء مسيرة السودان نحو حداثته، تلك المسيرة التي بدأت عندما بدأت تتخلق العلاقة، وبشكل لا يقبل التاويل، بين العمل والراسمال، وبين القوى المنتجة والاجر المدفوع في بلاد السودان عند نهايات الربع الاول من القرن التاسع عشر الميلادي.
    إن مشروع الجزيرة كان يمثل واحدة من المحطات الابرز في نضوج التطور الرأسمالي. وكذلك، وبما إنتظم الحياة فيه من انتاج حديث، اصبح يمثل احد اهم حواضن تلك العلاقات الحديثة المتخلقة. مما اهله ليضحى، وبذاك المعنى، القلب الحي لحداثة السودان ومستقبلها، ودونما منازع.
    إلتقط يوسف احمد المصطفى ورفاقه الحاح تلك اللحظة واستجابوا لضرورة ذلك التطور، مدفوعين وبما يشبه الإلهام!!!.


    اصدروا بيانهم الاول، فجاء مفعماً وبكل ما يحمله البيان الاول من عنفوانٍ وتطلع. لم يحتاجوا القول كما فعل كارل ماركس ورفيقه فردريك انجلز في مطلع بيانهم الشهير، "البيان الشيوعي" بأن "هناك شبحٌ يلاحق اوربا العجوز"!!!. لم يحتاجوا لذلك القول وذلك لعدة اسباب، واحدٌ ومن اهمها النهوض الباكر لعمال السودان وإنتظامهم في هيئة شئونهم، ومن ثم بدءهم مجابهة المستعمر في معركة انتزاع الحقوق على نحوٍ من ستة اعوام قبل صدور البيان الاول لحركة المزارعين هذه.
    كان مطلبهم الاساس في ذلك البيان هو "قيام اتحاد للمزارعين"!!!، بديلاً عن هيئة المزارعين صنيعة المستعمر. لم يمض عام حتى تحقق ذلك الحلم. وذلك بعد ان احتلت جموع المزارعين ميدان عبد المنعم في 29 ديسمبر عام في 1953، في اول عملٍ ذي عمقٍ شعبيٍ ومنظم في مواجهة المستعمر، لم تشهده البلاد منذ هزيمة ثورة 1924 .
    وقد شهد رفاقه، بان الراحل يوسف احمد المصطفى كان العقل المنظم من بين منْ كانوا وراء ذلك الحدث الذي وسم تاريخ السودان الحديث إلى يومنا هدا.

    (3)
    كان هناك عددٌ من الناس، بمنْ فيهم المثقفون المنتفعون وغير المنتفعين كذلك، يعتقدون ان حكوة "البنك الدولي وسياساته" هي كما حكوة "العنقاء"، ومن نسج خيال القوى الوطنية الديمقراطية. تلك القوى التي كان ان انحاز لها جذرياً وعضوياً الراحل يوسف احمد المصطفى ورفاقه من مؤسسي حركة المزارعين. كان ذلك هو الإعتقاد الواهم لاولئك النفر من الناس إلى ان بان لهم ان البنك الدولي لم يكن بحقيقة فاقعة وحسب وإنما لم يكن بمقطوع النسب، إذ له حماته ووكلاؤه وربائبه، اولئك الذين ظلوا يتناسلون على مر تاريخ المشروع حتى انجبوا الرأسمال الاسلامي الطفيلي في عصرنا الحاضر، واورثوه وجوب طاعته، والتي قام بها على نحوٍ كامل!!!.
    اسست القوى الوطنية الديمقراطية وسط المزارعين في مشروع الجزيرة اكبر وانجح حركة تعاونية في تاريخ السودان، هذا إن لم تكن في تاريخ افريقيا والشرق الاوسط. كان الراحل يوسف احمد المصطفى من مؤسسيها، ممثلاً لاتحاد المزارعين ومسئولا عنها.
    إن واحداً من مهام تلك الحركة التعاونية كنشاط إقتصادي إجتماعي، هو هزيمه إحدى اهم ركائز الفكر الاقتصادي الراسمالي، تلك التي انبنت عليها سياسة البنك الدولي، وهي ان كبر وإتساع حجم الوحدات الانتاجية لا يمثل فقط سبباً لضمان الجدوى الاقتصادية وإنما هو ضرورة للسير في طريق الرفاه!!!. بمعنى ان البنك الدولى كان يرى بل سعى ويسعى لالغاء وجود شكل الحيازات الراهنة، تلك التي انبنى عليها مشروع الجزيرة، وليتم تمليكه وإدارته بواسطة عدد قليل من المؤسسات، ومن ثم تحويل السواد الاعظم من المزارعين لعمال زراعيين واجراء.!!!.
    هذه هي القناعة التي أرضعتها دوائر الرأسمال الغربي لربيبها الاسلامي الطفيلي، التي وبسببها لم يتوان الراسمال الاسلامي ولو للحظة في تنفيذ مهمة الانقضاض المدهش ومن ثم القضاء على كافة المؤسسات التعاونية التي انشأها المزارعون خلال الخمسين عام الماضية. وإذ ازالها من الوجود بين ليلة وضحاها!!!. وتلك حادثة من حوادث النهب الإقتصادي التي سيؤرخ لها، في التاريخ المعاصر، بانها الوحيدة التي قد تفوق خسائرها الفاجعة خسائر الحروب والزلازل الطبيعية!!!.
    إن الحركة التعاونية في مشروع الجزيرة فعلٌ خَيِّرٌ، وحلمٌ كبير حققه الراحل يوسف احمد المصطفى ورفاقه، والآن تحاول الحركة الاسلامية إجهاضه بابتلاعه. ولكن سيكون ذلك الى حين، لانها، ولما بينها ومزارعي الجزيرة من تاريخٍ للغبن مشهود، تعلم الحركة الاسلامية ان إبتلاعها لتلك الممتلكات سيكون بالنسبة لها كابتلاعها لـ"آخر زادها"!!!.

    (4)
    يحتفي منظرو الاقتصاد السياسي في العالم بتجربتين انسانيتين، وذلك لما احدثاه من تحولٍ بائنٍ في تاريخ الاقتصاد السياسي للعالم. الاولى، وهي تلك التي اصبحت تعرف في الادب الاقتصادي الحديث بـ "تجربة صانعي مقاعد الخيزران في قرية جبرا" في دولة بنغلاديش. وهي تجربة "التمويل الاصغر" التي اسسها وقادها بنجاح الاقتصادي البنغالي د. محمد يونس، والتي اهلته لنيل جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2006. ولقد تمت إعادة إنتاج تلك التجربة على مستوى العالم كاداة فاعلة لمحاربة الفقر.
    اما التجربة الثانية، فهي تلك المنسوبة لاولئك الفلاحين الثمان عشرة من قرية زياوغانغ الفقيرة في ولاية آنهوي بجمهورية الصين الشعبية، الذين وقعوا تعاقداً سرياً فيما بينهم ليحتفظوا ببعض انتاجهم لانفسهم ومن ثمَّ تسويقه سراً بدلاً من تسليمه للدولة، وكان ذلك في ديسمبر من عام 1978!!!. وهي التجربة التي يُزعم بانها فتحت الطريق لجمهورية الصين نحو اقتصاد السوق بعد ان توقف عندها الزعيم الصيني دينغ زياوبنغ، الرجل الذي أرتبطت به مسيرة الصين نحو ما يسمى بالاصلاح، او بالاحرى مسيرة الحاقها بدوائر الرأسمال العالمي، ولتصبح ملكية اكثر من الملك!!!.
    إن تجربة حركة المزارعين في السودان والتي اسس لها مزارعو الجزيرة والمناقل وفي قلبها اتحادهم تحت قيادة مؤسسيه الاوائل، والذين كان من بينهم الراحل يوسف احمد المصطفي قد تكون حركة ذات تأثير تاريخي في حقل الاقتصاد السياسي يفوق تاثير تينك التجربتين المذكورتين، إذ انها اسهمت في ترسيخ وعي حقوقي تعدى الحيز الفئوي ليطول القضايا والهموم الوطنية الكبرى، تلك التي ارتبطت بالتحولات التاريخية في السودان. وقد تكون تلك هي الحقيقة التي تفسر صمود المزارعين وبقاءهم في وجه حملات الفناء التي لم تتوقف ابداً، وخاصة تحت ظل الانظمة القمعية الذليلة!!!.
    لم تتفوق حركة المزارعين السودانيين في ذلك لوحده، وانما على جانب آخر اكثر عمقاً، وهو ان حركة المزاعين الديمقراطية قدمت اسهاماً نظرياً مشهوداً، وهو قولها بان بقاء المحتوى الثوري لحركة المزارعين متقداً ومتماسكاً رهينٌ بضرورة التحالف بين فقراء المزارعين والعمال الزراعيين في مشروع الجزيرة. ولكن، الآن اصبح ماعون ذلك التحالف اوسع ليشمل العمال الزراعيين وكل مزارعي المشروع وذلك بعد حالة الافقار الكاملة التي اضحى يعيشها كل اهل المشروع جراء السياسة التي تقوم بتنفيذها الراسمالية الطفيلية الاسلامية الان.وبالفعل جاء ميلاد تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل والذي ساهم في تاسيسه ايضاً الراحل يوسف أحمد المصطفى.
    فلقد كانت تلك مساهمة نظرية نيرة ما زالت تضيئ طريق النضال الطويل امام حركة المزارعين، التي ساهم الراحل يوسف احمد المصطفى ورفاقه، إن كان على الجانب النظري او العملي، في وضع "الساس" المتين لها.

    (5)
    وها هو الآن يترجل راحلاً، مكللاً بالرضا وبر الناس بعد مسيرة نضالية وضيئة.
    ودعه عارفو فضله وتضحياته. ودعه مزارعو الجزيرة الذين، وعلى العكس تماماً، ربوا كل المناضلين وليس الشيوعيين لوحدهم، فاحسنوا تربيتهم، علموهم فاجزلوا في تعليمهم، ومن ثم أدبوهم فأوفوا في تأديبهم، مما وقف حائلاً بينهم والعقوق!!!.

    (6)
    درجت شعوب الإنكا العريقة، بناة الحضارة في امريكا الجنوبية، على الذهاب بموتاهم من الملوك إلى أعالي الجبال بحسب انهم يستحقون ، ولرفعتهم، ان يُسْجوا بين الغمام. ونحن ايضاً نضعهم بين الغمام، وبل عالياً، وكما يستحقون، فوق ذرى المجد وذلك بالخطو الثابت على دروبهم الشاقة التي مشوها.
    في صعوده درج البلاغة مأخوذاً بسحر الكلِم فيها، لم يتمم الامام علي، رضي الله عنه، خطبته المعروفة بـ"الشِّقشِقية" لان احدهم قطع عليه تدفق فكره وبيانه، فرجاه ابن عباس ان يتممها، فأجابه، "هيهات يا بن عباس! تلك شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ!. فتأسى ابن عباس قائلاً، "فوالله ما اسفت على كلامٍ قط كأسفي على هذا الكلام ألا يكون امير المؤمنين بلغ منه حيث أراد".
    كفى "خالد" الناس قول إبن عباس، فقد صدح حينما هدرت شقشقة الحق، وغرغرت في صدره ولم يدعها تُقِر، فقالها في حضرة ذلك الجسد الطاهر المسجي، "عاش كفاح المزارعين"، فيا له من هتاف، ويا له من وداع!!!. تقشعر له الابدان!!!.
    قال "خالد" ما كان سيقول به والده، شيخ الامين، رحمه الله، لو قُدِر ان يكون في وداع رفيق دربه وخدن نضاله.
    فلترقد روحاهما الطيبتان في سلام.

    والمجد والخلود لمؤسسي حركة مزارعي السودان.

    (*) مراجع تمت الاستفادة منها في كتابة هذا المقال:
    1- زاباتا، ايديولوجية فلاح ثائر، روبرت ب. ميلون، باللغة الانجليزية.
    2- مشاوير خضراء، المرحوم عبد الله محمد الامين برقاوي، تقديم محمد عبد الله برقاوي، منشور على موقع الحلاوين الالكترروني بواسطة سليمان محمد وقيع الله.
    3- البيان الشيوعي، كارل ماركس وفردريك انجلز، باللغة الانجليزية.
    4- مؤسسة الصين، تيد س. فيشمان، باللغة الانجليزية.
    5- تلك الأيام، المرحوم كامل محجوب.
    6- نهج البلاغة، الإمام علي بن ابي طالب، تحقيق وشرح محمد ابو الفضل ابراهيم.
    7- حوار مع الراحل يوسف احمد المصطفى، الكاتب والصحفي حسن وراق.
    8- مقال في وداع الراحل عمنا يوسف أحمد المصطفى، الكاتب والصحفي حسين سعد.
    9- رسائل شخصية مع الاستاذ محمد الطيب العاقب.
    10- مشروع الجزيرة وجريمة قانون 2005، صديق عبد الهادي.
    11- مشروع الجزيرة وبؤس الحركة الاسلامية، تحت النشر،

    صديق عبد الهادي.
                  

09-09-2015, 07:27 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المواطن - يوسف احمد المصطفى -مناضل سودانى (Re: الكيك)

    وداعا المناضل يوسف احمد المصطفي‎

    السجين رقم 161 في احداث عنبر جودة

    عمي يوسف احمد المصطفي: دخري الغلابة وحواشة للضعاف مزروعة

    الخرطوم:حسين سعد

    رحل عنا يوم الجمعة الموافق 21 أغسطس 2015م المناضل الجسور يوسف أحمد المصطفي بعد مسيرة حياة حافلة بالبذل والعطاء والتضحيات،(عمي يوسف) والذي سبق وان أجريت معه حوار صحفي لصالح صحيفة الايام قبل سنوات قليلة مضت بمنزله بقرية صراصر بالجزيرة كان يحمل هم مشروع الجزيرة،وكانت عبارات الاسي تخرج متقطعة عند حديثه لواقع الحال بالمشروع ويردد(أين كنا والي اين وصلنا اليوم) من المحرر هذا الحديث وقتها دفعني لاستعادة زكريات غناء مصطفي سيد احمد برائعة الشاعر الراحل المقيم محمد الحسن سالم حميد :عم عبد الرحيم التي يقول فيها(وأرضك راقدي بور لاتيراب وصل ..ولا بابور يدور)
    (عمي يوسف) ورفيقه دربه ونضالنا قائدنا شيخ الامين كانوا اول من (وضعوا ساس) حركة المزارعين (طوبة طوبة) وطافوا علي القري والتفاتيش (ترعة ترعة وحواشة حواشة) تعرض (عمي يوسف) للسجن والاعتقال والتشريد والمحاكمات حيث كان السجين رقم (161) في حادثة عنبر جودة، وبالرغم من تلك الاهوال والمحاكمات الكيدية والاعتقالات التي لم تتوقف الا ان (عمي يوسف) كان كالجبل صامداً في وجه الطغاة، مدافعاً عن أوجاع المزارعين حتي أصبح عنواناً للصمود والجسارة ولم يتوقف عن النضال حتي رحيله.وفي قريتنا بالجزيرة وعندما كانت حركة المزارعيين (تهز وترز) كان اعمامي وكبار رجال قريتنا يتحدثون عن جسارة (شيخ الامين ويوسف احمد المصطفي) الذين يستحقوا ان نغني لهم كما تغني (عود الصندل) مصطفي سيد
    سميت المدن النايمة
    المدن التصحى فى حين
    تترجى خطى العمال
    اصوات الفلاحين
    دخل(عمي يوسف) مسيرة النضال والعمل الثوري وطوي مراحله المختلفة،وكان وفياً وشجاعاً تذوق مرارة الحياة أشكالا، لكنه لم يهدء من نضاله ثانية واحدة ومر بالسجون مرات وعانى مضايقات الاعداء بكافة ألوانها لكنه صمد مقدماً نموزجاً باهراً ورمزا في النضال والصمود.
    اليوم نحن لانبكي(عمي يوسف)بل نقول له كما قال شاعر الشعب محجوب شريف
    تبكيك الحروف كيف والبيوت مفجوعه
    كم ناحن قماري تئن عليك موجوعه
    قوقاين كتم اصواتو مو مسموعه
    كان دخري الغلابه ولقمتن في الجوعه
    كان حواشه بالخير لي الضعاف مزروعه
    كان جزلان عديمه ولي ضلامه شموعه
    يدي الفي ايدو منها يلقي لحسة كوعه
    ماشفت البشيعوا والبتبكي جموعه
    بي وسع البلد ضاق بينا ياخي ربوعه
    من يات فج وفج الناس دي جات مدفوعه
    مافضل نفر الا الكسرت ضلوعه
    (عمي يوسف) لن يموت فهو حاضر في كل بيان لتحالف المزارعين وهو حاضر في حواشات الجزيرة وقراها وكنابيها ومدارسها وأسواقها وميادين كرة القدم وحاضر في فيافي دارفور وجبال النوبة الشامخة وشرقنا الغالي وخيران النيل الازرق.
    (عمي يوسف) نقول له كما قال قاسم أبوزيد: ﺳﺎﺋﻠﻴﻦ ﻋﻨﻚ ﻳﻮﻣﺎﺗﻲ
    طوريتك ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻴﻦ ﻣﺮﻣﻴﺔ
    ﻭﻛﻮﺭﻳﺘﻚ ﻳﺎﺑﺴﺔ ﻭﻣﺠﺪﻭﻋﺔ
    ﺍﻟﻠﻬﺐ ﺍﻟﻀﻮﻯ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻗﻨﺎﺩﻳﻞ
    ﺍﻟﺘﻌﺐ ﺍﻟﻤﺪ ﺿﺮﺍﻉ ﺍﻟﻨﻴﻞ
    ﺳﺠﺎﺩﺓ ﻓﻘﺮﺍﺀ ﻣﺰﺍﻭﺭﻳﺔ
    ﺃﻃﻔﺎﻝ ﻋﻤﺎﻝ ﻭﻣﺰﺍﺭﻋﻴﺔ
    ﻛﻴﻒ ﺣﺎﻝ ﻳﺎ ﺃﺑﻮﻱ
    ﻛﻴﻒ ﺣﺎﻝ ﻳﺎ ﺧﺎﻝ
    ويقول الصحفي المختص بقضايا الجزيرة حسن وراق انه عقب الاضراب الشهير عن زراعة القطن عام 1946 وضد الشركة الزراعية توطدت العلاقه بين يوسف و شيخ الامين ،وشهد متجر يوسف بطابت والذي اصبح مركزا فيما بعد لميلاد فكرة تكوين حركة المزارعين الثورية والتي كان من مؤسسيها مع كل من,شيخ الامين محمد الامين والذي كان عضو بمجلس ريفي الحصاحيصا وعبدالرحمن الماحي والطيب الدابي وآخرين . قامت مجموعتهم هذه بصياغة البيان التأسيسي(المنفستو) لوحدة المزارعين و كان ممهورا بتوقيع شيخ الامين في حين تولي الطيب محمد شقيق شيخ الامين الاتصال بالاستاذ الصحفي عبدالله رجب من جريدة الصراحة.
    والذي قام بطباعة اربعة الف نسخة من البيان وتم توزيعه علي المزارعين وبعد ذلك بدأت حركة الطواف علي القري والاقسام والمكاتب للقاء المزارعين وشرح ما جاء في البيان من ضرورة وحدة المزارعين عبر لجان اعدت خصيصا لهذا الغرض الي ان تم تتويج هذا العمل الجبار بعقد مؤتمر جامع عام 1953 في قرية ام عضام لتكوين اول اتحاد للمزارعين و حضر هذا المؤتمر ولاول مرة مزارعين من القسم الشمالي والجنوبي وبدات بعد ذلك عمليات الطواف علي المزارعين من اجل تجميع وتوحيد اكبر عدد من المزارعين حول فكرة الاتحاد وبدا الترويج لذلك عبر البيانات والصحف والاجتماعات الي ان تم عقد مؤتمر وادمدني والذي حضره اكثر من 700عضوا في عام 1953 حيث تم تكوين اول لجنة تنفيذية من 25 عضوا برئاسة شيخ الامين وسكرتارية يوسف احمد المصطفي وعباس دفع الله من مكتب درويش امينا للخزينة.
    ونشطت مجموعة متخاذلة بتنفيذ مؤامرات عديدة ضد حركة المزارعيين وقامت بالاتصال بالحاكم العام للفت نظره بان ما يتم من حراك وسط المزارعين ما هو إلا محاولات تخريبية يقوم بها الشيوعيون واستطاعت هذه المجموعة التأثير علي الحاكم العام الذي اصدر بيانا تحذيريا للمزارعين منعهم فيه من مجرد التفكير في الحضور الي الخرطوم . تم اصدار الاوامر باستعمال القوة و الضرب في (المليان) في بيان يذاع علي الاثير بصورة متكررة اثناء ساعات البث الإذاعي.وفي صبيحة يوم 29 ديسمبر 1953 تحرك المزارعون بنحو مائة عربة لوري دفعة واحدة غير اولئك الذين سافروا من جميع أنحاء المشروع تجاه الخرطوم ليقدر عددهم الكلي ب 25 الف رغم تحذيرات الراديو كانت جموع المزارعين تحتل الميدان في انتظار المواجهة وفي غاية الحذر لدرجة أنهم رفضوا تناول الطعام الذي حمله لهم المواطنون تحسبا أن تكون أجهزة الامن التابعة للحاكم العام قد دست لهم السم في الطعام.
    ويضيف يوسف انهم في القيادة ولتمويه السلطات الامنية قاموا باستغلال القطار الي الخرطوم حتي محطة سوبا وهنالك كانت عربة في انتظارهم اقلتهم الي أم درمان بتوجيه من قيادة الحزب الشيوعي بينما عسكر المزارعون في ميدان عبدالمنعم والذي كان يعرف بموقف 3، وقال انهم امضوا طيلة ذاك اليوم في ام درمان في نقاش لوضع الخطط والتدابير لمجابهة كافة الاحتمالات تحت اشراف مباشر من قبل (الشهيد) الشفيع أحمد الشيخ ومحمد سلام والذان كانا في حالة استنفار دائم حتي صبيحة اليوم التالي بينما كانت جموع المزارعين تحتل الميدان في انتظار المواجهة وفي غاية الحذر لدرجة أنهم رفضوا تناول الطعام الذي حمله لهم المواطنون تحسبا أن تكون أجهزة الامن التابعة للحاكم العام قد دست لهم السم في الطعام.وأضاف أصدر مدير مديرية الخرطوم توجيهاته بضرب المزارعين فتصدي له أحد الضباط من أبناء القطينة ويدعي مهدي مصطفي وأبطل قرار مدير المديرية. قامت السلطات بإرسال السيد سليمان أكرت لمقابلة المزارعين بأن ينتدبوا 5 اشخاص لمقابلة السكرتير الاداري ، رفضت القيادة هذا العرض ورضخت السلطات لطلب اللجنة وهو مقابلة جميع اعضاء . واشار الي حدوث مشادة بين شيخ الامين والسكرتير الاداري الذي أعاب علي شيخ الامين الخروج علي الديمقراطية وعدم اشراك بقية قيادات المزارعين الموالين للاستعمار لكن رد شيخ الامين كان قوياً وقال الامين للسكرتير الاداري: اين كانت هذه الديمقراطية التي تتحدثون عنها الآن وأنتم تستعمرون بلداً كاملا كالسودان إننا كسودانيين لم نختار الاستعمار ولم نختاركم مستعمرينا، وقتها لم يجد لم يجد السكرتير الاداري غير الاعتراف بوحدة المزارعين و قياداتهم العملاقة.
    وعند إنفضاض الاجتماع تم تبليغ المزارعين بالانتصار الذي تحقق علي أيدي قيادتهم بإنتزاع الحق في التنظيم وحل هيئة شئون المزارعين ليشتعل الميدان بالهتافات والتهليل والتكبير وكان مشهداً فوق التصور خاصة عندما تحركت اللواري التي كانت تحمل جموع المزارعيين في مشهد ملحمي يجسد النصر في أبهي صوره ولا يزال بعض أهل الخرطوم 3 يذكرون سحابة الغبار العالقة التي خلفتها حركة اللواري.وفي العام 1955 قامت اول إنتخابات للمزارعين فاز فيها كل مرشحي حركة المزارعين الثورية واصبح بذلك شيخ الامين رئيسا ويوسف احمد المصطفي سكرتيرا و عباس دفع الله أمينا للخزينة (المال) . لم تستمر هذه اللجنة عاما واحدا حتي تآمرت عليها الاحزاب وحكومة ( يحي الفضلي) واسقطتها ، هذا التآمر ارتبط بأحداث عنبر جودة والذي قامت فيه الحكومة الوطنية والتي لم تمض اسابيع علي تكوينها في فبرائر 1956 لتتصدي للمزارعين في كوستي وهم يطالبون بحقوقهم لتقوم السلطات بإطلاق النار عليهم وتردي 25 منهم قتيل ويزج بالباقين في أحد العنابر بجودة
    ليموت عددا منهم وهم حوالي 219 بالاختناق لينفجر الموقف وتحدث معارضة قوية ضد الحكومة والتي بدأت في حملة إعتقالات واسعة شملت بعض قيادات اللجنة التنفيذية ، شيخ الامين محمد الامين ويوسف احمد المصطفي،حيث اجتمعت اللجنة التنفيذية اثناء وجودهم بالمعتقل وأوكلت مهمة قيادة الاتحاد في 17/5/1956 الي السيد جابر عثمان رئيسا مناوبا مكلفا بمهام شيخ الامين والسيد أحمد علي الحاج سكرتيرا مناوبا لشخصي بالاضافة الي بابكر دكين لأمانة المال.وأضاف يوسف انهم طوال فترة الحكم العسكري الاول ( حكم عبود ) كانوا يقودوا عمل سري علي الصعيدين السياسي والنقابي الذي يقودحركة المزارعين بالجزيرة .مشيرا الي انهم في العام 1963 قاموا بتحريض المزارعين بالاضراب عن لقيط القطن وطالبوا بتمثيل المزارعين في مجلس الادارة وضم عملية قليع القطن للحساب المشترك ورفع نسبة نصيب المزارعين في الشراكة من 46% الي 48% لتقوم حكومة عبود بإعتقال شيخ الامين وبقية القيادات وعندما أصبح الاضراب عن لقيط القطن واقعا لا محالة منه أذعنت الحكومة مؤخرا لمطالبهم وتم إطلاق سراح المعتقلين و أصر المزارعون علي أن يخاطبهم شيخ الامين شخصيا وبالفعل وافقت الحكومة تحت الضغط والاصرار لنقوم بتوفير عربة عليها مكبرات الصوت لشيخ الامين والذي طاف علي المزارعين واعلن لهم موافقة الحكومة علي تحقيق مطالبهم ليتم رفع الاضراب . في العام 1964 أجريت إنتخابات عامة للمزارعين فاز فيها بجدارة شيخ الامين بالرئاسة وشخصي في السكرتارية وحمدالنيل دفع الله أمينا للمال ونظرا لدور هذا الاتحاد في ثورة أكتوبر تم إختيار شيخ الامين وزيرا للصحة في حكومة أكتوبر ،وحول الانجازات التي حققتها حركة المزارعين في القيادة التاريخية للمزارعيين يقول يوسف المصطفي انهم إنتزعوا الحق الديمقراطي بتكوين إتحاد المزارعين وتمثيل اتحادهم في مجلس إدارة المشروع وتكثيف وتنويع التركيبة المحصولية والتوسع في زراعة القمح والتي كانت محدودة وتعديل الحساب المشترك بإدخال بعض العمليات التي كانت تقع علي عاتق المزارع مثل (قليع ) القطن ورفع نصيب المزارع في الحساب المشترك وإدخال محصول الفول والبستنة ووضع العديد من دراسات الجدوي لجعل المشروع وحدة انتاجية متكاملة بإدخال التصنيع الزراعي والانتاج الحيواني الميكنة لرفع الانتاجية وتنشيط الحركة التعاونية وسط المزارعين بداية وإدخال ولاول مرة الحاصدات الزراعية وقشارات الفول وقيام مطحن دقيق قوز كبرو ومصانع الزيوت وبناء قاعدة متينة لصناعة الغزل والنسيج .
    (عمي يوسف) ونحن اذا نودعه نقول له كما قال شاعر الشعب محجوب الشريف:
    يا والداً أحبنا–يا من وهبت قلبنا–ثباتك الأصيلا–إليك رغم أنف كل بندقية–إليك الحب والسلام والتحية. يابا مع السلامة يا سكة سلامة—في الحزن المطير–يا كالنخلة هامة–قامة واستقامة–هيبة مع البساطة–اصدق ما يكون– ابواب المدينة بتسلم عليك–والشارع يتاوق يتنفس هواك–يا حليلك حليلك يا حليل الحكاوي–تتونس كانك يوم ما كنت ناوي -والروح السماوي والحب الكبير.
    (عمي يوسف) أرقد بسلام ومطمئناً فنحن نقول لك وبالصوت العالي (ماشين في السكة نمد من سيرتك للجادين
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de