|
كوستي حنين امرأة وذاكرتها
|
08:39 PM Aug, 16 2015 سودانيز اون لاين عبدالحفيظ ابوسن-كوستي / الحلة الجديدة مكتبتى فى سودانيزاونلاين
كوستي .. أمنا الوديعة ( ترانيم للوطن )
* لا علم لدي ان كان كل الناس تحن لمسقط راسها اكثر من اي بقعة اخرى .. هل يا ترى هذا الحنين مرتبط بالمكان الذي دفنت فيه أمي " امنة كانور " برد الله الطوبة تحت رأسها " سرتي " فقد حدثتني انها دست " خرقة القماش المدسوس بداخلها السرة بالمدرسة الابتدائية تتيمن وتعظيما للمتعلمين واهميتهم في النسيج الاجتماعي حيث نشأت ام يعود لضريح سيدي الحسن ناحية حي المرابيع حيث كانت تدعوا ألا تغادر ارجلي مرابع العلم والمعرفة واحسب ان العلي القدير استجاب دعواتها الطيبات اين ما حلت وكيفما كانت مستلقية على قفاها في ضل الضحى او تلاعب حبات سبحتها تردد بعفوية " عفيتك من شيل حكري ولبن شطري ".
* كنا " نقفز " من عناقريبنا وصياح الديك الذي يشاطرنا متشابكا وقطتا البيضاء فكل منهم يبدي حماسا بانه الاولى بتقاسم مرقدنا ودفء اطرافنا المرهقة .. فتحية .. اطلق عليها احد الظرفاء " تقرا " تشبيها بمعزة املس جلدها قصير ذيلها منتفخ بطنها سريعة الجري كان اهلنا ياتو بها من جنوب السودان فلا تخلوا عربة كارو محملة بخيرات الجنوب إلا وبينها” تقرا “ فتحية لها ضحكة مجلجلة تسابق" التقرا جريا والديك صياحا " لكن ضحكتها مموسقة وان وجد في ذلك الزمان من يرعى الموهوبين لتربعت بامتياز على قمة هرم الطرب الجميل
* مع قهقهة التقرا وصياح الديكة .. نكون ركضا ناحية الشارع الوراني لبيوت السكة الحديد حيث دارنا والشارع الوراني لمن لا يعرفه كان طريق مزارعي " النبرو " التي سكنت في ذاكرتي انها مزارع العجور والشمام والبطيخ والطماطم والجرجير والاسود والبامية والملوخية ذات السيقات التي تناصف قصب السكر طولا .
* الشارع الوراني يماثل " طريق الحرير " يمتد من النباري لسوق الخضار والملجأ المزارعون ينقلون خيرات حواشاتهم من الخضر والفاكهة الى وسط البلد والسوق الكبير المكتظ بالمنتجات المنافسة من حدائق الجزيرة ابا والفششويا وضواحي ربك وتندلتي وما يأتي من قلب النهر من اسماك البلطي والقرقور وتوابعهم .
* " فك الريوق " يدفقه لنا المزارعين من على راحلاتهم ونحن جريا خلفهم والتقرأ تردد " الما يدينا كرامة الدرب يمشي الى قدام ينقلب " .. فهل مزارعي النبرو كأمي " بت كانور" في غرارة انفسهم يؤمنون ان الدعاء تتلقفه السماء مستجابا ,.. يسرعون الخطى لاسواق الله اكبر ويدفقون خيرات الله لاحباب الله عجورا وشماما وبطيخا نلتهمها بفرح طفولي واريحية بطون لا تعرف المضار الصحية وتراب الارض مخلوط بحوافر الحمير وما تدفقه احشاؤها واحذية عابري الطريق برغم ذلك لم تسبب لنا الازى لانها خيرات الطبيعة النقية التي حباها الله لمدينة كوستي الولود امنا الوديعة الراقدة بين احضان مياه النهر المتدفق ابدا وأكبر ميناء نهري حينما كان الوطن يتمدد مليون ميل مربع ومسارا لموطن التبلدي والقضيم قبل ان تسكت صافرات القطارات وينشطر الوطن لنصفين . فسلام لكوستي .. ايتها العذراء الممسكة بكلتا يديها المخضبة بالحناء على عذريتها الولود لك مليون سلام وامنيات ان تعود سيرتك الاولى .
* عواطف عبداللطيف
mailto:[email protected]@gmail.com
اعلامية مقيمة بقطر نشرت بمجلة السمراء
|
|
|
|
|
|